هل لدينا نحن الكرد أحزاب مؤسساتيّة..!                                    

42

 

لقمان يوسف

سألني مسؤول أحد التنظيمات الفلسطينية؛ إن كنا نحن الكرد ندرك معنى كلمة الحزب، لأنّ الحزب وحسب رأيه هو مؤسسة سياسية, ثقافية, اجتماعية شاملة. وحسب رأيه فأنّ صفة أو تسمية الحزب لا تنطبق على الأحزاب الكردية كونها تفتقر إلى المؤسساتية، وهذا ما تجنّبه الفلسطينيون حيث أطلقوا صفة الجبهة على تنظيماتهم السياسية والعسكرية.

اليوم أعادت بي الذاكرة إلى فترة الحياة الجامعيّة وحينها كنت مُنظّماً في أحد الأحزاب الكردية، عندما زارنا سكرتير الحزب للاضطلاع على وضع المنظمة الطلابية, وبعد أن تفاجأ بالعدد غير القليل من الطلبة المنتسبين حديثاً إلى منظمة الحزب جنّ جنونه مبرراً انزعاجه لسببين اثنين:

الأول: كثرة الأعضاء الحزبيين تشكل عبئاً على الحزب وهذا ما سيعرضه للمخاطر.

الثاني: كثرة العدد لا يهمّ باعتبار أن لا أحد يعير الأهمية لذلك، المهم أن يكون لنا وجود ضمن الحركة السياسية “بمعنى الاسم يكفي”.

وقتها كنت مكلَّفاً من قبل الحزب بالاتصال مع “منظمة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” حيث سألني مسؤول المنظمة في أحد الاجتماعات؛ إن كنا نحن الكرد ندرك معنى كلمة الحزب، لأنّ الحزب وحسب رأيه هو مؤسسة سياسية, ثقافية, اجتماعية شاملة. وحسب رأيه فأنّ صفة أو تسمية الحزب لا تنطبق على الأحزاب الكردية كونها تفتقر إلى المؤسساتية، وهذا ما تجنّبه الفلسطينيون حيث أطلقوا صفة الجبهة على تنظيماتهم السياسية والعسكرية. هنا تذكرت كلام سكرتير الحزب الذي هزّني من الأعماق!.

مناسبة هذا الحديث هي وضع الحركة الكرديّة في الوقت الراهن وما آلت إليه الأمور بساحة الوطن والمنطقة بشكل عام, وهي مازالت منهمكة بانشقاقاتها وتشرذمها ووضع مصلحتها فوق كل الاعتبارات، متناسية أن الحركة السياسية هي الوسيلة للوصول إلى الهدف ألا وهو تحقيق طموحات الشعب.

للأسف أغلب التنظيمات السياسيّة المتواجدة في الساحة الكردية؛ المولودة حديثاً بعمليات قيصرية والتي ما زالت بعضها بالحاضنات “الخدّج”, ومنها الهرمة المنقولة إلى غرفة الانعاش وهي ميتة سريرياً!. أغلب هذه التنظيمات تعاني من عاهاتٍ خلقيّة لا يمكن الاعتماد عليها في تحريك ساكن.

وأغلبها تحمل مصطلحات سياسيّة متنوعة ليست مؤهِّلة لحملها، والغريب أنّ البعض منها تحمل أسماء بيئية وبعضها الآخر أسماء الكواكب!.

البعض من هذه التنظيمات لا أعضاء لديها فهي تكتفي فقط بشخصية السكرتير ونائبه, والبعض منها بعدة أعضاء وغياب من يقودها وأعضائها  يتشكل منهم فريق كرة في أحسن الأحوال!.

هذه التنظيمات وبعد أن أصبحت وبالاً وعبئاً؛ أليس من الأجدر أن تبحث عن الوسيلة المجدية لكسب احترام الشارع الكردي، ألا وهي الوحدة فيما بينها أو الانضمام إلى التنظيمات  الموجودة فعلياً في الساحة والمتقاطعة معها فكرياً؟!

ولابدّ من تذكير التنظيمات الموجودة فعلياً في الساحة بأنّها تتحمل وزر تواجد هذا الكم الهائل من التنظيمات لاحتضانها البعض منها وتأليب البعض منها ضد الأخرى, مع فائق الاحترام لنضالها على مدى عقود من الزمن وما عانته من اعتقالات وملاحقة وتعذيب إبان الأنظمة الشوفينية المتعاقبة على حكم البلاد.

كون أغلب التنظيمات السياسيّة الكرديّة الموجودة على الساحة ليست على قدر المسؤولية – خاصةً في هذه الظروف التاريخيّة والفرصة الاستثنائية السانحة- وغير مؤهلة أصلاً حتى يعقد عليها الآمال للعمل من أجل تحقيق أماني الشّعب الكرديّ الذي عانى ومازال يعاني من نتائج السياسات الماضية للأنظمة الحاكمة لابد لها أن تراجع نفسها وتعيد حساباتها وتدرك جيدا أن “توسُّدها” للمال في هذه الفترة ووضع المصلحة الحزبية فوق أي اعتبار سوف لن يخلصها من محاسبة التاريخ بل من لعنة الأجيال القادمة.

هذه التنظيمات التي تدّعي بأنّها أحزاب سياسيّة وجدت لخدمة القضية, إنّما في الحقيقة هي تشبه مؤسسات عائلية وعمل أصحابها لا يختلف كثيراً عن عمل أصحاب المحلات التجارية المنتشرة هذه الأيام وجشعها أصبح يثقل كاهل الشعب المغلوب على أمره.

ليتذكر أصحاب هذه التنظيمات أن الذي يجري على السّاحة من دمار وتخريب, من تهجير وتغييرٍ للتركيبة السكانيّة وما يرسم من مخططات في الغرف المظلمة لمحو القضية. إنّما يتطلب من الجميع العمل على رصِّ الصفوف والوقوف موحدين في مواجهة تلك المخططات الخبيثة  للأعداء, وليس العمل من أجل المصالح الآنية والمؤقتة والتي سيسجلها التاريخ عليهم وليس لهم.

نشر هذا المقال في العدد /80/ من صحيفة Bûyerpress بتاريخ 1/7/2018

التعليقات مغلقة.