تركيا بالكردي.. اختراق تقاليد الجمهورية

23

جاء فهرسإنشاء معهد اللغات الحيّة في جامعة أرتوكلو في مدينة ماردين التركية عام 2010، ليشكل في ذاك الوقت ثورة على العقلية القومية التركية المتعصبة باحتوائه على قسم الكرديولوجي وقسم للغة العربية وللغة السريانية، إذ تعد هذه اللغات ممثلة لقوميات مواطني ولاية ماردين جنوب شرقي البلاد.
واعتبرت هذه الجامعة اختراقا ضخما لتقاليد الجمهورية التركية الأتاتوركية، من قبل حزب العدالة والتنمية بقيادة رئيس الوزراء السابق ورئيس الجمهورية الحالي رجب طيب أردوغان، وخطوة في طريق حل القضية الكردية في تركيا.
تعرض المعهد لكثير من العقبات والتهديدات منذ تأسيسه، بل وأغضب كلّاً من الحكومة التركية في أنقرة واتحاد المجتمعات الكردستاني الذي يعتبر المظلة التي ينضوي تحتها كل أجنحة حزب العمال الكردستاني”، ففي الوقت الذي تتهمه فيها الدوائر التابعة للدولة بالتبعية للعمال الكردستاني، يتهمه الأخير بالتبعية لحركة الخدمة بقيادة فتح الله غولان التي يناصبها العمال الكردستاني عداء يفوق عداء العدالة والتنمية، بسبب خلافات إيديولوجية.
تصاعدت الأمور في الفترة السابقة إثر الاحتجاجات التي اندلعت في تركيا لأجل كوباني ذات الأغلبية الكردية في سورية، والتي تتعرض فيها قوات وحدات حماية الشعب  لهجمة شرسة من أشهر من قبل قوات تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، ليتم إلقاء القبض في وقت لاحق على رئيس قسم الكرديولجي قدري يلدرم بتهم فساد بدت واضحة بأنها انتقام سياسي، من قبيل اتهامه بجمع خمسين ليرة تركية من الطلاب الذين يتقدمون بطلبات الانتساب من دون وجود قانون يخص بذلك.
ليرد يلدرم على ذلك الادعاء، باتهام مجموعات متواجدة في الجامعة وأخرى في مديرية الأمن ومجلس التعليم العالي وبعض وسائل الإعلام بالوقوف وراء ذلك، وليؤكد بعد إطلاق سراحه في مؤتمر صحافي قبل أيام أن “معهد اللغات الحية وقسم الكرديولوجي ليس تابعا لأحد ولن يكون الحديقة الخلفية لأي مجموعة، إنه فقط معهد للغة الكردية وآدابها”.
ما زال يلدرم يحاول التأكيد أن قسم الكرديولوجي في الجامعة هو معهد أكاديمي لا علاقة له بالتجاذبات السياسية، مشيرا في أحد حواراته بعد الاعتقال إلى أن القيادات العليا في البلاد بدت تتفهم ذلك، حيث عبر أردوغان خلال زيارته لماردين أثناء حملة الانتخابات الرئاسية منتصف العام الحالي، عن تثمينه لعمل المعهد ومن ثم ليرسل رسالة تهنئة بتخريج دفعة 2014، كما أن قيادات الشعوب الديمقراطي بدت هي الأخرى تتفهم ذلك عبر حضور رئيس بلدية ماردين حفل التخريج، لكن وبحسب يلدرم ما زال هناك بعض الدوائر في الدولة لم تتخلص من عقدة الأكراد وانفصالهم، وأيضا هناك مقابلها من الذين يخونون الحركة القومية الكردية.
على الرغم من الوعود التي تقدمت بها الحكومة بتوظيف خريجي معهد الكرديولوجي في وزارة التعليم التركية كمدرسين للغة الكردية التي من المفترض أن تبدأ دروسها الاختيارية، إلا أن الحكومة لم تقم بتوظيف أكثر من 18 خريجا من أصل ألفي خريج، وذلك بعد 18 إضرابا للخريجين عن الطعام لمدة 18 يوما، ليبقى مصير هؤلاء الخريجين رهنا بسير عملية التسوية مع العمال الكردستاني؛ والتي كانت قد تعرضت الشهر الماضي لانتكاسة كبيرة لم تتحلحل إلا قبل أيام، إثر الاجتماع الذي عقدته الهيئة التابعة لحزب الشعوب الديمقراطي الكردي مع وزير العدل بكير بوز داغ، كل هذا خفض تعداد طلبات الالتحاق بالمعهد من ثلاثة آلاف طلب عام 2012 إلى ألف في العام الحالي.
كما واجه المعهد أزمة كبيرة أخرى باستخدام الأحرف (WQX) غير المتواجدة بالأبجدية التركية والموجودة بالأبجدية اللاتينية للغة الكردية، لتنتهي الأزمة بعد باقة الإصلاحات التي أعلن عنها حزب العدالة والتنمية قبل الانتخابات البلدية التي أقيمت في نهاية مارس من العام الحالي.

العربي الجديد

التعليقات مغلقة.