بعد انتهاء مؤتمرها.. “المبادرة العالمية للسلام في سوريا” توجه نداء للسوريين
نص نداء المبادة العالمية للسلام في سوريا بعد الانتهاء من مؤتمرها تحت عنوان “من أجل محددات دستور سورية المستقبلي” والذي انعقد في قلعة السلام في شلايننغ بالعاصمة النمساوية فيينا:
” تعيش سورية صراعاً دامياً تتداخل فيه أطرف محلية وإقليمية ودولية, حيث لم يعد الصراع بين السوريين أنفسهم فقط, بل أصبحت الساحة مكوناً لتصفية الحسابات وإرسال الرسائل الدموية وملعباً للأجهزة المختلفة. حيث أن الدولة السورية تمر بمرحلة مخاص عسير وبما لا سابقة له تتعلق وبموقعها وتاريخها وهويتها, وخصوصية النسيج الاجتماعي فيها وما أصابه من وهن, وجعله عرضةً للتحطيم ونسف القيم المؤسسة للمواطنة فيه, والنكوص به إلى عصوبات ما دون المواطنة, بالتالي تعرضه للتجريد من وسائل الحماية والتطور, مما يسهل عمليات الاختراق والسطيرة عليه.
وهذه المأساة توجب علينا الدعوة لعقد مؤتمر موسع بالقدر الممكن موضوعياً, من الشخصيات السورية المعبرة عن التنوع الوطني السوري على الصعيد الديني والأثني والمناطقي, ممن يتمتعون بالمصداقية والقدرة على التعبير عن هواجس السوريين مهما تباينت رؤاهم السياسية على خلفية حق جميع السوريين المشاركة ببناء سورية والوقوف على كلمة سواء بينهم.
وعليه فقد رأينا البدء بالدعوة لهذا المؤتمر لمناقشة مجمل القضايا المتعلقة بالحل, ودور المكونات متباينة التجربة فيما بينها ونظرة كل منها الجمعية السورية, وتجليات تلك النظرة في مسائل عدة بالأغلب الأعم دستورية وحقوقية حيث أنه من المتعذر موضوعياً حضور السوريين جميعاً بالمعنى الشخصي, لذلك اقتضى الأمر أن يكون السوريون حاضرين بالمعنى الموضوعي عبر هذه المسائل التي تهمهم جميعاً وتشكل هواجس لديهم حضوراً سيساهم به من يستطيع تحمل عناء التعبير والقدرة على المشاركة وما تسمح له ظروفه.
لا يمكن لأي شخص أو جماعة اقتراح حل للوضع السوري وافتراض نجاحه, مهما بدا هذا الحل منطقياً ويحقق مصالح الجميع أفراداً وجماعات ومن كل المكونات السورية, وذلك أن الوضع السوري معقد بدرجة كبيرة ومتداخل مع مشاكل أخرى حول العالم, وكثرت الأيادي اللاعبة التي تسعى لتحقيق مصالحها, التي لربما تلتقي أو تختلف أو تعادي المصلحة الوطنية السورية.
والطريقة الأكثر ديمقراطية وأكثر احتراماً للانسان, نراها من خلال وضع محددات دستورية بالتوافق بين أبناء الوطن, موالاة ومعارضة, بحيث تعبر عن آمال السورين وتطلعاتهم وتعبر بالبلاد من مرحلة الصراع والاضرابات والتحديات الأمنية والنفسية والاجتماعية وغيرها، والمعيار الأول هو وقف نزيف الدم السوري وإيجاد حل يؤسس لبناء دولة جديدة يختارها السوريون جميعاً باتفاقهم وجلوسهم سوياً على طاولة مفاوضات واحدة, إن مسار الحل المقترح في هذه المبادة طريق باتجاه واحد, يوصل بالضرورة إلى دولة مدنية وديمقراطية حرة, تضمن المواطنة الكاملة لجميع أفرادها وتقيم أفضل العلاقات مع دول العالم, وتوسس لرؤية عالمية لمكافحة الإرهاب وفق منظور جديد يتيج إيجاد حل جذري له وضمان عدم العودة له.
ولا بد من وضع خطوات واقتراحات قابلة للتطبيق للوصول إلى الحل, من خلال تكاملها وضمان موافقة كل طرف مع عدم تجريده من امتيازاته على الأرض وعدم تحقيق قيمة مضافة لطرف على آخر من خلال تراتبية هذه الخطوات, ويعتمد نجاحنا بالوصول إلى الأهداف المرجوة على نجاح كل من هذه الخطوات لتكاملها, آخذين بعين الاعتبار مصلحة الوطن السوري بالدرجة الأولى من خلال تنازلات سيتم تقديمها من جميع الأطراف, دون المساس بحقوق الوطن والمواطنين وممن تضرروا جراء الوضع الكارثي الذي مرت به سورية.
وبناء على حق الشعب في تقرير مصيره, والتعببير عن الالتزام بقيم المواطنة ومعاييرها القانونية, والأنضواء في إطار نظام عام يكفل الحريات العامة والمساواة بين المواطنين جميعاً, لا امتياز ولا تمييز ولا تهميش ولا إقصاء ندعوا إلى نظام عام يصون الحقوق الإساسية للإنسان بقوانين عامة وخاصة, من أول الدستور الذي ينبض بروح الحرية والمساواة والعدالة المستمدة من العقد الاجتماعي والوطني إلى آخر القوانين الخاصة التي تظم حياة المواطنين في مختلف المجالات من قوانين الأحوال الشخصية والمدنية والجزائية وحتى التشريعات التي تنظم عمل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية وترسم حدود الفصل بين تلك السلطات وبناء مؤسسات وطنية تعتمد في شغل وظائفها العامة معايير الكفاءة وتكافؤ الفرص بين المواطنين, دون أن تفرق بينهم على أساس العرق أو الدين أو الطائفة أو المذهب أو العائلة أو المركز الاقتصادي أو المنطقة الجغرافية وتسليط الضوء على الشخصية السورية وعظمة الإنسان السوري, بما يعمق الثقة بالنفس ويرتفع بالروح المعنوية السورية ويوضح دور السوريين في الحضارة الإنسانية والتأكيد على التنوع في نسيج سورية الاجتماعي.
هذه مسائل لبدء البحث الدستوري عن المشتركات بعوامل الغنى المتنوعة, آملين قيام سورية بعد هذه الكارثة التي نأمل أن نبدأ بوقفها عبر البدء بالنظر إليها كتجربة مريرة دفعنا ثمنها كثيراً وغاليا وحان الوقت للبدء من الممكن الآن ليكون المتاح غداً من أجل مستقبل لنا كبشر أولاً وكسوريين ثانياً.”
التعليقات مغلقة.