من هنّ.. وكيف يتفاعلن مع أزواج امتهنوا العمل السياسيّ

34

 

12“تنفرد صحيفة Bȗyerpress وعلى مدى أعدادها القادمة بنشر حوارات خاصّة مع زوجات قياديي  الحركة الكرديّة في روجآفا ليتحدّثن عن تجاربهن مع أزواج سلكوا درب السياسة الشائك, والمعاناة التي تعرضن لها في تلك الأيام, بحلوها ومرّها, ومدى المساعدة التي قدمنها لأزواجهن طيلة تلك الفترة العصيبة, إضافة إلى بعض خفايا العلاقة بينهما وكيفيّة تعرّف كلّ منهما على الآخر, مع العديد من  النقاط الأخرى التي ستكون محلّ اهتمام القرّاء”.

وقفت المرأة الكردية في مرحلة الكفاح السياسي  جنباً إلى جنب مع زوجها الذي آثر العمل السياسي – لأجل قضية شعبه –  على حياته الشخصية والعائلية والاجتماعية,فكانت رفيقة الدرب والكفاح؛ سيدات لم يقل نضالهن عن نضال أزواجهن.

 “أم هوشنك” سيدة سطع نجمها في سماء الحياة السياسيّة في عهد زوجها المناضل الثوري آبو أوصمان صبري؛ بصبرها؛ سيدة رصينة, صبورة, وأم وقور, تقاسمت مع زوجها ما عاناه, من تشرد وغربة وفقر  خلال مسيرته الطويلة, ويحكى عنها أنها في الأخيرة – وهو ما جاء على لسان ابنها البكر هوشنك – أنها كانت تغلي الشاي كل صباح إلى درجة كبيرة حتى يقترب في لونه وسماكته من مادة القطران, الأمر الذي أثار فضول الطفل هوشنك ليستفسر عن السبب, فكان جوابها حتى لا ينال منكم الجوع.

صورة بسيطة تشرح واقع حال سيدة لم تحمل السلاح ولم تلج أروقة العمل السياسي, لكنها حاربت الزمن الذي أشهر سلاح الفقر والغربة في وجهها ووجه عائلتها الصغيرة طيلة المسيرة النضاليّة لآبو أوصمان صبري, فأثبتت وبجدارة عظمة المرأة الكرديّة.

وبعيداً عن الساحة السياسية, وعلى الساحة الثقافية, كانت للأميرة روشن بدرخان بصمة حاضرة في تاريخ المرأة الكردية, المرأة التي ساندت زوجها الأمير جلادت بدرخان في إصدار جريدتيْ “هاوار” و “روناهي” بهدف الحفاظ على الثقافة الكردية. 

السيدة ستير بشار قاسم حرم السيد نصر الدين إبراهيم سكرتير الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا ” البارتي” حاصلة على إجازة في اللغة العربية من جامعة حلب, وهي من مواليد مدينة القامشلي 1964, و أم لولدين هما ” كاوا وليلاف”.

وعن لقائها وارتباطها مع زوجها نصرالدين إبراهيم أوضحت السيدة ستير أنه كان عن طريق خطبة الأهل والتي توّجت بزواج تقليدي. وقالت أنها كانت تسمع عنه في الوسط الطلابي حينما كانت طالبة في جامعة حلب بأنه شخص ذو سمعة حسنة, ويمارس العمل السياسي هناك, وكان مسؤولاً عن منظمة حلب, واستاذاً في جامعة حلب, ولكن في قسم مختلف.

وعن رأيها في العمل السياسي قالت: بشكل عام العمل السياسي يختلف من بلد إلى آخر, فالعمل السياسي هنا أكثره يدخل في إطار القومي ” إثبات وجود” أما العمل السياسي في  أمريكا وأوروبا مختلف, حيث لديهم أولويات وتجاوز المراحل, أما لدينا فيكون في خدمة مطالب وحقوق الشعب الكردي.

ولم تخفِ السيدة قاسم سنين مثابرتها مع شريك حياتها في سبيل العمل السياسي, وتجاوز مرحلة الشكوى حيث قالت: “نعم, كنت معه في كل خطوة, أسانده وأدعمه, أتحمّل معه المصاعب, كما نتناقش ونتبادل الآراء, وقد نختلف أو نتفق, ولكن أحترم من يعمل في السياسة الحقة والشريفة التي تخدم الشعب.. لقد تجاوزت مرحلة الشكوى, ربما كانت تحدث مشاكل قليلة في بداية  الزواج, ولكن مع مرور الوقت تعودت, وأصبحت اليوم جزءاً من هذا العمل”.

وقالت: ” أن أصعب المراحل التي مررت بها وعشتها مع أبو كاوا هي مرحلة انشقاق الأستاذ إسماعيل عمر عن الحزب, ومن ثم الانشقاق والانقلاب الذي حدث في “البارتي”, وما حدث مؤخراً في المجلس الوطني الكردي في انتخابات المرجعية الكردية,  لقد كانت مرحلة صعبة حقاً. فاتهام ثلاثة أحزاب بدون أي أدلّة قانونية وإخراجهم من المجلس الوطني في سبيل تحقيق أجندات لا يعلمها إلا الله, أثّر علينا بالطبع, لأن تعرّض المرء لخيبات أمل من السياسيين والشعب يؤثر على نفسيته وقوة إرادته بالطبع, ولكن الحمد لله, فالعمل السياسي لا يخلو من مطبّات, والإنسان المقتنع بفكرة, ولديه معتقد , يقيناً, سوف يتجاوز هذه الأمور.  كما تعرض في بداية عمله السياسي للملاحقة, وواجهنا صعوبات اقتصادية جمّة, و فصل نتيجة عمله السياسي من عمله كمدرس في الجامعة.

وأضافت السيدة ستير: ” لم يكن العمل السياسي قبل عقدين من الزمن بهذه الأريحيّة, فلم تكن هناك مكاتب حزبية ولا قاعات, بل كان العمل السياسي والاجتماعات واللقاءات تُجرى في البيوت, ونحن عانينا الأمرّين. أحياناً كانت يعقد اجتماعين أو ثلاثة في اليوم نفسه وهذا كله كان على حساب راحة البيت والأولاد والصحة والمادة وكل شيء.

لم تبدِ السيّدة ستير قاسم أيّ ندم حيّال زواجها من سياسيّ, وعن مدى رغبتها بالانخراط  في العمل السياسي أوضحت أنها تميل للأعمال الإغاثية والمجتمع المدني أكثر,  فالساحة السياسية مليئة بالسياسيين على حدّ وصفها, والشعب الكردي سياسي بالفطرة سواء مارس العمل السياسي أم لم يمارسه, وأنها فتحت عينيها على السياسة حتى قبل أن تلتقي  بالسيد نصرالدين ابراهيم لأنها من عائلة وطنية سياسية مارست العمل السياسي,  لديها مبادئ وآراء ونقاشات ولكنها كالتزام حزبي لم تلتزم.

كما عبّرت عن مدى إيمانها بأفكار الحزب الديمقراطيّ الكرديّ في سوريا (البارتي) والذي يشغل فيه زوجها منصب السكرتير إلى حدّ كبير لأنها حسب ما قارنت ولاحظت وجدت ” البارتي” يعمل من أجل قضية شعبه في سوريا وله حيّز من الاستقلالية وغير تابع لأي جهة أخرى, و هي تحّبذ أن يكون الإنسان مستقلاً سياسياً وفكرياً واجتماعياً, ولكنها في الآن عينه لا تنكر أهميّة العلاقات مع الآخرين إلى درجة معينة بحيث لا تقضي على استقلاليتك ولا تكون تابعاً للغير.

وحول رأيها الصريح  في عمل الأحزاب الكردية في مراحل الدفاع عن القضية الكردية قالت: ” في الحقيقة, الحركة السياسية الكردية بشكل عام كما أراها سابقاً والآن لا تليق بمستوى طموحات الشعب الكردي في سوريا, فقد شهدت انتكاسات جمّة وخاصة في السنوات الأربعة  الأخيرة, بسبب طغيان  المصالح الحزبية والأنا الحزبية والذاتية, وكذلك الهجرة, فكأنني أرى الشعب الكردي بقي لوحده, صحيح أن هذا الكلام لا ينطبق على الجميع, ولكن أعتقد أن أغلبية الحركة الكردية الآن لا تليق بطموحات الشعب الكردي”.

ولم تخفِ السيّدة قاسم  تأثير عمل زوجها السياسي على حياتهم العائلية والاجتماعية إذ  نادراً ما كانا يحضران المناسبات الاجتماعية معاً, وعائلياً كان يقضي معظم أوقاته خارج المنزل من الصباح حتى المساء, حيث يكون مرتبطاً باجتماعات سياسية, وكان يسافر أحياناً ويغيب لأيام وهذا كله يؤثر – دون شكّ – على الحياة العائليّة.

وعن حبّ السيد نصرالدين للنجومية وحبّ الظهور؛ قالت أن كل إنسان لديه طموح, يبحث عن كلمة شكر مقابل عملٍ خيّر يفعله, وأبو كاوا على العكس من جميع  السياسيين, لديه حب التضحية, ويمكن أن يكون هو الجندي المجهول إذا كان في سبيل قضية شعبه, وبصراحة, يضايقني هذا الشيء أحياناً, وهو بعيدٌ جداً عمّا يسمّى بـ”جنون العظمة” .

واختتمت السيّدة ستير قاسم حرم السيّد سكرتير الحزب الديمقراطي الكرديّ في سوريا (البارتي) حديثها بالقول: أحياناً انتقد عمله الحزبي أو عمله ضمن إطار الحركة الكردية ولكن ليس بشكل عام,  فنحن أربعة أشخاص في البيت ويحدث أن لا نتفق على رأي لأن لكلّ شخص رأيه الخاصّ به.

اعداد: فنصة تمو

 

نشر في صحيفة Bûyerpress في العدد 17 بتاريخ 2015/4/15

التعليقات مغلقة.