افتتاحية العدد (38) من صحيفة “Buyerpress” سيمالكاستان…فيشخابورستان
لم يكن النظام السوريّ راضياً عن أشعار وكتابات الكاتب الكبير “محمد الماغوط” كونه كان ينتقد ويهاجم السلطة في دمشق من خلال القصائد والمقالات وسيناريوهات الدراما والسينما، وأبرز ما كان يسلّط الماغوط عليه الضوء هي الشعارات التي كان ينادي بها النظام السوري عن الوحدة العربية والأمة العربية الواحدة والرسالة الخالدة، والقطر السوري..! وتكللت أعماله برائعته في فيلم “الحدود” الذي جسّد دور بطولته الفنان السوري وسلاح الماغوط في ترجمة أعماله وترويجها الفنان دريد لحام.
يسخر الفيلم من ادّعاء الوحدة العربية والتعاون العربي من خلال سائق مسافر بين بلدين، هما “شرقستان” و” غربستان”، تشاء الصدف أن تضيع أوراقه الثبوتية وجواز سفره أثناء مروره في المنطقة الواقعة بين البلدين، فلا يستطيع العودة إلى بلده أو دخول البلد الآخر. يضطر للتخييم عدّة أيام في منطقة تتوسط المسافة بين البلدين على خطّ الحدود تماما ضمن أحداث كوميدية من خلال تعامله مع أنماط مختلفة من الناس يلتقي بهم على الحدود, وتقع العديد من المفارقات حتى الإفراج عنه وعبوره إلى الطرف الآخر!
لم نكن نتوقع يوماً – في حلمنا الكردستانيّ- أن تتأتى الظروف، ويُعلّق الرئيس العراقي على أعواد المشانق، بينما يفقد الأسد سيطرته على المناطق الكردية، ليبدأ الكردي والأحزاب السياسية الكردية التي نادت منذ 60 عاماً بالحقوق القومية للشعب الكردي وتقرير مصيره، بتأمينها والبدء بمرحلة جديدة, والعمل على توحيد باشور كردستان الملحقة بالدولة العراقية وغربي كردستان والتي بدورها ألحقت بالدولة السورية، ليحقّق الكرديّ جزءً كبيراً من حلمه في توحيد جزئين من أرضه المغتصبة “كردستان”.
تحطم هذا الحلم عند الحدود, على صخرة الأحزاب السياسيّة بين باشور وروجآفاي كردستان، حين همّ الكرديّ “الروجآفاي” دخول أرضه التي حلم بها, ومُنع بداية من قبل مسؤولي روجآفاي كردستان وتالياً من قبل مسؤولي باشوري كردستان، نتيجة الخلافات السياسية العقيمة بين الأحزاب الكردستانية.
ففي روجآفا ينفرد حزب الاتحاد الديمقراطيّ بالتحكم بالمعبر الحدودي بينه وبين وباشوري كردستان, والمسمّى بـ”سيمالكا و فيشخابور” دون مشاركة الأحزاب الأخرى في إدارة المعبر إلا في فترة “الهيئة الكردية العليا” التي سرعان ما فشلت وانسحبت الأحزاب المشاركة فيها والتي أساساً لا تملك قرار المشاركة أو الانسحاب منها.
يتحكم “الديمقراطي الكردستاني” في الجانب الآخر بالمعبر دون أدنى مشاركة من الأحزاب الرئيسية الشريكة في حكومة اقليم كردستان العراق، لذا يقع المواطن الكرديّ في حيرة من أمره حين التفكير في زيارة خاصة أو قاصداً للعمل بسبب الظروف الاقتصادية.. كيف المرور من المعبر؟
إن لم يكن موالياً للحزب الكرديّ السوري المتحكّم بالمعبر فأن عبوره شبه حلم، وينطبق الأمر عندما يحاول أحدهم زيارة روجآفا, إذ يتوجّب أن تكون لديه “واسطة” من الحزب المتحكّم بالمعبر أو إحدى الأحزاب التي تشارك في الادارة الذاتية والتي بدورها استلمت زمام إدارة المعبر بعد تشكيلها في العام 2013.
كل هذه الاشكاليات تواجه المواطن الكردي الذي يرغب بالتجول بين مدنه وقراه الكردستانية، بينما أحزابه السياسية دائمة الخلافات، وتمنع عنه حلمه الكردستاني.
في “سيمالكاستان” و”فيشخابورستان” يُمنع المواطن من التجوال والتحرك إلا أن يكون موالياُ..! لكن الجسور التجارية التي وضعت على مياه دجلة – وبالمناسبة كان جسراً واحداً أصبح اليوم جسران – نتيجة التبادل التجاري والاقتصادي الضخم الذي يتم بين الطرفين في حركة دائمة، بينما يمنع المواطن من العبور.. يُغلق المعبر لمدة شهور أحياناً بسبب تصريح أو مقالة أو تقرير..
على المعبر تولد نساء, يموت مرضى، يبكي الرضّع، تنتظر خطيبة عريسها.. إلهي حتى جثامين القديسين “الشهداء” تعرقل في الدخول والخروج.!؟ كل هذا لا يهم.. الأهمّ أن تكون التجارة قائمة وفي أوجها وأنابيب البترول تضخ النفط وتأتي الدولارات, ولا يكدر صفو حركة الشاحنات على الجسرين ذهاباً وإياباً أي عرقلة..!
هل لنا بين الكرد “ماغوطاً” يكتب سيناريو لفيلم بين “سيمالكاستان” و”فيشخابورستان”.
التعليقات مغلقة.