تأثير عمليات النزوح على سيكولوجية الطفل..

49

 

4444تعيش سورية  حالة  حرب منذ ما يقارب الخمسة أعوام , هذه الحرب التي لم يسلم منها لا طفل ولا شيخ ؛ حيث يقدر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانيّة إنّ 4,25 مليون سوريّ قد تعرضوا للتشريد الداخليّ .

ربُّما أكثر من ذاق مرارة هذا الحرب هم الأطفال أنْ سلموا ونفدوا من نيران أسلحة الظلم والفتك التهمتهم  براثن الهجرة والنزوح؛ فأصبحوا عرضةً للأمراض الجسديّة والنفسيّة وهذه الأخيرة, هي أشد وطأة دونما أدنى اكتراث من الجهات والمنظمات الإنسانيّة؛ الدولية والعالمية.

موقع صحيفة “Bûyerpress” أرادت تسليط الضوء على هذه المشكلة من خلال هذه الوقفة مع إحدى العوائل التي نزحت من مدينة حلب قاصدة مدينة قامشلو الصغيرة, لتكون ملاذهم من براثن الحرب التي تعيشها عموم المحافظات السورية , علّنا نقف على ما يعانيه أطفال العوائل النازحة وتأثير عملية النزوح على أوضاعهم النفسية.

أبو شادي رجل في العقد الخامس وهو أبٌ لخمسة أولاد وهو في الأصل من سكان عامودا ؛ وكان مقيماً مع عائلته  في مدينة حلب منذ 47 عاماً .

ذهب أبو شادي يسرد – وبمرارة – قصة نزوحه مع عائلته الصغيرة لموقع صحيفة “Bûyerpress : ” نزحنا منذ 4 سنوات ولكننا لم  نفكر يوماً  في الهجرة خارج البلاد, في  بداية نزوحنا إلى مدينة  قامشلو عانى  أولادي كثيراً  حيث  تغيرت مدراسهم و أصدقائهم  والحالة المعيشة التي كانت متوفرة لهم , وخشينا على  عدم تأقلمهم في بيئتنا الجديدة ,  ولكن ما هون علينا الأمر أنّ لغتنا الأم هي الكرديّة وعادا تنا وتقاليدنا واحدة , كما أضاف أبو شادي: طفلي محمد  وهو يبلغ من العمر 12 عاماً  دائماً كان مردداً ” أريد العودة إلى بيتنا حيث ألعابي؛  أريد الذهاب إلى مدرستي وأن ألعب مع أصدقائي في الحي” ودائماً كنت الاحظ عنده بأنه  يتصرف  وكأنه سوف يقيم هنا بشكل مؤقت وجميع ردود أفعاله توحي بأنه غير مقتنع ببقائه هنا”.

أيضاً كانت لنا وقفة مع المرشدة النفسيّة “سارة عيسى” حيث أفدتنا في سياق الموضوع المطروح في عدة محاور:

التغيرات التي تطرأ على نفسيّة الطفل عند تغير بيئته

أكدت الأخصائيّة  سارة والتي اعتبرت الطفولة أهم مراحل العمر؛ لأن هذه الفترة أشد الفترات في مرحلة حياة الفرد من حيث تكوين الشخصيّة وتحديد معالم سلوكه الاجتماعي، وتعتمد شخصية الفرد على عدة عوامل منها؛ الاستعدادات الوراثيّة والقيم وأساليب التربية ولكن الأسرة تقع في المرتبة الأولى من بين هذه العوامل، حيث يعتبر الوالدين والأخوة هم العناصر الأشد تأثيراً في نمو الطفل اجتماعياً، حتماً يشعر الطفل بالاستقرار بينهم، فعند حدوث المشكلة يجبر الأهل على تغيير البيئة كحالة الحرب، يؤدي ذلك إلى حدوث عدة مشكلات للطفل النازح منها؛  العنف ، شدة التأثر ،عدم الاستقرار، نوبات الغضب إلى حد التشنج والعدوان ،الخوف، الغيرة، الحزن الذي يؤدي أحياناً إلى حالة من الاكتئاب”

ما يتوجب على الوالدين فعله تجاه أطفالهم الذين يتعرضون لحالة توحد نتيجة حالات النزوح:

أضافت عيسى:  “على الوالدين إقامة علاقة ورابطة قوية مع الطفل واستخدام وسائل وأساليب المدح والإعجاب و استخدام نبرة صوت هادئة عند  التحدث معهم  وفي حالة توجيه الاتصال البصري مع الطفل, مما يشعره بأنّه موضع اهتمام والديه”.

أهم الطرق الواجب اتباعها لمساعدة الطفل على التأقلم مع بيئته الجديدة :

أوضحت الاخصائية عيسى : “على الوالدين السماح له بإقامة صداقات جديدة مع أبناء البيئة الجديدة وإعطاء فرصة للمشاركة في عدة نشاطات ؛السباحة,  والرياضة, والمشاركة في الندوات التي تعرض فيها مواهب الأطفال، وعلى الوالدين أيضاً مساعدة طفلهم على التكيف مع البيئة الجديدة من خلال شعوره  بالأمان والثقة بمن حوله” .

أسباب لجوء الأطفال إلى استخدام ألعاب العنف :

أشارت عيسى  إلى أن اللعب يُعتبر من الأشياء المهمة لاكتمال نمو الطفل حيث يعطيه فرصة فريدة للتحرر من الواقع المليء بالالتزامات والقيود والإحباط والقواعد والأوامر والنواهي حيث يجد الطفل منها مجالاً  لا يعوض لتحقيق أهداف النمو الذاتي واكتسابه ما يعزُّ عليه اكتسابه في مجال الجد، إلا أنْ التوتر الدائر قد يعوق الطفل عن اللعب فالطفل قد يعزف عن اللعب تحت تأثير ظروف الإحباط أو الانفصال عن الوالدين أو حالة طلاق الوالدين أو الحرمان العاطفيّ أو أساليب التربية الخاطئة، وتؤدي هذه الحالات إلى لجوء الطفل إلى ألعاب العنف كنوع من التعويض عن الجانب المهم المفقود من حياته.

الوسائل الواجب اتباعها للتمكن من بناء الطفل السليم نفسياً وجسدياً:

أكدت عيسى بأنّ أهم هذه الوسائل يمكن حصرها في التالي ” تقوية الدافع الدّراسي, السماح للطفل  بممارسة حقوقه كالخروج للعب أو مشاهدة التلفاز, إعطائه مكافأة عند قيامه بأعمال إيجابية, وإذا أخطأ لا بد من العقاب يجب أن يكون سريعاً وفورياً, وتوضيح السلوك الصحيح أمامه,  رسم قدوة جيدة أمام الطفل, متابعة سلوكه في المدرسة, التعاون مع المدرسة لدعم الطفل نفسياً, متابعة النظام الغذائي للطفل, عدم التفرقة بين الجنسين كتفضيل الذكر على الأنثى” وكما أوضحت عيسى :” بأنه يجب مراعاة جميع عوامل الثقافيّة والأوضاع الاجتماعيّة والاقتصاديّة والظروف المنزليّة والظروف الفرديّة للحصول على طفل سوي وسليم ولديه القدرة على التكيف مع جميع الظروف والتغيرات الحياتيّة”.

 

تقرير: حنان عبدو

 

 

التعليقات مغلقة.