الغرب يوسع اتصالاته مع أكراد سوريا.. لكن الشكوك قائمة
ربما تفتح الحرب على تنظيم الدولة الاسلامية الباب أخيرا لحصول أكراد سوريا على المساعدات الغربية التي يتمنونها غير أن عليهم أولا أن يوضحوا علاقتهم بالرئيس بشار الأسد وكذلك طمأنة تركيا أنهم لن يتسببوا في مشاكل على حدودها.
فقد بدأت الولايات المتحدة الحرب على مقاتلي الدولة الاسلامية في العراق بالضربات الجوية لكنها مازالت تحاول إقرار استراتيجية لمحاربة التنظيم في الاراضي السورية.
وفي العراق يمثل الأكراد واحدا من الحلفاء الرئيسيين للغرب في مواجهة الدولة الاسلامية لكنهم لم يحصلوا على تقبل الغرب لهم كشركاء في سوريا التي اقتطعت الميليشيا الكردية لنفسها مساحة من الأرض في شمالها وخاضت معارك مرارا مع الدولة الاسلامية خلال الحرب الأهلية المستمرة منذ ثلاث سنوات ونصف السنة.
ويقول حزب الاتحاد الديمقراطي وهو الحزب السياسي الكردي الرئيسي وجناحه العسكري “وحدات الحماية الشعبية” إنهما من الحلفاء الذين يمكن أن تعول عليهم الدول الغربية باعتبارهما يمثلان القوة الوحيدة ذات السجل الموثق في التصدي للدولة الاسلامية في منطقتهم.
ولا يكترث الأكراد بالمعارضة السورية المعتدلة التي أيدها الغرب لكن الجماعات الاسلامية تفوقها عدة وعتادا.
غير أن الغرب أبقى على مسافة بينه وبين أكراد سوريا. فلتركيا عضو حلف شمال الاطلسي مخاوف حول الصلات التاريخية التي تربط حزب الاتحاد الديمقراطي بحزب العمال الكردستاني الانفصالي الذي حارب من أجل حقوق الأكراد على الجانب التركي من الحدود.
وتتهم جماعات المعارضة السورية المدعومة من الغرب حزب الاتحاد الديمقراطي بالتعاون مع حكومة الأسد للسيطرة على مساحة من الارض عام 2012 وهو ما ينفيه الأكراد.
وقال خالد عيسى ممثل حزب الاتحاد الديمقراطي في فرنسا إنه منذ اجتاحت الدولة الاسلامية مدينة الموصل العراقية أتيحت الفرصة للحزب لمعالجة هاتين النقطتين في سلسلة من الاتصالات مع المسؤولين الاجانب. وامتنع عن تحديد الدول المشاركة في هذه الاتصالات بسبب البروتوكول الدبلوماسي.
وقال عيسى هاتفيا “أعطونا إشارات على أن مواقفهم تجاهنا بدأت تتغير. لكن في تحليلي بناء على الاتصالات التي ذكرتها مازالت هناك عقبات.”
وأضاف “هم يعلمون أن وحدات الحماية الشعبية هي أفضل قوة فعالة في مواجهة (الدولة الاسلامية). وهم يريدون تطمينات أكثر للجانب التركي. فدول حلف شمال الاطلسي المتحالفة مع تركيا لابد أن تطمئنها وتجعلها تفهم أن وجود الدولة الاسلامية خطر على تركيا وأن حزب الاتحاد الديمقراطي لا يتمنى السوء لأحد.”
* اجتماع على جبل سنجار
وقد تزايدت الاتصالات الأجنبية الشهر الماضي عندما حاصر مقاتلو الدولة الاسلامية آلافا من أفراد الطائفة اليزيدية على قمة جبل ووصف الرئيس الامريكي باراك أوباما ذلك بأنه خطوة قد تؤدي إلى إبادة جماعية.
وعبر مقاتلون من وحدات الحماية الشعبية الحدود إلى العراق للمساعدة في إجلاء اليزيديين وقال مسؤول غربي إن هذا الدور ساهم في تحسين صورة حزب الاتحاد الديمقراطي.
وأضاف المسؤول “لا أتوقع تغييرا كبيرا في السياسة لكنني أتوقع حوارا أوسع مع حزب الاتحاد الديمقراطي.”
وقال ريدور خليل المتحدث باسم وحدات الحماية الشعبية إن المجموعة إلتقت بمسؤولين عسكريين أمريكيين على جبل سنجار لبحث إجلاء اليزيديين. لكنه أضاف أنه لم تحدث اتصالات بين الجماعة المسلحة والغرب.
وقال هاتفيا “نأمل في تعاون قوي مع الأمريكيين والدول الاوروبية في الحرب ضد الدولة الاسلامية سواء في سوريا أو في العراق.”
ويعيش الأكراد في تركيا وايران والعراق وسوريا ويحلم كثيرون منهم أن تكون لهم دولتهم المستقلة. وأقرب صورة لتحقق هذا الحلم تحققت في العراق حيث يتمتعون بوضع اشبه بالاستقلال في شمال البلاد.
وقالت ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وايطاليا إنها ستسلح قوات البشمركة الكردية العراقية التي ازدادت قوتها منذ يونيو حزيران بما استولت عليه من أسلحة من الجيشين العراقي والسوري.
وفي يوليو تموز صدت وحدات الحماية الشعبية هجوما كبيرا شنه تنظيم الدولة الاسلامية على بلدة كوباني الكردية المعروفة أيضا باسم عين العرب وهي مدينة لها أهميتها لانها تقع على الحدود التركية. وعبر مقاتلون أكراد إلى الاراضي السورية من تركيا للمساعدة في القتال.
ويقول أوجلان عيسو وهو من القادة العسكريين الأكراد في كوباني إن مقاتلي وحدات الحماية الشعبية بدأوا ينقلون المعركة ضد الدولة الاسلامية إلى مناطق قريبة يستخدمها الاسلاميون كقواعد للعمليات.
كما خاضت وحدات الحماية الشعبية معارك ضد الدولة الاسلامية على الحدود العراقية. وتقول وحدات الحماية إن 35 من مقاتليها قتلوا في معركة استمرت أسبوعين للسيطرة على قرية جزعا على الحدود مضيفة أنها قتلت المئات من مقاتلي الدولة الاسلامية.
* حلب – اختبار للتعاون
ويخشى أكراد سوريا أن يتزايد خطر مقاتلي الدولة الاسلامية في سوريا إذا طردوا من العراق.
وقال عيسو “لن يكفي قصف مواقعهم في العراق. إذا قصف أوباما أو أمريكا مواقعهم في سوريا فلابد من التنسيق مع القوات الكردية.”
وقدر عدد مقاتلي وحدات الحماية الشعبية بنحو 50 ألف مقاتل.
ولم يتضح حتى الآن ما ستفعله الولايات المتحدة بشأن الدولة الاسلامية في سوريا حيث تعقد معارضتها للاسد عملية صنع القرار. وكانت الدول الغربية التي أيدت الانتفاضة على حكم الاسد قد رفضت دعوة الحكومة السورية للتنسيق معها في التصدي للدولة الاسلامية.
وقد وافق أوباما على تسيير طائرات استطلاع فوق سوريا في خطوة أثارت تكهنات بانه على وشك اصدار أوامر بشن ضربات جوية على مواقع التنظيم في سوريا لكن يبدو أن مثل هذه الهجمات ليست وشيكة.
ويتمثل شق من خطته في زيادة الدعم للجماعات السنية المعتدلة التي تقاتل قوات الاسد وتنظيم الدولة الاسلامية. ويقول الأكراد إنهم يتعاونون مع الجماعات نفسها وأبرز مثال على ذلك معركة السيطرة على أراض شمالي حلب.
وقال رامي عبد الرحمن مؤسس المرصد السوري لحقوق الانسان إن المرصد رصد في الآونة الأخيرة تعاونا بين مقاتلي المعارضة من السنة والأكراد في المنطقة.
ولكي يترسخ هذا التعاون يتعين على أكراد سوريا والمعتدلين من العرب السنة تنحية شكوك كل منهم في أهداف الطرف الاخر جانبا. وربما تمثل حلب اختبارا لذلك.
ويمثل تقدم الدولة الاسلامية في أراض شمالي المدينة تهديدا لخطوط الامداد للجماعات السنية العربية كما أنه يمثل خطرا على المصالح الكردية في مدينة عفرين وغيرها.
وقال نواه بونزي المحلل المتخصص في شؤون سوريا بمجموعة الأزمات الدولية إن ثمة “قيمة مضافة محتملة” في التعاون العسكري بين الأكراد والعرب السنة المعتدلين في مواجهة الدولة الاسلامية.
وأضاف “أوضح مثال لاختبار ذلك هو حلب لأن المخاطر كبيرة بالنسبة للجميع. المصالح المشتركة كثيرة هناك وكذلك توجد بعض العلاقات المحلية. لكن يجب أن تتطور هذه العلاقات بشكل ملموس لكي تضمن تنسيقا هادفا.”
عن رويترز
التعليقات مغلقة.