منبج.. الحبل السرّي الهام.

45

 

عبدالسلام محمد
عبدالسلام محمد

روجآفا تلك الكلمة التي إن كانت باللاحقة أو بدونها ( كردستان) , أصبحت محط أنظار كل من يكن لها الصداقة أو العداوة. فهذه الجغرافية الممتدة من الحدود الشرقية الشمالية للحدود العراقية – السورية – التركية إلى أقصى غرب الدولة السورية والتي ربما تصل إلى البحر الابيض المتوسط إن اكتمل  المشروع فيدرالية روجآفا – شمال سوريا بشكل النهائي.

لذلك نرى بأن من يكنّ لها الصداقة يقف إلى جانبها بالإمكانات التي هم يرونها جديرة وخاصة من الناحية العسكرية في حربها ضد داعش الارهابية أو فتح ممثلياتها على أراضيها أو الدول التي تضمر لها العداوة والتي تحاول جاهدة إفشال هذا المشروع بشتى الوسائل كما الحال عند الدولة التركية. فكل تقدماً عسكرياً أم سياسياً يقابله امتعاضا تركياً والدول  التي تدّعي بأنها مع وحدة الأراضي السورية بحجة المشروع هو للتقسيم  ومع أنهم هم الذين حوّلوا الشعب إلى طوائف ومذاهب كل واحد يحارب الآخر. وتارة أخرى تدّعي الدولة التركية بأن لها خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها على الاراضي السورية وليس على الأراضي التركية فتدخلها بالشأن الداخلي السوري زاد من الوضع أكثر تعقيداً.

المناطق التي قالت بعدم تجاوزها كانت كثيرة وحتى وصلت لنهر الفرات وما بعده بحجة أنها مناطق عربية وتركمانية ولا تقبل السيطرة الكردية على حدّ زعمها. فألصقت التهم بهذه الوحدات التي حرّرت المناطق من داعش بأنها تقوم بتطهير عرقي إلا أنها فشلت لأن الواقع أثبت عكس ذلك.

بجانب الصديق والعدو لروجآفا, نرى أبنائها وبناتها والذين كانوا في المقدمة في كافة المناطق وضمن حدود المقاطعات كلاً على حدا. ومن ثم البدء بتطبيق المشروع الحلم الكردي في الشمال السوري بتوحيد المقاطعات الثلاث وربطهم مع بعضها البعض. وبجهود جبارة وبعد تقديم الكثير من التضحيات تم تحرير كوباني والمضي قدماً بالاتجاه شرقاً وأيضا التقدم غرباً من جهة مقاطعة الجزيرة لتلتقي القوتان وتعلنان ربط الجغرافية من نهر دجلة إلى نهر الفرات. وعندما يكون الهدف هو روجآفا ذلك يعني توحيد الجغرافية من شرقها إلى غربها ويعني ذلك تجاوز الخطوط الحمر التي رسموها وليكتمل مشروع  روجآفا بالكامل.

والحملة التي انتهت بالنهر ( نهر الفرات) سيتحول باتجاه البحر ( البحر الابيض المتوسط). فالحملة بدأت وبتكتيك عسكري والتفافي والتي كانت في البداية باتجاه شمال عاصمة الخلافة الرقة ليغير الاتجاه نحو الجهة الغربية من نهر الفرات وما بعد سد تشرين. الوجهة كانت نحو مدينة لا تقل اهمية من العاصمة وهي مدينة منبج. مدينة منبج تعد المدينة الرئيسية  ومدخل من جهة الشمال ويعني ذلك من جهة  تركيا التي تمدهم بالسلاح والعتاد وحتى اسعاف الجرحى والذي لم يعد خافيا على أحد. وأيضا من جهة اوروبا التي تزودهم بالعناصر القادمة من تلك الدول عن طريق مطار استنبول ومنها إلى جرابلس ومنبج. حيث تميزت منبج بانها مدينة قادتها الأجانب و أيضا كانت المدينة التجارية والاقتصادية لتنظيم داعش . فمنها كان يتم بيع النفط إلى تركيا  واستلام الاسلحة مقابل بيعها النفط.

لذلك ستكون مدينة منبج القشة التي ستقصم ظهر البعير الداعشي. صار للحملة قرابة الشهرين مازال الطرفان مستميتان بالدفاع من جهة داعش والتحرير من جهة قوات مجلس منبج العسكري. لأن سقوطها بالنسبة لداعش هي بمثابة  البدء بسقوط الرقة ونهاية حلم الخلافة وتحريرها بالنسبة لقوات مجلس منبج العسكري وحليفاتها قوات سوريا الديمقراطية  هي بداية تحقيق الحلم ومحو الخطوط التي ترسم. وهي حلم رسم خارطة لروجآفا مكتملة من نهر دجلة إلى بحر المتوسط بدون تقاطعات وفواصل. وذلك سيكون حلم الكرد السوريين قد تحقق ومشروعهم الديمقراطي وتأسيس كيان كردي نوعاً ما. هذا الحلم الذي طالما انتظروه  وبدأوه منذ منتصف القرن الماضي. وبمعنى آخر أن مدينة منبج باتت كالحبل السري الهام الذي يربط الجنين بأمه ويمده بالسلاح ( كما يكون ذلك الجنين تنظيم داعش الارهابي) أو يمده بالحرية وتحقيق الحلم الذي يربط المناطق الكردية ( كما يكون ذلك الجنين هو قوات سوريا الديمقراطية).

ومن أجل ذلك ولجعل الحلم إلى كابوس كانت للدولة التركية النصيب الاكبر  من تبديده . فاستماتة داعش في منبج حتى الآن لهو دليل واضح على أن الدولة التركية وحكومة AKP   تقف من ورائها. وأنهم حضّروا لهذه المعركة تحضيراً جيداً وحتى أنهم أخبروا قوات التحالف بعدم قصفهم للمناطق الشمالية لمنبج باتجاه جرابلس. بحجة أنها مناطق تركمانية ومحسوبة على الدولة التركية لذا يمنع قصفها, ولكن في الحقيقة هي المعبر الرئيسي لإمداد الارهابيين بالسلاح في مدينة منبج. لكن كل ذلك لن يفيد إلا إطالة عمر داعش بضعة أيام لا أكثر, و أن سقوطه بات قاب قوسين أو أدنى حسب الأنباء الواردة من الجبهات المطوقة لداعش ضمن المدينة.

 نشرت هذه المقالة في العدد (48) من صحيفة Buyerpress تاريخ 1/8/2016


11165113_541958725977071_7059124043412540130_n117

التعليقات مغلقة.