تكررت الحالات التي يدعي فيها لاجئون ارتكابهم أعمال عنف أو انتمائهم لمنظمات إرهابية. فما السبب الذي يدفع بعض طالبي اللجوء للقيام بذلك؟ وما هي التبعات القانونية لمثل هذه الادعاءات؟
“فعلت ذلك فقط لأنني سمعت أن بهذه الطريقة يمكن الحصول على حق اللجوء”، يقول طالب لجوء ادعى أنه ارتكب أعمال عنف بغية الحصول على حق اللجوء هنا في ألمانيا. وكانت الحالات التي يدعي فيها اللاجئون ارتكابهم أعمال عنف أو إنهم أنصار منظمات إرهابية تكررت كثيرا.
هذه الحالات دفعت مكاتب الادعاء العام في ألمانيا، منذ 2018، إلى البدء بمئات التحقيقات الأولية، للتأكد من صحة ادعاءات لاجئين، قالوا إنهم ارتكبوا أعمال عنف خطيرة في بلدهم الأم أو زعموا انهم أعضاء في منظمات إرهابية. حسبما ما أكدته دوائر قضائية لدى استطلاع عبر الانترنيت قام به موقع “فوكوس” الألماني.
أما بالنسبة إلى ما يهدف إليه طالبو اللجوء من خلال هذه الادعاءات، فهو ضمان عدم ترحيلهم، بل وحتى إمكانية الحصول على حق اللجوء في ألمانيا، وحجتهم هي أنهم مهددون بالتعرض للانتقام بسبب أعمالهم السابقة.
إبلاغ ذاتي من دون إثباتات!
بحسب لغة الأرقام، فإن مكتب الادعاء العام في مدينة سيلي الألمانية، وهو المكتب المسؤول عن جميع التحقيقات الإرهابية في ولاية سكسونيا السفلى، تلقى ومنذ بداية عام 2018 حوالي 560 حالة إبلاغ ذاتي من قبل طالبي لجوء، منها 110 حالات في هذا العام. أما في فرانكفورت، فتمّ تسجيل أكثر من 170 قضية من هذا القبيل في عام 2018. بينما بلغ عدد حالات الإبلاغ الذاتي في دسلدورف حوالي 80 حالة فقط.
ووفقا لعدة محققين، فإن معظم حالات الإبلاغ الذاتي هي من طالبي لجوء قادمين من أفغانستان وسوريا والعراق وباكستان والصومال والسودان وتركيا ونيجيريا وليبيريا، ويزعمون أنهم أنصار لمنظمات إرهابية مثل داعش وطالبان وبوكو حرام وجبهة النصرة وحزب العمال الكردستاني.
ولا يثبت أي من اللاجئين ادعاءه، حسبما يؤكد المدعي العام بيرند كولماير، الذي يضيف: “لم نحصل نهائيا على وثائق تؤكد ادعائتهم مثل أحكام أو مذكرة اتهام من بلدانهم”.
وتقوم مكاتب الادعاء العام المحلية بفحص كل حالة على حدا. علما أن ثلث الحالات يتم تحويلها إلى مكتب الادعاء العام الاتحادي في كارلسروه. فهي المسؤولة عن معظم الجرائم الجنائية المحتملة مثل الاشتباه في الانتماء إلى منظمة إرهابية أو الاشتباه بارتكاب انتهاكات للقانون الدولي. وفي حال تم تقييم الجريمة الجنائية بـ”أنها غير خطيرة” فيتم إعادتها إلى مكتب الادعاء العام المحلي من أجل البت بها.
وأكدت نتالي بوسينيوس المتحدثة باسم BAMF (المكتب الاتحادي للهجرة واللجوء) وجود حالات يقوم فيها طالبو اللجوء بتقديم “معلومات عن جرائم خطيرة شاركوا فيها” حسب ادعائهم. “في مثل هذه الحالات نقوم بإرسال المعلومات إلى وكالات إنفاذ القانون المختصة” تقول بوسينيوس في تصريح خاص لموقع “فوكوس” الألماني.
بعض حالات الإدانة الذاتية التي تكون غير مقنعة
لذا لا بد من التأكد من صحة الإبلاغ الذاتي التي يقدمها بعض طالبي اللجوء، وهو ما يقوم به المحققون، “هناك سبب مبرر، للتأكد وبدقة من صحة الادعاءات التي يقدمها هؤلاء الأشخاص” يقول كولكمير. ويذكر المحامي من ولاية سكسونيا السفلى قصة مهاجر، بدأت ضده تحقيقات بخصوص سحب تصريح الإقامة ” أثناء التحقيق اعترف طالب اللجوء بأنه قام بتلفيق قصته بناء على نصيحة المهرب، بغية التأثير على عملية البت في الحصول على صفة لاجئ”.
لا شك أن الإبلاغ الذاتي ليس بهذه السهولة التي يعتقدها بعض اللاجئين، فوفقا لدانييل فولميرتوهو من مكتب المدعي العام في دسدلورف، فإن هناك بعض الحالات التي تكون غير مقنعة بل وحتى إن الجرائم التي يدعي طالبي اللجوء بأنهم ارتكبوها، ليست”خطيرة” ما يدفع بعضهم إلى تفنيد أقوالهم مؤكدين أنهم يلجأون إلى أسلوب الإبلاغ الذاتي ” لأنهم سمعوا أن ذلك يساعدهم في الحصول على حق اللجوء”.
العواقب القانونية
ربما يعتقد بعض طالبي اللجوء أن الإبلاغ الذاتي تضمن لهم البقاء في ألمانيا، لكن المتحدثة باسم بامف تؤكد أن اللاجئين الذين يلجأون إلى هذا الأسلوب ويدعون أنهم قاموا بأعمال عنف وجرائم خطيرة في بلدهم كالقيام بجرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية أوجرائم خطيرة غير سياسية ، “في مثل هذه الحالات لا يحصل هؤلاء الأشخاص على حماية دولية” تقول بوسينيوس المتحدثة باسم بامف.
وجدير بالذكر أنه وبحسب القانوني الألماني كل طالب لجوء يعرض نفسه للمسائلة القانونية، يصبح متهما وتتم محاكمته. وبحسب موقع فوكوس فإن المحكمة الإدارية العليا في دريسدن مثلا، أصدرت عام 2017 حكما بالسجن مع وقف التنفيذ لمدة عام و10 أشهر على شاب سوري ادعى أنه عضو في منظمة إرهابية، لكنه لم يتمكن إثبات صحة ادعاءاته.
عموما، من غير الممكن تحديد مدى ارتفاع عدد حالات الإبلاغ الذاتي من قبل طالبي اللجوء في كافة أنحاء ألمانيا. والسبب هو أن الكثير من مكاتب الادعاء العام في ألمانيا لا تحتفظ بإحصائيات حول الظاهرة. فضلا عن أن المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين لم يظهر أي أرقام ملفتة حول مدى انتماء طالبي اللجوء لمنظمات إرهابية. علما أن البامف (المكتب الاتحادي للهجرة واللجوء) هي الدائرة الأولى التي تستفسر عما إذا كان طالب اللجوء لديه علاقات بمنظمات إرهابية.
جدير بالذكر أن السلطات القضائية لا تملك حتى الآن أعداد مؤكدة، حول أشخاص بلغوا عن أنفسهم وتمت محاكمتهم وترحيلهم إلى بلادهم.
المصدر: DW
التعليقات مغلقة.