تحتضن مؤسسات ألمانية الشباب المقيمين والقادمين الجدد لتساعدهم على
الاندماج وصقل مواهبهم، ومن ضمن هذه المؤسسات ناد برليني يقدم الدعم والمساعدة للرياضيين الناشئين.
بينما كنا داخل فضاء نادي كرة القدم الذي يحمل اسم “الأبيض والأزرق” في حي شبنداو البرليني، إذ السوري خالد البالغ من العمر 16 ربيعا كان بانتظارنا كما اتفقنا.
كان هذا الشاب السوري واقفا بين رفاقه مرتديا كبقية رفاقه بدلته الرياضية البيضاء والزرقاء اللون. لقد كان هذا اللون طاغيا على غالبية الأطفال والشبان الموجدين في الملعب.
بدأني خالد بالتحية مبتسما قائلا: “كما ترون أزور النادي الرياضي بانتظام و بسرور، لا ألتقي هنا رفاقي في للتدريب للمباراة القادمة فحسب، بل أيضا للمرح وتبادل أطراف الحديث.”
كانت هذه الكلمات الأولى التي قالها لي الشاب وهو يلقي بنظراته نحو رفاقه المتجمعين في الملعب قبل انطلاق حصة التدريب.
ليس خالد الشاب واللاعب السوري الوحيد الذي يلعب في نادي ” بلاو فايس شبنداو” بل هنالك أيضا مجموعة من الأطفال والشباب اللاجئين السوريين والعراقيين بل هنالك آخرون من أصول عربية يترددون بانتظام وباتوا اليوم من اللاعبين البارزين في أندية معروفة، كما قال لي اللاعب أمين التونسي الأب.
وأضاف الشاب أمين “أنا سعيد بتواجد هؤلاء الشباب بيننا من بين المجموعة من السوريين الجدد، لاعبون يحذقون كرة القدم من بينهم من سيغادر الفريق في الموسم الرياضي القادم ليذهبوا إلى فريق برليني آخر ينتمي إلى ترتيب أعلى في البطولة المحلية وبالتالي سيتحولون من هواة إلى محترفين”.
مهارات رياضية لكنها مغمورة
يعد نادي شبانداو الذي أسس سنة 1903 من أعرق الفرق البرلينية المحلية لكن بالرغم من الصعوبات المالية التي يواجهها، لا يزال يستقطب أعدادا لا يستهان بها من الناشئة الذين يريدون التمتع باللعبة الشعبية.
التواجد العربي في النادي البرليني ليس جديدا بالرغم من قلة عدده، مقارنة بالشبان من ذوي الأصول التركية على سبيل المثال.
اليوم وبعد استقطاب أعداد من الشباب اللاجئين من السوريين والعراقيين أضحت الناشئة العربية من الشباب في النادي تحتل عدديا موقعا معتبرا، زد على ذلك التألق والتميز للبعض منهم مما جعلهم يحظون باحترام ومحبة الآخرين، هذا ما قاله لنا السيد آندي مدير النادي الرياضي بعد أن مدنا بلمحة وجيزة عن نشأة النادي والدور الذي يضطلع به هذا الأخير وفي هذا الحي.
وحول تأقلم ناديه بالوضع الراهن الذي تعرفه برلين وحي شبنداو على حد سواء أن النادي أسرع في الانفتاح على محيطه من خلال استقبال وإدماج عدد من الأطفال والشبان العرب من اللاجئين القاطنين في المبيتات الجماعية القريبة من موقع النادي الرياضي.
واستمر مدير النادي يقول محدقا في حصة تدريبية تجري أثناء حديثنا على أرضية الملعب:”أجل رحبنا بالضيوف من اللاجئين الصغار والشباب ويعود الفضل في ذلك إلى أحد الناشطين معنا من العرب والتعاون المثمر مع إدارة المبيتات الجماعية التي سهلت إدماج هؤلاء المتعطشين للعب من الصغار والكبار. ونحن من جانبنا نسعى بكل ما لدينا من جهود لتوفير الجو الملائم لهم للمرح وتعلم كرة القدم على قواعدها الأساسية بعيدا عن صخب وصعوبة العيش في المبيتات الجماعية.”
ويقوم النادي بمد جسور متينة بينه وبين الأولياء بدعم بعض المتطوعين من أصول عربية كمترجمين حتى يمر العمل الثنائي بين النادي والعائلة في ظروف ملائمة ومثمرة.
ويرى السيد آندي في احتضانه لهؤلاء مكسب كبير لطاقمه الرياضي مؤكدا على وجود عناصر رياضية متألقة سيما من بعض السوريين مثل خالد الذي يلعب في فريق الأشبال، وان له مستقبل كروي كبير إن ظل على هذا المستوى، مؤكدا على ضرورة صقل مواهبه من لدن مدربين ماهرين.
إشادة بـ”القادمين الجدد“
الصدى الذي سمعناه ولاحظناه في كواليس النادي حول الشبان من أصول عربية وحول الضيوف السوريين الجدد كما يريق للبعض وصفهم، سواء كان ذلك من قبل المدربين أو اللاعبين أو المنظمين كان إيجابيا.
وفي هذا الصدد أضاف السيد أندي قائلا:” لقد اثبت الشباب العربي واقصد هنا خاصة اللاجئين منهم، أنهم يريدون التأقلم بسرعة في محيطهم الجدي، من خلال السرعة الفائقة في تعلم اللغة التي كانت في البدء حاجزا كبيرا بيننا. لقد أضحوا اليوم يتكلمون معنا جميعا باللغة الألمانية، ومثل غيري من طاقم العمل هنا، من مدربين ومنسقين نحي فيهم حسن أخلاقهم وتربيتهم بالرغم مما عاشوه من عذاب وآلام وهم في طريقهم إلى ألمانيا، ناهيك عن وضعهم الحالي في المبيتات الجماعية المؤرقة.”
تطلع نحو المستقبل
لاشك أن النادي يسهر على دعم الأطفال في الحقل الرياضي ليس فقط لصقل المواهب بل كذلك لدعم التنوع الاجتماعي الذي تعرف به مدينة برلين ناهيك عن مكافحة الأفكار المسبقة والعنصرية.
اللاعب المحترف البرليني من أصول تونسية ولاعب إتحاد فرنكفورت أنيس بنحتيرة يتردد على نادي شباندو بين الفينة والأخرى للحديث مع الشباب وحثهم على مواصلة تعليمهم ونبذ العنف والعنصرية.
ويقول الشاب التونسي أمين المولع ببنحتيرة ضاحكا:” أنا أعشق هذا اللاعب وفخور به لأنه مثلي، أصوله تونسية. لقد تمكن من بلوغ الشهرة على الصعيد الاتحادي، كما أعشق كذلك لاعب المنتخب الألماني وريال مدريد ذا الأصول التونسية بنخضيرة الذي بلغ الذروة في عالم كرة القدم. أتمنى أن أكون مثله يوما ما.”، ثم أخرج الشاب هاتفه المحمول ليرني بفخر والابتسامة لا تفارق وجهه صورة أخذها يوما ما مع اللاعب بنحتيرة.
من جانبه يرى اللاعب السوري المتألق خالد البالغ من العمر 17 ربيعا، على عكس رفيقه أمين، في مسعود أوزيل لاعب المنتخب الألماني من أصول تركية، مثالا يحتذى به ويقول في ها السياق: “أتمنى أن أكون مثل هذا اللاعب المتألق، كما أود حذو خطاه عسى أن أكون يوما لاعبا محترفا مثله.”
DW
التعليقات مغلقة.