بعد تفاقم المشاكل داخل المجلس الوطني الكردي, بسبب ما جرى ويجري داخل أروقة المجلس من حيث فصل ثلاثة أحزاب واتهام المجلس بعدم شرعية وقانونية الانتخابات التي انتخب فيها أعضاء المجلس الوطني للمرجعيّة السياسيّة، وعدم حضور ممثليه للاجتماع الأول للمرجعية السياسية والذين صرّحوا بعدم شرعيتها لطالما حضر المفصولون من المجلس.
وكانت حركة المجتمع الديمقراطي (Tev-Dem) قد أعلنت عن اجتماع للمرجعية السياسية وحضره 20 عضواً من المرجعيّة السياسيّة مع المفصولين من المجلس، ومقاطعة ممثلي المجلس الوطني لتلك الاجتماعات.
أسئلة كثيرة تدور حول اتفاقية دهوك ومصيرها طرحناها بدورنا على شخصيات مستقلة تهتم وتتفاعل مع الشأن السياسي في روجآفا.
الصحفي فريد ادوار: رئيس تحرير موقع “Adarpress” الالكترونيّ.
ما هي برأيكم أهم الأسباب والتي تؤدي دائماً إلى فشل الاتفاقيات الكرديّة الكرديّة؟
حتماً الخلافات الدّاخلية والتّمسّك بالآراء وإقصاء الآخر؛ هي أساس إجهاض أية اتفاقية بين كتلتين كُرديتين، وللأسف هذا الأمر هو الطاغي على العقيلة الحزبية لدى الحركة الكُردية بالمجمل، فالكل يجد في نفسه المُخلّص ومُنقذ الأمة الكُردية.
أسباب عدم نجاح وتطبيق اتفاقية “دهوك” – برأيكم – حتى الآن؟
اتفاقية “دهوك” هي كسائر الاتفاقيات التي كانت من المُمكن أن تُخرج الحركة الكُردية من مستنقع الفساد السياسي وتُخلّص الكُرد من عقلية الحزب الواحد، حتى الآن لم تُعلن “دهوك” فشلها ولم ترفع الراية البيضاء، لكن كل المؤشّرات تدلّ على مصرعها في وقتٍ قريب.
فالمجلس الوطني الكُردي الذي دائماً ما يظهر ضعيفاً ومتقاعساً أمام (حركة المجتمع الديمقراطي Tev-Dem، لم يجد هذه المرة مفرّاً من الجلوس على طاولة المُفاوضات، ولأنه لا يملك أي مشروع سياسي خاص بالمناطق الكُردية في سوريا (روجآفا) حاول التّملّص من هذه الاتفاقية أيضاً، بإثارة قضيّةٍ غريبة وعجيبة لا تخطر على بال أحد، وهي مسألة التّزوير في انتخابات أعضاء المرجعية السياسية، هذه المشكلة أظهرت بشكلٍ جلي مدى الخلافات واختلاف الرؤى داخل هيكلية المجلس الوطني، وفضحت مآرب ومُخطّطات بعض الأحزاب (ليس مهماً أيّ حزبٍ كان)، ولكي يكتمل المشهد الدّرامي؛ ظلّت المناوشات بين المجلس والأحزاب التي أدينت بـ «خيانة العهد» قائمة حتى الآن، بحيث تناسى المجلس قضيةً أهم وهي اتفاقية “دهوك” وحتى يُخلط الحابل بالنّابل أكثر، باتت حركة المجتمع الديمقراطي في مكان محامي الدفاع عن الأحزاب الثلاثة التي تُعدّ في نظر (ENKS) «خائنة».
بالمجمل يمكن القول، أن جميع التّوقعات مشروعة بخصوص ما قد تكشفه لنا الأيام بشأن اتفاقية “دهوك” التي لن تُطبّق إلا إذا تنازل الطّرفان من أجل المصلحة العامة، لكن بتصوّري محال أن يحدث ذلك، فمصلحة الأمة الكُردية أكذوبة تلعبها الحركة السياسية الكُردية بمختلف مُسمياتها.
3- هل برأيك هذه الاتفاقيات جدية في ظلّ تمتّع النظام ببعض من نفوذه في روجآفا؟
عند قراءة المشهد الكردي السّوري، نجد أنه من الضرورة وجود اتفاقيةٍ من شأنها توحيد الرؤى والأهداف، ومعظم الاتفاقيات المُبرمة بين الحركات والأحزاب السياسية الكُردية، كانت تتضمّن بنوداً لو أنها طُبّقت، لنال الكُرد السّوريون حقوقهم كاملةً وشكّلوا إقليماً كُردياً ضمن الدولة السورية، لكن للأسف هناك بعض الأحزاب الكُردية تقف ضد تحقيق ذلك المشروع، لسببٍ أو لآخر.
أما إبرام تلك الاتفاقيات ومدى جدّيتها في ظل تواجد النّظام السّوري، فهي مسألةٌ أخرى، لأن أساس ذلك الوجود الذي يعتبره البعض شكلي، مُرتبطٌ بمدى نجاح تطبيق هاتيك الاتفاقيات.
4- هل تؤمن بالحالة الديمقراطية التي جرت أثناء انتخابات المرجعيّة السياسيّة ؟
الديمقراطية مصطلحٌ تحت الطّلب وموجودٌ دائماً فوق طاولة الحركة السياسية، ومن هذا المنطلق، فإن انتخابات المرجعية السياسية لا علاقة لها بمبدأ الديمقراطية، لا من قريب ولا من بعيد، ولم تكن سوى مُحاصصة وتوزيع أدوار بين زعماء الأحزاب الكُردية، ونتائج ذلك باتت واضحة منذ الخطوة الأولى، بعد فضيحة استمالة بعض أحزاب المجلس الوطني الكُردي لصالح الطرف الثاني في اتفاقية دهوك.
5- هل انتهى دور المجلس الوطني الكردي – برأيك – في خندق المعارضة السورية؟
بالتّأكيد لا يمكن الجزم بانتهاء دوره من نقيضه، إلا بعد إنهاء أحزاب المجلس الوطني الكُردي خلافاته الداخلية، والعودة للعمل ببنود اتفاقية دهوك، حينها قد تولد كتلة سياسية موحّدة تُلغي كل شيء بخصوص مقاعده في الائتلاف، وتأتي بشيء جديد.
أما دون ذلك، فأتوقّع بقاء كل شيءٍ على حاله، لأن من مصلحة المعارضة السورية المُتمثّلة بالائتلاف، تخصيص مقاعد للأكراد والتي من شأنها أن تمنح المعارضة مزيد من الدّعم الدولي.
6 – هناك من يقول بأن الصراع على تقوية النفوذ في روجآفا بين الـ (الديمقراطي الكردستاني عراق وحزب العمال الكردستاني) مازال مستمراً والأحزاب الأخرى تبحث عن تحالفات سريعة مع الطرفين ، ولا تلعب دور المعارضة؟
بالأساس؛ لولا تدخّل الديمقراطي الكُردستاني العراق وحزب العمال الكُردستاني، لضاعت الحركة السياسية الكُردية في سوريا، فمنذ ولادة تلك الأحزاب، كان هناك دائماً قطبان يدعم كل منهما طرفاً بعينه، يدعمه ويوجهه، ولا زال الأمر كذلك وسيستمر.
هناك دائماً محوران اثنان، هولير وقنديل، كلٌ يسعى جاهداً لبسط نفوذه وكسب التّأييد الجماهيري له لدى أكراد سوريا، ولا أراه أمراً خاطئاً البتّة، وهي حقيقة واضحة لا تُخفى على أحد، والحركات والأحزاب الكُردية السورية ما هي إلا أداة بيد مركَزَي القرار في المحورين.
7- في حال نجحت “دهوك” هل ستنجح عملية القوة العسكريّة المشتركة وماهو دور أحزاب المجلس الوطني فيها ؟
القوة العسكرية الكُردية في روجآفا موجودة قبل إبرام اتفاقية دهوك وهي مُتمثّلة بوحدات الحماية الشعبية، وحريٌ بالمجلس الوطني الكُردي في حال نجاح لجنة متابعة تشكيل قوة عسكرية مُشتركة، أن تدعم تلك الوحدات بمُقاتلين جّدد، لأن معظم مُقاتلي وحدات الحماية، هم إما أنصار حزب الاتحاد الديمقراطي أو مؤيديه، وحجج المجلس الوطني الكُردي بعدم انضمام باقي الشباب من أحزاب أخرى لتلك القوة، هي تبعيتها لـ PYD.
لذلك مطلوبٌ من ENKS العمل بجدية لتشكيل جيشٍ كُردي مُشترك مؤلّفٍ من مُقاتلين كُرد من جميع أحزاب المجلسين الكُرديين، ودون ذلك؛ لن تُمثّل تلك الوحدات المُقاتلة- رغم تضحياتها الكبيرة- إلا طرفاً واحداً وهو حزب الاتحاد الديمقراطي وهذا حقٌّ مشروع له.
8-ماهي قرائتكم لقرار فصل الأحزاب الثلاثة من الـ ENKS ؟ و هل هو قرار صائب بالنسبة للمجلس الوطني الكردي ؟
لو كان للمجلس الوطني الكُردي القدرة على كسب التّأييد الجماهيري، وتشكيل قاعدةٍ شعبيةٍ في المناطق الكُردية، لمّا تجرّأت بعض أحزابه في خرق عهدٍ تم في اجتماعٍ سري حول منح الأصوات للأشخاص المحسوبين عليه.
ولمّا وضع نفسه في مأزق حجب الثّقة عن بعض أحزابه المُتّهمين بـ «الخيانة» فقرار الفصل، وإن كان من وجهة نظر البعض صائباً، جاء ليُثبت مًجدّداً ضعف المجلس وترهّله في لمّ شمل الأحزاب الكُردية، بل على العكس ساهمت في كثير من الأحيان إلى بث التّفرقة بينهم.
كان من الأفضل ألا يصدر المجلس أي قرار من شأنه زيادة حدة الحساسية بين أحزابه، أو خلق حالة من العداء بينهم، وكان يكفي الضغط على باقي قيادات الأحزاب الثلاثة بضرورة تغيير هؤلاء الأشخاص الذين يشغلون منصب سكرتير الحزب، واستبدالهم بآخرين حتى يُمثلوا حزبهم في المرجعية وباقي الهيئات.
كل هذه التّضحية كانت ستكون لأجل استمرارية ما بدأ به رئيس إقليم كُردستان “مسعود البرزاني” بخصوص اتفاقية دهوك وتطبيق بنودها التي لن ترى النّور ما لم يتنازل طرفٌ على حساب طرف آخر.
9- هل حركة المجتمع الديمقراطي (Tev-Dem) – برأيك – تعرقل هذه الاتفاقية؟
كِلا المجلسين مسؤولان عن عرقلة اتفاقية دهوك وما سبقتها من اتفاقيتي هولير 1 و 2، فالمجلس الوطني الذي يسعى دائماً لتحقيق أفضل المكاسب لأكراد سورية، يُعاني من انقساماتٍ وشلّلية حزبية في هيكليته والتي تجعل منه هزيلاً وتدفعه إلى التّخبّط باتّخاذ القرارات.
أما حركة المجتمع الديمقراطي التي تجد في نفسها الطرف الأقوى سياسياً وعسكرياً وتنظيمياً، تسعى على الدوام إلى استغلال نقاط الضّعف لدى نظيرها (ENKS) وتوظيفها لأجنداتها، وتفرّدها في إدارة المنطقة الكردية.
10- ماذا عن مستقبل المجلس الوطني الكردي؟
مستقبل المجلس الوطني الكُردي يُحدّده حاضره وماضيه، فلو راجع هذا المجلس مسيرته وما حقّقه وما لم يُحقّقه من إنجازات خلال مسيرة السنوات الثلاث الماضية، لوضع خطة عملٍ جديدة وبدأ بتنفيذها، أما دون ذلك، فسيبقى مجرد رقمٍ يُضاف إلى سجل تاريخ الحركات الكُردية.
11- مَن مِن المجلسين الكرديين يمتهن فن الامناورة في المفاوضات السياسية؟
من الجيد أن نسأل هل هذين المجلسين يُمارسان السّياسة أم شيء آخر، فلو قلنا أنهما كذلك، فبرأي أن من يمتلك القوة على الأرض هو من يُتقن فن المُناورة، وأقصد بذلك حركة Tev-Dem والذي نجحت في استمالة 3 أحزاب من داخل المجلس الوطني الكُردي وضمّهم إلى صفوفه في المعركة الانتخابية المُتعلّقة باختيار أعضاء المرجعية المُستقلّين..!!
12- هل سنشهد ولادة إطار ثالث ضمن الحركة السياسية الكردية؟
أمرٌ طبيعي أن تكون هناك ولادة أُطر أخرى ضمن الحركة السياسية الكُردية، قد تكون ثالثة ورابعة، ما دام أحدهما لا يقبل الآخر.
جميع المؤشّرات تدل على أن هناك إطاراً سياسياً ثالثاً في طور الولادة، وصنّاعها بالتّأكيد سيكونون الأحزاب المفصولة من المجلس الوطني الكُردي، وربما سيشاركهم زعيم حزبٍ أو أكثر من أحزاب الديمقراطي الكُردستاني- سوريا (PDK-s) الذين يعتقدون أنهم خسروا مناصبهم بعد توحيد حزبهم في بوتقة الحزب الواحد.
13- هل نجحت (Tev-Dem) بالحفاظ على الأمن والاستقرار في روجآفا؟
Tev-Dem حقّقت شيئاً من التّوازن في مجال منظمات المجتمع المدني، أما بالنسبة للجانب العسكري والأمني المُتمثّل بـ YPG والأساييش، فلم تنجح حتى الآن في إقناع من هم من أنصار باقي الأحزاب والمُستقلّين، بفكرة العسكرة، هي حافظت على حدود بعض المدن الكُردية من هجمات الإسلاميين، لكن ستُحقّق الأفضل عندما تتحد مع الطرف النقيض.
14- هل ستنجح أحزاب المجلس الوطني الكردي في حالة المشاركة في حكومة الإدارة الذاتية بالعمل في ظل كل هذه الظروف ؟
لا أعتقد أنها ستنجح بالمُشاركة أصلاً، ولنفترض أنها نجحت ووافقت بالانضمام إلى مشروع الإدارة الذاتية، فأجزم أنها لن تستمر سوى شهرٍ واحد وهذا الشهر سيكون فقط عبارة عن اجتماعات متتالية في سبيل توحيد الرؤى والجهود لإدارة مُشتركة للمنطقة.
الفشل لن يكون بسبب رفض تلك الأحزاب، بل لأن القائمين حالياً في الإدارة الذاتية، ربما لن يقبلوا إملاءات وتعديلات الوافدين الجُدد عليهم.
حوار: أحمد بافى آلان- قادر عكيد
التعليقات مغلقة.