«دستور كردي» يقترح «فدرالية» رداً على «مناطق» المسودة الروسية

184

814d70697a0d48f88994fff75dc03046الحياة- Buyerpress

تسلمت الخارجية الروسية من ممثل «الاتحاد الديمقراطي الكردي» بزعامة صالح مسلم، نسخة من «دستور كردي» اقترح قيام «فدرالية سورية» وشرعنة للقوات الكردية وإقامة علاقة دبلوماسية، رداً على مسودة دستور وضعها خبراء ومسؤولون روس اقترح «حكماً ذاتياً» لأكراد سورية و «جمعية مناطق» تضم صلاحيات واسعة بينها التشريع. وبدا أن «الاتحاد الديمقراطي»، الذي تعارضه أنقرة التي رعت مع موسكو مفاوضات أستانة الأسبوع الماضي، مرتاح لاعتماد المسودة الروسية اسم «الجمهورية السورية» بدلاً من «الجمهورية العربية السورية».

وسلم وزير الخارجية سيرغي لافروف معارضين خلال لقائهم في موسكو نسخة من «الدستور الروسي» ليكون على طاولة النقاش بعد إبلاغهم انزعاجه لمقارنته بـ «دستور بريمر» في إشارة إلى الحاكم المدني الأميركي بول بريمر بعد الاحتلال الأميركي في 2003. وقال لافروف، بحسب معارض: «نحن لسنا بريمر. والدستور ليس دستور بريمر» وأنه مجرد مشروع لاستعجال مناقشته بموجب القرار 2254 الذي نص على تشكيل «حكم تمثيلي وغير طائفي» لصوغ دستور جديد وإجراء انتخابات. واقترح أحد المشاركين تشكيل لجان مشتركة لمناقشة هذا الدستور.

ويأمل الجانب الروسي أن يكون هذا الدستور بنداً رئيسياً على طاولة مفاوضات جنيف التي تعقد نهاية الشهر المقبل بعد مشاورات المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا في نيويورك وواشنطن وبعد اجتماع روسي- تركي- إيراني في أستانة الأسبوع المقبل لتثبت وقف النار وإقامة آلية ثلاثية للرقابة، إضافة إلى حل عقد تشكيل وفد المعارضة بين ضغط موسكو لتشكيل «وفد موحد» وتمسك «الهيئة التفاوضية العليا» بدورها القيادي.

ونصت المسودة الروسية على إلغاء كلمة «عربية» من اسم «الجمهورية العربية السورية» وإلغاء اعتبار الفقه الإسلامي مصدراً للتشريع وإلغاء ذكر دين رئيس الجمهورية بأنه الإسلام. وأبقى على النظام الجمهوري في البلاد من دون اعتماد النظام البرلماني، لكن خفف صلاحيات رئيس الجمهورية لصالح إعطاء بعض الصلاحيات التنفيذية لرئيس الوزراء والمحكمة الدستورية العليا وضمان عدم تدخل الجيش والقوات المسلحة في العمل السياسي. وأظهرت دراسة المسودة، إعطاء صلاحيات تشريعية لـ «جمعية المناطق» التي تضم ممثلين عن مناطق في البلاد وقيام «حكم ذاتي كردي»، إضافة إلى قبول «التنظيمات المسلحة» إلى جانب الجيش السوري وإلى التأكيد على أن رئيس الجمهورية يلعب «دور الوسيط» بين السلطات المختلفة في البلاد.

وإذ رفضت فصائل المعارضة المسلحة تسلم نسخة من الدستور في أستانة، فإن الشخصيات المعارضة تسلمت نسخها في موسكو أول من أمس، في حين بعثت دمشق جملة من التعديلات كان بينها «إعادة سلطة التشريع إلى السيد الرئيس» وإلغاء «جمعية المناطق» ومناطق «الحكم الذاتي الكردي» والسماح بانتخاب رئيس الجمهورية الحالي لـ «ولايتين على التوالي» ما يعني أن يترشح الرئيس بشار الأسد لدى انتهاء ولايته في 2021.

غير أن اللافت أن «الاتحاد الديمقراطي» الذي ساهمت أفكاره في صوغ «المسودة الروسية» سلم خالد عيسى ممثله إلى حوار موسكو نسخة من «العقد الاجتماعي» لـ «فيديرالية شمال سورية». وقال عيسى أن هناك «نقاطاً مشتركة بين المسودتين، الكردية والروسية، بما في ذلك عدم تحديد قومية معظم سكان سورية أو دينهم، بل يقترح تسليم الصلاحيات لهذه الأقاليم لاتخاذ القرارات، إذ نص المشروع الكردي على منح صلاحيات أكبر لأقاليم البلاد»، منوهاً بـ «أمور إيجابية» في المشروع الروسي بينها «إزالة كلمة «العربية» من اسم الجمهورية السورية والتخلي عن تحديد دين رئيس الدولة»، بحسب موقع «روسيا اليوم».

جغرافيا وليس ديموغرافيا

وبدأ نص «العقد الاجتماعي»، الذي حصلت «الحياة» على نسخة منه: «نحن شعوب روج آفا (غرب كردستان)– شمال سورية من الكرد والعرب والسريان الآشوريين والتركمان والأرمن والشيشان والشركس، مسلمين ومسيحيين وإيزيديين وبمختلف مذاهبنا وطوائفنا، نعي بأن الدولة القومية جعلت كردستان وبين نهرين وسورية مركزاً للفوضى التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، وجلبت المشاكل والأزمات الحادة والمآسي لشعوبنا… ولأجل الخروج من هذه الفوضى نجد أن نظام الفيديرالية الديمقراطية هو النظام الأمثل لمعالجة القضايا التاريخية والاجتماعية والقومية في سورية». وأضاف: «الفيديرالية الديمقراطية لشمال سورية قائمة على مفهوم جغرافي (وليس مكونات ديموغرافية) ولا مركزية سياسية وإدارية، وهي جزء من الفيديرالية الديمقراطية السورية الموحدة» باعتبار أن «النظام الفيديرالي الديمقراطي التوافقي الذي يضمن مشاركة كل الأفراد والجماعات وعلى قدم المساواة في النقاش والقرار والتنفيذ ويراعي الاختلاف الإثني والديني».

وتضمن «الدستور الكردي» 83 مادة، بينها اعتبار الديباجة لـ «العقد الاجتماعي للفيديرالية الديمقراطية لشمال سورية جزءاً لا يتجزأ من هذا العقد»، إضافة إلى قسم مفاده: «أقسم بالله العظيم وبدماء الشهداء أن ألتزم بالعقد الاجتماعي ومواده وأن أحافظ على الحقوق الديمقراطية للشعوب وقيم الشهداء، وأصون حرية وسلامة وأمن مناطق الفيديرالية الديمقراطية لشمال سورية وأحافظ على سورية الاتحادية، وأن أعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية، وفق مبدأ الأمة الديمقراطية» التي تضم «أقاليم مبنية على الإدارات الذاتية الديمقراطية».

واقترح تشكيل «مجالس» و «هيئات تنفيذية» بحيث أن «مجلس المقاطعة هو الجهاز التشريعي المنتَخَب بالتصويت الحر للشعوب والمجموعات، ويرسم السياسات المعنية بعموم المقاطعة، ويتخذ القرارات اللازمة في هذا الشأن»، إضافة إلى انتخابه «مجلس المقاطعة هيئته التنفيذية» التي تدير الإقليم. وأضاف: «الإقليم في نظام «الفيديرالية الديمقراطية لشمال سورية»، هو وحدة الإدارة الذاتية المكونة من مقاطعة أو أكثر أو من عدة مناطق تجمعها خصائص متشابهة تاريخياً وديموغرافياً واقتصادياً أو ثقافياً، وتتميز بالتكامل والتواصل الجغرافي».

ونصت المادة 54: «تقوم أقاليم الإدارة الذاتية الديمقراطية بتنظيم نفسها وإدارة شؤونها وفق أسس الإدارة الذاتية الديمقراطية في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمن الداخلي والصحة والتعليم والدفاع والثقافة… وينظم كل إقليم نفسه وفق أسس الاكتفاء الذاتي في القطاع الاقتصادي»، علماً أن مناطق الإدارات الذاتية الكردية في الجزيرة وعين العرب (كوباني) وعفرين هي من أغنى المناطق في سورية من حيث الثروات الطبيعية: نفط، غاز، مياه، زراعة. وتابعت: «بإمكان كل إقليم تطوير وتكريس العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية مع الشعوب والبلدان المجاورة، بشرط عدم تناقضها مع العقد الاجتماعي للفدرالية»، إضافة إلى اقتراح تشكيل «مجلس تمثيلي للشعوب والمجموعات في كل إقليم يقوم بدور التشريع والرقابة ورسم السياسات العامة، مدة دورته الانتخابية أربع سنوات وينظم آليه عمله بقانون» وبين مهماته «إعلان حالة السلم والحرب في نطاق الفدرالية… وإقرار تعيين وترفيعات القيادة العامة للمجلس العسكري».

وتناولت المادة 64 «قوات الدفاع» وهي «قوات الدفاع المسلحة في «الفدرالية الديمقراطية»، وتعتمد على الانضمام الطوعي لأبناء الشعب من جهة وواجب الدفاع الذاتي من جهة أخرى. وهي مكلَّفة بالدفاع عن الفدرالية الديمقراطية لشمال سورية وفدرالية وحمايتها تجاه أي هجوم أو خطر خارجي محتمل». ويسمح هذا لتنفيذ العبارة الواردة عن «التنظيمات المسلحة» في المسودة الروسية، مع إشارة إلى وجود ثلاثة مواقع عسكرية تابعة للجيش الأميركي في مناطق سيطرة الأكراد دعماً لقتال «داعش».

وكان عيسى بين الذين ناقشوا نداء للمعارضة وجهته شخصيات معارضة بعد لقائهم لافروف الذي وضعهم «في صورة نتائج اجتماعات آستانة التي ثبتت اتفاق وقف إطلاق النار ما ينعكس إيجاباً على المسار السياسي المأمول وتنفيذ القرار ٢٢٥٤». وأضاف النداء: «وضعنا الجانب الروسي في صورة الأفكار الدستورية التي وزعها وأكد لنا أنها مجرد أفكار للنقاش بين السوريين ولا يسعى لفرضها بأي شكل كان لأن الدستور شأن سوري – سوري» للوصول إلى «عملية الانتقال السياسي وفق ما جاء في تفاهمات جنيف 2012 والقرار 2118».

وبين الذين ناقشوا النداء رئيس «جبهة التغيير والتحرير» قدري جميل وممثلا «منصة القاهرة» جمال سليمان وجهاد المقدسي. وأضاف: «توافقنا على توجيه نداء إلى كل طيف المعارضة السورية بما فيه ممثلو منصات المعارضة المعترف بها في القرار ٢٢٥٤ لمتابعة التواصل والحوار الجاد لتشكيل وفد عادل التمثيل ووازن ومقبول من دون إقصاء أحد من دون هيمنة أحد للتفاوض مع وفد النظام تحت مظلة الأمم المتحدة… لإنجاح الجولة المقبلة في جنيف على قاعدة تنفيذ القرار الدولي ٢٢٥٤ وبيان جنيف».

ولم يلب ممثلو «الهيئة التفاوضية العليا» و «الائتلاف الوطني السوري» وشخصيات أخرى دعوة الخارجية الروسية للمشاركة في الحوار. وتتمسك «الهيئة» بقيادة وفد المعارضة إلى جنيف. وأظهرت مفاوضات جنيف بداية العام الماضي اتفاق ممثلي الحكومة و «الهيئة» على رفض الاقتراح الكردي بقيام «فدرالية»، لكنهما أيدا النظام اللامركزي وتوسيع صلاحيات الإدارات المحلية على أساس جغرافي وليس المكونات

التعليقات مغلقة.