انتهاكات تركيا في عفرين.. ومخططات التغيير الديمغرافي
نددت الفدرالية السورية لحقوق الإنسان، بممارسات القوات التركية في عفرين شمال غربي سوريا، مطالبة بالضغط على أنقرة لوقف بناء الجدار العازل حول المدينة، ووضع حد للانتهاكات التركية بحق المدنيين في المنطقة.
وطالبت المنظمة المجتمع الدولي بالتدخل لوقف عمليات القتل والتهجير التي تمارسها تركيا والقوات المدعومة منها في عفرين، واصفة الوجود التركي فيها بـ”الاحتلال”، وبأنه يتناقض مع مبادئ ومقاصد الأمم المتحدة والقانون الدولي.
وسارع الجيش التركي، منذ 8 أبريل 2019، ببناء جدار عازل في محيط مدينة عفرين بريف حلب الشمالي، حيث تحدثت مصادر محلية، وفق ما نقلت وكالة الأنباء السورية “سانا”، عن “خطة عاجلة لبناء نحو 70 كيلومترا من الجدار في المنطقة داخل الأراضي السورية، مع أبراج مراقبة تكون على اتصال مباشر مع نقاط عسكرية للقوات التركية في إدلب القريبة من عفرين”.
وبحسب المصادر، فإن القوات التركية أتمت بناء 564 كيلومترا من الجدار المقرر على طول الحدود مع سوريا، على أن يصل طول هذا الجدار إلى 711 كيلومترا بعد الانتهاء من القسم المتبقي قرب عفرين.
ويمثل الجدار، وفق مراقبين، جزءا من خطة تهدف إلى ضم عفرين إلى تركيا، إذ تتذرع أنقرة بالاعتبارات الأمنية، فيما يقول محللون إنها تطبق السيناريو القبرصي في الأراضي السورية.
وتعليقا على التحركات التركية في عفرين، قال رئيس منظمة “كرد بلا حدود”، كادار بيري، لـ”سكاي نيوز عربية”: “تسعى أنقرة لاقتطاع جزء من الأراضي السورية وضمها إلى تركيا، متذرعة بحجج أمنية واهية وغير صحيحة”.
وتابع: “غيرت أنقرة من مسار الجدار مع سوريا ليشمل عفرين بحجة وقوع اعتداءات من الطرف السوري، وهذا ليس صحيحا على الإطلاق، لأن مصدرها كان من الجانب التركي”.
وأضاف بيري: “هناك أيضا سعي تركي لإحداث تغيير ديموغرافي في المنطقة، وتحديدا في محافظة هاتاي، إذ يتم تسجيل السوريين المتواجدين فيها وهم من سكان الغوطة، على أنهم من عفرين، بهدف تغيير نسبة الأكراد بالمنطقة، إلى جانب العمل على فتح طريق بين عفرين ولواء إسكندرون”.
من جانبه، اعتبر الكاتب والباحث السياسي الكردي، رستم محمود، في حديث لـ”سكاي نيوز عربية”، أن هناك طموحات تركية كبيرة وراء قضية عفرين، ترمي لابتزاز الأكراد في مختلف المناطق.
وفيما يتعلق باحتمال حدوث تحرك دولي لوقف التدخل التركي في عفرين، أوضح بيري أن عددا من الدول الأوروبية كانت واضحة في موقفها، إذ اعتبرت تركيا “دولة احتلال”.
وأشار إلى أن تركيا باتت خارج اللعبة الدولية التي تحركها روسيا والولايات المتحدة الأميركية، إذ فشل أردوغان في استرضاء الطرفين، وبات بين فكي كماشة، كونه يخشى إغضاب موسكو، بسبب العلاقات التجارية التي تربط بلاده بروسيا من جهة، ويخاف من إدارة ترامب التي تستطيع بمجرد تصريح واحد أن تهوي باقتصاد بلاده المتداعي أصلا.
ولفت محمود إلى أن الجيش التركي والمتعاونين معهم في عفرين، يتعرضون لخسائر بشرية فادحة مع استمرار العمليات القتالية على الأرض، وأنه “ما من سبيل أمام الأكراد سوى القتال، دفاعا عن المدينة لطرد المحتل التركي”.
وفيما تعلن تركيا مرارا أن هدفها في الأراضي السورية هو “التصدي للمجموعات الكردية وحماية حدودها”، فإن التاريخ القريب والبعيد يفصح عن شيء يناقض ذلك تماما.
فقبل فترة، تحدث وزير الدفاع التركي خلوصي أكار عن تبعية عفرين للأراضي التركية، وفقا للميثاق الذي استندت إليه تركيا لإثبات أنها لم تخسر عفرين في الحرب العالمية الأولى وأنها ضمن حدودها، لكنها “ظلمت” في التنازل عنها بموجب اتفاقية لوزان عام 1923.
وتتذرع تركيا بالحجج الأمنية لتكرار سيناريو غزو قبرص عام 1974، حيث تحركت قوات عسكرية تركية واحتلت شمال قبرص بحجة حماية الأتراك هناك، ردا على دعم المجلس العسكري اليوناني للانقلاب على نظام الحكم في قبرص.
إلا أن تركيا أسست وضعا جديدا تم على أساسه تقسيم قبرص، وإعلان جمهورية في الشمال موالية لتركيا.
التعليقات مغلقة.