جنوب إفريقيا.. دولة على حافّة الإفلاس

29

3271495545

يرى الكثير من المحللين أن جنوب إفريقيا، بلاد نيلسون مانديلا، هي في عداد البلدان الصاعدة في عالم اليوم. مثل هذا الرأي لا يحظى بالإجماع. بل إن الباحث الاقتصادي أليكس بورين يرى أن جنوب إفريقيا هي «بلاد على حافّة الإفلاس».
هذا ما يشرحه في كتابه الصادر عن جامعة نيويورك والذي عنوانه هو السؤال التالي: «أين مكمن الخطأ؟». ويحاول المؤلف في هذا العمل الإجابة عن سؤال جوهري مفاده: لماذا انزلقت جمهورية جنوب إفريقيا نحو منحدر قد يهدد بدفعها نحو حالة دولة على حافة الإفلاس؟.
وفي معرض الإجابة يرسم أليكس بورين صورة للوضع في جمهورية جنوب إفريقيا في السياق الحالي من مسيرتها بعد زوال نظام التمييز العنصري. وهو يحلل النظام السياسي القائم ومؤسساته، مع توصيف دقيق للحزب الحاكم «حزب السلطة»، أي «حزب المؤتمر الوطني الإفريقي» الذي كان نيلسون مانديلا أحد رموزه التاريخيين. كما يكرّس العديد من الصفحات للحديث عن حالة «الفساد المستشري» في جميع مؤسسات الدولة وعلى مختلف الأصعدة.
ويصرّح المؤلف في البداية أنه لم يكن يريد أن يكتب في أي يوم من الأيام هذا العمل، إلاّ في زمن التمييز العنصري. ولا يتردد في القول إنه أعطى صوته في انتخابات عام 1994 لحزب المؤتمر الإفريقي، وإنه كان في غاية السعادة بوصول نيلسون مانديلا إلى كرسي الرئاسة.
وهو يعود في البداية أيضاً إلى التأريخ لحزب المؤتمر الإفريقي عندما كان خاصّة في «المنفى». ويشير إلى أن النخب فيه كانوا يعيشون حياة رغيدة ويحضرون «الحفلات الدبلوماسية»، بينما كان مناضلو الحزب مرغمين على العيش في «أحضان الفقر» بمعسكرات اللجوء في تنزانيا وأنغولا.
ثم يحلل المؤلف مرحلة وصول حزب المؤتمر الوطني الإفريقي للسلطة وإساءة استخدامه لها. هذا في الوقت الذي حافظ فيه المناضلون على إيمانهم بالنهج السليم لحزبهم، بينما بدا بوضوح أن الحزب يريد أن يفرض سيطرته على الجهاز التنفيذي الحكومة والبرلمان والمجتمع المدني والسلطة التشريعية ووسائل الإعلام. والسياق الحالي هو تعزيز لممارسات الماضي.
ما يشرحه المؤلف هو أن سعي حزب المؤتمر الذي كان قد قاد النضال ضد النظام العنصري للسيطرة على جميع مرافق الدولة بعد وصوله إلى السلطة خلق ثقافة تقوم على الشك والحذر وأقصى درجات عدم التسامح.
إن مثل تلك الذهنية سرت أيضاً بين أعضاء الحزب أنفسهم، بينما بقية القيادة مأخوذة بفرض سيطرتها. وكانت النتيجة، حسب التحليلات المقدّمة، هي خسارة الحزب اجتماعياً وأخلاقياً وسياسياً، وخسرت جنوب إفريقيا معه على مختلف هذه الأصعدة. وفي المحصّلة غدت بمثابة بلاد على حافّة الإفلاس، كما يشير العنوان الفرعي للكتاب بصيغة الاستفهام.
المؤلف يقدّم بهذا الصدد العديد من الأفكار. وعلى رأسها إعادة صياغة بنية المجتمع المدني بحيث يتم الوصول إلى تشكيل نوع من الجبهة الموحّدة على شاكلة تلك التي ضمّت جميع القوى المناوئة للنظام العنصري في عام 1983.
بالتوازي مع هذا يرى أنه من المفيد جداً في السياق الحالي لجنوب إفريقيا تكوين تحالف سياسي حول نواة صلبة من القيادات السياسية فيها قسم من حزب المؤتمر الإفريقي الحاكم ومن النقابيين، ومن بقية القوى السياسية ومن المجتمع المدني. وتحديد القول إن «عملاً في العمق لا بدّ منه».
الكتاب يقدّم فيه مؤلفه تحليلاً سياسياً للوضع القائم في جنوب إفريقيا ولحالة الفساد وثقافته في القطاع العام بالبلاد وعودة إلى التأريخ لمسار حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم، والدعوة إلى تحقيق شروط النهوض من جديد.

بيان الإمارتيّة

التعليقات مغلقة.