«داعش» يواصل اقتلاع الأقليات … وبداية تحرك دولي لردعه

28

الحياة – Buyerpress

IRAQ-CONFLICT-CHRISTIANITYواصلت قوات «داعش» تقدمها في بلدات محافظة الموصل، مقتربة من أربيل، وسيطرت على معظم القرى المسيحية في سهل نينوى، وفتحت جبهات عدة محيطة ببغداد، ما أثار قلقاً دولياً قررت فرنسا في ضوئه دعوة مجلس الأمن إلى اجتماع طارئ، وأعربت عن استعدادها لمساعدة المتصدين للتنظيم، فيما أفادت بعض المعلومات بأن الرئيس باراك أوباما يدرس توجيه ضربات جوية محددة إلى المسلحين ومساعدة النازحين. (للمزيد)

في هذا الوقت، بدا المشهد السياسي غامضاً في ظل عجز «التحالف الوطني» الذي يضم القوى الشيعية عن إقناع رئيس الحكومة نوري المالكي بالتنازل عن الترشح لولاية ثالثة، على رغم انقسام كتلته «دولة القانون»، التي لوحت بالانفصال عن التحالف.

وأعلن تنظيم «داعش» في بيان أمس سيطرته على 15 بلدة تضم أقليات مسيحية وأزيدية، بالإضافة الى مواقع استراتيجية وقواعد عسكرية محيطة بالموصل كانت قوات «البيشمركة» الكردية تسيطر عليها خلال السنوات الماضية.

وسادت محافظة أربيل، التي فر عشرات آلاف النازحين في اتجاهها، أجواء من القلق بعد انتشار أنباء عن اقتراب مقاتلي «داعش» منها، ما أثار مخاوف الأقلية المسيحية التي تسكن منطقة عينكاوا ودفع بها إلى محاولة مغادرة المدينة إلى الجبال، فاضطرت الحكومة الكردية إلى طمأنة الأهالي، مؤكدة أنها قادرة على مواجهة التنظيم ودحره.

وأكد ضابط في «البيشمركة» في اتصال مع «الحياة» مساء أمس، أن حدود الإقليم «مسيطر عليها بشكل كامل»، وأن طبيعة هجمات «داعش» استدعت «تطبيق خطط جديدة تعتمد أسلوب الكر والفر».

ويراقب العراقيون منذ نحو شهرين قدرة «داعش» على فتح عشرات الجبهات في وقت واحد والتحرك بينها وضبطها من دون الاضطرار الى خوض مواجهات كبيرة.

وفيما فجر التنظيم الجبهة مع «البيشمركة» شمالَ وشرقَ الموصل التي سيطر عليها في حزيران (يونيو) الماضي، وسع نفوذه في اتجاه مناطق جنوب بغداد، حيث بلدات جرف الصخر واللطيفية واليوسفية، ويتمدد منها شرقاً إلى ديالى، التي تشهد معارك يومية، وغرباً إلى الأنبار التي تخضع له غالبية بلداتها.

وقال لـ «الحياة» قائد عسكري عراقي رفيع المستوى طالباً عدم ذكر اسمه، إن «الطريقة التي يتحرك من خلالها مقاتلو داعش تعتمد الإشغال والمناورة أكثر من اعتمادها المواجهة المباشرة».

وأضاف أن «دخول التنظيم بغداد عبر محيطها الجنوبي لا يبدو خياراً مثالياً بالنسبة إليه، فهو يعلم أن الجهة الغربية من العاصمة التي تربط الكرخ بالفلوجة بسلسلة أحياء سكنية أكثر مواءمة لمثل هذا الخيار، ما يطرح أسئلة عن إصراره على التوجه الى جنوب بغداد».

ويعتقد القائد العسكري أن «هدف التنظيم هو الوصول الى بلدة المسيب المحاذية لمحافظة كربلاء، حيث سيكون بإمكانه تهديد المحافظة، بالطريقة التي تصرف بها عند تهديد سامراء».

وتابع أن «داعش يحاول استثمار نقاط ضعف الجيش والمليشيات التي تقاتل معه، للوصول الى المراقد المقدسة التي تقع في سامراء وبغداد وكربلاء، فتهديد هذه المواقع يعني صرف جهد عسكري كبير لحمايتها، فيما يهاجم أماكن أخرى».

وأوضح أن «الدفاع عن سامراء شغل معظم إمكانات الجيش وأجبره على فتح ثغرات في مناطق جنوب سامراء وشمال بغداد، مثل الضلوعية والطارمية والمشاهدة، وصولاً إلى التاجي، حيث ستكون الكاظمية في مرمى النيران».

وتابع أن «الانقطاع الكامل في التنسيق بين بغداد وإقليم كردستان كان ثغرةً ثانية مكّنت التنظيم من محاربة كل طرف منفرداً، ما يفسر اتساع حركته باتجاه سهل نينوى من دون أن تتدخل القوات الجوية العراقية إلا في وقت متأخر».

وحركت الحروب التي يخوضها «داعش» الولايات المتحدة، إذ نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤول في الإدارة الأميركية قوله إن «أوباما يبحث في توجيه ضربات جوية أو إنزال مساعدات لنحو 40 ألفاً من الأقليات الدينية تقطعت بهم السبل فوق قمة جبل».

لكن الناطق باسم البيت الابيض جوش ايرنست قال «اننا نعمل في شكل مكثف مع الحكومة العراقية لمساعدتها في مواجهة الوضع الانساني»، مضيفا ان ما يقوم به الجهاديون «فاقم ازمة انسانية هي اصلا حرجة والوضع قريب من كارثة انسانية»، لكنه رفض الحديث عن توجيه ضربات محتملة او استخدام طائرات اميركية لايصال المواد الغذائية والادوية الى الاشخاص المتضررين.

وكان اوباما بحث مروحة من الخيارات مع مستشاريه خلال اجتماعات صباح امس في البيت الابيض بغية مساعدة الفارين من مدينة سنجار في شمال العراق.

إلى ذلك، أكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أمس، خلال اتصال هاتفي مع رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، أن باريس مستعدة «لتقديم الدعم» للقوات التي تقاتل «الدولة الإسلامية»، فيما أجرى مجلس الأمن مشاورات عاجلة بطلب من فرنسا. وأوضح بيان صادر عن قصر الإليزيه أن هولاند أكد للزعيم الكردي أن بلاده عازمة على تعبئة الأسرة الدولية في إطار مجلس الأمن لتوفير الحماية للأقليات المهددة وكل السكان الذين يواجهون وضعاً خطراً.

وتابع البيان أن «الأعمال الإرهابية الكريهة التي ارتكبتها مجموعة الدولة الإسلامية منذ أن استولت على بلدة قراقوش، هي المظهر الأخير لجنون هذه المجموعة المدمرة»، وذكّر بضرورة حماية الطائفة الأزيدية المهددة كي تتمكن من البقاء في بلدها، مكرراً استعداد فرنسا لإتاحة اللجوء للذين يريدون مغادرة العراق.

وقال وزير الخارجية لوران فابيوس الذي اتصل بنظيره الأميركي جون كيري، إن بلاده «قلقة جداً»، نظراً إلى «الفظاعات» التي ارتكبوها بحق المدنيين، خصوصاً الأقليات الدينية. وأوضح أنه طلب عقد هذا الاجتماع العاجل «لتعبئة المجتمع الدولي للتصدي للخطر الإرهابي في العراق ولتقديم مساعدة وحماية للسكان المهددين».

من جهة أخرى، جدد النائب هيثم الجبوري، وهو أحد أعضاء «دولة القانون» المحسوبين على المالكي ولا يرتبطون بأحزاب الكتلة، مثل «حزب الدعوة» و «مستقلون» و «بدر»، تأكيد تمسك كتلته بالولاية الثالثة، لكنه اعترف بوجود من يرفض ذلك داخل الكتلة، واعتبر تلك الأصوات «قليلة وتمت السيطرة عليها».

وتوقع أن «يجدد أعضاء دولة القانون خلال الاجتماع تمسكهم بالمالكي مرشحاً لرئاسة الحكومة»، وقال إن «البقاء في التحالف، في ظل رفضه المالكي، بات أمراً صعباً للغاية، لأن الحوارات لم تصل إلى نتيجة».

التعليقات مغلقة.