العلماء يحللون مومياء قرود عمرها 3300 عام لتحديد موقع “أرض الإله” التي حيرتهم 150 عاما

56

سافر قدماء المصريين مسافات طويلة إلى أرض البنط السحرية للحصول على سلع باهظة مثل البخور والرباح الحي، لكن الموقع الحقيقي لهذا المكان ظل لغزا للعلماء لأكثر من قرن.

وشرع فريق من كلية دارتموث في العثور على ما أطلق عليه المصريون القدماء “أرض الإله” من خلال تتبع الموقع الجغرافي لمومياوات الرباح ( جنس من الحيوانات يتبع فصيلة سعادين العالم القديم) الموجودة في المقابر والمعابد المصرية التي يُعتقد أنها نشأت في بلاد بنط.

وقام العلماء بتحليل مومياء قرد محنطة عمرها 3300 عام تم اكتشافها في مصر وقارنوا العينات مع عينات من أنسجة حيوانات حديثة تعيش في أجزاء من إفريقيا.

وبعد الفحص، وجد الفريق أن عددا من قرود الرباح المحنطة ولدت خارج مصر ومن المحتمل أن تكون في إريتريا أو إثيوبيا أو الصومال، ما أدى إلى تضييق موقع بنط.

واعتقد المصريون القدماء أن رباح هامادرياس حيوانات مقدسة واستخدموها كرموز في الفن والدين.

وكان هذا النوع من الأنواع التي تم تحنيطها في وضعية الجلوس وذيلها ملتو إلى يمين جسدها.

ووقع تحنيط نوع آخر أيضا يسمى قرد النيل الأزرق أو الرباح الزيتوني، لكنه كان عادة ملفوفا في شرنقة كبيرة بطريقة تعكس قدرا أقل من العناية.

ويتكهن العلماء بأن بلاد بنط تقع في مكان ما في منطقة جنوب البحر الأحمر في إفريقيا أو شبه الجزيرة العربية، لكنهم لم يتمكنوا من تحديد موقعها الدقيق لأكثر من 150 عاما.

وقال المؤلف الرئيسي ناثانيال جيه دوميني، أستاذ الأنثروبولوجيا في تشارلز هانسن في كلية دارتموث: ” كانت الرحلات البحرية لمسافات طويلة بين مصر وبنط، وهما كيانان ذوا سيادة، علامة فارقة في تاريخ البشرية لأنها كانت الدافع وراء تطور التكنولوجيا البحرية. التجارة في السلع الفاخرة الغريبة، بما في ذلك رباح هامادرياس، كانت المحرك وراء الابتكارات البحرية المبكرة”.

وبالنسبة للدراسة، قام الفريق بتحليل 155 قردا محنطا وقع اكتشافها في مصر مع التركيز على تلك الموجودة في عصر الدولة الحديثة (1550 قبل الميلاد إلى 1069 قبل الميلاد) والعصر البطلمي (305 قبل الميلاد إلى 30 قبل الميلاد).

كما استخدموا عينات الأنسجة من 155 قردا حديثا من 77 موقعا عبر شرق إفريقيا وجنوب شبه الجزيرة العربية لتشمل كل موقع مفترض لبلاد بنط.

وقال دوميني: “يرى العديد من الباحثين أن التجارة بين مصر وبنط هي أول خطوة بحرية طويلة في شبكة تجارية تعرف باسم طريق التوابل، والتي ستستمر في تشكيل الثروات الجيوسياسية لآلاف السنين”.

وأضاف: “وضع باحثون آخرون الأمر ببساطة أكثر، ووصفوا العلاقة بين مصر وبنط بأنها بداية العولمة الاقتصادية”.

وتابع دوميني: “تحليلنا هو أول تحليل يوضح كيف يمكن استخدام رباح هامادرياس المحنطة لإثراء النقاش الذي دام أكثر من 150 عاما”.

وتم قياس تركيبات نظائر الأكسجين والسترونتيوم من حيوانات البابون المحنطة باستخدام طريقة تسمى رسم الخرائط النظيرية التي تقدر الأصول الجغرافية للعينات المسترجعة من المملكة الحديثة والمواقع البطلمية في مصر.

واختار الفريق تحليل السترونتيوم لأنه عنصر كيميائي موجود في حجر الأساس ويمكن أن يقودهم إلى الموقع الجغرافي لبنط.

وأشار الفريق في بيان، إلى أنه مع تآكل السترونتيوم، يتم امتصاص تركيبته في التربة والماء ويدخل شبكة الغذاء. وأضاف: “بينما تشرب الحيوانات الماء وتأكل النباتات، تحصل أسنانها وشعرها وعظامها على توقيع جغرافي يعكس المكان الذي عاشت فيه في الماضي ومؤخرا على التوالي”.

ويحتوي مينا أسنان الحيوان البالغ أيضا على تركيبة السترونشيوم الفريدة لبيئته عندما تشكلت الأسنان في وقت مبكر من الحياة.

وشارك الفريق في البيان: “في المقابل، يمتلك الشعر والعظام بصمات نظيرية تعكس الأشهر السابقة (الشعر) أو السنوات (العظم) من السلوك الغذائي”.

وعلى غرار السترونتيوم، يمكن أن تختلف تركيبات الأكسجين في الماء حسب الموقع الجغرافي، لكن الباحثين وجدوا أن البيانات من العينات في هذه الفئة غير حاسمة، وتعكس فقط القيم الخاصة بمصر.

وكشفت نتائج الفحص أن اثنين من رباح هامادرياس من عصر الدولة الحديثة ولدا خارج مصر.

ويشير الفريق إلى أنها جاءت على الأرجح من موقع في إريتريا أو إثيوبيا أو الصومال.

كما تظهر البيانات أن الحيوانات نفقت بعد فترة وجيزة من وصولها إلى مصر، لأن مينا الأسنان وشعرها لم تظهر عليهما علامات تدل على آثار الأكسجين لمياه الشرب من البلاد.

ومع ذلك، فإن خمسة أنواع من الرباح الزيتوني المحنطة من العصر البطلمي تعكس مستويات السترونشيوم التي تتوافق مع الأصل المصري.

المصدر: ديلي ميل

التعليقات مغلقة.