على الجبهات العراقية مع «داعش»

28

fbe25b50381c448594c6fe31d9b18c35

 

 

 

 

 

 

 

 

«الجحيم هناك… وراء هذه البحيرة». يُشير سيدار (الكردي العراقي الذي عاش عشر سنوات في هولندا ويقاتل اليوم إلى جانب قوات البيشمركة الكردية) إلى ضفَة جرداء على الجانب الآخر من بحيرة صغيرة في شمال العراق حيث تبدأ حدود دولة «داعش».

وصف «الجحيم» سيتردد كثيراً في التقرير التلفزيوني الهولندي الخاص عن جبهات «داعش» القتالية الجديدة في العراق وحمل عنوان «تحالف ضد الشَرّ» (عُرض أخيراً ضمن برنامج «براندبونت» التسجيلي على القناة الهولندية الحكومية الثانية).

الوصف ردده على حد سواء، جنود بأسلحة نارية ومدنيون يعيشون في خيم موقتة، بعدما هربوا من «الموت» الذي حَلّ عليهم في قراهم الجبلية، بل إن بعضهم وصف دخول مقاتلي «داعش» إلى قراهم كما لو إن بوابات جهنم قد فُتِحَت عليهم.

اختار التلفزيون الهولندي واحداً من أفضل مراسليه (آرت زيمان) لإنجاز هذا التحقيق التلفزيوني الطويل من على خطوط الجبهات الجديدة، والتي تتفتح كل يوم كنباتات بريّة في العراق. لكنّ آرت زيمان لن يكون وحده، إذ سيرافقه ويُسهل مُهمته عراقيون من المنطقة، أحدهما «سيدار» الذي ذُكر في المُقدمة، والآخر يدعى عصام إبراهيم، عراقي يزيدي يعيش في هولندا، تَحَول هو وأخته في الأسابيع الأخيرة، إلى أحد وجوه الأزمة الإنسانية لليزيدين في الإعلام الهولندي.

بين انشغالات «سيدار» العسكرية، وجهود «عصام» الإنسانية، سيتوزع وقت التحقيق التلفزيوني، ليُقدم وجوهاً للأزمة الحادة التي يمر بها العراق اليوم. فـ «سيدار» يكشف عن تعقيدات الحرب مع «داعش»، بخاصة مع الأسلحة البسيطة المتوافرة له ولجماعته في مقابل مُدرعات متطورة إضافة إلى قناصين يصل مدى أسلحتهم إلى كليومترات ويقاتلون مع التنظيم الإرهابي، فيما قام «سيدار» نفسه بشراء المنظار الذي يستعمله لكشف الجبهة أمامه من ماله الخاص ومن محل تصوير فوتوغرافي في مدينة أربيل العراقية.

«عصام» بدوره، الذي قرر التوجه إلى شمال العراق بعدما شاهد على شاشات التلفزيون بعضاً من الأهوال التي يمر بها أهله من اليزيديين، فسيركز عمله على المهام الإنسانية، إذ سيرافقه البرنامج وهو يزور خيم اللاجئين الآتين من قرى يزيدية ويعيشون اليوم في كردستان العراق، وهناك سيقابل أماً لطفل بعمر أيام كان على شفا الموت، الأمر الذي دفع عصام مع فريق البرنامج لنقله إلى مستشفى قريب. يكشف طبيب المستشفى إن ما يقارب من الألف مريض يصلهم يومياً من مناطق القتال المتعددة، معظمهم يعاني من الإنهاك والجفاف بسبب الرحلات الطويلة التي قطعوها على أقدامهم في حرّ شديد، هرباً من «داعش» في الأسابيع الأخيرة.

لا يغيب الشأن الهولندي عن التقرير التلفزيوني، فـ «سيدار» يسخر من المساعدات الضئيلة وغير القتالية التي حصلت عليها قوات البيشمركة الكردية من الحكومة الهولندية في الأسابيع القليلة، مُقارنة بتلك التي وصلت من الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا.

المقاتل الكردي حذر أيضاً من أن «داعش»، التي تقاتل هنا في العراق وسورية، ليست بعيدة عن «دنهاخ» (العاصمة السياسية لهولندا)، وأن بأس وقسّوة المنضوين تحت لوائها هو أمر يجب التحذير منه وحتى قتاله، قبل أن يتمدد إلى مناطق أخرى. وهو الأمر الذي يحدث الآن على نطاق واسع في شمال العراق، إذ تحالفت قوى من إثنيات مختلفة (باستثناء عرب المناطق الشمالية) لقتال «داعش»، على رغم اختلافاتها السابقة.

يصل التقرير التلفزيوني إلى خاتمة سعيدة، على الأقل بالنسبة إلى الطفل الصغير الذي تعافى قليلاً، لكنه عاد رغم ذلك إلى خيمته الحارة وبرفقة عصام الذي ابتسم وقتها للمرة الأولى، إذ بدا، وعلى طوال فترة التحقيق التلفزيوني، وكأنه يحمل همُوم العالم على كتفيه.

كما بكى الشاب اليزيدي وترققت دموعه في أوقات عدة من التحقيق التلفزيوني، على عكس «سيدار»، العسكري الواثق من نفسه وما يقوم به، والذي رفض، وبعدما تأثر عاطفياً، أن يشارك المشاهدين دموعه، لكنه كشف إنها تنهمر عندما يتذكر ما يحصل لأبناء بلده، لكن المُقاتل لا يريد أن يبكي أمام الناس أو الكاميرات كما تحدث بلهجة حازمة.

أمستردام/ عن الحياة

التعليقات مغلقة.