الفتيات السوريات ينخرطن في الصراع المسلح… ونزف بطيء لسنوات

40

10_19_06_23_مع زيادة القناعة بأن الصراع السوري سيستمر سنوات عدة، تصاعد في الفترة الاخيرة انخراط الفتيات في الصراع الدموي العنيف في سنته الرابعة. وباتت لكل طرف من الاطراف الاربعة فصائل مسلحة مخصصة للنساء مع استمرار النزف البطيء في قاعدة كل من اطراف القتال الاربعة التي تشمل القوات النظامية والمعارضة وتنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش) والاكراد.
وكان المبعوث الدولي – العربي السابق الاخضر الابراهيمي قال في مؤتمر في لندن قبل يومين انه ليست هناك في سورية «خطط للسلام، بل خطط للحرب»، لافتاً الى ان كل طرف يقول انه غير مؤمن بالحل العسكري، لكنه يعمل ليل نهار على الحل العسكري و «الانتصار الساحق».
وآخر حلقة من انضواء النساء في المعركة، بث وسائل اعلام رسمية سورية فيديو لمقاتلات فتيات انضممن الى الجيش النظامي، اضافة الى تقارير سابقة عن انخراطهن في «قوات الدفاع الوطني» الموالية للنظام.
وفي فيديو بثته وكالة «جهينة» الموالية للنظام، قالت «الفدائية ماريا» انها انضمت الى «الجيش العربي السوري كي أُظهر للعالم ان في سورية ليس فقط رجال». وأضافت: «ليست هناك واحدة منا إلا وذهب (قتل) شهيد من عائلتها وجئنا (الى القتال) لنأخذ الثأر» من المعارضة السورية.
وتضمن التقرير صوراً مرئية لتدريبات خضعت لها الفتيات، وكان خطاب التدريب يتركز على الرئيس السوري بشار الأسد. وصرخت الفتيات خلال التمرين: «بشار، بشار، بشار. بالروح بالدم نفديك يا بشار».
وقالت فتاة اخرى قدمت نفسها بـ «المغوارة سمارة» انها التحقت بالجيش «كي اساعد اخوتي» في الجيش، فيما قالت اخرى: «نحن خمس بنات فداء سورية وبشار الاسد». وأفادت «المغوارة رهف» ان امراً جيداً ان «نتعلم خوض الحرب والقتال الى جانب اخوتنا في قلب المعركة».
وكانت الامم المتحدة افادت بأن نحو 190 ألف شخص قتلوا في الصراع المستمر منذ بداية 2011. وأشارت مصادر سورية الى مقتل نحو مئة الف شاب من القاعدة الطائفية والسياسية للنظام، خصوصاً في معقله في الساحل غرب البلاد. وتراجع في السنوات الماضية عدد الذين يؤدون الخدمة العسكرية الى ارقام لا تتجاوز بضعة آلاف بعدما كان يدخل الى الجيش نحو 70 ألفاً كل ستة اشهر. كما انخفض العدد الاجمالي للقوات المسلحة الى نحو الثلث بعدما كان يضم نحو مئتي ألف يضاف مثلهم في الخدمة الاحتياطية. وانشق آلاف العسكريين وهربوا الى تركيا والأردن.
وقدمت السلطات السورية حوافز وعقوبات لتسهيل عودة منشقين او «فارين» ودخول الشباب الى الخدمة الالزامية بدل خروجهم الى دول مجاورة هرباً من اداء الخدمة.
وقالت «المغوارة ثراء» في الفيديو: «تطوعت في الجيش. نحن ست بنات وثلاثة شبان. كلنا متطوعون في الجيش. فداء الوطن وفداء الاسد» وسط هتاف الفتيات «سوري سوري، الاسد وحرس جمهوري». وأضافت اخرى: «اوجه كلمة الى الارهاب: سنقاتل الى آخر قطرة في دمنا». وتضمن الفيديو لقطات للفتيات خلال مشاركتهن في معارك قرب دمشق واستخدامهن اسلحة ثقيلة وركوبهن آليات ثقيلة.
في الضفة الاخرى، هددت سعاد العبود الكياري التي قدمت نفسها على انها «قيادية في المعارضة السورية المسلحة» النظام السوري بأنه «سيواجه النساء إذا انتهى الرجال في سورية».
والكياري (36 سنة)، قالت انها تشارك الرجال القتال في «الجبهات» في ريف ادلب في شمال غربي البلاد وتدرب «كتيبة نسائية مؤلفة من ٤٥ امرأة لمواجهة قوات نظام الأسد، ومشاركة كتائب المعارضة في المعارك». ونقلت وكالة أنباء «الاناضول» عنها قولها انه تشارك في «معركة تحرير مطار أبو الظهور» في ريف ادلب وأنها تتمركز «في أقرب نقطة للمطار». وقالت: «بعض الشبان السوريين الذين يقيمون حالياً في ‫تركيا‬ ولحقوا النساء، هم ليسوا رجالاً، ولو كانوا كذلك لبقوا في أرضهم».
وكانت مجموعة من الفتيات والطالبات الجامعيات اعلنت تشكيل «كتيبة أمنا عائشة» في حلب شمالاً لـ «القتال في خندق واحد» مع مقاتلي «الجيش السوري الحر» في شمال البلاد. وضمت الكتيبة فتيات وطالبات جامعيات من مدن سورية مختلفة. وعرض ناشطون فيديو تضمن تدريبات للفتيات يرتدين لباساً عسكرياً ويحملن بنادق «كلاشنيكوف» إلى جانب قائد ميداني يرتدي زياً عسكرياً. وقالت احداهن: «جئنا لطلب الجهاد في سبيل الله لسد الثغر ورأب الصدع ورفع راية الدين بعد أن تكالبت علينا أمم الدنيا وتخاذل عن دعمنا الشرق والغرب».
وانخرطت فتيات بقوة في العمل الطبي والاغاثي منذ بداية الثورة في آذار (مارس) 2011. وشكلت مجموعة من الفتيات مجموعة «أم المؤمنين عائشة» لتقديم العون الطبي والإسعافات إلى المصابين. وقلن في فيديو انهن «مقاومة ضد قوات الأسد وشبيحته حتى آخر قطرة دم».
ولم تنحصر مشاركة النساء في قطبي النظام والمعارضة، بل شملت ايضاً البعد الكردي باعتبار ان «قوات حماية الشعب» التابعة لـ «الاتحاد الديموقراطي الكردي» بزعامة صالح مسلم، تقوم على فكر يساري قريب من «حزب العمال الكردستاني» بزعامة عبدالله اوجلان.
وكان لافتاً ان امرأة تقود المعارك الدائرة حالياً ضد تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش) في عين العرب (كوباني). وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الانسان» رامي عبدالرحمن ان «ميسا عبدو المعروفة باسمها الحربي «نارين عفرين» تقود قوات وحدات حماية الشعب الى جانب محمود برخدان (المقاوم بالكردية) في عين العرب».
وتحمل ميسا عبدو (40 سنة) كباقي المقاتلين الاكراد اسماً حربياً هو «نارين عفرين»، في اشارة الى منطقة عفرين شمال حلب. وقال ناشط ان «الاشخاص الذين يعرفونها يقولون انها مثقفة وذكية. انها قدوة في الاخلاق والطيبة رغم قساوة الحياة العسكرية، وهي تتفهم نفسية مقاتليها وتناقشهم في مشاكلهم في شكل مباشر».
وفي الخامس من ايلول (اكتوبر)، نفذت المقاتلة الكردية ديلار جينكسيميس المعروفة باسم «عفرين ميركان» عملية انتحارية ضد موقع لـ «داعش» على اطراف عين العرب، ذلك في اول عملية انتحارية لمقاتلة كردية منذ بدء النزاع السوري. وكان عنصر من «داعش» ذبح مقاتلة كردية خلال المعارك.
لتنظيم «داعش» أيضاً مقاتلاته، ذلك ان امرأة فرنسية صورت فيديو في مدينة الرقة معقل التنظيم في شمال شرقي سورية. وأظهر الشريط نساء فرنسيات يعشن في «دولة الخلافة» التي اعلنها ابو بكر البغدادي وهن يتحدثن إلى ذويهن في بلادهن لطمأنتهن. وبدت في الفيديو نساء مسلحات ورجال مسلحون يمشون في الشوارع، وتبدو في احد المشاهد سيدة مسلحة ببندقية «كلاشنيكوف» معلقة على ظهرها، وهي تقود طفلاً نحو ساحة للعب. ووفق تقديرات وردت في الفيديو، هناك 150 إمرأة فرنسية وعشرات الفتيات الاوروبيات سافرن إلى مناطق «داعش» غرب العراق وشمال شرقي سورية. وهناك «اميرة» في هيكلية «داعش» تشرف على المقاتلات ودورهن. وكانت بينهن ”أميرة نساء” تنظيم «داعش» المسؤولة عن تجنيد الفتيات والسيدات في محافظة الأنبار العراقية التي اعتقلت بداية العام.
الآن، هناك «أم مهاجر” التونسية المسؤولة عن كتيبة “الخنساء” في الرقة وتضم ٦٠ امرأة. وتشتهر فتيات الكتيبة بـ «اللثام الأسود» على وجوه كل مقاتلة مع حمل اسلحة فتاكة. وأفاد ناشطون بأنه يجب ان تكون الفتاة عزباء وعمرها بين 18 و25 سنة.

عن الحياة

التعليقات مغلقة.