صالح مسلم لـ«الوطن»: «أنقرة» تحتل جزءاً من سوريا للحفاظ على
الطريق مفتوحاً بينهم وبين «داعش» بـ«الرقة»
كشف رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي pyd في سوريا، صالح مسلم، عن تشكيل لجنة دولية للتحقيق في علاقة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بتنظيم «داعش» الإرهابي و«جرائمه» بحق الأكراد، وأضاف، فى حوار لـ«الوطن»، أن مذكرة اعتقاله الصادرة في تركيا صدرت من «محكمة غير عادلة»، معتبراً أنها تأتى في محاولة للتضييق على القوات الكردية التي تراجع أمامها التنظيم الإرهابي «الحليف» للأتراك.
بداية، كيف قرأت قرار السلطات التركية إصدار مذكرة اعتقال بحقك مؤخراً؟
المذكرة الصادرة بحقي ليست صادرة عن محكمة عادلة، المحكمة التي أصدرت القرار ليست مستقلة، وإنما تأتمر بأمر السلطان أردوغان، هو الذي أمرها بإصدار هذا القرار، وفيها اتهامات ملفقة وغير جادة، فهم يتهموننا بالتورط في حدث إرهابي وقع في العاصمة التركية «أنقرة» في فبراير ونحن استنكرنا وقتها تلك العملية الإرهابية، وأكدنا لهم أنه ليس لنا علاقة بما يدور ويجري داخل تركيا، لذلك هي تهم ملفقة.
ما السبب لإصدار تلك المذكرة في هذا التوقيت؟
عندما يرى الرئيس التركي «داعش» متراجعة سواءً في «الرقة» أو في مناطق الشهباء يبدو أنه يريد التضييق علينا بعض الشيء، ولكن بالطبع لن يفلح. الجميع يدركون أبعاد هذه المذكرة وما إلى ذلك، وأعتقد أن لا أحدا سوف يتعامل مع تلك المذكرة بجدية.
هل تعتقد أن بعض الدول ستستجيب لتلك الدعوى القضائية؟
لا أعتقد أن الدول ستتبنى ذلك، ولكن لا ندري ربما لديهم مخططات أو لهم علاقات ببعض القوى التي سيستخدمونها، ولكن أعتقد أن تركيا أفلست، فهي تتعامل مع أوروبا على أساس الابتزاز، بمعنى أنها تبتز أوروبا، ولهذا دبلوماسيتها استفزازية أعتقد أنها لن تفلح فيما تريد تحقيقه من ذلك الإجراء، وأنا مواطن سوري ولست مواطناً من تركيا، لديّ هويتي السورية وأدافع عن شعبنا السوري، ولا يحق للرئيس التركي التدخل في الشأن السوري، وهذا الاتهام ليس لدينا أية علاقة به والجميع يعلمون ذلك.
القوى الدولية تنتظر مَن سيحسم المعركة في «حلب» لاستئناف المفاوضات.. والفصائل المحاصرة تدعمها «أنقرة»
السلطات التركية اعتقلت قادة أكراد داخل تركيا، ثم تصدر بحقك مذكرة اعتقال، ما تعليقك على هذا الأمر؟
الرئيس التركي يدعى الديمقراطية، وهو يحاول أن يتجاهل هؤلاء (الأكراد) الذين انتخبوا بنحو 6 ملايين صوت، الآن البرلمان التركي مصاب بالشلل فلا يستطيع القيام بواجبه، والحجّة من وراء كل ذلك هي محاربة الأكراد أينما كانوا سواء في «روج آفا» بسوريا أو في تركيا أو أيّ مكان، الهدف بات واضحاً والكل يدرك ذلك، هو ليس ديمقراطياً ولن يكون ديمقراطياً بهذه التصرفات، هو يريد أن يكون سلطاناً وأعتقد أن هذه أماني لن تفلح أيضاً.
قلت إن قرار السلطات التركية بحقك محاولة لتضييق الخناق عليكم بعد ما حققتموه من تقدم على «داعش»، هل ترى أن هناك تعاوناً بين التنظيم والرئيس التركي؟
نعتقد أن تركيا شاركت في تأسيس هذا التنظيم الإرهابي، وهي لن تتخلى عنه ببساطة ما دام يحارب الأكراد، وتدخلت في سوريا عندما وجدت التنظيم ضعيفاً أمام دفاع الأكراد عن أنفسهم في «منبج» والمناطق الأخرى، ولهذا احتلالها جزءاً من سوريا هو في سبيل أن يبقى الطريق مفتوحاً بينهم وبين «داعش» في معقله بـ«الرقة»، لأن «قوات سوريا الديمقراطية» أو «التحالف الدولي» كانا بصدد إغلاق هذا المنفذ بينهم وبين تركيا. الآن عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي التى تنهزم في مدينة «الموصل» العراقية تنتقل إلى مدينة «الرقة»، معقل التنظيم الإرهابي في سوريا، ثمّ من «الرقة» تنتقل إلى تركيا ومنها إلى الخارج والدول الأخرى، نحن إذا تمكنّا من إغلاق هذا المنفذ سيختلف الوضع تماماً، ولهذا نحن نعتقد أن احتلال تركيا أراضي سورية هو في سبيل الدفاع عن «داعش» وليس شيئاً آخر.
برأيك إلى أي شيء ستؤدي تلك المواجهة من قبَل السلطات التركية تجاه الأكراد سواء في الداخل أو الخارج؟
الأمور ستنتهي بحل القضية الكردية، الرئيس التركي لن يستطيع القضاء على نحو 25 مليون كردى في تركيا أو الأكراد خارج تركيا، ويجب أن يكون هناك حل للقضية الكردية بأيّ شكل من الأشكال، وتركيا لن تحتمل هذا الصراع وهذا التوجه، ولهذا نحن نعتقد أن توجهات «أردوغان» تضر بتركيا أكثر من غيرها، وهو عندما يقوم بمساعدة «داعش» والتدخل في سوريا، يريد الفرار إلى الخارج بدلاً من المشكلات الداخلية في تركيا، يعنى هناك الآن حرباً داخلية في تركيا، ربما أنتم شاهدتم مثلاً المشاهد في مدينتي «جيزرة» و«شرناق» وغيرهما وهى المشاهد لا تختلف عن مشاهد الدمار التى خلّفها «داعش» في مدينة «كوباني» السورية من دمار وخراب، وسط حديث عن اعتقال آلاف الأشخاص وهذه الأمور ليست حلاً.
لكن ألا تستوجب الأمور التي ذكرتها أن تكون هناك مطالب بمحاكمة دولية للرئيس التركي إذا كان ما قلته صحيحاً؟
أعتقد أن هناك لجنة دولية تشكلت لإقامة دليل على هذه التصرفات، وربما سيحققون في مسألة دعم الرئيس التركي لتنظيم «داعش» والجرائم التي يرتكبها هو، هذه اللجنة ستحقق في هذا الأمر لجمع الأدلة اللازمة لفتح قضية بحق الرئيس التركي.
«أردوغان» طلب منا الانضمام إلى ائتلاف المعارضة السورية لكننا نشترط الاعتراف بنا أولاً
لجنة كردية؟
لا أعلم، ولكن أعتقد أنها لجنة دولية وليست كردية.
هل تعتقد أن هذا سيؤثر على علاقة «أنقرة» بدول «الاتحاد الأوروبي»؟
ربما نعم.
ما آخر التطورات فيما يتعلق بإقامة كيان فيدرالي في إقليم «روج آفا» بسوريا؟
هناك معارك تدور سواء في «الرقة» أو في «الشهباء» هذا من ناحية، ومن الناحية الأخرى هناك المكونات التي تقوم بترتيب بيتها من حيث التعليم والمدارس وبناء ما تم تدميره، يحاولون من خلال الإمكانيات المتواضعة أن يقدموا أنفسهم وأن يعيدوا بناء ما تمّ تدميره، هذا هو الوضع في «روج آفا».
ما الذي حققته «قوات سوريا الديمقراطية» في مواجهة تنظيم «داعش» حتى الآن؟
وصلوا إلى مناطق قريبة من «الرقة»، حسب متابعتي وصلوا إلى مناطق تبعد نحو 25 كيلومتراً عن المدينة، وأعتقد أن «قوات سوريا الديمقراطية» بصدد حصار «الرقة»، هم بصدد إنهاء المرحلة الأولى، والمراحل التالية تأتى فيما بعد.
القوات الكردية متهمة بتهجير العرب من بعض المناطق التي يدخلونها، ما ردك على ذلك الأمر؟
نحن نتحدث عن «قوات سوريا الديمقراطية» التي هي مكوّنة من الأكراد والعرب والسريان وغيرهم، ربما أكثر من 50% من تلك القوات ليسوا من الأكراد، ولكن الأكراد هم أيضاً موجودون في قوات حماية الشعب، وهذه الأمور لم تحدث.
فيما يتعلق بملف الأزمة السورية، برأيك إلى أي شيء ستصل مسألة جمع الأطراف المتصارعة لتتفاوض مرّة أخرى؟
ربما القوى التي تحدد المفاوضات هي القوى الدولية وتنتظر تغييراً يحدث على أرض الواقع، خاصة في مدينة «حلب»، ربما ينتظرون ما سيحدث ثم يقررون ماذا سيفعلون.
هل ينتظرون من سيحسم المعارك في المدينة؟
نعم في مناطق «حلب» بالتحديد، أو على الأقل حدوث بعض التغيرات على الأرض، حتى يبدأوا استئناف المفاوضات.
لكن في رأيك، هل يستطيع الجيش السوري إنهاء المعارك ف «حلب» لصالحه؟
لا أعتقد، النظام السوري لم يعد له قوات سورية، وإنما هناك قوات إيرانية وقوات «حزب الله» والروس يساندونه، وأعتقد أن الفصائل المحاصرة الآن في «حلب» هي التي كانت مدعومة من تركيا، ولذلك الأتراك يريدون إخراجهم من «حلب».
هل رصدتم في الفترة الأخيرة أي صور للدعم قادم من تركيا إلى تنظيم «داعش»؟
على أرض الواقع لم نجد، لكن حسب الأنباء المسربة فإن التواصل بين تركيا و«داعش» يكون من خلال تسليم الأسلحة بطرق مختلفة، مثلاً يزودون بعض الوحدات الشكلية بالأسلحة، وهؤلاء يشتبكون شكلياً مع «داعش» ثم يتركون أسلحتهم ويفرون، حتى لا يقال إنهم يقدمون الدعم بالأسلحة بشكل مباشر إلى التنظيم الإرهابي، يتركون الأسلحة التي بين أيديهم ويفرون..
هى حيلة جديدة؟
لا، فهذه الحيلة كانت قد حدثت في الماضي، عندما سلّموا أسلحة العراق إلى تنظيم «داعش»، وعندما سلّموا أسلحة الجيش السوري الحر إلى «داعش» من بوابة «باب الهوى» وهذه الأمور في أغلبها تتكرر، الآن يكررونها.
سافرت إلى تركيا منذ نحو سنتين والتقيت مسؤولا كبيراً وبعد ذلك بدأت المشكلات تظهر بينك وبينهم، وضّح لنا ما جرى؟
لم يكن الأمر بهذا الشكل، كانت هناك لعبة من قبل الأتراك بأنهم حاولوا أن يوهمونا ببعض الأمور ولم يفلحوا، نحن كنا جادين وهم لم يكونوا كذلك، هم فقط أرادوا التلاعب ونحن لم نستسلم لألاعيبهم.
ماذا تقصد بأنهم كانوا يتلاعبون بكم؟
كانوا يريدون التعامل معنا تكتيكياً، يظهرون أنهم سيتعاملون معنا مباشرة ولكن الحقيقة لم تكن كذلك.
وأيّ مقابل لهذا التعامل الذي كانوا يريدونه؟
مثلاً يحاولون جرّنا إلى الاستسلام والدخول إلى المجلس الوطني السوري أو ائتلاف المعارضة، وموقفنا بأن الائتلاف يجب أن يعترف بالوجود الكردي أولاً وهم لا يريدون ذلك، هم فقط أرادوا منّا أن نكون منحازين للائتلاف، ونحن لم نقع في هذه اللعبة ولن نقع فيها.
ولهذا بدأت العلاقات تتوتر بينكم وبين تركيا؟
سوء نيّة من جانبهم تسبب فيما حدث، فلم يكن هناك حسن نيّة.
التعليقات مغلقة.