الليرة التركية تقصي السورية وتفرض احتلالا اقتصاديا

24

_59084_yy3يقول مراقبون إن محاولات “طرد” الليرة السورية من المناطق المحررة، واستبدالها بالليرة التركية، لا يوافق توقعات أعضاء نقابة الاقتصاديين السوريين الأحرار، الذين تبنوا الفكرة ويحاولون الترويج لـ”مكاسبها” في الداخل السوري.

 

بدأت نقابة الاقتصاديين السوريين الأحرار مطلع الشهر الجاري، بمحاولات إبدال الليرة التركية محل السورية في شمال البلاد المحرر، لكن عضو النقابة محمد البكور يقول بعد 10 أيام إنها “نحتاج إلى مزيد من الوقت لنرى مفاعيلها المالية على الأرض، وهو أمر لن يتحقق بشهر أو شهرين”.

وقال البكور في حديثه: إن ما قامت به النقابة هو مجرد نشاطات وندوات أقامها الأعضاء في المحافظات الأربع التي تعتزم استبدال “ليرة الأسد بالليرة التركية، وهي حلب وإدلب وحماة واللاذقية”.

وأكد أن السكان في تلك المحافظات المحاذية للحدود التركية، يستخدمون بالفعل الليرة التركية قبل الإعلان عن هذا التوجه. وأضاف “أن الليرة التركية تحتل مكانا أساسيا في تعاملاتهم التجارية اليومية، جنبا إلى جنب مع الريال السعودي والدولار والليرة السورية”.

وأوضح البكور، الذي عاد من حلب أن المعارضة السورية المدنية والعسكرية تتبنى القرار، الذي أطلقته النقابة، وتعمل على تطبيقه. وكشف عن وجود اتفاقيات مكتوبة تم “توقيعها مع الفصائل العسكرية، بما فيها جبهة النصرة، التي أرسلت شخصا مختصا بالنقد، للمشاركة في المحاضرات التي أقمناها في حلب.

وأضاف أنه تم الاتفاق مع الفصائل العسكرية، العاملة في المحافظات الأربع على هذا الإجراء، وتعهدت بدعمه والدفاع عنه. مشيرا إلى أن ما تقدم لا يعني إجبار الناس. وأكد أن القرار لا يلزم أحدا، وأن مهمته “إضعاف عملة الأسد والتضييق عليه اقتصاديا”.

ويقول الخبير الاقتصادي السوري عماد الدين المصبح إن “ليس كل ما يلمع ذهبا”، وأن ثمة مثالب والعديد من المآخذ على هذا الإجراء، لأن فرض العملة التركية على جزء من سورية أو كلها، يعني هيمنة البنك المركزي التركي على الاقتصاد السوري.

الليرة السورية تتعرض لضغوط متواصلة وشديدة في سعر صرفها

وأضاف أن ذلك يعني إلحاق الاقتصاد السوري بالاقتصاد التركي، وطالما أن المسألة لم تحددها إرادة سورية مستقلة، فهي تعني بالضرورة احتلالا اقتصاديا تركيا لسورية.

وأوضح أن الوحدة النقدية بين الاقتصاديات “عادة ما تأتي في مرحلة متأخرة من مراحل الوحدة الاقتصادية. ربما هي ما قبل الأخيرة مباشرة مثلما حدث في الاتحاد الأوروبي”.

وقال المصبح إن “الوحدة النقدية، تعني وحدة اقتصادية إلى درجة الاندماج. وأن البنك المركزي في منطقة العملة، سيكون قلب النظام الاقتصادي وموجهه. وأكد أن ذلك “يعني باختصار إلحاق كل المؤشرات الاقتصادية بالسياسة النقدية، التي سيفرضها البنك المركزي، مثل المالية العامة والتجارة الخارجية والتضخم والنمو الاقتصادي والتشغيل والبطالة”.

ويقول محمد عليطو أحد مؤيدي الخطوة وهو صرّاف في مدينة تل رفعت، شمالي حلب، إنه لأول مرة، سيرتبط النشاط الاقتصادي في المناطق المحررة بعملة قوية، تتمتع بقوة شرائية كبيرة.

وأضاف أنه “شعور جميل أن ترتبط باقتصاد قوي ومستقر، مثل الاقتصاد التركي. والجميع هنا متحمسون لهذا الإجراء، لأنه سيحمي مدخراتنا من التلاشي”. ويقدر عضو نقابة الاقتصاديين السوريين الأحرار ويسي الويسي، حجم المعروض النقدي الأجنبي في مناطق الشمال السوري المحررة بنحو 100 مليون دولار، وستبقى هذه الكتلة، وما سيتراكم عليها في المستقبل ضمن المناطق المحررة، وستتضرر حتما ليرة النظام، لأن مساحة التداول بها ستتقلص وسينخفض الطلب عليها.

وقال الويسي : إن سبب اختيار الليرة التركية تحديدا هو توفر “القطع النقدية الصغيرة في الليرة التركية، الذي شكل أحد عوامل الاختيار، إضافة إلى وجود نحو 3 ملايين سوري يعيشون في المخيمات والمدن التركية، بينهم الكثير من العمال، أي يمتلكون سيولات بالليرة التركية، كما أن معظم السلع الموجودة في المناطق المحررة، تأتي من الأسواق التركية.

عماد الدين المصبح: فرض العملة التركية يعني هيمنة المركزي التركي على الاقتصاد السوري

ولم يتدخل الائتلاف السوري المعارض في هذا النشاط على الإطلاق، وقد اكتفى ببيان نشره على صفحته في فيس بوك، قال فيه إنه “يدرس الاقتراح بتمعن وروية”. أما الجانب التركي، فلم تتم استشارته بعد، لكن النقابة شكلت “لجنة للتواصل معه”.

ويشدد الويسي على إيجابيات الخطوة، فهي ستضمن “عدم تضرر الناس في المناطق المحررة، من الانهيار المفاجئ لليرة السورية، وهو أمر قد يحصل إذا سقط النظام بشكل فجائي… ومن جهة ثانية تؤثر الخطوة سلبيا على النظام السوري، الذي طبع في 30 يونيو الماضي 10 مليارات ليرة من فئة 1000 ليرة”.

ضغوط الصرف

ودفع طباعة النظام السوري لأوراق نقدية جديدة بالمتحمسين من أعضاء النقابة للاستعجال بالخطوة، فقد “شعر الجميع أن العشرة مليارات ليرة الجديدة، يمكن أن يتم استبدالها بدولارات من المناطق المحررة، من خلال عمليات البيع والشراء التي تتم بين المناطق التابعة له، وتلك الخارجة عن سيطرته، وهو ما يبحث عنه الأسد ويريده بشدة”.

وكانت وزارة الاقتصاد السورية أعلنت مؤخرا عن تقييدها حركة الاستيراد، بدافع ترشيد قنوات إنفاق النقد الأجنبي، حرصا على “إدارة المــخزون الشحيـح بطريقة كفؤة”.

وفي خضم الشح تتعرض الليرة السورية، لضغوط متواصلة وشديدة في سعر صرفها، المتراوح عند مستويات متدنية تبلغ نحو 300 ليرة مقابل الدولار مقارنة بنحو 48 ليرة للدولار في عام 2011، رغم كل الأدوات النقدية التي يزعم استخدامها المصرف المركزي.

 

العرب اللندنية

 

التعليقات مغلقة.