تركيا: جدل حول مذكرة تفويض الجيش بسورية والعراق

31

349

في الوقت الذي يتجهز فيه البرلمان التركي، لمناقشة مذكرة التفويض التي يسمح بموجبها للجيش تنفيذ عمليات خارج البلاد، في كل من سورية والعراق، والسماح للقوات الاجنبية باستخدام قاعدة إنجرليك، ما تزال أنقرة تصر على رحيل النظام السوري، وإقامة منطقة عازلة على طول الحدود مع سورية.

وفي السياق ذاته، أكد وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، أن “الرئيس السوري بشار الأسد يجب أن يتنحى عن الحكم، كما تنحى قبله رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي”.

وأضاف عقب انتهاء مباحثاته في نيويورك، أنه التقى عدداً من الزعماء والمسؤولين وشرح لهم رؤى وأفكار تركيا فيما يتعلق بأمن المنطقة والأوضاع الإنسانية فيها، كما تباحث معهم في طرق التخلص من الإرهاب، وكيفية تجفيف منابعه وموارده.

وأشار جاويش أوغلو، أثناء حديثه عن استصدار مذكرة من البرلمان تتيح للجيش التدخل في سوريا والعراق، إلى أن المفروض ألا تستخدم هذه المذكرة كمادة في السياسة الداخلية، داعياً جميع الأحزاب إلى تفهم الأمور جيداً، لأن هذه المذكرة تهدف لحماية أمن تركيا واستقرارها ضد أي خطر يهددها سواء كان من الداخل أو الخارج.

وتأتي هذه التصريحات في إطار ردّ وزير الخارجية، على تصريحات كل من حزب “الشعب الجمهوري”، أكبر أحزاب المعارضة، وحزب “الشعوب الديمقراطية”، الجناح السياسي للعمال الكردستاني، التي رجحا فيها معارضة المذكرة، بينما يميل حزب الحركة القومية للموافقة عليها.

 

وأكد النائب عن حزب “الشعب الجمهوري”، غورسيل تيكين، أن “التفويض غير واضح، إذا ما قورن بالمذكرة الأولى التي صدرت في أكتوبر/تشرين الأول من العام 2003، والتي رفضها البرلمان التركي بعد طلب الإدارة الأميركية المشاركة في غزو العراق”.

وأشار إلى أنه “سيتم اتخاذ القرار النهائي بعد تحليل معمق لنص التفويض”، ولكنه لمّح إلى أنه “من غير المرجح ان يصوت حزب الشعب الجمهوري لصالح التفويض”.

وأضاف أن “هذا ليس تفويضاً عادياً. الحكومة تطالب بتفويض لا حدود له”، كما أكد تيكين بأنه “لا وجود لقرار من الامم المتحدة بإنشاء منطقة عازلة، وبالتالي فإن رغبة الحكومة بإنشائها هو أمر خارج إطار الشرعية الدولية”، رافضاً فكرة أن “يكون الجيش التركي جيش احتلال”.

من جهته، وجه زعيم الكتلة البرلمانية للشعب الجمهوري، عاكف حمزة جبي، انتقادات لاذعة لنص التفويض، مقارناً إياه بذلك الذي طلبته الحكومة عام 2003 أثناء غزو العراق.

ويشير التفويض السابق إلى وحدة الأراضي العراقية، بينما يغفل التفويض الجديد وحدة الاراضي السورية. وأتهم جبي “الحكومة بمحاولة استخدام التفويض كوسيلة لتقسيم سورية”.

في غضون ذلك، لا يبدو ان المذكرة ستلاقي القبول من نواب حزب “الشعوب الديمقراطية” أيضاً، إذ اعتبر الحزب أن “المذكرة الجديدة تظهر عدم رغبة الحكومة بالقتال بشكل واضح ضد داعش”، مشيراً إلى أن “التفويض لا يعكس مدى أهمية التهديد الذي يشكله التنظيم”.

واستنكر الحزب في بيان، وضع قوات “الحماية الشعبية”، التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي جناح العمال الكردستاني في سورية، ضمن قائمة المنظمات الإرهابية، مشيراً إلى “الدور المهم الذي تلعبه قوات الحماية الشعبية في قتال داعش”.

أما حزب “الحركة القومية” المعارض، فقد أكد على لسان أحد قيادييه، ويدعى جلال عدن أن “قيادات الحركة تبحث بنود المذكرة، وأنهم يرونها بشكل إيجابي حتى الآن”.

وشهدت مذكرة تفويض القوات المسلحة التركية، بالقيام بعمليات عسكرية في كل من سورية والعراق، والتي أحيلت بتوقيع رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، تغييرات كبيرة مقارنة بمذكرة سورية العام الماضي.

 

فقد كانت الحكومة التركية أوضحت في مذكرة سورية العام الماضي، أن النظام السوري، أي نظام بشار الأسد، يعتبر تهديداً لتركيا، إلا أن مذكرة سورية والعراق المشتركة، المحالة مساء الثلاثاء إلى البرلمان لم تذكر، على الإطلاق، النظام السوري.

وحول التهديدات القادمة من سورية إلى تركيا، أوردت الحكومة في نص المذكرة أن “تلك التهديدات قد تأتي من المنظمات الإرهابية الموجودة في كل من العراق وسورية”.

وكانت مذكرة سورية، التي قدمت للبرلمان العام الماضي، حددت التهديد الأهم لتركيا من جانب سورية بـ” استخدام أسلحة حُظر استخدامها من قبل القانون الدولي، بما فيها الأسلحة الكيماوية”.

أمّا المذكرة الجديدة، فتشير إلى أن الخطر الذي يهدد تركيا، “هو منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية، والمنظمات المشابهة، الموجودة في العراق وسورية”.

واللافت في المذكرة هو فتح الأراضي التركية للقوات المسلحة الأجنبية، لمكافحة المنظمات الإرهابية في كل من العراق وسورية، إذ إن استخدام عبارة “القوات المسلحة الأجنبية” بدلاً من استخدام “القوات المسلحة للدول/ للبلاد الأجنبية”، أي عدم ذكر “دولة” أو “بلد” معين، أمرُ لافت للنظر، ما تسبب في تفسير ذلك في كواليس أنقرة، على أنها جعلت التعريف شاملاً لن يجعلها بحاجة إلى طلب أي تفويض ثانٍ في حال دعت ظروف الحرب إلى ذلك.

ولعل عدم التحديد والاقتصار على كلمة “دولة/ بلد” بخصوص القوات المسلحة الأجنبية، يكشف الدور الذي ستلعبه أنقرة، عبر إعادة تدريب قوات وكتائب الجيش السوري الحر لتشكل البديل، الذي سيملأ الفراغ الذي سيتركه “داعش”.

عن العربي الجديد

 

التعليقات مغلقة.