500 مدينة إيرانيّة مهدّدة بالجفاف
اتخذت وزارة الطاقة، المسؤولة عن المياه، في إيران أخيراً، عدة تدابير لمواجهة الشح، الذي تعاني منه البلاد. وأقرّت، في إطار حملة توعية، خطة لقطع المياه عن المنازل، التي تستهلك كميات كبيرة، في العاصمة طهران، ومحيطها. كما تعمل على تعزيز شبكة الإمدادات البرية في البلاد. ومع ذلك تبدو الخطط قاصرة عن صدّ هجمة الجفاف التي تطال البلاد.
وقال وكيل وزارة الطاقة ستار محمودي، إنّ مستوى المياه في المخازن والسدود، قد انخفض بشكل كبير خلال العام الجاري. وتابع أنّ مدناً كأصفهان وكرمان باتت في مرحلة الخطر. كما أشار إلى أنّ 500 مدينة إيرانية، من أصل 1200، مهددة بالجفاف. وأضاف أنّ بعض المدن ستعاني من مشاكل خطيرة، كون عدد سكانها يتجاوز 20 مليون نسمة.
وتحدث محمودي عن معدل تساقط الأمطار لهذا العام، فقال إنّه انخفض عن العام الماضي بنسبة 8 في المائة. كما ارتفعت درجات الحرارة مقارنة بالعام الماضي عدة درجات. وانخفضت المياه المخزنة في السدود، التي توصل المياه عبر شبكات إلى داخل المدن، بنسبة 7 في المائة. من جهته، يشير مدير مؤسسة المياه والصرف الصحي محمد برورش، إلى أنّ العاصمة طهران، التي يسكن فيها 14 مليون نسمة، تحتاج إلى مليار و35 مليون متر مكعب من المياه، في العام الواحد. بينما لا تتوافر المياه المطلوبة في السدود المحيطة، كسد لار. ما يعني انقطاع المياه عن سكان العاصمة في الأشهر القليلة المقبلة. وهو ما بدأت الحكومة تطبيقه بالفعل، في بعض أنحائها. فقد أعلنت وزارة الطاقة عن خطة لقطع المياه بمعدل سبع ساعات يومياً، عن المنازل الأكثر استهلاكاً. ومعظم هذه المنازل من الفيلات، والبيوت المستقلة في شمال وشرق طهران. ومع معاناة مناطق شرق العاصمة من الجفاف أكثر من غربها، اقترحت مؤسسة مياه طهران خطة لنقل المياه عبر شبكات من الغرب إلى الشرق. لكنّ هذه الخطة تتطلب تمويلاً كبيراً يصل إلى عشرة ملايين دولار بحسب المؤسسة.
حلول
تشكل الأراضي الصحراوية والجافة 60 في المائة من مساحة إيران. وهو ما يؤثر في توزع معدل الأمطار السنوي. فهناك 25 في المائة فقط من الأراضي الإيرانية، تحظى وحدها بـ75 في المائة من الأمطار. وتتركز معظم هذه الأراضي في الشمال بموازاة بحر قزوين.
ويقول الخبير المائي والبيئي كاوه مدني، إنّ ما زاد المسألة تعقيداً، هو الهجرة المستمرة لسكان الريف إلى المدن، وازدياد عدد الإيرانيين بمعدل مليون نسمة سنوياً.
بالإضافة إلى ذلك، تعاني إيران من عدة عوامل، تتجه بها نحو الجفاف، فالمساحات الصحراوية تزداد بشكل مستمر، والأنهار تجف. فيما هنالك نزاعات على تقسيم المياه مع دول أخرى، كما هو الحال مع نهر هيرمند مع أفغانستان. فبناء أفغانستان عدة سدود على النهر يمنع مياهه من الوصول إلى المناطق الشرقية من إيران. وكذلك هنالك نزاعات داخلية، بخصوص توزيع المياه، كما حصل مع نهر زاينده الذي أغلق قبل 3 سنوات، ومنع من المرور في مدينة أصفهان، وسط البلاد، لصالح مدن ومحافظات أخرى. وهو ما حلّ المشكلة في مكان، وزادها في مكان آخر.
لم تعد السدود تكفي لتأمين احتياجات المواطن الإيراني من المياه. ولا تكفي أبداً، لتأمين احتياجات المزارعين ومحاصيلهم. والخطر يتهدد إيران لمدة ثلاثين عاماً مقبلة، بحسب الخبراء الذي يستمرون في التحذير.
ويطرح خبراء البيئة بعض الحلول التي تقوم على ضرورة التحكم بعدد السكان وأماكن توزعهم. وهي حلول قد تبدو غير واقعية. لكنّهم في المقابل، يشيرون إلى بعض الحلول التي يمكن تطبيقها، ومنها ضرورة رفع أسعار المياه، ما سيجبر المواطن على ترشيد استهلاك المياه، في المنازل وأماكن العمل.
ويرى الخبراء أنّ من واجب الحكومة، توفير ميزانية لبناء المزيد من السدود، ومعالجة مشاكل بعض البحيرات التي جفت مياهها، كبحيرة أرومية. ويعترف هؤلاء أنّ المحاصيل الزراعية، كالقمح والأرزّ، قد تتأثر سلباً على المدى القريب، من هذه الخطط. لكنّها ستمنع، على المدى البعيد، حدوث أزمة إنسانية.
في الآونة الأخيرة، شكلت وزارة الطاقة لجنة خاصة لمراقبة وضع خزانات المدن الكبرى، وترميم شبكات المياه القديمة، ومد شبكة جديدة على طول 350 كيلومترا في 12 مدينة إيرانية. فيما يتحدث خبراء البيئة عن ضرورة نشر الوعي أكثر بين المواطنين. فالمشكلة خطيرة بالفعل، وعالمية. ويركز هؤلاء على تقرير منظمة الفاو بخصوص الجفاف الذي يهدد مناطق غرب آسيا ككلّ، ومنها إيران.
عن العربي الجديد
التعليقات مغلقة.