5 (يناير) ميلاد الشخصية الكردية الوطنية الكاريزمية آبو “اوصمان صبري”

214

 

ولد المناضل الكردي اوصمان صبري الملقب بـ ” آبو” في 5 كانون الثاني (يناير) من العام 1905 في مدينة  “نارنجيه” في باكورى كردستان .

وكان والده رئيس عشيرة “المرديسية ” والذي وافته المنية عام 1915 فتربى في كنف أعمامه.

كان شاعراً، ولغوياً، وكاتباً، ومثال السياسي والمثقف الكردي الجاد، ومشعل من مشاعل العلم والنور، ورائداً من رواد الأدب الكردي.

وتلّقى تحصيله الدراسي في مرحلتي الابتدائية والمتوسطة في مدينة دياربكر ومدن كردستان أخرى،  وتتلمذ على يد المناضل الكردي إسماعيل أفندي وهو في الثامنة عشر من عمره, فكانت أولى دروسه في المناهضة للتعصب العائلي والحزبي.

 تخرج من المدرسة الرشدية العسكرية العثمانية عام 1922، وفي عام 1926 اعتقلته السلطات التركية بعد انهيار ثورة الشيخ سعيد بيران سنة 1925 مع أعمامه، وبعد قمع تلك الانتفاضة الكردية ، أعُدم اثنان من أعمامه شكري، ونوري المناضلين الثائرين ضمن نخبة من الثوار الأبطال.

فيما بقي اوصمان صبري رهن الاعتقال لمدة سنتين في “دنزلي” حيث أطلق سراحه  في عام 1928.

تركت هذه الفاجعة الأليمة أثراً عميقاً في نفسه، فشارك مع أخوته  في قتل الخائن بدرعثمان باشا الذي كان سبباً في إعدام أعمامه، فاعتقل عندئذ من قبل السلطات التركية مع ستة وعشرين  من رؤساء العشائر الكردية، وفي 24/12/ 1929 فر عثمان صبري إلى سوريا التي كانت تحت الانتداب الفرنسي خوفاً من العقاب من الحكومة التركية، فاستقر في دمشق واتصل به هنالك الفرنسيون طالبين منه التعاون معهم والعمل وفق مصالحهم وسياستهم في بلاد الشام لقاء أجر كبير، إلا إنه رفض عرضهم هذا قائلاً: (إنني أعمل من أجل مصالح امتي الكردية فقط). وبسبب مواقفه نفي من قبل الفرنسيين إلى فلسطين سنة 1936 ثم نفي إلى شرق أفريقيا “مدغشقر “سنة 1937

وكان المناضل اوصمان صبري  من المشاركين في تحرير مجلة (هاوار) التي كان يصدرها الأمير جلادت بدرخان في دمشق منذ (15/5/1932)، كما و نشر فيها قصائد قومية ومقالات حول اللغة الكردية وقواعد كتابتها بالحروف اللاتينية، وعندما أصدر الأمير جلادت  مجلة (روناهي) في دمشق عام (1942 – 1945 ) نشر فيها  العديد من القصائد والمقالات وكانت بالحروف اللاتينية.

كما ونشر كذلك في مجلة (روزا نو) التي أصدرها الدكتور كاميران بدرخان عام (1943 – 1945 ) في بيروت مقالات سياسية ولغوية، فأصبح أحد الكتاب الكرد القديرين الذين ساهموا في تطوير الكتابة الكردية بالحروف اللاتينية حيث وضع اللبنة الأولى في أساس قواعد الإملاء الكردي بهذه الحروف.

انضم اوصمان صبري في أوائل الثلاثينيات من القرن الماضي إلى جمعية (خويبون) وأبدى نشاطاً سياسياً ملحوظاً في صفوفها وتجول في جميع أنحاء كردستان لإقامة علاقات وطنية وتنظيمية مع العناصر الكردية القومية، فزار  باكور كردستان لمساعدة ثوار” آغري ” بقيادة الجنرال إحسان نوري باشا، ثم اضطر أن يختبئ عند عشائر العنزة على حدود السورية – التركية إلى أن غادر المنطقة متجهاً إلى باشوري كردستان، حتى وصل هضاب بارزان  حيث اعتقل في سجون الموصل وبغداد في أيار عام 1931 بأمر من القوات البريطانية المحتلة للعراق وبعد الإفراج عنه اضطر إلى الاختفاء عند البدو العرب، ثم زار روجهلات كردستان، واتصل هناك بنخبة من المناضلين بينهم قاضي محمد رئيس جمهورية مهاباد آنذاك، ثم ذهب إلى لبنان وبقي هناك فترة من الزمن ليعود ثانية الى دمشق.

وأسس  مع المناضل الدكتور نورالدين زازا ووطنيين آخرين، في سنة 1957 الحزب الديمقراطي الكردستاني في سوريا. وفي ليلة 23/5/1964 اعتقل في مدينة حلب مع رفاقه الحزبيين، وهكذا قضى اوصمان صبري في السجون أكثر من اثني عشر عاما وخلاله اعتقل أكثر من ثمانية عشر مرة منها مرتان في تركيا ومرتان في العراق ومرة في لبنان و13 مرة في سوريا، وحُكم عليه بالإعدام مرتين من قبل السلطات التركية، وأثناء تأسيس الحزب الديمقراطي الكردستاني تعرض هو ورفاقه للملاحقة من قبل السلطات الأمنية السورية آنذاك لنشاطهم السياسي.

واعتقل مرة أخرى مع الدكتور نورالدين زازا ورشيد حمو عام (8/8/1960) باعتبارهم زعماء مؤسسين للحزب الديمقراطي الكردستاني في سوريا وقدموا إلى محاكم الجمهورية العربية المتحدة أيام الوحدة بين مصر وسوريا، فحكم عليهم بالإعدام شنقاً حتى الموت، لكن الأدباء والمثقفين الكرد قاموا في أوروبا والعراق ولبنان بحملة واسعة لجمع التواقيع وتقديم الاحتجاجات إلى حكومة جمال عبدالناصر من أجل إطلاق سراحهم،  وتوجيه نداءات وصرخات لإطلاق صراح اوصمان صبري ورفاقه، ولكن لم تستجب سلطات حكومة الوحدة العربية في حينها لمطالب هؤلاء الداعين إلى إطلاق سراحهم إلا بعد سنة من إصدار هذه الأحكام الجائرة، فأطلقت سراحهم في (8/8/1961)

وتعرض للاعتقال مرة أخرى في 23 /5/1964 في مدينة حلب مع رفاقه وذاق مرارة التعذيب في سجون النظام البعثي إلى أن اطلق سراحه واستقر عندئذ المناضل اوصمان صبري في حي الأكراد في العاصمة دمشق متفرغاً لكتابة دراساته القيمة، ليزوره كثير من الأدباء والعناصر الوطنية من كل أنحاء كردستان، لأن اهتمامه كان موجهاً نحو تعليم اللغة الكردية فعلم أجيالاً من الشباب والشابات الكرد اللغة الأم,  التي أعلنت عليها الحرب منذ أمد بعيد وبقي مثابراً في هذا الميدان إلى أن اختطفته المنية، و توفى يوم الاثنين (11/10/1993) عن عمر ناهز 88 عاماً ودفن في قرية بركفريه قرب الدرباسية.

ومن مؤلفاته (الألف باء الكردية –العاصفة –ألامنا- الأبطال الأربعة –آبو).

التعليقات مغلقة.