حقيقة ما جرى لمن خرجوا من حمص القديمة
بعد حصار استمر ما يزيد على 22 شهراً، دخلت أحياء مدينة حمص المحاصرة في عملية تسوية الأوضاع الفردية أو ما عُرف بـ”العودة إلى حضن الوطن”، ليخرج ضمن هذه الاتفاقية ما يقارب 1000 شاب، بشكل مجموعات صغيرة أو أفراد، إلى ريف حمص ليتم إخلاء المنطقة المحاصرة، بتنسيق مباشر من الأفرع الأمنية التابعة للنظام (فرع الأمن العسكري، فرع أمن الدولة، فرع القوى الجوية وفرع الأمن العسكري بالإضافة إلى جيش الدفاع الوطني).
واعتبرت أجهزة أمن النظام جميع الخارجين من الأحياء المحاصرة “مسلحين” ووجِب تسليم قطع سلاح لكل راغب في الخروج.
وتم تصنيف الخارجين إلى ثلاث فئات: “مدني حمل السلاح ضد النظام”، و”متخلف عن الخدمة الإلزامية ممن حمل السلاح”، و”منشق عن الجيش ممن حمل السلاح ضد النظام”، رغم خروج المئات من المدنيين والنشطاء المدنيين ضمن عملية “تسوية الأوضاع”.
وكانت تسوية الأوضاع تتم مباشرة مع ضابط من أحد الأفرع الأمنية، وتعطى الوعود كاملة بعدم التعرض للخارجين بأي أذى وإطلاق سراحهم خلال يومين.
وتم الاتفاق على تسوية أوضاع المتخلفين عن الخدمة الإلزامية بمنحهم مهلة عام كامل لتسوية أوضاعهم أو الالتحاق بخدمة العلم، وتسريح الفارّين من الخدمة العسكرية، كما تم التأكيد على تسريح من أكمل الخدمة العسكرية ودخل مرحلة “الاحتياط”.
وفي البداية، تم إطلاق سراح البعض ليكونوا “طعماً” لمن بعدهم من الراغبين في الخروج وتسوية أوضاعهم.. لكن الأمور جرت على خلاف الوعود، وحصل التالي:
– تم إطلاق سراح معظم من صنّف بـ”المدني” ليُعاد اعتقاله عند مروره بالحواجز المحيطة بمدينة حمص أو عند وصوله الى إحدى نقاط العبور الحدودية، ليختفي أثر الكثيرين منهم.
– تم احتجاز جميع الفارين من الجيش (المنشقين)، ومجموعهم 54 شاباً، في مدرسة الأندلس من تاريخ خروجهم من أحياء حمص القديمة حتى تاريخ 10 يونيو 2014، وبعدها تم احتجازهم في “الشرطة العسكرية” بمدينة حمص. ثم تم عرضهم على القاضي العسكرية فأسقطت التسوية عنهم (التي لم يعترف بها القضاء العسكري) ليعاد تحويلهم الى فرع القابون العسكري، حيث اختفوا وانقطعت كافة المعلومات عنهم بعد ذلك.
– تم احتجاز عدد من المتخلفين عن الخدمة الإلزامية (40 شاباً) من تاريخ خروجهم حتى 12 يونيو 2014 في مدرسة الأندلس، وبعد ذلك تم نقلهم الى الشرطة العسكرية في حمص وتحويلهم مباشرة الى شعب التجنيد العسكرية ليتم سوقهم الى مراكز تجمع المجندين.
– رصد عدد من حالات الاختفاء القسري تمت من داخل مدرسة الأندلس في الفترة الأخيرة، حيث تم احتجاز 10 أشخاص في فرع الأمن السياسي دون أن تسرّب أدنى معلومة عنهم. كما تعرض أحد النشطاء للضرب داخل المدرسة ومن ثم اختفى، كما اختفى شاب آخر من داخل المدرسة بعد اعتقاله بغرفة بشكل منفرد.
– وسارت معلومة عن تواجد ما يزيد على 200 معتقل ممن خرجوا بتسوية الأوضاع في فرع الأمن العسكري، إضافة الى 256 شخصاً معتقلاً داخل فرع الأمن السياسي.
وبهذه المعلومات يمكن الجزم أن تسوية الأوضاع لم تكن سوى لعبة قام بها النظام بترك المسلحين بشكل مؤقت داخل مناطق يسيطر على كامل مداخلها ومخارجها ليتم اعتقالهم بعد ذلك بباقي أذرعته الأمنية.
التعليقات مغلقة.