ناجون من «داعش»: ألفا إيزيدية اختطفن وكثيرات اغتصبن أو جرى بيعهن

29

1408485225931871600لم تكن قصة النساء الإيزيديات اللواتي اختطفن من قبل «داعش» في قضاء سنجار محض خيال، كما أن أخبار بيعهن واغتصابهن ليست مبالغة، بل هي جزء من حقيقة وقصص تركت ملامح رعبها في وجوه ونفوس بنات في عمر الطفولة وفتيات وشابات لم يصدقن أنهن تخلصن من كابوس «داعش» ووصلن إلى ملجأ آمن يحميهن من مصير أسود كدن يقعن فيه.

«الشرق الأوسط» زارت مجمع «خانك» الذي يقع على مشارف مدينة دهوك، ويضم اليوم واحدا من أكبر مخيمات النازحين من قضاء سنجار الذي وقع تحت سيطرة «داعش». خيام تحتل مساحات كبيرة خارج المجمع، تفتقر للكثير من الشروط الصحية على الرغم من سعي حكومة إقليم كردستان والمتمثلة في محافظة دهوك لتوفير احتياجات ما يقرب من سبعين ألف إيزيدي، غالبيتهم من الأطفال والنساء، تركوا بيوتهم وكل ما يملكون ونجوا بأنفسهم.

المشهد العام يشبه لقطات من فيلم سينمائي موغل في تراجيديته. نساء ورجال في مختلف الأعمار يفترشون الأرض تحت سقيفة بناء كان مخصصا لإقامة حفلات الزواج، وإلى جانبه تمتد خطوط من الخيام، بينما الأطفال يلهون حفاة وبملابس رثة هنا وهناك تحت أشعة شمس حارقة ودرجة حرارة تصل إلى 46 درجة مئوية.

يقول علي إيزيدي، وهو من سكان المجمع وتطوع للإشراف ورعاية أبناء دينه وتوفير أقصى ما يستطيعه من طعام ومستلزمات أخرى بعد أن ترك عمله في بغداد وتفرغ لمهمته النبيلة هذه «مجمع خانك من المجمعات السكنية القديمة المخصصة للإيزيديين، فجميع السكان هنا من هذه الديانة، ولهذا تم اختيار موقع المخيم قرب هذا المجمع، وسرعان ما بدأت العوائل تصل بأعداد كبيرة، مما دفع بمحافظة دهوك وبالتعاون مع المنظمات الدولية إلى توفير المستلزمات الأساسية لإنشاء مخيم يستوعب كل هذه الأعداد»، مشيرا إلى أن «غالبية هذه العوائل عاشوا ظروفا في غاية الصعوبة من أجل الوصول إلى هذا المخيم».

وبسؤاله عن الأخبار المتداولة حول خطف أو اعتقال الإيزيديات وبيعهن أو اغتصابهن، يقول علي إيزيدي إنه من المؤكد «أن هناك أكثر من ألفي إيزيدية معتقلة، قسم منهن في سجن بادوش في الموصل، وقسم آخر وهو الأكبر في مدينة تلعفر»، مستندا في معلوماته إلى «اتصالات هاتفية تمت بيني وبين اثنتين من المعتقلات اللواتي استطعن تمرير جهازي جوال معهن إلى مكان الاعتقال». ويضيف «إحدى الإيزيديات المعتقلات بعثت برسالة عبر الجوال إلى عمها الذي يقطن في هذا المجمع، وقمت بالاتصال بها فقالت إنها مع 500 إيزيدية من سنجار تم نقلهن إلى سجن بادوش في الموصل، موضحة أن (داعش) قام بتقسيم المعتقلات حسب أعمارهن، وحجز الأطفال في مكان والفتيات في مكان والنساء في مكان ثالث، مشيرة إلى عدم معرفتها بمكان الأخريات».

وأوضح إيزيدي أن «الاتصال انقطع مع هذه المرأة بعد خمسة أيام»، منوها بأن «شابة إيزيدية أخرى تم الاتصال بها في تلعفر بعد أن مررت رقم هاتفها عبر رسالة إلى أحد أقاربها في دهوك، وقالت إن هناك 1310 سجينات في تلعفر، وكانت مرعوبة من مصير مجهول لا تعرفه، وانقطع الاتصال مباشرة بعد تسريبها لهذه المعلومات».

بدوره، قال شيخ إيزيدي على اتصال مع أصدقاء له في مدينة الموصل «لقد أكد لي صديق لا أريد أن اذكر اسمه أن (داعش) خصص بيتا لشابات إيزيديات وتتم فيه ممارسة الدعارة أو ما يسمونه بجهاد النكاح»، مشيرا إلى أن صديقه أوضح له أن «(داعش) نقل إلى هذا البيت الإيزيديات ويتم تبديلهن كل ثلاثة أيام». وأضاف أن «داعش» باع بالفعل إيزيديات في مدينة الموصل، وأن هناك شيوخ عشائر عربية اشتروهن لغرض تحريرهن من (داعش) وليس لأغراض أخرى».

ميرفت، عمرها 13 عاما، وهي طالبة في المرحلة المتوسطة، قالت «لقد أخذوا ابنة عمي وهي بعمري. أنا مرعوبة من المصير الذي سيلحق بها. يقولون إن (داعش) يغتصب الإيزيديات ويبيعهن. أنا سعيدة لأنني تخلصت من هذا المصير الأسود، لكنني حزينة جدا لما لحق بابنة عمي». ميرفت، التي يبدو عليها التعب والهزال، مشت ثلاثة أيام مع عائلتها، وتقول «عندما سمعنا بانفجار قذائف الهاون في سنجار هربنا كلنا نحو جبل سنجار، وبقينا نمشي ثلاثة أيام بلا ماء أو طعام حتى وصلنا إلى الجبل واحتمينا به، وبعد أربعة أيام جاءت سيارات لتنقلنا من هناك إلى دهوك».

أما دلال (18 عاما) فقد غير الرعب ملامح وجهها، وتقول «لقد قتل (داعش) عمي وزوجته وأطفالهما. كنا سنموت لولا أننا هربنا دون علم (داعش). بقينا نمشي أربعة أيام، لم يكن معنا ماء أو طعام، وشاهدت العديد من كبار السن والأطفال ميتين في الطريق». هذه الشابة استطاعت مع أفراد عائلتها المكونة من 15 شخصا دخول الأراضي السورية ومن ثم العبور إلى الأراضي العراقية من خلال ممرات جبل سنجار، ومن هناك تم نقلهم بواسطة السيارات إلى دهوك».

حسين سيدو كان يجلس قريبا منا وهو يذرف الدموع، قال «لقد خطف (داعش) زوجتي وابنتي وأطفالي ولا أدري ما هو مصيرهم». سألته إن كان مسلحو «داعش» قد طلبوا منه اعتناق الإسلام، فأجاب «هذا حدث في اليومين الأولين من دخول (داعش) إلى سنجار، ثم ألغوا هذا القرار». وأضاف «لقد قتلوا حتى من اعتنق الإسلام وأخذوا بناته أو زوجته».

سعاد (22 سنة)، متزوجة، أسرّت بأن «مجموعة من الداعشيين وربما عددهم ستة أشخاص قاموا باغتصاب ابنة عمي خلال ساعات. كنت أختبئ في إحدى الغرف المظلمة، وتركوا ابنة عمي وهي تعاني من النزيف وخرجوا، قبل أن يساعدنا بعض العرب في المنطقة لنهرب بصعوبة»، مشيرة إلى أن «ابنة عمي اليوم في المستشفى لمعالجتها من آثار الاغتصاب الوحشي».

نائب محافظ هوك بهزاد علي آدم، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «المحافظة، بل الإقليم كله فوجئ بهذه الأعداد من النازحين، فما يقرب من 300 ألف نازح من الإيزيديين والمسيحيين دخلوا إلى دهوك، ونحن نعمل بأقصى طاقاتنا البشرية والمادية لمساعدتهم، ناهيكم عن وجود أكثر من 200 ألف لاجئ سوري في دهوك»، مشيرا إلى أن «حكومة الإقليم حريصة على توفير الأمان والحياة الكريمة لهؤلاء النازحين».

وأضاف آدم قائلا «لقد تم فتح أبنية المدارس للنازحين الإيزيديين إضافة إلى المخيمات، وأعداد كبيرة مثل هذه تحتاج إلى فرق مساعدات عاجلة وأموال كبيرة لتلبية مطالبهم، بينما المنظمات العالمية بطيئة للغاية في الاستجابة لمتطلبات النازحين سواء من طعام أو خدمات أخرى»، منبها إلى «اننا قمنا بتشكيل غرفة عمليات ولجنة طوارئ للتعامل مع الأعداد الكبيرة للنازحين خاصة أن حكومة بغداد لم تقدم لنا أي مساعدات».

عن الشرق الأوسط/ الطبعة الدولية

التعليقات مغلقة.