لبنان.. اللاجئون السوريون بين العودة ” الأولى” والهجرة “الثانية”

11

 

منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011، شكّل لبنان إحدى الوجهات الرئيسية للاجئين السوريين الباحثين عن الأمان، وبعد مرور أكثر من عقد على الأزمة، بات الوجود السوري في لبنان أحد أعقد الملفات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في البلاد، حيث يعيش مئات الآلاف من السوريين في ظروف صعبة، وسط جدل داخلي متصاعد حول مستقبلهم.

ووفق بيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يُقدَّر عدد السوريين في لبنان بنحو 1.5 مليون شخص، بينهم أكثر من 800 ألف مسجلين رسمياً، ويُعد لبنان من أكثر الدول استضافةً للاجئين مقارنة بعدد سكانه، إذ يشكّل السوريون ما يقارب ثلث السكان.

وبحسب المفوضية، عاد أكثر من 400 ألف لاجئ من أصل نحو 6 ملايين سوري منذ سقوط نظام الأسد إلى بلادهم ، غير أن العودة من لبنان ما زالت محدودة، بفعل المخاوف الأمنية وغياب الضمانات الحقوقية.

تحديات قانونية ومعيشية

يواجه معظم اللاجئين أوضاعًا قانونية معقدة، بسبب صعوبة تجديد الإقامات أو الحصول على أوراق رسمية، ما يعرّضهم لخطر الاعتقال أو الترحيل، وتترافق هذه التعقيدات مع حملات تحريض إعلامية وسياسية تربط وجودهم بالأزمة الاقتصادية التي يمر بها لبنان.

أما على المستوى المعيشي، فنحو 90% من اللاجئين السوريين يعيشون في لبنان تحت خط الفقر، وأكثر من 80% من دون إقامة قانونية، وسط تراجع المساعدات الإنسانية، فيما يواجه أطفالهم صعوبات كبيرة في متابعة التعليم، ويجد الكثير منهم عوائق أمام الحصول على خدمات صحية بسبب الكلفة والقيود المفروضة على برامج الرعاية.

 

الموقف اللبناني والجهود الدولية

أصبحت قضية إعادة اللاجئين السوريين إلى بلدهم الشغل الشاغل للسياسيين اللبنانيين خلال السنوات القليلة الماضية، كما تحولت تلك المسألة إلى نقطة خلاف بين المسؤولين في الدولة وشركائهم في الدول الأجنبية.

وأكدت الحكومة اللبنانية مرارًا أن استمرار الوجود السوري يثقل كاهل الاقتصاد الوطني، وتطرح باستمرار خططًا ومبادرات لإعادتهم. وقد أعلنت وزيرة الشؤون الاجتماعية، حنين السيد، إغلاق 162 ألف ملف لنازحين غادروا، مع وجود 71 ألف طلب إضافي قيد المعالجة، مشيرة إلى أن الخطة الحكومية تهدف إلى إعادة ما بين 200 و400 ألف لاجئ حتى نهاية 2025.

كما أطلق الأمن العام اللبناني إعفاءات لتسهيل العودة، تتيح للمخالفين شروط الإقامة مغادرة لبنان خلال فترة محددة من دون غرامات أو منع دخول لاحق.

 وفي السياق ذاته، أطلقت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة برنامج العودة الطوعية، الذي يمنح مبالغ مالية للعائدين، غير أن الاستجابة ما زالت محدودة، إذ لم يتجاوز عدد العائدين عبره عشرات الأفراد شهريًا.

 

بين العودة والبقاء مخاوف أمنية ومستقبل غامض

ورغم ذلك، يصعب حاليا تحديد العدد الدقيق للسوريين في لبنان أو حجم العائدين منهم إلى سوريا منذ كانون الأول، نتيجة كثرة العبور والعودة غير الشرعية عبر الحدود “اللبنانية-السورية” الطويلة والسهلة الاختراق نسبياً.

وتشير التقديرات إلى شبه توازن بين أعداد العائدين والوافدين الجدد، إذ يرجح أن 100 ألف شخص غادروا لبنان إلى سوريا، فيما أعلنت مفوضية اللاجئين بأن قرابة مئتي ألف سوري عبروا الحدود إلى سوريا منذ كانون الأول الماضي، نصفهم عاد مجددا إلى لبنان بعد فترة قصيرة، وفي المقابل نزح أكثر من 100 ألف سوري إلى لبنان منذ كانون الأول الماضي، هرباً من العنف الطائفي والهجمات الانتقامية.

ويبقى ملف اللاجئين السوريين في لبنان عالقاً بين اعتبارات السياسة وضغوط الاقتصاد ومعاناة إنسانية يومية، وفي ظل هشاشة الوضع الأمني والسياسي في سوريا وغياب ضمانات العدالة والحقوق الأساسية يظل اللاجئون بين خيار المنفى غير المستقر والعودة غير المضمونة، فيما يواجه لبنان تحدي الموازنة بين التزاماته الإنسانية وظروفه الداخلية المعقدة.

المصدر: وكالات

تحرير: فريق Buyer

التعليقات مغلقة.