إدارة بايدن تتجه لتصحيح أخطاء أوباما في سوريا

226

شارك المبعوث الخاص السابق لإدارة الرئيس ترمب إلى سوريا والتحالف الدولي لهزيمة «داعش»، جيمس جيفري (الذي تقاعد الشهر الماضي)، في إحاطة افتراضية عبر التليفون مع فريق الرئيس المنتخب جو بايدن، آخر المستجدات والتقييمات حول الوضع السياسي والأمني في سوريا، والعناصر والجماعات المتنافسة هناك، ودور الجنود الأميركيين في كل من سوريا والعراق، إضافة إلى مستجدات مكافحة «داعش»، علماً بأنه يوجد حاليا 600 جندي أميركي على الأقل في سوريا.

وجاءت هذه المكالمة التليفونية بين عدة إحاطات تمت بشكل مباشر أو افتراضياً، حول قضايا الأمن القومي الأميركي، إذ يسرع فريق بايدن الخُطى استعداداً للعمل منذ اليوم الأول لتسلم السلطة. وتنظر الأوساط السياسية إلى مواقف بايدن، ووزير خارجيته أنتوني بلينكن، حول الأوضاع في سوريا على أنها ستعمل على تصحيح بعض ما فشلت إدارة أوباما بالقيام به. فقد قال بايدن، في خطاب خلال حملته الانتخابية في ولاية أيوا، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن قرار ترمب سحب القوات الأميركية من سوريا كان فشلاً كاملاً، وإن الانسحاب الأميركي ترك السوريين عرضة للهجمات، وأشار إلى ضرورة دعم الأكراد السوريين.

وفي وقت سابق هذا العام، اعترف بلينكن (الذي عمل نائب مستشار الأمن القومي للرئيس الأسبق باراك أوباما) بأن إدارة أوباما فشلت في سوريا، ملقياً باللوم على إدارة ترمب في سحب الجنود الأميركيين في سوريا. واعترف بلينكن، في حوار مع شبكة «سي بي إس نيوز» في مايو (أيار) الماضي، بأن إدارة أوباما فشلت في منع الخسائر في الأرواح، وفشلت في منع النزوح الجماعي داخل سوريا، وفشلت في وقف تدفق اللاجئين.

وكان أوباما قد رسم خطاً أحمر، في حال استخدام الرئيس السوري بشار الأسد الأسلحة الكيماوية، لكنه صمت عندما استخدم الأسد غاز السارين. وأشار بلينكن إلى أن الوضع في سوريا أصبح أكثر سوءاً، وأن إدارة ترمب فقدت أي نفوذ متبقٍ لها في سوريا. وحينما سئل عن إمكانية التطبيع مع نظام الأسد، قال بلينكن: «هذا مستحيل بالنسبة لي؛ تخيل ذلك»، مما يعني أنه ليس بالسيناريو المحتمل خلال السنوات الأربع المقبلة.

وكان السيناتور كريس كونز، وهو حليف مقرب من بايدن، قد قال إنه سيدعم استمرار وجود قوات أميركية على الأرض في سوريا وأفغانستان، لمنع مجموعات مثل «داعش» و«القاعدة» من معاودة الظهور، واكتساب الأرض والنفوذ مرة أخرى. وأدلى بايدن بتعليقات مماثلة، بقوله: «هذه الحروب الأبدية يجب أن تنتهي، وأنا أؤيد سحب القوات الأميركية، لكن المشكلة أنه لا يزال علينا القلق بشأن الإرهاب و(داعش)».

وفسر المحللون آراء بلينكن على أنها اتجاه داخل إدارة بايدن الجديدة للتدخل بشكل أقوى في الملف السوري، خاصة مع تقارير استخباراتية تشير إلى أن تنظيم داعش والقاعدة لا يزالا عازمين على إعادة الظهور، والتخطيط لتوجيه ضربات ضد الولايات المتحدة. كما أن الوجود العسكري الأميركي -رغم تواضعه- لا يزال يمثل الدعامة الأساسية للحفاظ على الوضع في سوريا، ومنع ظهور الإرهابيين مرة أخرى. وتشير التحليلات إلى أن بايدن سيرغب في إبقاء جنود أميركيين في سوريا، إلى جانب الاستمرار في العقوبات الاقتصادية على نظام الأسد.

وتبقى التساؤلات عن خطط بايدن وبلينكن حول الخيارات التي أمامهم في الأزمة السورية، فهل سيواصل بايدن العقوبات على سوريا أم سيرفعها؟ وهل سيطالب النظام السوري بتحقيق إصلاحات رئيسية معينة أو بالعودة الطوعية الآمنة للاجئين؟ لكن بالنظر إلى ترتيبات القوة على الأرض، سيكون على بايدن إيجاد وسيلة للعمل مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وإيجاد مسار للانخراط في عملية سياسية تحت مظلة الأمم المتحدة. وفي إطار اهتمام بايدن بتأمين صفقة مع إيران حول طموحاتها النووية، سيرغب الرئيس المنتخب في تقليص النفوذ الإيراني في سوريا.

 

المصدر: الشرق الأوسط

التعليقات مغلقة.