الوثيقة الصادرة عن اللقاء التشاوري الكردي مع مجموعة عمل قرطبة
عانت سوريا طيلة العقود الماضية من النظام الاستبدادي المركزي حيث تفاقمت في ظل نظام البعث، الذي اعتمد على سياسة الإقصاء والتهميش بحق جميع أبناء الشعب السوري بمختلف مكوناته حيث كرست هيمنة الحزب الواحد على كل مؤسسات الدولة في ظل غياب تام للتعددية السياسية والثقافية والفكرية ، كما غاب تطبيق دولة القانون وغاب معها حقوق الانسان الفردية والجماعية.
وتعرض الشعب الكردي خلال هذه العقود إلى اضطهاد مزدوج جراء تطبيق سياسات ومشاريع عنصرية استهدفت وجوده كشعب وقضية من خلال العمل على إلغاء هويته القومية وتغيير ديموغرافية مناطقه وحرمانه من كافة حقوقه القومية والإنسانية . لقد قاوم الشعب الكردي هذا الاستبداد بمختلف الوسائل الديمقراطية وقدم من اجل ذلك تضحيات جسام توجت بانتفاضة آذار عام ٢٠٠٤، ومع انطلاقة الثورة السورية شارك الكورد بفعالية مع باقي مكونات المجتمع السوري من اجل إسقاط النظام الدكتاتوري الاستبدادي وبناء دولة القانون والعدل والمساواة.
ورغم سلمية الثورة الا ان النظام ومنذ البداية سعى بكافة الوسائل لتحويل مسارها الى العسكرة والتطرف والإرهاب كي يبرر لنفسه المزيد من القتل والتدمير والاعتقال و التهجير بحيث ارتقت أعماله الوحشية الى جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية بعد استخدامه الأسلحة الكيماوية في إبادة الشعب السوري في ظل تقاعس المجتمع الدولي في القيام بواجباته تجاه الشعب السوري ودعم ثورته.
إن استمرار الأزمة السورية خلال هذه الفترة الطويلة تتحمل المعارضة السورية أحد أسباب ديمومتها بسبب عدم قدرتها على استقطاب مكونات الشعب السوري لعجزها عن طرح مشروع وطني واضح تطمئن له كافة المكونات وأيضاً عجز المجتمع الدولي في تقديم الدعم المطلوب للثورة السورية والمعارضة المعتدلة واعتمادها مبدأ إدارة الأزمة بدلا من إيجاد حل لها في ظل فشل الدولة السورية وتنامي المجاميع الإرهابية بشكل واضح على الساحة السورية مما استغل النظام ذلك بالقدرة على تحييد العديد من هذه المكونات عن الثورة السورية ودعم المجموعات الإرهابية المسلحة والذي أدى الى تفكك نسيج المجتمع السوري والتي باتت تشكل خطرا حقيقيا على الأمن الإقليمي والدولي ويدفع الأمور باتجاه حرب طائفية بعيدة المدى. كل ذلك يستوجب العمل الجاد من خلال طرح مشروع وطني للحفاظ على وحدة سورية وبناء سوريا الجديدة.
واستنادا الى ذلك فان مشروعنا السياسي هو التالي: التأكيد على الحل السياسي للأزمة السورية الذي يلبي طموحات الشعب السوري في إسقاط النظام الديكتاتوري وتحقيق البديل الديمقراطي التعددي ونبذ العنف ومحاربة الإرهاب بكل أشكاله . الجمهورية السورية الإتحادية دولة متعددة القوميات والأديان والثقافات. سوريا دولة اتحادية ذات نظام برلماني رئاسي ( مختلط ) ديمقراطي تعددي يقر بمبدأ التداول السلمي للسلطة ومبدأ فصل السلطات وتعتمد علماً ونشيداً وطنيين يعبران عن التنوع الثقافي والديني والقومي. الإقرار الدستوري بحرية الأديان والمعتقدات واحترام خصوصية الديانة الأيزيدية. إلغاء كافة المشاريع والسياسات العنصرية والشوفينية التي طبقت بحق الشعب الكوردي وإزالة آثارها السلبية وإعادة الأوضاع الى ماكانت عليه قبل تطبيق تلك السياسات وإعادة الحقوق الى أصحابها. الإقرار الدستوري بالمساواة بين الرجل والمرأة وإلغاء كافة أشكال التمييز ضدها.
إقرار دستور توافقي يكرس مبادئ وأحكام القانون والمواثيق الدولية التي تضمن حقوق جميع مكونات الشعب السوري و يضمن للشعب الكوردي حقوقه القومية في اقليمه وفق نموذج الدولة الاتحادية التي تحدد صيغة العلاقة بين المركز والاقليم. اعتماد اللغة الكردية لغة رسمية بجانب اللغة العربية في البلاد. العمل من اجل مشروع وطني للعدالة الانتقالية في البلاد ومحاسبة مرتكبي الجرائم ضد الانسانية بحق الشعب السوري .
ويضمن دستور الدولة الإتحادية المشاركة الفعلية للكورد وتمثيلهم في مؤسسات الدولة الاتحادية ويضمن لكافة مكونات الشعب السوري المشاركة في عملية صنع القرار السياسي و في كل الأمور المصيرية والسيادية يؤكد اللقاء التشاوري الكردي على وحدة الأراضي السورية الجغرافية ويقف بوجه أية مشاريع لتقسيم سوريا.
بناء على ماذكر يسعى الكورد مع قوى الثورة والمعارضة السورية وبالتعاون مع القوى الدولية وأصدقاء الشعب السوري من خلال العمل الجاد الى عقد مؤتمر وطني شامل تتوافق عليه جميع قوى الثورة السورية ومكوناتها ضمن تحالف وطني مبني على الشراكة الحقيقية لإنجاز أهداف الثورة وبناء سوريا الاتحادية .
اعتماد الوثيقة السياسية التي تنبثق عن هذا اللقاء التشاوري ضمن الأوراق الصادرة عن مجموعة قرطبة من اجل تقديمها للاجتماع المزمع انعقاده خلال الفترة القادمة .
مدريد 28 – 29 – 30 / حزيران / 2014
التعليقات مغلقة.