علماء الفلك يكتشفون أقدم وأبعد مجرة في “العصر المظلم” للكون حتى الآن!
نتج عن أبحاث الانفجار العظيم اكتشاف أقدم وأبعد مجرة رصدت على الإطلاق، موجودة في العصر المظلم الغامض للكون.
ولطالما فتن فجر الوجود والزمان الفلاسفة والعلماء، ولكن منذ ظهور التكنولوجيا الحديثة في العقود الأخيرة فقط، بدأت أعظم العقول في العالم في فهم معنى الانفجار العظيم بشكل صحيح.
وتقبل النماذج الكونية الحالية بشكل عام أن الكون بدأ مع الانفجار العظيم، منذ زهاء 13.8 مليار سنة.
ومع ذلك، ما يزال علماء الفلك غير متأكدين من شكل الكون الناشئ خلال هذه الفترة المبكرة، التي أطلق عليها اسم “العصر المظلم” الكوني.
ولكن بعد دفع الأدوات المتطورة إلى أقصى حدودها، كوفئ علماء الفلك الآن باكتشاف أقدم وأبعد مجرة رصدت على الإطلاق.
ومن المعروف أن العصور الكونية المظلمة بدأت بعد 370 ألف سنة من الانفجار العظيم، واستمرت لمليار سنة أخرى.
وكانت مصادر الضوء الوحيدة خلال هذه الفترة إما الفوتونات، التي ما تزال قابلة للاكتشاف حتى اليوم كخلفية موجية كونية، والانبعاثات الناتجة عن ذرات الهيدروجين المحايدة.
ويعني توسع الكون أن ضوء هذه الفوتونات أزيح لدرجة أنها غير مرئية إلى حد كبير لعلماء الفلك.
ويعرف هذا التأثير باسم “الانزياح الأحمر”، وهو ظاهرة لا تختلف عن تأثير دوبلر، حيث تجري إطالة الطول الموجي للضوء – أو “إزاحته” – باتجاه النهاية الحمراء للطيف أثناء مروره عبر الكون الذي يتمدد بشكل متسارع.
وتؤدي الأجسام التي تقترب من مجرتنا، إلى إحداث تأثير عكسي. ويؤدي هذا إلى تقصير الطول الموجي، والانتقال نحو النهاية الزرقاء للطيف، في ظاهرة تعرف باسم “التحول الأزرق”.
ولطالما استخدم علماء الفلك هذه التأثيرات لحساب مسافة المجرات بدقة ومعدل توسع الكون.
وتؤكد النتائج الجديدة التي حصل عليها بمساعدة تلسكوب Keck I في هاواي، أن GN-z11 هي المجرة الأبعد – وبالتالي الأقدم – حتى الآن.
وقال البروفيسور نوبوناري كاشيكاوا، من جامعة طوكيو، أحد المعدين الرئيسيين للدراسة، في بيان: “من الدراسات السابقة، يبدو أن المجرة GN-z11 هي أبعد مجرة يمكن اكتشافها، حيث تبلغ 13.4 مليار سنة ضوئية.
وفحص الباحثون خطوط انبعاثات الكربون المنبثقة من GN-z11، الواقعة في نطاق الأشعة فوق البنفسجية عندما غادرت المجرة، قبل أن تغير بشكل كبير نهاية الأشعة تحت الحمراء للمقياس بحلول الوقت الذي تصل فيه إلى الأرض.
ويشير هذا الانزياح الأحمر الكبير إلى أن هذه المجرة كانت موجودة منذ زهاء 13.4 مليار سنة – أي بعد 400 مليون سنة فقط من الانفجار العظيم.
وبالتالي، فإن GN-z11 بعيدة جدا لدرجة أنها تحدد في الواقع حدود الكون المرئي.
وعلى الرغم من أن هذه المجرة رصدت بالفعل بواسطة تلسكوب هابل الفضائي التابع لناسا، إلا أن مرصد Keck لم يتمكن الآن إلا من إجراء قياسات دقيقة.
وعلى وجه التحديد، سمح المسح الطيفي متعدد الأجسام لاستكشاف الأشعة تحت الحمراء (MOSFIRE)، للباحثين بإنتاج تقديرات المسافة المحسنة بمعامل 100 عن القياسات السابقة.
وأضاف البروفيسور كاشيكاوا: “اكتشف تلسكوب هابل الفضائي الآثار عدة مرات في طيف GN-z11. ومع ذلك، حتى هابل لا يمكنه حل خطوط انبعاث الأشعة فوق البنفسجية بالدرجة التي نحتاجها. لذا لجأنا إلى مطياف أرضي أكثر حداثة، أداة لقياس خطوط الانبعاث، تسمى MOSFIRE، مثبتة على تلسكوب Keck I في هاواي”.
ومع ذلك، سيتعين على علماء الفلك الانتظار لفترة أطول قبل أن تؤكد المزيد من الملاحظات أن GN-z11 هي بالفعل أبعد مجرة رصدت على الإطلاق.
ويتوقع علماء الفلك تسريع مثل هذه الأبحاث بسرعة، عندما تبدأ تلسكوبات الجيل التالي، مثل “جيمس ويب”، العمل.
وستسمح هذه الأدوات في النهاية لعلماء الفلك بدراسة فترة “العصر المظلم” غير المفهومة، بدقة لا مثيل لها.
التعليقات مغلقة.