صالح مسلم: سوريا المركزية انتهت إلى غير رجعة
منذ اندلاع الأزمة السورية قبل 5 سنوات برز اسم صالح مسلم كشخصية استثنائية في المشهد السوري. تولى رئاسة حزب الاتحاد الديموقراطي (PYD) – منذ عام 2010. وما ان اندلعت الثورة حتى عاد برفقة نشطاء آخرين ليشارك فيها، ويصبح أقوى صوت كردي في سوريا، وساهم في تأسيس هيئة تنسيق قوى التغيير الديموقراطي في دمشق وأصبح نائبا لمنسقها العام.
برز المهندس والسجين السابق كمعارض إشكالي مع الجميع، اذ يختلف السوريون حول مدى ولائه للثورة أم للنظام، لكنه نجح في نقل حزبه نقلة نوعية اظهرته كقوة أساسية على المسرح السوري. وظلت قوة وحدات حماية الشعب التابعة لحزبه تتنامى حتى باتت تمثل رأس الحربة بالنسبة للتحالف الدولي والولايات المتحدة في مقاتلة تنظيم داعش.
ومع سيطرت وحدات الحماية على مناطق واسعة في شمال سوريا، بدأت الأسئلة والاتهامات تتزايد حول خيارات صالح مسلم المستقبلية. وجاء الإعلان أخيرا عن قيام إقليم كردي فدرالي «روج افا»، ليزيد من الحديث عن النزعة الانفصالية لديه وعن تخطيطه لإقامة دولة كردية تشكل البوابة لتقسيم سوريا.
في حديثه لـ قبس يؤكد أن حزبه لا يفكر مطلقا في إقامة دولة كردية ويرفض تقسيم سوريا، ليشدد على ان مصلحة الشعب الكردي بقاء سوريا موحدة؛ يتمتع فيها الجميع بحقوقهم الديموقراطية. ويرى زعيم الحزب الديموقراطي أن سوريا المركزية المتصلبة التي نعرفها انتهت الى غير رجعة، وأن المشروع الذي يعملون عليه «سوريا جديدة موحدة ضمن نظام فدرالي»، مشيرا الى ان هذا المشروع بدأ من إقليم «روج افا»، متمنيا ان ينتهي في درعا والساحل.
ويقول : من يرفض نظام اللامركزية فليأتنا بحل آخر تجتمع حوله كل مكونات الشعب. ويرفض اتهامات المعارضة لوحدات الحماية بالتحالف والتنسيق مع النظام السوري، مؤكداً ان «من يعتدي علينا سنتصدى له».
وحول استبعادهم من مفاوضات جنيف، يؤكد صالح مسلم ان حزبه يمثل اغلبية الشعب الكردي، وهو طرف أساسي موجود في السياسة وعلى الأرض، متهماً تركيا وغيرها باستبعادهم من المفاوضات؛ لأنهم «لا يريدون الحل السياسي بل استمرار المعارك والمجازر».
وفي ما يلي تفاصيل الحوار مع صالح مسلم:
● ما ردكم على من يقول إن التقسيم في سوريا قد بدأ من البوابة الكردية بعد إعلان الاكراد «روج افا» إقليما فدراليا؟
– هذا الكلام يجافي الحقيقة، ولا نقبل ان يقال ان تقسيم سوريا بدأ من البوابة الكردية، ولن نرضى بسوريا مقسمة، بل نعمل على خلق سوريا جديدة يتمتع فيها الجميع بحقوقهم الديموقراطية الطبيعية، من جميع المكونات العرقية والعقائدية. سوريا يجد فيها الجميع حريته. والخطوة التي قمنا بها ربما ليست الأولى، لكنها خطوة على هذا الطريق الذي نريده لسوريا.
● إذاً انتم لا تطمحون إلى إقامة دولة كردية في شمال سوريا.
– مطلقاً، نحن نسعى الى سوريا موحدة نكون جزءا منها يتمتع بكامل حقوقه الديموقراطية. وحتى إن راودت بعض الأطراف هذه الفكرة فنحن نرى ان مصلحة شعبنا بقاء سوريا موحدة.
● تقريباً العالم أجمع على رفض الخطوة التي اقدمتم عليها، كذلك النظام والمعارضة اتفقا على رفض الإقليم الجديد، الا تعتقدون ان مشروعكم قد انتهى قبل ان يبدأ او على الأقل سيواجه صعوبات كبيرة؟
– نحن نراهن على صحة المشروع الذي قمنا به، فللموضوع خلفية، وجاء ادراكاً منا بأن سوريا لن تعود الى سابق عهدها، فالدولة المركزية المتصلبة انتهت الى غير رجعة، سواء في ظل البعث او في ظل السلفيين، لن يقبل الشعب السوري العودة الى هذا الامر.
منذ البداية نحن نؤكد صحة خيارنا، ففي عام 2012 استطعنا تحرير مناطقنا من النظام، وهذا الأمر لم يعجب بعض الاطراف، وفي 2013 بدأنا تطبيق مشروعنا للإدارة الذاتية الديموقراطية في ثلاثة كانتونات توافرت لنا، أسسنا فيها مؤسساتنا بما فيها وحدات حماية المرأة ووحدات حماية الشعب وما الى ذلك. ثم توسعت هذه الرقعة حيث انضمت اليها بعض المناطق الاخرى، مثل الشدادي ومناطق شمال سوريا، فكان لا بد من وضع تصور جديد، وهذا ليس تقسيماً وانما إدارة جديدة للمناطق المحررة، سميناها الاتحاد الديموقراطي (روج افا وشمال سوريا)، وهذه المناطق المحررة ستحكمها سلطة منتخبة، وستوضع الأسس لكيفية العلاقة بين المكونات في هذه المناطق.
ما قمنا به لا ندعي انه يمثل كل سوريا، ولكن كلما تتحرر منطقة، او أي منطقة تريد الانضمام الينا في المستقبل فإن اتحاد سوريا الديموقراطية سيكون لجميع المكونات.
ومشروعنا لسوريا الجديدة يبدأ من عندنا وسينتهي في درعا والساحل ان شاء الله.
الأميركيون والروس وهيثم مناع
● كيف تردون على من يتهمكم بالتنسيق مع النظام والروس، حيث كان لافتا توقيت اعلان الإقليم الفدرالي بالتزامن مع الانسحاب الروسي؟
ــــ المشروع الفدرالي الذي اعلنا عنه ليس وليد اللحظة، فالإدارة الذاتية الديموقراطية بدأت في 2013، الآن مرحلة اخرى، والاتحاد الذي نتكلم عنه بدأ قبل نحو 4 اشهر بعد تحرير تل ابيض، كنا نبحث عن صيغة تجمع المكونات، فالديموقراطية تأتي من القاعدة أي من الشعب وليس من الأعلى. والشدادي على سبيل المثال اليوم فيها مجلس مدني يديرها، وهؤلاء هم من يقررون كيف تكون العلاقات بين الأطراف. ومشروع الإقليم الفدرالي لم يفرض من احد.
اما بالنسبة الى الروس والأميركيين فهما لا يعترضان على مشروع سوريا الجديدة ولا على اللامركزية، ومن ير انه لا يمكن إقامة نظام لامركزية في سوريا وأن هذا ليس حلا، فليأت لنا بحل اخر تجتمع فيه المكونات على نظام واحد. نعتقد ان ما نقوم به هو السبيل الوحيد للحفاظ على سوريا موحدة متكاملة، ومن يأت بغير ذلك فليطرح البديل.
طرحنا هو سوريا موحدة ضمن نظام فدرالي يشمل جميع مكونات الشعب. وهذا ليس عيبا، الاميركيون الروس لاموننا، قلنا لهما عندكم نظام فدرالي. فسكتوا.
● لماذا نحن السوريون لا نختار الفدرالية التي تناسبنا، وتجمعنا في قلب واحد هو سوريا< كيف تنظرون الى موقف حليفكم هيثم مناع الذي انتقد هذه الخطوة؟
ــــ السيد هيثم مناع صديق عزيز، وآراؤنا معه متناسبة، لكن وجهات النظر قد تختلف في بعض الأحيان. ونعتقد ان الدكتور هيثم يرى ان مسألة التوقيت غير مناسبة، ولكننا نرى ان هذا هو الوقت المناسب. بالطبع المبادئ مشتركة مع السيد مناع، وسوء الفهم سيزول في القريب العاجل.
● هناك أيضا بعض الجهات الكردية التي ترفض سياساتكم، هل تدعون انكم تمثلون كل اكراد سوريا؟
ــــ نحن لا ندعي ذلك، ولسنا لوحدنا، وعندما نتحدث عن قوات سوريا الديموقراطية فالاكراد ربما يكونون العامود الفقري لها ولكن يوجد فيها تنوع. كذلك مجلس سوريا الديموقراطية لا يضم الاكراد وحدهم.
وحزب الاتحاد الديموقراطي وحركة المجتمع الكردي لا يمثلان كل الاكراد، وهناك اكراد بانتماءات مختلفة. ومن يسوق هذا الكلام يتحدث عن بعض الشخصيات الكردية الموجودة في الائتلاف المعارض او الموجودة مع النظام. ولكن نحن نمثل اغلبية الشعب الكردي في سوريا، وبالتالي فالحزب الكردي او المجلس الوطني الكردي المنتمي للائتلاف يمثل رأي الائتلاف ووفد الرياض على طاولة المفاوضات. وكذلك الامر بالنسبة للشخصيات الكردية ضمن وفد النظام. اذاً من الذي يمثل الشعب الكردي، ومن يمثل الطرف الذي ينادي بالعلمانية والديموقراطية على طاولة المفاوضات؟ نحن نمثل هذا الطرف ولا ندعي اننا نمثل كل الاكراد.
مفاوضات جنيف
● كيف تنظرون الى مفاوضات جنيف التي استبعدتم منها؟ وهل يمكن لهذه المحادثات ان تصل الى نتيجة؟
– ليكون واضحا للجميع، ما يهمنا هو وقف النزيف السوري بأي وسيلة، ولهذا نحن نؤيد جنيف كما ايدنا قرارات فيينا ومجلس الامن، لتكون وسيلة لوقف النزيف والحرب. ولكن طبعا نحن طرف أساسي موجود في السياسة وعلى الأرض، لا احد يستطيع ابعادنا عن الشأن السوري. ومكاننا الطبيعي على طاولة المفاوضات كي تسير بشكل صحيح. واذا كنا اليوم بعيدين عن المشاركة في المفاوضات فهذا لا يعني اننا لسنا جزءا من سوريا. ونحن نعرف من ابعدنا، تركيا وبعض الأطراف التي لا تريد الحل السياسي ويريدون استمرار المعركة والمجازر.
لا تنسيق مع النظام
● في فترة ما قبل الهدنة كنتم تقاتلون المعارضة في نفس المناطق التي كان النظام يقاتلها ايضا، الا يمكن القول ان هذا تنسيق ميدانيا مع النظام؟
– لم يكن لدينا أي تنسيق مع النظام منذ البداية وحتى الان، وخضنا معارك مع قواته في بعض المناطق، وفي مناطق أخرى لم تحدث معارك، وهذه أمور تفرضها الظروف الميدانية. نحن لا نعتدي على احد، ويجب ان يكون هذا واضحا للجميع، قوات حماية الشعب والان قوات سوريا الديموقراطية قوات دفاعية وليست هجومية لم تقم بالاعتداء على احد، ومهمتها التصدي لمن يعتدي علينا. عندما هاجمنا النظام في الحسكة ومناطق شمال حلب لم نسكت وتصدينا له.
وان كان النظام يحارب داعش في بعض المناطق التي نشتبك فيها مع التنظيم الإرهابي فهذا ليس تنسيقا، والا عندها يمكن القول ان قوات النظام التي تحارب داعش تنسق مع التحالف وهذا بالطبع غير صحيح.
تفجيرات تركيا وحماية اللصوص
● كيف تردون على اتهامات انقرة لحزبكم بأنه ضالع في بعض التفجيرات التي استهدفت تركيا مؤخرا؟.. وما موقفكم من هذه التفجيرات؟
– نحن اعربنا عن موقفنا بأننا ضد أي استهداف للمدنيين سواء من تنظيم داعش او أي منظمة أخرى. لكن الجميع يعرف ان الاتهامات التركية تأتي في سياق البحث عن ذريعة للتدخل في الشأن السوري، او حتى التدخل العسكري وهذا امر مرفوض. وانقرة تعرف قبل الاخرين الا علاقة لنا بهذه التفجيرات. وبالمناسبة تركيا ليست بعيدة عن تنظيم داعش، وقلنا مرارا وتكرارا ان الذي يحمي اللصوص سيعتدون عليه يوما ما. وهذا ما تكشف في تفجير اسطنبول الذي تبين ان داعش يقف خلفه. كذلك في تفجيرات سابقة التي تبنتها منظمات كردية ردا على ما تقوم به تركيا في كردستان الشمالية.
نحن يهمنا الاستقرار في تركيا، لأن بيننا حدودا تمتد 800 كلم وقلنا للاتراك مرارا اننا مستعدون للقيام باي شيء يطلب منا لحفظ الاستقرار عندهم.
● هل هناك تنسيق عسكري بين وحدات حماية الشعب وحزب العمال الكردستاني؟
– لا ليس هناك أي تنسيق عسكري بين الطرفين، وحدات الحماية مستقلة تتصرف بموجب تعليمات قيادتها في قوات سوريا الديموقراطية.
ليس لنا اي علاقة بالعمال الكردستاني، ولكن لنا علاقة اخوة وصداقة مع جميع المنظمات الكردستانية مثل الديموقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني وحركة التغيير غوران، وهذه العلاقة ليست علاقة عضوية فنحن حزب مستقل في قراره.
● هل تخشون من تدخل عسكري تركي في المستقبل؟
– التدخل التركي موجود منذ بدء الاحداث مع الثورة في سوريا، فعناصر داعش وغيره من التنظيمات كانوا يدخلون من تركيا.
اما بالنسبة الى تدخل عسكري على نطاق واسع فهذا غير مطروح لأن الظروف الدولية لا تسمح لانقرة بذلك حتى وان راودت الفكرة بعض المسؤولين الاتراك.
القبس جريدتي المفضلة
في حديثه إلى القبس قال رئيس حزب الاتحاد الديموقراطي السوري الكردي صالح مسلم إنه ليس غريبا عن جريدة القبس، فهي الجريدة المحببة والمفضلة لدي، منذ كنت في السعودية في الثمانينات وحتى تسعينات القرن الماضي.
عن صحيفة القبس
التعليقات مغلقة.