الأسد: مكافحة الإرهاب عبر الضغط على مموليه
لن تقف مخططات الحرب الأميركية الجديدة
عند حدود تنفيذ ضربات جوية موضعية في العراق، أو حتى سوريا، بل إن حديث مسؤوليها بات يشير إلى ما هو أبعد ذلك، بالتزامن مع إطلاق الرياض مخططاتها بشأن ضبط إيقاع “المجتمعات المحلية” وفقاً لرؤى مستقبلية واضحة
بدأ الحديث الأميركي الرسمي يتضح أكثر بشأن الأعمال العسكرية المقبلة ضد تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام”، في ما يؤكد أن تطابقاً وقع بين الاستراتيجية التي أعلنها الرئيس باراك اوباما الأسبوع الماضي، وتصورات البنتاغون، وخصوصاً في ما يخص توسيع نطاق العمل العسكري ليشمل أراضي سوريّة، وهي نقطة كانت محط خلاف داخل الإدارة الأميركية حتى أيام قريبة.
خلاصة الشهادة المشتركة التي قدمها كل من وزير الدفاع الأميركي، تشاك هاغل، برفقة رئيس هيئة الأركان المشتركة، مارتن دمبسي، أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ أمس، تركزت على نقطتين: الأولى أعلنها هاغل حين قال “لأن داعش يعمل بحرية عبر الحدود العراقية ـ السورية، ولأنه يبقي على ملاذ آمن له في سوريا، فإن عملنا لن تحده حدود اسمية فقط”، واصفاً استراتيجية اوباما بأنها مبنية على أسس مقاربة “صحيحة”. أما الثانية، فقد أشار إليها ديمبسي، حين أعلن أنه قد يرفع توصية بإرسال قوات برية أميركية إلى العراق إذا لم تحقق استراتيجية أوباما النجاح المنشود.
وقال هاغل أمام مجلس الشيوخ، أمس، إن خطة الضربات الجوية التي تنوي واشنطن شنها «تتضمن استهداف معاقل التنظيم في سوريا، التي تشمل مراكزه القيادية وقدراته اللوجستية وبناه التحتية».
وأشار إلى أن قادة الجيش الأميركي يوافقون على التحرك فورا ضد تنظيم «داعش»، وأن التحالف ضده يجب أن يستخدم كل الأدوات المتاحة. ورأى هاغل أن هناك خطراً حقيقياً «على الشرق الأوسط وعلى حلفائنا في أوروبا»، مشيراً إلى أن التنظيم يستخدم «خليطا من التكتيك العسكري والأساليب الوحشية».
وفي هذا السياق، أكد هاغل أن الولايات المتحدة لن تتعاون مع النظام السوري، مضيفاً «سنواصل فرض قيود سياسية واقتصادية عليه»، لافتاً إلى أن وزارة الدفاع ستدرب خمسة آلاف مقاتل من «المعارضة السورية» لمساعدتها على مواجهة التنظيم المتطرف.
من جهته، رأى ديمبسي أن عمليات القصف لن تكون مماثلة للغارات الواسعة النطاق التي صاحبت بداية الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في 2003، والتي وصفها القادة في ذلك الوقت بانها حملة لاحداث «الصدمة والرعب» بين صفوف قوات الرئيس العراقي السابق صدام حسين. واضاف ان هذه الهجمات «لن تشبه الصدمة والرعب، لأنها لا تناسب طريقة التنظيم، ولكنها ستكون هجمات مستمرة ودائمة».
وذكر ديمبسي أن الرئيس الاميركي سيدرس إرسال مستشارين عسكريين اميركيين الى جبهات القتال في العراق «بحسب كل حالة»، مضيفا ان المعارك المستقبلية في العراق قد تتطلب وجود قوات اميركية على الارض للمساعدة على توجيه الضربات الجوية الاميركية لقوات المسلحين في تنظيم «داعش». ورأى في سياق حديثه أن «داعش يهدف للسيطرة على المناطق من جنوب إسرائيل وصولا إلى الكويت».
وتابع ديمبسي أنه “طالما يتمتع داعش بملاذ آمن في سوريا، فإنه سيبقى قوة هائلة ويمثل تهديداً، لذا فإننا في الوقت الذي نعمل فيه في العراق، سنضغط على التنظيم في سوريا»، مضيفاً أنه «بوجود تحالف بين شركاء إقليميين ودوليين قادرين ولديهم النية، أعتقد أننا يمكن أن نقضي على داعش في العراق ونستعيد الحدود العراقية – السورية ونعطل التنظيم في سوريا».
ومن المفترض أن يلتقي الرئيس الأميركي في الساعات المقبلة منسق التحالف الدولي الذي تبنيه واشنطن الجنرال جون آلن، في اجتماعات سينضم إليها هاغل.
وترافق الحديث الأميركي، مع شن القوات الاميركية، فجر يوم أمس، ضربة جوية هي الأولى بالقرب من بغداد، وذلك في إطار توسيع عملياتها القتالية ضد تنظيم «داعش». وأعلن المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية قاسم عطا ان الغارة التي نفذتها القوات الجوية الاميركية أصابت هدفا لهذا التنظيم المتطرف في منطقة صدر اليوسفية (جنوب غرب العاصمة)، واصفاً الضربة بأنها «مهمة»، مشيرا الى تنسيق مع الاميركيين لتحديد الاهداف. وتقع منطقة صدر اليوسفية على بعد 25 كلم من وسط مدينة بغداد وهي احد اقرب معاقل «داعش» الى العاصمة العراقية. وتزامنت الغارة مع غارة أخرى نفذتها القوات الأميركية بالقرب من قضاء سنجار في شمال البلاد. وبذلك يرتفع عدد الغارات الاميركية في مختلف انحاء العراق الى 162 غارة.
وفي سياق ميداني متصل، برزت يوم أمس، استعادة قوات البشمركة الكردية السيطرة على اربع قرى واقعة في منطقة الحمدانية في شرق مدينة الموصل، فيما بدأ الجيش العراقي عملية عسكرية واسعة النطاق لاستعادة السيطرة على قضاءي عانة وراوة الواقعين غربي محافظة الأنبار.
في غضون ذلك، شككت موسكو، أمس، في نزاهة الجهود الأميركية لحشد “تحالف دولي ضد الإرهاب”، مشيرة إلى أن ذلك قد يكون “ذريعة لدعم طموحاتها إلى زعامة عالمية”. وفي مقابلة مع وكالة “نوفوستي” الإخبارية الروسية، علق مدير قسم شؤون التحديات والتهديدات الجديدة في وزارة الخارجية الروسية، إيليا روغاتشوف، على تصريحات حول خطط لشن غارات جوية ضد مواقع “داعش” في سوريا، مشيراً إلى أن هذه الغارات قد تستخدم للقضاء على النظام السوري. وشدد روغاتشوف على ضرورة “الالتزام الصارم بمبادئ القانون الدولي وأحكامه … ومنها احترام سيادة الدول، بما في ذلك سيادة الجمهورية العربية السورية“.
وبعد أيام على إطلاق واشنطن خططها الجديدة المبهمة في الشرق الأوسط، وإعطاء السعودية دوراً ريادياً فيها، بدأت تداعيات ذلك تظهرعلى نحو أكبر، أولاً عبر تصدي الرئيس بشار الأسد بنفسه لمسألة التحالف الدولي، وثانياً عبر إشارة أنقرة عبر رئيسها رجب طيب أردوغان لخططها المقبلة، فيما بدأت المعطيات تتزايد بشأن محاولة واشنطن والرياض بدء تنفيذ مخططاتهما لإعادة تكوين المشهد السياسي للبيئات الحاضنة التي خرجت منها “داعش” سابقاً بين العراق وسوريا.
وأكد الأسد، خلال استقباله مستشار الأمن الوطني العراقي مبعوث رئيس الوزراء، حيدر العبادي، فالح الفياض، أن “مكافحة الإرهاب تبدأ بالضغط على الدول التي تدعم وتمول التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق وتدعي حاليا محاربة الإرهاب”، معرباً عن “ارتياحه لمستوى التعاون القائم مع القيادات العراقية في مواجهة التنظيمات الإرهابية“.
موسكو ترى في
جهود واشنطن
ذريعة لدعم الزعامة العالمية
في مقلب آخر، أعلن اردوغان أن الجيش التركي يعتزم اقامة منطقة عازلة على طول الحدود مع العراق وسوريا، مشيراً إلى ان «القوات المسلحة التركية تعمل (على خطط) سترفعها الينا وسنتخذ قرارا إذا اقتضى الامر ذلك». وأوضح أن «هيئة الاركان بصدد القيام بعمليات تفقد لتحديد ما اذا كان بالامكان اقامة منطقة عازلة، لكن لم ينجز اي شيء بعد»، زاعماً أن ذلك لن يكون سوى لـ«دوافع انسانية بحتة».
في سياق متصل، بدأت الرياض، بمساندة أميركية، مساعيها لاقناع «فصائل سنية مسلحة وقيادات عشائرية» بمحاربة مقاتلي تنظيم «داعش»، في خطوة تماثل حركة «الصحوات» التي واجهت تنظيم “القاعدة” في العراق قبل نحو ست سنوات. وقال جيمس جيفري، وهو الدبلوماسي المخضرم الذي شغل منصب السفير الاميركي في العراق في الفترة من 2010 إلى 2012 وله صلات وثيقة بالحكومة في بغداد، إن «التحركات كثيرة في الوقت الحالي»، مضيفاً «عقدت اجتماعات في اربيل واجتماعات في عمان».
وقال دبلوماسي غربي في المنطقة «بينما نتحدث نحن، يتحدث أميركيون من كل المؤسسات مع السنة العراقيين من كل الأطياف. وعمان تمتلئ بهؤلاء الناس».
وقال دبلوماسي أميركي إن «ثمة عددا من القيادات العشائرية السنية المعتدلة سافرت إلى دول سنية والسعودية وقطر في الأسابيع الأخيرة وطلبت الدعم من دول الخليج لـ”طرد” التنظيم». كما تجري واشنطن محادثات مع حلفاء من عرب الخليج بهدف توسيع نطاق تدريب مقاتلي «المعارضة السورية» المناهضين لـ«داعش» وتسليحهم وذلك لضرب التنظيم من الجانبين، في تأكيد على أن من أمّن نشوء التنظيم المتطرف في بيئة حاضنة سابقاً، بات اليوم باحثاً عن قوى جديدة يمكن الاعتماد عليها في أي حراك سياسي مقبل.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)
«القاعدة» تدعم «داعش» في وجه «الحملة الصليبية»
دعا تنظيما القاعدة في المغرب الإسلامي وجزيرة العرب في بيان مشترك غير مسبوق «المجاهدين» إلى الوحدة في وجه «الحملة الصليبية» التي تقودها واشنطن ضد تنظيم «داعش». وقال البيان المشترك الذي نشر على الانترنت، «امام هذه الحملة الصليبية الظالمة لا يسعنا إلا الوقوف في عدوة الاسلام والمسلمين، ضد أميركا اليهودية وحلفها اليهودي الصليبي الصفوي المرتد العدو الحقيقي للأمة والملة». وفي سياق متصل، أورد موقع «سايت» المتخصص في رصد الحركات الإسلامية المتشددة، أن موقعاً مبايعاً لـ «داعش» حذر من هجمات على الولايات المتحدة وحلفائها اذا مضت في شن هجوم عسكري على التنظيم.
(أ ف ب، رويترز)
التعليقات مغلقة.