الألياف الغذائية… إضافة صحية لتغذية أفضل

48

Buyerpress

من بين العديد من العناصر الغذائية، يُمكن للمرء أن يبدأ في إضافة عناصر غذائية صحية جديدة، مثل الألياف، إلى وجبات طعام غذائه اليومي، بنوعيها: الوجبات الغذائية الرئيسية والوجبات الخفيفة. وعبارة «تناوَلْ مزيداً من الألياف الغذائية»، هي عبارة ربما سمعها الكثيرون عند زيارتهم لأحد الأطباء، ولكن هل تعلم لماذا تتمتع الألياف بتأثيرات صحية ممتازة لصحتك؟

– ألياف غذائية

الألياف الغذائية Dietary Fiber أحد العناصر الرئيسية في التغذية الصحية، وتوجد بشكل رئيسي في الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة والبقوليات، وشهرتها لدى الكثير من الناس بأنها تمتلك القدرة على منع أو تخفيف الإمساك، ولكن الأطعمة والمنتجات الغذائية المحتوية على الألياف يمكن أن تقدم لنا فوائد صحية أخرى أيضاً، مثل المساعدة في الحفاظ على وزن صحي للجسم وخفض خطر الإصابة بمرض السكري، وأمراض القلب، وارتفاع ضغط الدم، واضطرابات الكولسترول.

ولو تأمل أحدنا، فإن اختيار أطعمة لذيذة وشهية، وفي نفس الوقت توفر لأجسامنا حاجتها اليومية من الألياف، هو أمرٌ ليس صعباً، وكل ما نحتاج إليه هو معرفة مقدار كمية الألياف الغذائية التي تحتاج إليها أجسامنا بشكل يومي، والأطعمة التي تحتوي عليه، وكيفية إضافتها إلى وجبات الطعام الرئيسية والوجبات الخفيفة خلال اليوم.

الألياف الغذائية هي أحد المكونات في العديد من المنتجات الغذائية، وتمتاز بأنها لا يمكن للجهاز الهضمي هضمها أو تفتيتها أو امتصاصها، بل هي تبقى ضمن مكونات الطعام في الجهاز الهضمي، وتمر من خلال المعدة والأمعاء الدقيقة والأمعاء الغليظة ثم تخرج مع فضلات الطعام دون أن يطرأ عليها أي تغيير، ولكن خلال هذه الرحلة تقدم لنا العديد من الفوائد الصحية التي يستفيد منها الجسم بشكل مباشر. ولذا تختلف الألياف الغذائية من ناحية الهضم عن بقية العناصر المكونة للطعام اليومي، كالبروتينات أو الدهون. ورغم أن الألياف هي بالأصل أحد «أشكال» سكريات الكربوهيدرات، فإنها تختلف في عملية الهضم والتفتيت عن بقية أنواع السكريات البسيطة الحلوة الطعم أو السكريات النشوية المعقدة التركيب.

– أنواع الألياف

وتُصنف الألياف إلى نوعين رئيسيين: الأول، هو «الألياف الذائبة» Soluble Fiber في الماء. والثاني، «الألياف غير الذائبة» Insoluble Fiber في الماء، أي أن الفارق بينهما هو مدى القدرة على الذوبان في الماء وتكوين مزيج غروي نتيجة لذلك. ولذا فإن «الألياف غير الذائبة» تبقى على هيئة أشبه ما تكون بنشارة الخشب، ويستفيد الجسم منها بهذه الصفة، إذا ما تم تناولها لتسهيل خروج الفضلات ومعالجة حالة الإمساك. ومن أمثلة المنتجات الغذائية المحتوية عليها بنسب مختلفة: نخالة القمح، أي طبقة القشرة الخارجية لحبوب القمح، والمكسرات وكثير من أنواع الخضار والفواكه، وبالتالي لا توجد في المنتجات الغذائية الحيوانية.

النوع الثاني من الألياف الغذائية هي «الألياف الذائبة»، والتي تشكل بالمزج مع الماء، سائلاً غروياً. وهذه النوعية من الألياف لها فوائد خفض نسبة الكولسترول والسكر في الدم. ومن أمثلة المصادر الغذائية الغنية بها: العدس والفاصوليا والحمص والفول والتفاح والحمضيات وبذور الكتان.

الحاجة اليومية من الألياف للرجال ما دون سن الخمسين من العمر، هو تناول نحو 38 غراماً من الألياف. وتقل الكمية بعد تجاوز تلك السن إلى 30 غراماً في اليوم. أما بالنسبة إلى النساء ما دون سن الخمسين، فهن بحاجة إلى تناول 25 غراماً من الألياف يومياً. ومَنْ هن فوق ذلك العمر، يحتجن إلى تناول 21 غراماً يومياً من تلك الألياف النباتية.

ويُوجد بشكل طبيعي، في نفس المنتج الغذائي النباتي، كلٌّ من الألياف الذائبة والألياف غير الذائبة، وذلك بنسب متفاوتة. كما تتفاوت المنتجات الغذائية في نسبة محتواها من كل نوع من تلك الألياف. وهناك منتجات عالية المحتوى من الألياف، وأخرى منخفضة المحتوى منها.

وللتقريب، يحتوي كوب من أحد المنتجات النباتية التالية على كمية الألياف المرافقة: كوب من البازلاء المطبوخة به نحو 17 غراماً، ومن الفاصوليا به 13 غراماً، ومن العدس به 8 غرامات، وكوب من دقيق القمح الأسمر به 6 غرامات، والبروكلي به 5 غرامات، وتفاحة بها 5 غرامات، وثمرة كمثرى أو ثمرة متوسطة الحجم من البطاطا أو أونصة (28 غراماً)، ومن اللوز بكل منها نحو 4 غرامات من الألياف، بينما تحتوي البرتقالة أو الموزة الواحدة على 3 غرامات.

ولأن الإكثار المفاجئ من تناول الألياف قد يتسبب لدى البعض بزيادة غازات البطن وبانتفاخ في البطن وبالشعور بالتخمة، فإنه من المهم التدرج في إضافتها إلى وجبات الطعام اليومي، خصوصاً للأشخاص الذين لم يتعودوا بشكل يومي على تناولها بكميات صحية، مع الحرص على شرب كميات كافية من الماء.

– فوائد صحية

الفوائد الصحية للألياف الغذائية، تشتمل على:

  • المحافظة على حركة طبيعية للأمعاء وحفظ صحة جيدة للأمعاء. والحركة الطبيعية للأمعاء تتطلب أمرين: الأمر الأول، سهولة مرور فضلات الطعام دون حصول للإمساك، وهنا تفيد الألياف. والأمر الثاني، تسهيل امتصاص القولون للسوائل الكثيرة التي امتزجت مع الطعام خلال عمليات الهضم، ولذا تبقى فضلات الطعام في القولون فترة لإتمام عملية امتصاص السوائل، وهنا تفيد الألياف في ذلك وكذلك في منع حصول تراكم السوائل في الفضلات. وبالتالي، فإن الألياف الغذائية تزيد من وزن وحجم البراز لجعله أكثر ليونة، مما يُسهل مروره للخروج عبر فتحة الشرج، وبالتالي تناول الألياف يُقلل من فرص حصول الإمساك ويُخفف من تفاقم مشكلات البواسير ومن تكوين حويصلات الجيوب الصغيرة على جدران القولون. وأيضاً في حالات وجود براز شبه سائل، فإن وجود الألياف يُسهل امتصاص تلك السوائل وتخزينها ضمن مكونات الألياف، وبالتالي تسهيل خروج الفضلات بهيئة غير سائلة.
  • المساهمة في ضبط نسبة سكر الدم. إن أحد أضرار تناول السكريات وهي بهيئة سهلة الامتصاص، هو الارتفاع السريع في نسبة سكر الغلوكوز بالدم، وهو ما يتسبب بإجبار البنكرياس على إفراز المزيد من هرمون الأنسولين في وقت وجيز لإتمام خفض هذا الارتفاع في نسبة سكر الغلوكوز بالدم. وتكرار حصول هذا الأمر يُؤدي إلى إنهاك البنكرياس، وارتفاع احتمالات الإصابة بمرض السكري. وهنا تقدم لنا الألياف الغذائية الممزوجة بالأطعمة السكرية وسيلة للوقاية من الارتفاع السريع في نسبة السكر بالدم ووسيلة لوقاية البنكرياس من الإنهاك، وذلك لأن الألياف تُبطئ عملية امتصاص الأمعاء للسكريات، وبالتالي لا يحصل الارتفاع السريع في نسبة سكر الغلوكوز في الدم.
  • خفض نسبة الكولسترول. ونتيجة للعديد من الدراسات الإكلينيكية والفسيولوجية لعمليات الهضم وامتصاص الكولسترول والدهون، تتبين أن ثمة آليتين لعمل الألياف الذائبة في خفض نسبة الكولسترول الكلي TC في الدم وخفض نسبة الكولسترول الخفيف LDL الضار. إن الألياف الذائبة بإمكانها الالتصاق بكولسترول الطعام، وهو ما بالتالي يمنع ويُعيق امتصاص الأمعاء له. ولا تكتفي الألياف الذائبة بهذا، بل تلتصق كذلك بالأملاح المرارية، التي تفرزها المرارة ضمن عصارتها والتي مهمتها تسهيل امتصاص الدهون والكولسترول، وبالنتيجة فإن وجود الألياف الذائبة يمنع سهولة امتصاص الدهون والكولسترول. ونتيجة لالتصاق الألياف بالأملاح المرارية فإنها تخرج مع البراز، وبالتالي يضطر الكبد إلى إنتاج الأملاح المرارية، والكبد يستخدم الكولسترول الموجود في الدم لإنتاج الأملاح المرارية، وبالتالي تنخفض نسبة الكولسترول في الدم.
  • خفض الرغبة في تناول الطعام. إن عمل الألياف على إبطاء امتصاص الأمعاء لطاقة الأغذية عالية المحتوى من الألياف، هو شيء يجعل المرء لا يشعر بالجوع لمدة طويلة نسبياً بالمقارنة مع تناول وجبات طعام متدنية المحتوى بالألياف. ولذا من الأفضل على سبيل المثال في حالات الصوم لساعات عدة أن يتناول المرء الحبوب الكاملة بدلاً من الحلويات، كي لا يشعر المرء بالجوع السريع بعد ساعتين أو أكثر من تناول الوجبة الغذائية.
  • المساهمة في خفض الوزن. وهناك تفسيرات طبية عدة للآليات التي من خلالها يُمكن لتناول الألياف أن يُسهم في خفض وزن الجسم، ومنها أن المنتجات النباتية عالية المحتوى بالألياف، تحتاج إلى مضغ لمدة زمنية أطول وتملأ المعدة والأمعاء، وتقلل الشعور بالجوع. ولذا فإن إحدى نصائح التغذية هو تناول أحد أنواع شوربة الخضار ثم تناول السلطات في أوائل الوجبة الغذائية، وهو ما أثبتت الدراسات الطبية عمله على تقليل كمية طاقة كامل الوجبة بنسبة تتراوح ما بين 30 و40% لدى مَنْ يتناولونهما، بالمقارنة مع منْ لا يتناولون شوربة الخضار والسلطات.

الشرق الأوسط

التعليقات مغلقة.