إيديولوجية العولمة رؤى معيارية ومفهوم مراوغ
يرى الكاتب الأردني مازن منصور كريشان أنَّ مصطلح «الإيديولوجية» لا يمتلك معنى محدداً، فهو عبارة عن أنماط من القناعات السياسية التي تبرز رؤى معيارية في الحياة السياسية، وهذه الرؤى عادة ما تتضمَّن مواقف محدَّدة جداً حول طبيعة الإنسان والعلاقة بين الفرد والدولة والمجتمع.
كذلك «العولمة» فهي مفهوم مراوغ من الصعب تحديده لأنَّه يعاني من اختلافات منهاجيه في اللغات الأوروبية، فالعولمة واحدة من ثلاثة مصطلحات جرى طرحها ترجمة للكلمة الانجليزية «Globalization» والآخران هما «الكوكبة» و«الكونية» وأما تعريف «العولمة» في اللسان العربي فهي من «العالم».
وقد تمَّ الترويج لمصطلح «العولمة» بصورة مكثَّفة بعد حرب الخليج الثانية عام 1991 عقب التداعيات الخطيرة التي أعقبت الحرب والمتمثلة بانهيار الاتحاد السوفيتي، وانفراد الولايات المتحدة الأميركية بقيادة العالم والهيمنة عليه
. وليس من باب الصدفة أن يكون أوَّل المروِّجين للعولمة توماس فريدمان وصموئيل هنتغتون اللذان حفلت كتاباتهما بالتحريض على إشعال فتيل المعارك السياسية والاقتصادية والحضارية على الأمة العربية والإسلامية بشكل خاص، والترويج لمشروع «الشرق أوسطية»، الذي تعود أصوله إلى أفكار مؤسس الحركة الصهيونية تيودور هرتزل، والدفاع عن هذا المشروع باعتباره عولمة مصغَّرة وبمزايا الانفتاح على الآخر والتفاعل معه، والخصخصة وخطأ التمسك بالولاء التقليدي للأمة والوطن ومزايا السلام وأضرار الحرب.
ثمَّ يأخذ المؤلِّف مازن كريشان على الكتَّاب والمفكِّرين العرب أنَّ آراءهم جاءت تكراراً لما كتبه أوائل الباحثين في العولمة في بداية ظهور المصطلح في تسعينيات القرن الماضي دونما إضافة تزيل الغموض الذي اكتنف كتاباتهم أمثال: سمير أمين، جلال صادق العظم، سيار الجميل، برهان غليون، محمد عابد الجابري، إسماعيل صبري عبد الله، محمد علي حوات، عبد الكريم بكار.
وجلال أمين، فشاب كتاباتهم الإسهاب في استخدام المصطلحات السياسية والاقتصادية الغامضة التي لا يفهمها القارئ العادي، والتركيز على البعد الاقتصادي على حساب الأبعاد الأخرى، ولم يحسموا في كتاباتهم بشكل واضح وجلي قضية الربط بين العولمة وجذورها من الناحيتين الفكرية والتاريخية وبالتالي انعكس ذلك على عدم حسم مفهوم العولمة.
ويمكن القول إنَّ مرحلة التنوير والثورة الفرنسية قد مهَّدت إلى ما طرأ على المشهد الإيديولوجي من تغييرات في التصوُّر والملامح، والتي تعد أرضية للإيديولوجية المعاصرة، كما يخص إلى أنَّ العولمة إيديولوجية تبشِّر بجملة من النهايات: نهاية التاريخ، نهاية النظريات، ونهاية الدول الوطنية، ونهاية القوميات لتحل محلها الإيديولوجية الكونية.
المعد في سطور
مازن كريشان ضابط متقاعد في القوات المسلحة الأردنية، حصل على دكتوراه عن كتابه: إيران دراسة تاريخية إيديولوجية سياسية للفترة من 1979 إلى 2013.
أنور محمد / عن البيان الإماراتية
التعليقات مغلقة.