معارك كوباني تعيد تشكيل المشهد السياسي الكردي بسوريا
أفرزت معارك (كوباني) السورية الحدودية واقعاً سياسياً وعسكرياً جديداً يتيح لقوى سياسية كانت مغيبة عن صدارة المشهد السياسي الكردي العودة مجدداً، والمشاركة في صناعة القرار السياسي لأكراد سوريا، وفق اتفاق دهوك الذي وقعته القوى السياسية الكردية في إقليم كردستان العراق الشهر الماضي.
فالإدارة الذاتية الكردية التي تم الإعلان عنها قبل قرابة سنة من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي
(PYD) لم تشمل جميع التيارات والقوى السياسية الكردية، كذلك فإن المؤسسات والقوى العسكرية التابعة للإدارة الذاتية (قوات حماية الشعب، قوات حماية المرأة) لم تضم مقاتلين وعناصر من بقية الأحزاب الكردية، ماخلق تيارين في الشارع الكردي مابين مؤيد ومعارض لهذه الإدارة.
بيد أن معارك كوباني غيرت من واقع الحال، حيث شكلت جميع الأحزاب الكردية قيادة سياسية مشتركة لإدارة المناطق الكردية. ووفق عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الديمقراطي الكردي (يكيتي) مسلم الشيخ حسن، فإن الاتفاق الذي جرى في مدينة دهوك بإقليم كردستان العراق، يقضي بإعادة هيكلة مناطق الإدارة الذاتية الثلاث التي أعلن عنها حزب (PYD) وهي كوباني, عفرين، القامشلي، واستبدالها بوحدة إدارية مشتركة تقودها قيادة سياسية موحدة يتم التشاور حالياً لتشكيلها في مدينة القامشلي السورية.
وفيما يخص التمثيل العسكري لبقية الأحزاب السياسية الكردية، قالت مصادر كردية إن مقاتلين من أكراد سوريا مدربون في إقليم شمال العراق على يد البيشمركة دخلوا إلى كوباني خلال الأيام الماضية لدعم قوات حماية الشعب الكردية (YPG) المتواجدة في المدينة.
وقالت المصادر إن “العناصر الكردية الجديدة (جلهم من الجنود المنشقين عن النظام والمتخلفين عن الخدمة الإلزامية في جيش الأسد) ستحقق تمثيلاً عسكرياً لكل الأحزاب والتيارات الكردية في مدينة كوباني، وهي حالة ستؤسس لتشكيل قيادة عسكرية مشتركة تتبع للإدارة الذاتية الجديدة، وتنتشر في جميع المناطق الكردية، بحيث تكون قوات (YPG) أحد أركانها وليست القوة الوحيدة فيها”.
ويحاول الساسة الكرد طمأنة بقية المكونات السورية إلى أن الإدارة الذاتية الكردية ليست ذات مشروع انفصالي للأكراد عن بلدهم الأم سوريا، ولكنها تهدف لإدارة شؤون المناطق الكردية وحفظ الأمن فيها في ظل حالة الفوضى السائدة في البلاد.
وفي هذا الصدد أكد نائب رئيس هيئة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية بكوباني، إدريس نعسان، أنه لا توجد مخاوف من تقسيم سوريا “كون الشعب الكردي ذا الأغلبية العظمى في المناطق التي تتواجد بها الإدارة الذاتية لايلغي المكونات الأخرى، وهذه الادارة أثبتت أنها تمثل تطلعات الشعب الكردي من خلال وقوف قوات حماية الشعب الكردية التي تتبع للإدارة الذاتية في وجه تنظيم “داعش” على مدى شهرين في معارك كوباني”.
ورغم التباين الذي كان واقعاً في طريقة تعاطي الإدارة الذاتية سابقاً مع قضايا سورية ذات إشكالية مثل العلاقة مع مؤسسات المعارضة السورية، والموقف من نظامِ الأسد، إلا أن القوى الكردية تؤكد بالعموم على أن الادارةَ الجديدة ستكون إدارة مدنية تتبع لها قوة عسكرية مشتركة لتسيير شؤون الأكراد، وضبط الأمن في مناطقهم.
وفي هذا السياق، قال القيادي في تيار المستقبل الكردي في سوريا، علي تمو: “أعتقد أنه لا توجد مشاريع انفصالية لدى كرد سوريا، ونحن ندعم الإدارة الذاتية الكردية طالما هي إدارة مدنية تهدف لتسيير شؤون المواطنين، ومن هنا نطمئن الأخوة العرب إلى أن هذه الإدارة ستؤسس لواقع إداري جديد في المناطق الكردية ضمن إطار الدولة السورية في مرحلة مابعد رحيل النظام”.
العربية نت
التعليقات مغلقة.