كتاب كردي يدعو إلى بلورة لغة كردية موحدة

32

Books-100914-2

 

 

 

 

 

 

 

 

صدر في إقليم كردستان العراق أخيرا، كتاب بعنوان «وجود الأمة وسياستها اللغوية» للمؤلف «طارق جامباز»، وهو كاتب وصحافي متخصص في القانون، ونائب سابق في البرلمان الكردستاني في دورتيه الأولى والثانية، له سلسلة مؤلفات باللغتين، الكردية والعربية، في مجال القانون، واللغة، والصحافة، والسياسة، والتأريخ.

وحظي الكتاب الذي طبعته الأكاديمية الكردية في أربيل، باهتمامات القراء والأوساط التربوية والسياسية على حد سواء في إقليم كردستان، ونفد معظم نسخها الألف من المكتبات بسرعة لافتة، نظرا لمضمونه غير المألوف، وأهمية محتواه.

في هذا الكتاب، يرى المؤلف أن وجود أي أمة على وجه المعمورة مرهون بلغتها وسلامة قواعدها وآفاق تداولها، مؤكدا أن الأمم المتقدمة، واستنادا إلى تلك النظرية، تحرص على صيانة لغتها الرسمية، وتعمل دوما على صياغة السياسات ووضع البرامج المدروسة، التي تكفل ديمومتها واتساع رقعة وآفاق تداولها واستمرار نمائها وفق الأساليب الصحيحة، كما وتبذل جهودا مكثفة لتوحيد مصطلحاتها ومفرداتها الدارجة، ودمج المفردات العلمية المستحدثة في قاموسها.

ويسلط المؤلف في مقدمة كتابه ذي الـ400 صفحة من القطع المتوسط، الأضواء على جوانب الضعف في اللغة الكردية بوصفها اللغة الرسمية الأولى في إقليم كردستان، والثانية في العراق، وفقا لما هو منصوص عليه في دستور البلاد، مشددا في الوقت ذاته على ضرورة مضاعفة المساعي المخلصة من جانب الجهات والمؤسسات المعنية في الإقليم بغية صهر اللهجات المحلية المتعددة للغة الكردية في بوتقة واحدة، وبلورة لغة كردية مشتركة وموحدة يتفق الجميع على مفرداتها، لا سيما على الصعيد الرسمي للحياة اليومية، وذلك عبر إنشاء مجمع لغوي متخصص بهذا المضمار.

ويخلص المؤلف في ختام مقدمة كتابه إلى القول: «إذا كانت كردستان تمثل الوطن والجسد بالنسبة لأمتنا الكردية، فإن لغتنا الأم تمثل الروح التي تسكنها، مما يستدعي بلورة سياسة لغوية صائبة بهذا الاتجاه، لا الاكتفاء بمجرد الأقوال».

ويتضمن الكتاب كثيرا من الفصول والأبواب منها السياسة اللغوية، ويشير فيه أن معظم دول العالم تتبنى سياسات لغوية خاصة، تهدف في الغالب إلى تدعيم ركائز اللغة الرسمية أو عدة لغات متداولة في البلاد، أو وضع العراقيل والعقبات أمام تداول لغات أخرى لحجب تداولها، منوها إلى أن الحكومات في الدول المتحضرة تعد الجهة المسؤولة عن صياغة ورسم السياسات اللغوية من خلال سن مشاريع قوانين وقرارات خاصة من شأنها إدارة شؤون البلاد على نحو أمثل.

وفي باب آخر من الكتاب بعنوان «تكريد القوانين واللغة الرسمية في كردستان» يشدد المؤلف على أن اللغة تمثل الهوية التي تبرهن وجود الأمة وحيويتها.

ويستعرض جانبا من كتب المخاطبات الرسمية والقوانين والقرارات الصادرة باللهجات الكردية المختلفة في كثير من الإمارات والممتلكات الكردية التي نشأت في حقب تأريخية مختلفة من القرنين المنصرمين، ويورد نماذج من القوانين الصادرة في عهد الملك «محمود الحفيد»، أول ملك كردي في تاريخ الشعب الكردي، الذي أقام دولة كردية في الشطر الجنوبي من كردستان الكبرى، واتخذ من السليمانية عاصمة لها عام 1918.

وتوضح تلك النماذج جانبا من القوانين والقرارات التي كتبت باللهجة السوريانية، وتضمنت مصطلحات ومفردات، بل وعبارات، غير كردية، إلى جانب نماذج لقوانين وقرارات ومراسم صادرة في مراحل لاحقة وبلهجات محلية تخص سكان مناطق مختلفة من كردستان، مع الإشارة إلى طبيعة التغيير الذي طرأ على المصطلحات والمفردات والعبارات المذكورة في نصوص تلك القوانين تبعا للتحول الحاصل في نمط الحياة اليومية للشعب الكردي.

وفي باب آخر بعنوان «التعليم باللغة الأم، مصدر الهوية القومية – إقليم كردستان نموذجا» يسلط الكاتب الأضواء على آفاق الحرية الرحبة التي توافرت للأقليات القومية الأخرى في إقليم كردستان، مثل التركمان والكلدان والآشوريين والأرمن، في ظل النظام السياسي المنبثق في الإقليم منذ عام 1992، إذ أتيح مجال واسع أمام تلك القوميات لتلقن أبناءها بلغاتها الأم في مدراس أهلية وحكومية دون أي رقابة أو قيود، وفقا لقوانين صدرت في الإقليم، ألغت العمل بقوانين سابقة أصدرها ما كان يسمى بـ«مجلس قيادة الثورة» إبان عهد النظام السابق، التي حظرت على أبناء الأقليات القومية الدراسة والتعليم بلغاتهم، كما يستعرض المؤلف أبرز الحقوق القومية والسياسية الممنوحة للأقليات القومية في كردستان مثل تشكيل الأحزاب والمشاركة في الانتخابات النيابية ترشحا وتصويتا.

هذا إلى جانب كثير من المواضيع والأبواب الأخرى، ومنها: ما حاجتنا إلى قانون اللغات الرسمية في كردستان؟ وكيفية إعداد مشروع قانون اللغات الرسمية في كردستان، واللغة الكردية بين هضم الحقوق القومية وصيانة الوجود، وغيرها من المواضيع والأبواب الأخرى المترجمة من مصادر إسبانية وفرنسية.

عن الشرق الأوسط

التعليقات مغلقة.