قصة نقل العاصمة لموسكو.. ولماذا لم يتغير اسمها كغيرها؟
مع نجاح الثورة البلشفية عام 1917 وإزاحة الحكومة المؤقتة، لم يتردد البلاشفة في تغيير العاصمة من مدينة سانت بطرسبرغ نحو موسكو حيث آمن الجميع حينها بضرورة القيام بذلك للقطع مع كل ما من شأنه أن يرمز لروسيا القيصرية. إضافة لذلك، شهدت البلاد حملة لتغيير أسماء كبرى المدن ومنحها بدلا من الأسماء السابقة أسماء أخرى أكثر ثورية. وقد نتج عن ذلك تغيير اسم مدينة سانت بطرسبرغ، الملقبة أيضا ببتروغراد، لتصبح لينينغراد نسبة للقائد السوفيتي فلاديمير لينين.
نقل العاصمة نحو موسكو
إلى ذلك، كان لدى البلاشفة أسباب عديدة دفعتهم لنقل العاصمة بشكل نهائي من سانت بطرسبرغ نحو موسكو. فمع نجاح ثورة تشرين الأول/أكتوبر، قاطع عدد كبير من كبار رجال الدولة الموالين للنظام القيصري بالعاصمة الحكومة البلشفية الجديدة. وعلى حسب مصادر تلك الفترة، لم تتردد نسبة هامة من العاملين بالمنشآت العمومية والبنك المركزي ووزارة الخارجية ومركز التلغراف في التغيب عن العمل كما عمد البعض لإتلاف العديد من الوثائق الهامة لتجنب وقوعها في يد البلشفيين وتعطيل عمل حكومتهم الجديدة بقيادة فلاديمير لينين.
من جهة ثانية، كانت الحكومة البلشفية عاجزة عن العمل بشكل جيد انطلاقا من سانت بطرسبرغ، المعروفة أيضا ببتروغراد، حيث عجّت العاصمة السابقة بكثير من الجنود الذين ضلوا مخلصين لنظام القيصر. وقد نظّم هؤلاء الجنود أنفسهم ضمن نوع من الحركات السرية التي لم تتردد في مهاجمة مصالح البلشفيين وتخريبها.
وإضافة لذلك، عمدت فنلندا لإعلان استقلالها رسميا خلال شهر كانون الأول/ديسمبر 1917. وقد أدى ذلك لخلق وضعية صعبة بالنسبة للعاصمة السابقة بتروغراد التي أصبحت على مقربة من الأراضي الفنلندية وفريسة سهلة لأي هجوم محتمل انطلاقا من أراضيها.
أيضا، عاش السوفيت حينها وقع أهوال الحرب العالمية الأولى حيث تواصل القتال على الجبهة الشرقية لأشهر إضافية ضد الألمان قبيل التوصل لاتفاقية سلام برست-ليتوفسك خلال شهر آذار/مارس 1918. وأثناء القتال ضد الألمان، تعرضت العاصمة السابقة بتروغراد لعمليات قصف محدودة من قبل المدفعية الألمانية التي استخدمت المدافع بعيدة المدى.
أمام كل هذه الظروف، غادر لينين ورفاقه مدينة بتروغراد نحو موسكو وباشروا بعملية نقل العاصمة نحو موسكو. وخلال شهر آذار/مارس 1918، أتم المسؤولون السوفيت إجراءات نقل العاصمة بشكل رسمي.
فشل إعادة تسمية العاصمة موسكو
أثناء فترة حياته، رفض فلاديمير لينين بشكل قاطع عملية إعادة تسمية المدن الروسية السابقة. لكن بعد رحيله مطلع العام 1924، لم يتردد رفاقه وعلى رأسهم ستالين في تغيير أسماء المدن لتخليد أنفسهم. وبعد مضي أيام قليلة على وفاة لينين، غيّر المسؤولون السوفيت يوم 26 يناير/جانفي 1924 اسم العاصمة السابقة بتروغراد وأطلقوا عيها لينينغراد. وخلال الفترة التالية، حملت مدن عديدة اسم ستالين فتحولت دونيتسك (Donetsk) بأوكرانيا الحالية لستالينو (Stalino) وأصبحت تساريتسين (Tsaritsyn)، المعروفة بفولغوغراد حاليا، ستالينغراد ونالت دوشنبيه (Dushanbe) بطاجكستان اسم ستالين أباد بينما تحولت مدينة نيجني نوفغورود (Nizhny Novgorod) لمدينة غوركي نسبة للكاتب الشهير مكسيم غوركي.
من جهة ثانية، رفض ستالين أثناء فترة حكمه التي استمرت لأكثر من ربع قرن عملية إعادة تسمية العاصمة موسكو. فعارض خلال العام 1927 عملية تسميتها نسبة للينين كما رفض تسميتها باسمه سنة 1938 بعد مقترح تقدم به مساعده ورئيس المفوضية الشعبية للشؤون الداخلية نيقولاي ياجوف (Nikolai Yezhov) الذي أعدم بأمر شخصي من ستالين سنة 1940.
وقد عرفت مشاريع إعادة تسمية العاصمة موسكو نسبة لستالين نهايتها عقب وفاة الأخير مطلع شهر آذار/مارس 1953 حيث باشر المسؤولون السوفيت الجدد اعتماد سياسة جديدة لقبها كثيرون بسياسة اجتثاث الستالينية والقطع مع النظام الستاليني السابق.
المصدر: العربية نت
التعليقات مغلقة.