المسيحيون في العراق.. من جحيم داعش إلى لظى الميليشيات الشيعية

71

_56966_iraq3تواجه الأقليات في العراق تهديدات مستمرة وآخرها ما تعرض له العديد من المسيحيين في بعض المحافظات العراقية من ترهيب على يد ميليشيات شيعية بغية تهجيرهم من مناطقهم، في خطوة اعتبرها البعض تندرج في سياق مشروع التقسيم الذي تدفع باتجاهه طهران.

 

يواجه مسيحيو العراق هذه الأيام تهديدا يستهدف وجودهم في كل من العاصمة بغداد ومحافظة البصرة في جنوب البلاد، وهذه المرة على أيدي الميليشيات الشيعية.

وقد تعرض، مؤخرا، العديد من أبناء الطائفة المسيحية إلى عمليات خطف ونهب وتهديدات بالقتل، ما يعيد إلى الأذهان ما واجهته هذه الطائفة من تنكيل على أيدي تنظيم الدولة الإسلامية خلال تقدمه في الموصل وغيرها.

واتهمت كتلة الرافدين البرلمانية، أمس السبت، أحزابا دينية متنفذة وميليشيات موالية لها بالاستيلاء على منازل المسيحيين عنوة والقيام باختطاف أبنائهم وتهديدهم، مطالبة المرجعية الدينية بإصدار فتوى تحرّم استملاك منازل المسيحيين عنوة في بغداد.

وقال النائب العراقي عماد يوخنا عضو الكتلة المسيحية في البرلمان العراقي، إن “أحزابا دينية و’ميليشيات’ خارجة عن القانون قامت بالاستيلاء على منازل المسيحيين وخطفهم وتهديدهم في العاصمة بغداد، معتبرا ما يجري للمسيحيين في العاصمة يرتقي إلى “التطهير العرقي والتغيير الديمغرافي”.

وأضاف أن “رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي وعد بإيقاف كل هذه التجاوزات، وإعادة البيوت إلى أصحابها، إلا أنه لم يفِ بذلك على الرغم من المناشدات العديدة من قبل المرجعيات الدينية المسيحية”.

وأكد النائب العراقي أن “العبادي أغلق الباب بوجه المسيحيين قبل عام تقريبا، عندما اختار وزيرا يقول إنه يمثل المسيحيين، لكنه في الواقع بعيد كل البعد عن معاناة المسيحيين، ولا يعلم ما يجري لهم”. وأشار أيضا إلى أن “ظاهرة خطف المسيحيين برزت وبشكل كبير خلال الأيام العشرة الأخيرة”.

وتعد المسيحية ثاني أكبر الديانات في العراق من حيث عدد الأتباع بعد الإسلام، وهي ديانة مُعترَف بها حسب الدستور العراقي، حيث أنه يعترف بأربع عشرة طائفة مسيحية في العراق مسموح التعبد بها.

من جهتها قالت اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بغداد، السبت، إن حالات الخطف والابتزاز ومحاولات الاستيلاء على الأملاك العامة والخاصة لا تستهدف مكونا دون آخر، وهي حالات تحصل بشكل يومي في بغداد.

وأوضح غالب الزاملي عضو اللجنة، إن “هناك خارجين عن القانون ينفذون أعمالا إرهابية تتمثل بالخطف والابتزاز ومحاولة الاستيلاء على الأملاك العامة والخاصة، من ضمنها أملاك المسيحيين في بغداد، لكنها متابعة بشكل دقيق من قبل اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بغداد والأجهزة الأمنية”.

سياسة الأيادي المرتعشة أمام تدخلات الميليشيات ومن خلفهم إيران لن تزيد العراق إلا معاناة ومشروع المصالحة الوطنية وتوحيد العراقيين على ضوء ذلك لن يكتب له النجاح

وتعرض المسيحيون لأكبر عملية نزوح بعد سيطرة مسلحي “داعش” على مدينة الموصل (شمال) في 10 يونيو 2014 حيث أمهل التنظيم المسيحيين حتى 19 من يوليو 2014 ترك المدينة أو اعتناق الإسلام، ولاحقا صادر التنظيم ممتلكات المسيحيين وفجر كنائسهم.

والحوادث الأخيرة التي تعرض لها المسيحيون تؤكد أنه لا فرق بين داعش والميليشيات الشيعية التي اشتدّ عودها وباتت الدولة عاجزة عن الوقوف بوجهها والتصدي لها.

ويذهب البعض حد القول إن ما تواجهه الطائفة المسيحية من إرهاب بغاية تهجيرها في بعض المحافظات العراقية ليس اعتباطيا أو مجرد حوادث فردية معزولة، وإنما يندرج في سياق مشروع التقسيم الذي تدفع باتجاهه قوى إقليمية وأساسا إيران.

وفي محاولة للتبرؤ من المسؤولية، شنّ رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، هجوما عنيفا على “عصابات القتل والخطف والجريمة في محافظة البصرة”، مؤكداً أن بعض هذه العصابات تقول إنها تقاتل تنظيم “الدولة الإسلامية” في الوقت الذي تقوم بنفس أفعاله.

وأضاف العبادي، في كلمة متلفزة، أن “التنظيم لا يوجد في البصرة، وبالتالي لا يوجد مبرر لانتشار هذه العصابات التي تدّعي مقاتلته”، موضحا أن “جهد القوات الأمنية العراقية في المحافظات يتركز على محاربة إرهاب الجريمة المنظمة”.

وعن حادثة احتلال جماعة مسلحة لمبنى حكومي في حي زيونة، بمحافظة بغداد، قال إنها “لن تتكرر”، لافتاً إلى أن “المقاتلين في جبهات القتال لا يضحون بأنفسهم كي تحتل الأبنية كما حدث في زيونة”.

واعتبر أن “هذه الأعمال تهدف لزيادة أموال الأحزاب وسلطاتها، وليس الدفاع عن الأرض والمقدسات”.

تصريحات العبادي أثارت ردود فعل مستهجنة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث رأى أحد المغردين على تويتر أن العبادي “لا يتصرف وفق رجل الدولة”، فيما قال آخر إن على الأخير الكفّ عن الخروج والانتقاد في كل مرة يشعر بتزايد الضغوط وعليه اتخاذ إجراءات عملية لمنع مثل هذه الممارسات. ويشك المتابعون في قدرة العبادي على ضبط الأمور في ظل سيطرة أحزاب وشخصيات دينية على المشهد العراقي بإسناد من إيران التي باتت تنظر إلى العراق في شكل “مقاطعة موالية لها”.

ويرى المتابعون أن سياسة الأيادي المرتعشة أمام تدخلات الميليشيات ومن خلفها إيران لن تزيد العراق إلا معاناة وأن مشروع المصالحة الوطنية على ضوء ذلك لن يكتب له النجاح.

 

العرب اللندنية

التعليقات مغلقة.