‘الغرابيب السود’ دراما رمضانية تحاول اكتشاف العالم السري لداعش
Buyerpress
يدخل عالم داعش الخفي والدموي مع المشاهدين العرب رمضان عبر دراما تلفزيونية تنهي سنوات من تناول التنظيم ضمن مشاهد مسلسلات تهكمية، لكنها لا تصل إلى عمق التنظيم الذي ظل خافيا على أكثر الباحثين المتخصصين مثابرة ودقة.
ولم يصل أحد بعد إلى تقديم صورة شاملة عن معادلات القوى والحياة اليومية في مناطق تخضع لسلطة التنظيم المتشدد. ودفع ذلك الدراما العربية خلال العامين الماضيين إلى انتقاد التنظيم في قالب كوميدي من خلال أعمال درامية حظيت بمتابعة واسعة.
وتلقى الفنان السعودي ناصر القصبي تهديدات بالقتل من تنظيم داعش بعد عرض مسلسل “سيلفي” الذي كان يقوم فيه بدور أب سافر إلى مناطق الصراع في سوريا محاولا استعادة ابنه، الذي انخرط في صفوف التنظيم. وعرض المسلسل عام 2015 على قناة “أم بي سي 1″ السعودية.
وهذا العام تستعد القناة لعرض مسلسل “الغرابيب السود”، الذي يركز على معاناة النساء خصوصا في عالم داعش، إذ يحاول صناع المسلسل عبر 30 حلقة إظهار مأساة الإيزيديات ونساء سافرن من بلدان عربية من أجل الزواج من أحد مقاتلي التنظيم، في أول عمل يحاول اقتفاء أثر الحياة خلف خطوطه.
وفي إحدى الحلقات تظهر فتاة إيزيدية مكلفة بتنظيف غرفة أحد مقاتلي داعش، حيث تتعرف على زوجته التي تشعر بالملل. وتعرض الزوجة، التي جاءت من تونس للالتحاق بالتنظيم، الطعام على الفتاة الإيزيدية، كما تعرض عليها مشاركتها في مشاهدة أحد الأفلام أو المسرحيات. وترفض الفتاة الأسيرة بشدة قائلة “لو كنت تبحثين عن فيلم مثير، فانزلي إلى الأسفل فستجدين كما هائلا من أفلام الرعب”.
وتفتقر الممثلتان إلى قدرات تمثيلية رفيعة، لكنهما تحاولان ترك بصمة إنسانية مؤثرة على المشاهد.
ويستهدف صناع المسلسل مشاهدين أغلبهم من النساء، عبر إظهار اللاتي يقاومن التنظيم في صورة إيجابية باعتبارهن بطلات.
وفي إحدى الحلقات الأخرى، التي أرسلت شبكة “أم بي سي” مقاطع منها لصحيفة “نيويورك تايمز″، يظهر مقاتلو داعش وهم يجندون الأطفال ويدربونهم على القتال والتصويب على رجال بمثابة أهداف متحركة.
وكما هو الحال بين صفوف تنظيم داعش، يضم المسلسل مجموعة كبيرة من الفنانين الذين يمثلون مختلف دول العالم العربي، حيث يلقي الضوء على الفظائع والجرائم التي يرتكبها التنظيم.
وتعرض شبكة قنوات أم بي سي مسلسلات رومانسية وكوميدية ودراما تاريخية، يعكس بعضها جزءا من الأحداث الجارية. ورغم أن فريق إنتاج “أم بي سي” حرص على تقديم حبكة درامية شيقة، بدت بعض الأزياء والماكياج في شكل كرتوني بدائي.
وقالت الممثلة سمر علام، لـ”نيويورك تايمز″ إن تجسيد الشخصية أصابها بالاكتئاب، لكنها أعربت عن أمنيتها بأن تصل فكرة المسلسل إلى المشاهدين بطريقة أفضل مما توصله التقارير الإخبارية عن داعش.
وأضافت “داعش يمثل خطرا على الإنسانية، والمسلسل مكنني من إظهار كراهيتي لهذا التنظيم، والتعبير عنها بطريقة قوية”.
وتجسد الممثلة السعودية مروة محمد شخصية زوجة تقتل زوجها بعد خيانته لها، وتهرب كي تنضم إلى صفوف داعش مع ابنيها اللذين يقتل أحدهما ويتعرض الآخر للاغتصاب، قبل أن تقرر الهرب من التنظيم.
وتقول مروة إنه “من المهم أن يتم إيقاظ الناس وتعريفهم بأن هذا ليس الإسلام”، مضيفة أنه على الرغم من فكرة الدراما السوداوية، فإنها مليئة بالقصص الإنسانية.
وتتناول الدراما تغطية لما يرتكبه تنظيم داعش من فظائع، بما في ذلك التفجيرات والعمليات الانتحارية التي تخلف العديد من الضحايا والأشلاء المتناثرة، كما يلقي المسلسل الضوء على الأشخاص الذين يجبرون على العيش تحت راية التنظيم.
ويؤكد على جابر، مدير شبكة “إم بي سي” إن “المسلسل يسخر تأثير شاشة التلفزيون على المشاهدين في إظهار طرق التنظيم المتطرف في استقطاب مقاتليه بطريقة درامية”. وأضاف “نعتقد أن داعش وباء يجب أن نحشد كل الشجاعة لمواجهته ومحاربته”.
وقال بعض الدبلوماسيين لجابر إنهم يحبون فكرة استخدام التلفزيون كوسيلة لتحدي رسالة الجهاديين. وفي مارس، دُعي علي جابر إلى مناقشة العرض مع دبلوماسيين من الغرب والشرق الأوسط في اجتماع في واشنطن استضافه وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون.
لكن سيواجه المسلسل مللا بين مشاهدين باتوا يهربون من صور مقاتلي التنظيم التي لا تفارق نشرات الأخبار.
وقالت ريبيكا غوبين، أستاذ مساعد للدراسات العربية بجامعة دافيدسون بالولايات المتحدة، المتخصصة في البرامج التلفزيونية العربية، “إن معظم الدراما التلفزيونية التي تعرض خلال شهر رمضان تدور حول قصص خفيفة، يمثلها أبطال يظهرون بشكل جيد وملابس أنيقة”.
وأضافت “الكثير من المشاهدين يقولون: لا نريد مشاهدة ذلك النوع من الدراما، نشاهد ذلك دائما في نشرات الأخبار”.
التعليقات مغلقة.