توقع تقرير لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى أن تواجه زيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لواشنطن احتجاجات ضخمة في الولايات المتحدة بسبب الغزو التركي لشمال سوريا، ويخشى أن تتحول الزيارة إلى كارثة دبلوماسية كما حدث عام 2017، لافتاً إلى أن تكون فرص نجاح هذه الزيارة ضئيلة لضخامة الملفات التي سيواجهها أردوغان.
وبحسب التقرير، عندما يجلس الرئيسان الأميركي والتركي وجهاً لوجه في اجتماعهما المزمع بواشنطن في 13 تشرين الثاني/نوفمبر، ستجري محادثاتهما على خلفية التوترات االمتزايدة بين الجانبين بشأن قضايا السياسة الخارجية، إلى جانب المخاوف من احتمال تكرار ما حدث في الزيارة الأخيرة لأردوغان.
فخلال زيارة الرئيس التركي إلى واشنطن في أيار/مايو 2017، اشتبك حراسه الأمنيون في شجار عنيف مع المحتجين في “شيريدان سيركل”، ما أضر بشكل كبير بصورة بلاده في الولايات المتحدة. ونظراً للأجواء السائدة حالياً في واشنطن، فقد يواجه أردوغان احتجاجات أوسع هذه المرة، مع احتمال أن يؤدي ذلك إلى كارثة دبلوماسية علنية.
والأهم من ذلك، قد يصدر الكونغرس قريباً عقوبات تستهدف تركيا إذا فشل أردوغان في تهدئة المشرعين الغاضبين. وللحد من هذه المخاطر، يجب على الرئيس دونالد ترمب أن يستخدم علاقته القوية بأردوغان لتذليل الخلافات حول المواضيع التالية، وفق التقرير.
توغل تركيا في سوريا وعقوبات
وفي التاسع من تشرين الأول/أكتوبر، أرسلت تركيا قوات إلى شمال سوريا، بهدف إضعاف المقاتلين الأكراد. وكانت واشنطن قد تحالفت مع قوات سوريا الديمقراطية لمحاربة تنظيم “داعش” منذ عام 2014.
ومع انهيار المناطق الرئيسية، التي كان قد سيطر عليها “داعش”، عام 2017، بدأ المسؤولون الأميركيون العمل مع أنقرة لوضع خطة لإنشاء “منطقة آمنة” شمال شرقي سوريا ونقل وحدات حماية الشعب بعيداً عن الحدود التركية. لكن الكثيرين اليوم في واشنطن غاضبون من أردوغان لأنه أمر بتوغّل يقوّض هذه الخطط، التي كانت ستسمح للولايات المتحدة وتركيا بالعمل معاً في المنطقة دون السماح لروسيا ونظام بشار الأسد بالدخول فيها.
ورداً على ذلك وتحديداً في 28 تشرين الأول/أكتوبر، صوَّت مجلس النواب الأميركي على قانون يقضي بفرض عقوبات على المسؤولين العسكريين الأتراك الذين شاركوا في التوغل ومنع بيع الأسلحة التي قد تستخدمها القوات التركية والفصائل الموالية لها في سوريا. كما سيتم الآن النظر في مشروع القانون في مجلس الشيوخ للإقرار المحتمل، وفق التقرير.
ويتصاعد الغضب تجاه أنقرة في صفوف هيئات من السلطة التنفيذية أيضاً، حيث تعارض وزارة الدفاع الأميركية التوغل التركي.
دور تركيا في برنامج “أف-35”
وبحسب التقرير، فقد مضت أنقرة قدماً هذا العام في صفقة شراء أنظمة الصواريخ الدفاعية الروسية “أس-400” رغم التحذيرات الأميركية المتكررة من أن الصفقة قد تهدد أمن الأنظمة العسكرية الأميركية في تركيا. ورداً على ذلك، اتخذ البنتاغون خطوات لطرد أنقرة من برنامج مقاتلات “أف-35″، وأرسل أفرادا عسكريين أتراكا متمركزين في الولايات المتحدة إلى وطنهم بعد فترة وجيزة من إعلان إبعاد أنقرة عن البرنامج في 17 تموز/يوليو.
وحتى الآن، لا تزال تركيا مزوداً كبيراً لقطع غيار طائرات “أف-35″، حيث إن 8 من شركاتها تقوم بتصنيع أكثر من 900 قطعة غيار وتبقى المزود الوحيد لمعدات الهبوط ووحدات واجهة الصواريخ. لكن هذه العلاقة الصناعية تنتهي بحلول آذار/مارس 2020 مع تحول سلاسل الاستحواذ نحو الولايات المتحدة.
وعلى أي حال، من المرجح أن يؤدي الضغط المشترك بين الكونغرس والبنتاغون إلى منع إعادة قبول تركيا إلى برنامج “أف-35” في أي وقت قريب، لذا سيتطلع أردوغان للبحث عن حلول بديلة ويلجأ إلى روسيا.
مواجهة غضب الكونغرس
وكان المشرعون الأميركيون موحدين بشكل خاص في معارضتهم لقرار إدارة ترمب بسحب القوات الأميركية من شمال شرقي سوريا، والإذعان المتصوَّر للعمليات العسكرية التركية ضد الأكراد السوريين، وفق التقرير. فمن وجهة نظرهم، أضرت هذه العمليات بالمدنيين، وغيرت قسراً التركيبة السكانية من أجل طرد الأكراد.
وفي 16 تشرين الأول/أكتوبر، ومن خلال تسليط مجلس النواب الأميركي الضوء على الطبيعة المشتركة لكلا الحزبين لهذه المشاعر، صوّت المجلس بأغلبية ساحقة (354 مقابل 60) لتمرير قرار يدعو تركيا إلى “ضبط النفس” في سوريا. كما أدان القرار التطورات الأخيرة كونها تمنح حياة جديدة لـ”داعش” بينما تشجع نظام الأسد وروسيا.
وفي 29 تشرين الأول/أكتوبر، أقر مجلس النواب الأميركي قراراً بأغلبية ساحقة (403 مقابل 16)، ويهدد هذا القرار بفرض عقوبات على المسؤولين الأتراك المتورطين في التوغل. وما يضيف إلى التوترات، موافقة مجلس النواب بأغلبية ساحقة الشهر الماضي على القرار المتعلق بالإبادة الجماعية للأرمن، على الرغم من أن المجلس كان قد أجل التصويت على هذا المشروع لسنوات.
التعليقات مغلقة.