من ذاكرة التاريخ.. سوق الفاتورة في عامودا

121

عامودا – بريندار عبدو

 

 

كغيرها من مدن ومناطق روجافا، تتميز مدينة عامودا /23/ كم شرقي مدينة قامشلو، بوجود أسواق قديمة وشعبية، ومن أبرزها سوق الفاتورة التي تتوسط مدينة عامودا وتُعد السوق الرئيسية التي يعتمد عليها أبناء المدينة وريفها،  للحصول على الألبسة والقماش والأحذية وغيرها من المستلزمات.

سوق الفاتورة ويعني سوق القماش، وتستخدم كلمة الفاتورة كتعبير عن كلمة قماش بين جميع أبناء المنطقة.

 

الحاج “بهجت شيخ داوود” أحد أقدم تجار سوق الفاتورة ويملك محلاً لبيع الأقمشة، تحدث لـ Bûyer: «سوق الفاتورة هو السوق الرئيسي لمدينة عامودا أُنشِأ عام 1942 كان والدي يعمل تاجراً لبيع الأقمشة فيه، كان الباعة من المسيحين والمسلمين ومعظم المسلمين كانوا من الكرد، وكان يتعايشون منذ القدم كإخوة وتسود المحبة والاحترام والتقدير بينهم».

وعن سبب تسمية السوق بسوق الفاتورة يضيف “الحاج داوود”: «إن معظم المحلات وقتها كانت لبيع القماش، ولم يكن يوجد محلات لبيع الألبسة الجاهزة أو الإكسسوارات والعطورات، وكانت المحلات وقتها تبيع الفاتورة أي القماش كانت هذه التسمية منتشرة منذ وقتها لحين هذا اليوم، وكانت الأقمشة سواء كانت قطنية أو نايلون أو من الحرير تسمى بالفاتورة وتعتبر الفاتورة لقب شعبي للقماش».

ويتابع “الحاج داوود”: «بعد انخفاض حركة العمل نتيجة ضغوطات الحكومة السورية على المنطقة، انتقل معظم المسيحين إلى مدن أخرى كمدينة قامشلو ودمشق وحلب وزحلة، وفي عهد حكم البعث تم تغيير اسم سوق الفاتورة إلى سوق الوحدة، ولكننا جميعاً وحتى هذا اليوم نسمي سوقنا بسوق الفاتورة بالرغم من قلة محلات بيع الاقمشة بالسوق في السنوات الاخيرة».

شُيّد السوق سنة 1936 وكانت محلاته مبنية من الطين، وعندما استلم “الحاج بهجت شيخ داوود” العمل بعد رحيل والده كان عدد المحلات حوالي /30/ محلاً، أكثر من ثلاث أرباعها كانت تبيع القماش0

ومن أوائل تجار الفاتورة، الشيخ داوود- الشيخ بكر شيخاني – الحاج يوسف طاهر- الحاج أوصمان- صالح هيا- الملا حسيب- مجيد كيلو- الحاج عمر قجو – الحاج محمد حمو- يوسف بلوح، وهؤلاء جميعاً رحلوا

 

ولم يبقَ من الجيل القديم سوى الحاج “بهجت شيخ داوود” والحاج “إسماعيل حمو”.

في السنوات الأخيرة وصل عدد المحلات في السوق إلى أكثر من ضعفي ما كانت عليه في السابق وتنوعت البضاعة منها الألبسة الجاهزة، الأحذية، مواد التجميل، الإكسسوارات والمواد المنزلية، فضلاً عن  محلات بيع الأقمشة والخياطة.

في الجهة الغربية للسوق، توجد قيصرية تحتوي أكثر من /15/ محلاً لها مدخلان من السوق كما يوجد مدخل في الطرف الشرقي يوجد فيها محلات وتباع فيهما نفس البضاعة، وتشكل جميعها سوقاً واحدة تسمى في مجملها (سوق الفاتورة).

 

“أحمد حجي إبراهيم” يعمل في الصرافة يملك محلاً في سوق الفاتورة ورثه عن والده الذي كان بدوره يملك المحل منذ سنة 1948، وقبله كان  للسيد “صالح حسو” يقول: «كان سوق الفاتورة السوق الوحيد في عامودا إضافةً لبضعِ محلات صغيرة محاذية له، كان يسمى سوق الجاكيت أو سوق الملح، وعندما كان سكان نصيبين يزورون أقربائهم في عامودا، لم يكن باستطاعتهم التبضع في السوق، خشيةً من عناصر الشرطة التي كانت تعتقلهم لدخولهم المدينة عن طريق التهريب، لذا كانوا يُكلّفون أقاربهم من مدينة عامودا بشراء حاجاتهم».

وبالنسبة لتطور السوق، قال “حجي إبراهيم”: «إن المحلات سابقاً كانت من الطين وأبوابها كانت خشبية ولكن في السنوات الاخيرة بدأ السكان بإعادة بناء محلاتهم من الإسمنت». و يوضح “إبراهيم” أنه غيّر البضاعة من الأدوات المنزلية إلى تجارة القمح والآن يصلح الأدوات الكهربائية وغيرها.

وأكد أن محله لا يزال المحل القديم المبني من الطين وله باب خشبي، وهو بمثابة ذكرى متبقية من ذكريات والده، وبالنسبة لخدمات السوق يوجد فيها الماء والكهرباء ولا تعاني أية مشاكل بحسب تعبيره.

وعن ذكريات السوق يقول “حجي إبراهيم”: «بعد سنة 1970 تناقص عدد محلات الأقمشة في السوق حتى صار عدد محلات بيع الأقمشة لا تتعدى أكثر من /5/ محلات فقط، سابقاً عندما كان يتوجه أحد أصحاب المحلات لدمشق وحلب لشراء البضاعة كان يستدين المال من أحد جيرانه حين لم يكن يملك النقود، وهكذا كان الجميع يساعد بعضهم البعض، وكان السوق معروفاً».

ويختتم “أحمد حجي إبراهيم” حديثه بوصف السوق بالرائع ولأنه في السوق أكثر من /60/ سنة فهو مرتبط به ارتباطاً لا يوصف لدرجة أنه حين لا يأتي للسوق يشعر أنه قد فَقَدَ شيئاً ما، وحتى أيام العطل يتوجه لمحله في السوق.

 

سوق الفاتورة هو من رائحة الأجداد في مدينة عامودا، ولو سألت الصغار عن اسم السوق أو مكانته يعلمون ذلك، والجميع مرتبط به؛ لأنه شاهدٌ على كل ما حصل من أفراح وأتراح في المدينة الصغيرة.

 

نشرت هذه المادة في العدد/69/ من صحيفة Bûyerpress بتاريخ 15/11/2017

التعليقات مغلقة.