خلال عامين تحولت منطقة عفرين (كرداغ) الكردية، في أقصى شمال غرب سوريا، من منطقةٍ آمنةٍ نسبياً وتشهد تطوراً طبيعياً في كافة مناحي الحياة العامة وتأوي نازحين من مناطق سورية أخرى، بإدارة ذاتية وقوى مسلحة محلية للدفاع عن النفس، إلى منطقةٍ غير آمنةٍ، يسودها الفوضى والفلتان ومختلف صنوف الانتهاكات والجرائم ونشر الكراهية، إثر العدوان عليها في 20 كانون الثاني 2018م، وغزوها من قبل الجيش التركي برفقة أكثر من /20/ ألف عنصر من الميليشيات السورية الإرهابية الموالية لتركيا والائتلاف السوري- الإخواني (المعارض)، فظل الوضع الأمني متفاقماً، بل تَدَهوَر من سيءٍ إلى أسوأ.
لم تكن عفرين يوماً خطراً على محيطها، بل تلقت حوالي /50/ هجوماً عدائياً بين أعوام /2012-2017/ من جماعاتٍ تسمى بـ (الجيش السوري الحرّ) وتنظيم داعش وجبهة النصرة ومن الجيش التركي أيضاً، تسبب بأضرار مادية ووقوع ضحايا قتلى شهداء وجرحى؛ بينما كانت الحدود التركية مع عفرين آمنةً، ولم يُشن أي هجوم ضد الأراضي التركية أو كان هناك تهديد وشيك، وبالتالي جاء الاجتياح التركي مخالفاً للمادة /51/ من ميثاق الأمم المتحدة، مما شكَّل عدواناً على أراضي دولةٍ أخرى، الذي يعتبر بحد ذاته جريمةً وفق نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، والذي أضحى احتلالاً دامغاً بموجب اتفاقية لاهاي 1907م وجميع معايير القوانين الدولية المتعلقة به، وحسب الوقائع والممارسات على الأرض أيضاً.
كوارث حلَّت على البشر والشجر والحجر في المنطقة، جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية اقترفت، وتغيير ديمغرافي ممنهج وشامل بحق الكُـرد – سكانها الأصليين يرتقي إلى مستوى التطهير العرقي، كانتهاكاتٍ جسيمة للقانون الإنساني الدولي، في ظل صمتٍ دولي مريب.
نذكر منها ما يلي:
– القتل العمد ومجازر وهجمات ضد المدنيين: ارتكاب مجازر جماعية (مدجنة روباريا، معبطلي، كوبليه، باسوطة، هيكجيه، مشفى آفرين، بربنه، جنديرس، فريرية، حي المحمودية، يلانقوز…)، واستهداف قوافل المدنيين أثناء الهجوم على عفرين، حيث قارب ضحايا الغزو إلى ما يقارب /300/ شهيد مدني، بينهم عشرات الأطفال والنساء، وأكثر من /1000/ جريح مدني، بينما وقع حوالي /93/ مدنياً شهداء – الذين تمكنّا من توثيقهم، بسبب عمليات السطو المسلح والتعذيب وانفجار سيارات وألغام والتصفية الجسدية أثناء الخطف والإعدام وغيره منذ 18 آذار2018، عدا حالات الوفاة قهراً بسبب الاضطهاد والتعديات أو بسبب الظروف المعيشية الصعبة التي فرضها الاحتلال بمختلف تجلياته.
– الاستعباد وإفقار المدنيين: إن سلطات الاحتلال عمدت ولا تزال إلى إحداث شلل عام في جميع القطاعات وسد أبواب العمل أمام أهالي عفرين، إضافةً إلى مصادرة ونهب ممتلكاتهم وأموالهم ومواردهم وسلب مواسمهم “زيتون، حبوب، فاكهة، سماق، ورق عنب…” وتبديد ثروتهم الحيوانية بما يعادل /20/ مليون دولار، عدا خسائر أنواع الحيوانات الأخرى (أحصنة، بغال، حمير، مناحل العسل)، وعدا توقف المداجن عن العمل، أو تدمير بعضها نهائياً، بسبب القصف والسرقات، وإذ وصلت خسائر موسمي الزيتون عامي (2018، 2019)- مصدر الرزق الرئيسي إلى ما يقارب /145/ مليون دولار، إضافةً إلى فرض أتاوى وفدى وغرامات مالية مختلفة ومتواصلة عليهم، وكذلك تشغيل وتسخير البعض منهم دون دفع الأجور لهم. وكمؤشر على تدمير البنية الاقتصادية في عفرين، لم يبقى من أصل /850/ ورشة خياطة ألبسة كانت تغذي الأسواق السورية وبعض البلدان المجاورة، سوى /50/ بعد الاحتلال وتعمل بحدودها الدنيا من الإنتاج.
– إبعاد السكان والتغيير الديموغرافي: تَهجيرٌ قسري بالأعمال العدائية أثناء الحرب لأكثر من /250/ ألف نسمة من السكان الأصليين ومنع عودة حوالي /200/ ألف منهم من مناطق النزوح والداخل السوري، بسبب إغلاق سلطات الاحتلال معابر عفرين ومنع النازحين من العودة، فبقوا مشرَّدين في مناطق النزوح (بلدتي النبل والزهراء وقرى وبلدات الشهباء-شمال حلب…)، ومنهم من فرّ إلى حلب ومناطق كوباني والجزيرة، في وقتٍ أغلقت فيه السلطات السورية أيضاً ولا تزال جميع ممرات التنقل أمامهم. كما تم توطين عشرات الآلاف من عوائل المسلحين المرتزقة لدى تركيا وعوائل مهجري غوطة دمشق وأرياف حمص وحماه وإدلب وغيرها في عفرين ونواحيها، على حساب مساكن وممتلكات السكان الأصليين، مما شكَّل تغييراً كبيراً للتركيبة السكانية في المنطقة، حيث أصبحت نسبة التواجد الكردي إلى أقل من /25%/ من بين جميع المقيمين في المنطقة حالياً، بينما كانت نسبتهم قبل الغزو أكثر من /95%/؛ وشمل التغيير الديمغرافي مجالات أخرى، إضافةً إلى ضغوطات يومية تُمارس ضد الكُـرد المتبقين في المنطقة، بغية دفعهم لترك أرضهم وممتلكاتهم نحو هجرةٍ قسرية متواصلة.
– التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية أو المعاملة المهينة: يتعرض أهالي عفرين المتبقين إلى إهانات يومية وحالات ابتزاز واستفزاز، وعمليات اختطاف واعتقالات واسعة النطاق، حيث أن معظم المختطفين والمعتقلين تعرضوا للتعذيب الذي يُعد ممارسةً روتينية، بينهم نساء وقُصَّر ومسنين، وجرى تهديد بعضهم بالذبح وفق مقاطع فيديو منشورة؛ ولايزال مصير أكثر من /1100/ مجهولاً، وأهالي أغلب المفرج عنهم قد دفعوا غرامات أو فدى مالية وصلت أحياناً إلى /20/ ألف دولار.
– الاضطهاد الثقافي والقومي: إن ما صرَّح به مراراً مسؤولين وجنود أتراك ومسلحين جهاديين عن تكفير الكُـرد واتهامهم بالانفصاليين والإرهابيين، وإطلاق فتاوى نهب ممتلكاتهم والإضرار بهم، تنم بالأساس من عداء عنصري وشوفيني نحوهم، حيث أن القمع والاضطهاد يطالهم بشكل ممنهج، في وقتٍ يتم فيه تفضيل الذين تم توطينهم عليهم، بل ودفعهم للاعتداء على الكٌـرد وممتلكاتهم. عدا محاربة الثقافة واللغة الكردية وتغيير معالم وأسماء قرى وبلدات والسعي لتفكيك النسيج الاجتماعي، ومنع الكُـرد من الاحتفاء بعيدهم القومي نـوروز، والاعتداء على رموزهم، مثل تدمير تمثال كاوا. إضافةً إلى إجبار أهالي عفرين والموّطنين فيها على إصدار بطاقات تعريف شخصية تمنحها سلطات الاحتلال باللغتين التركية والعربية، بغية صهر الجميع في بوتقةٍ مجتمعية جديدة وبهويةٍ (عثمانية جديدة).
– الاضطهاد الديني: تعرض الايزديون لانتهاكات عديدة، من تهجير وقتل وتعذيب وتشليح ومنعهم من ممارسة طقوسهم الدينية والاحتفاء بأعيادهم السنوية وكذلك إجبار بعضهم على الصلاة في الجوامع، والعبث بمزاراتهم وتخريب العديد منها؛ كما تعرضت كنيسة مسيحية للسرقة والنهب، ورغم قلة أعداد المسيحيين، لا يجرؤ أحدهم البوح عن دينه؛ والأنكى من ذلك تعرضت بعض المساجد إلى القصف أثناء العدوان وسرقة مقتنياتها من سجادات وأواني نحاسية وأجهزة كهربائية وصوتية؛ حيث أن عفرين معروفة بطابعها الاجتماعي المنفتح، ونبذ التعصب في المعتقدات الدينية، إلا أن الغزاة يستمرون في استجلاب ممارسات متشددة دينياً واجتماعياً ويعملون لفرضها على السكان الأصليين بجميع انتماءاتهم الدينية. وتغيب مظاهر الاحتفاء والابتهاج في أعياد الفطر والأضحى عن أهالي عفرين عموماً وسط مشاعر الحزن والفراق وأجواء الاضطهاد والطغيان.
– التتريك والتطرف الديني وأفكار العثمانية الجديدة: تواصل الحكومة التركية سياسة التتريك ونشر التطرف الديني وأفكار العثمانية الجديدة في عفرين، بين أوساط الشباب والأطفال بشكلٍ خاص، عبر حملات إعلامية وتحت مسميات عديدة (جمعيات خيرية وثقافية ودينية، جامعة ومعاهد ومدارس خاصة، مدارس إمام الخطيب، أنشطة شبابية، إحياء مناسبات تركية مع رفع العلم التركي بكثافة وتقليد شارة الذئاب الرمادية، دورات تدريبية…) ومناهج دراسية مؤدلجة، إلى جانب محاربة ثقافة وتراث المنطقة عبر العديد من التغييرات والانتهاكات، بتوجيه من الاستخبارات التركية وإشرافها. وكذلك محاولات تغيير هوية وثقافة المنطقة وأبنائها، وتخريب وسرقة ممتلكاتها الثقافية ومحو تاريخها.
– تدمير واسع النطاق في الممتلكات والاستيلاء عليها: منذ اليوم الأول للعدوان، جرى تدمير منازل سكنية وممتلكات عامة وخاصة، ولجأ الغزاة إلى تعفيش المنازل ومصادرة الممتلكات والأموال، وقد سمي يوم /18/ من آذار 2018م، بيوم الجراد، لما تعرضت فيه مدينة عفرين إلى عمليات سرقة واسعة للمحلات والمستودعات والمنازل والآلات والآليات على مرأى ومسمع العالم، فالنهب والسلب والسطو المسلح حتى تاريخه جارٍ على نطاق واسع. معظم معاصر الزيتون ومعامل البيرين والصابون وورشات الألبسة ومحلات ومستودعات المنطقة الصناعية تعرضت للسرقة أو دفع أصحابها مبالغ مالية كبيرة للفصائل المسلحة من أجل حماية منشآتهم أو استعادة مسروقاتهم، كما يدفعون أتاوى شهرية. وعمليات الاستيلاء على محلات ومنازل وعقارات وأراضي زراعية مستمرة، خاصةً تلك العائدة للغائبين ولبعض الموجودين أيضاً، وعبر حيَّل وأساليب عديدة؛ والتي بمجموعها تتجاوز نصف ممتلكات أهالي عفرين. كما يمتنع المسلحون والذين تم توطينهم عن إخلاء منازل ومحلات عائدة لأهالي عفرين، رغم مطالباتهم المتكررة ورفعهم لشكاوى عديدة، إضافةً إلى طرد بعض العوائل الكردية من مساكنهم أو مساكن عائدة لأقربائهم بغية إسكان المستقدمين بدلاً عنهم.
– الأسرى والحبس غير المشروع والاخفاء القسري: لم يفصح الجيش التركي عن أعداد الأسرى لديه ومصيرهم، كما أن لدى الميليشيات سجون خاصة، ولا يزال ما يقارب /1100/ شخص معتقل مخفي قسراً ومجهولي المصير، وتُشير شهادات بعض المفرج عنهم إلى إخفاء معظمهم في سجون الراعي ومارع وإعزاز، وفي ظروف قاسية، والبعض لا يزال بين أيدي العصابات المسلّحة كمختطفين يتوقف الإفراج عنهم على دفع ذويهم لفدى مالية كبيرة أو تم القضاء على حياتهم.
– الاعتقالات العشوائية والتعسفية: عدا الخطف والاختطاف والاحتجاز وموجات التوقيف هناك حملات مداهمة واعتقالات عشوائية بتهم كيدية وعارية عن الصحة جملةً وتفصيلاً، من قبل (الشرطة العسكرية) بالتعاون مع الجماعات المسلحة وبوجود ضباط وجنود أتراك وإشراف الاستخبارات التركية، تترافق بالضرب المباشر أمام أعين الأهالي والتعذيب في مراكز التحقيق وبمصادرة الهواتف النقالة وتفتيش المنازل والعبث بأثاثها مع توجيه الإهانات وأحياناً سرقة بعض الأموال، حيث بعض الحالات تتكرر بحق نفس الأشخاص، منهم لخمس مرات، وذلك بتهمة العلاقة مع الإدارة السابقة، وتطال النساء والقُصَّر والكبار في السن أيضاً، وتفضي إلى فرض عقوبة سجن تتراوح بين /20- 40/ يوماً وبغرامات مالية تتراوح بين /100- 200/ ألف ل.س وفي بعض الحالات بعقوبات أشدّ، كما حكم القضاء التركي على بعض المعتقلين المدنيين بالسجن المؤبد، وهنا ترتكب الحكومة التركية مخالفةً فاضحة للمادة /70/ من اتفاقية جنيف الرابعة /1949/ التي لا تجيز “لدولة الاحتلال أن تقبض على الأشخاص المحميين أو تحاكمهم أو تدينهم بسبب أفعال اقترفوها أو آراء أعربوا عنها قبل الاحتلال…”.
الاعتقالات العشوائية والتعسفية تقع على نطاق واسع عن سبق دراسة وتصميم، ليس فقط بحق المقربين من الإدارة السابقة بل بحق أغلب الكُـرد – سكان المنطقة الأصليين، وليس المرام الأول منها توليد إيرادات مالية وحسب، بل أيضاً إهانة وترويع السكان الأصليين ودفعهم لترك منازلهم وممتلكاتهم، وإنشاء قاعدة بيانات أمنية عنهم لصالح الاستخبارات التركية، خاصةً وأن معظم مرتكبي الانتهاكات والجرائم لا يُحاسبون ويفلتون من العقاب بسهولة، في وقتٍ أصبح فيه القانون و(القضاء الذي تم تأسيسه في عفرين) أداةً للتنكيل بالمعتقلين والسكان الأصليين، وليس لإنصافهم ورد المظالم عنهم ولمحاسبة المجرمين والقبض على اللصوص؛ مما يؤكد بالدليل القاطع أنها سياسة عدائية ممنهجة تُساق ضد الكُـرد بإشرافٍ تركي مباشر.
– رفض شكاوى المواطنين: معظم الذين تعرضوا للانتهاكات والجرائم لا يجرؤون على البوح عنها، خوفاً من عقوبات أشدّ، ولا تُجرى تحقيقات ومحاكمات عادلة حول الجرائم والانتهاكات التي تقع بحق المدنيين، كما لا تنظر سلطات الاحتلال بجدية إلى شكاوى المواطنين ولا تُعطيهم أجوبة مقنعة عليها، ولا تُفصح عن مصير المعتقلين المخفين قسراً، وما بعض المحاكم المنشأة إلا للنظر في التهم الملفقة الموجهة ضد المعتقلين وتغريمهم، حيث معظم أهالي عفرين لا يتمكنون من رفع شكاوى أو دعاوى قضائية ضد من أجرم بحقهم، بل قد يُعاقبون مجدداً، لذلك تراهم يحجمون عن الإدلاء بالتصريحات أو الحديث عما تطالهم من انتهاكات وجرائم، بل يُجبر البعض منهم على الإدلاء بشهادات عكس ما هو واقع.
– أضرار شديدة بالبيئة: قبل الغزو كانت السلطات التركية قد جرفت مساحات زراعية وحراجية واسعة، بعمق 200-500 متر وبمحاذاة الشريط الحدودي، لدى بنائها لجدار اسمنتي عازل، كما قامت آلياتها العسكرية أثناء العدوان بقلع مئات أشجار الزيتون في العديد من المواقع، مثل جبل بلال وجرقا وقرية درويش وفي قرية جيا – ناحية راجو وفي قرى حمام ومروانية فوقاني وتحتاني وآنقلة و أشكان غربي-ناحية جنديرس وقرمتلق وجقلي-ناحية شيه وبين قريتي كفرجنة ومتينا-ناحية شران وفي جبل شيروا، بقصد إقامة قواعد عسكرية؛ وطالت الحرائق والقطع الجائر- لم تشهد المنطقة مثيلاً لها من قبل- غابات حراجية في جبال سارسين وكمرش وهاوار وجرقا وبلال-راجو ورمضانا ووادي الجهنم وتترا وروتا وحج حسنا وموقع قازقلي وشيخ محمد وجولاقا-جنديرس وميدانكي والمحمودية-عفرين وكفرجنة وطريق راجو – ميدان أكبس وميدانا وقاسم وشيخ وبلال وقره بابا وغيرها، وصلت مساحتها إلى ما يقارب /13/ ألاف هكتار من أصل 32 ألف هكتار من الغابات الحراجية الطبيعية والمزروعة في منطقة عفرين. ومن جهة أخرى تم قطع مئات آلاف أشجار الزيتون وأشجار حراجية والمعمرة منها من قبل المسلحين والذين تم توطينهم بغاية التحطيب وصناعة الفحم.
إحدى ركائز السياسة العدائية التي يتبعها الاحتلال التركي ومرتزقته هي ضرب علاقة الإنسان الكردي في عفرين ببيئته الطبيعية وممتلكاته وبالتالي زعزعة جذور المجتمع وإضعافها.
– استهداف مواقع ومنشآت ومساكن مدنية: لم يتردد الجيش التركي في استهداف بنى تحتية ومواقع ومنشآت مدنية، من مشفى ومراكز طبية ومنشأة دواجن ومنشأة مواشي ومدارس وجوامع ومزارات ومباني إدارية وأفران خبز ومحطات مياه الشرب والري ومنشآت سد ميدانكي ومعاصر زيتون، وكذلك مساكن في مراكز النواحي وقرى تابعة لها، وإحراق منازل.
– الاستيلاء على بعض القرى: عمد الجيش التركي والميليشيات إلى الاستيلاء على بعض القرى ومنع أهاليها من العودة إليها، مثل (قسطل جندو وبافلون وسينكا وبعرافا- شرَّا، جلبر وكوبله وديرمشمش وزريكات وباسليه وخالتا- روباريا، جيا ودرويش- راجو، شيخورز و قوتا- بلبل، تللف…)، واتخاذها مقرّات عسكرية أو مساكن للمسلحين.
– الاغتصاب والإكراه على الزواج: رغم إحجام معظم من طالتهم تلك الجرائم عن البوح بها، فقد وردت أنباء عن حالات اغتصاب للنساء والفتيات، وحالات إرغام على تزويج الفتيات مُكرهات، إضافةً إلى شبكات دعارة.
– تدمير مقابر ومواقع أثرية: استهدف العدوان التركي مواقع أثرية عديدة بالقصف الثقيل مثل (تل عين دارا الأثري، نبي هوري، تقلكه، مارمارون…) وأوقع فيها أضرار جسيمة لتختفي معها معالم تاريخية، كما أن سلطات الاحتلال تغض النظر عن عمليات سرقة الآثار والبحث عنها، بل وتشرف وتشارك في بعضها، مثل ما جرى في حفر ونبش مواقع وتلال (هوري، عين دارا، براد ومار مارون، برج عبدالو، قيبار، جنديرس، كمروك، سيمالك، زرافكه، كتخ، دروميه، دوديرا ميدانكي، مروانيه تحتاني، جرناز، بازاريه، خرابه علو، كئورا، بليلكو…) والكثير من المزارات الإسلامية والإيزدية. ومن جهةٍ أخرى تم استهداف مقابر الشهداء في (كفرصفرة، متينا، كفرشيل) وأضرحة شخصيات دينية وثقافية، مثل ضريح الدكتور نوري ديرسمي، وتخريب مقابر وشواهد قبور مكتوب عليها باللغة الكردية.
– إشاعة الفوضى والفلتان: لم تلجأ حكومة أنقرة إلى بسط الأمن والأمان في منطقة عفرين، وشكلت مجالس محلية لم تكن إلا أدوات لتنفيذ سياساتها، بل وأفلتت يد الفصائل الجهادية المسلحة لترتكب أفظع الجرائم والانتهاكات، وهي التي تقاتلت فيما بينها أحياناً كثيرة على خلفية خلافات حول السرقات ونطاق النفوذ. كما وقعت تفجيرات إرهابية بين المدنيين، أدت إلى وقوع ضحايا شهداء وجرحى.
– بنى تحتية ضعيفة وتدني الخدمات: السرقة والتخريب المتعمد طال بنى تحتية أساسية، من شبكات ومحطات ومراكز الكهرباء والهاتف ومياه الشرب ومدارس ومعاهد وجامعة وشبكات وقنوات الري الزراعي ومجموعات توليد الطاقة الكهربائية والبلديات، وتم إشغال بعضها كمقرّات عسكرية، فأصبحت في أدنى مستوى لها أو معدومة، وما يتم تقديمه من خدمات حالياً هي في حدودها الدنيا، بل وأهلكت الأسعار المرتفعة مؤخراً ونقص المحروقات كاهل الناس. ومن جانبٍ تم تدمير شبكات الاتصالات السورية وبناء شبكات تركية بدلاً عنها مع خدمات البريد التركي.
– استخدام أسلحة محرمة: وردت أنباء من الإدارة الذاتية أن الجيش التركي استخدم قنابل عنقودية، وكذلك غاز الكلور في قرية أرندة.
– تمثيل بالجثامين: أثناء الحرب نشر المسلحون الجهاديون مقاطع فيديو تُظهر اعتدائهم المقزز على جثامين شهداء مقاتلين أكراد، حيث أن إجرامهم بحق جثمان الشهيدة بارين كوباني كان الأفصح عن مدى الحقد الدفين في نفوسهم.
– مُهجَّرو عفرين قسراً: المهَّجرون المقيمون في مناطق الشهباء ومدينتي نبل والزهراء وتل رفعت ودير جمال وبعض قرى وبلدات جبل ليلون- شمال حلب، الواقعة تحت سيطرة الجيش السوري وضمن النفوذ الروسي، يعيشون حياةً بائسة، إذ أن عددهم حوالي /85/ ألف نسمة، منهم /9/ ألاف يقطنون في خمسة مخيمات، محاصرون من الجهات الأربعة- سجن كبير- ويُمنَعون من التنقل من قبل قوات الحكومة السورية وميليشيات المعارضة والجيش التركي، وغير مشمولين ببرامج الأمم المتحدة للإغاثة الإنسانية، وهم يعانون من تدني فرص العمل والخدمات من كهرباء ومياه الشرب والصحة والتعليم وغيرها، ومطلبهم الأساس هو العودة إلى ديارهم. ومن جهةٍ أخرى تتكرر حالات قصف القوات التركية والجماعات المسلحة المرتبطة بها لقرى وبلدات شمال حلب والتي نزح إليها أهالي عفرين، وتودي إلى وقوع أضرار مادية وضحايا شهداء وجرحى، مثل ما جرى في مجزرة تل رفعت بتاريخ 2/12/2019.
– بناء جدار عازل: بنى الجيش التركي جدران اسمنتية حول مقراته وقواعده في مركز عفرين ونواحيها، وهي مخدمة بكافة المستلزمات، كما بنى جدران من كتل خرسانية بارتفاع مترين قرب قرى كيمار وجلبر ومريمين، جنوب شرق عفرين، في خطوةٍ مشبوهة لتأسيس جدار عازل للمنطقة عن شمال محافظة حلب.
أثناء الحرب على عفرين لم تلتزم تركيا بقرار الهدنة الصادر عن مجلس الأمن رقم /2401/، تاريخ 24 شباط 2018، ولا تلتزم بمضامين قرار مجلس الأمن 2254(2015)، من حيث “اتخاذ الخطوات الملائمة لحماية المدنيين، وتهيئة الظروف المواتية للعودة الآمنة والطوعية للاجئين والنازحين داخلياً إلى مناطقهم الأصلية وتأهيل المناطق المتضررة، وفقاً للقانون الدولي”، رغم سيطرتها الفعلية الكاملة على المنطقة عسكرياً وإدارياً وسيادياً.
منطقة عفرين واقعةٌ في حصارٍ مطبق وتعتيمٍ إعلامي تفرضه سلطات الاحتلال التركي ومرتزقته، وتعاني من تفاصيل مؤلمة في الحياة اليومية لسكانها الأصليين، وهي مغلقة أمام زيارات وسائل الإعلام ووفود منظمات حقوقية ومدنية مهتمة بحقوق الانسان، ووفود برلمانية.
إن نداء أهالي عفرين أينما كانوا هو إنهاء الاحتلال التركي وإخراج الميلشيات المسلحة من منطقتهم، وعودة جميع النازحين إلى ديارهم، وحسب البند /1/ من قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة /1514/ تاريخ 14 كانون الأول1960، الذي ينص على “إن إخضاع الشعوب لاستعباد الأجنبي وسيطرته واستغلاله يشكل إنكاراً لحقوق الإنسان الأساسية، ويناقض ميثاق الأمم المتحدة، ويعيق قضية السلم والتعاون العالميين”، فإن الكُـرد يواصلون كفاحهم العادل بكافة السبل والوسائل المشروعة دفاعاً عن قضيتهم وفي تعرية سياسات تركيا العدائية وفضح الانتهاكات والجرائم اليومية المرتكبة.
المصدر: حزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)
التعليقات مغلقة.