يهود بيروت: هم أيضا ضحايا الحرب

34

438

 

 

 

 

 

 

“ينتشر اليهود في لبنان، منذ العام 1173، في صيدا وبيروت ودير القمر وطرابلس وعاليه وزحلة. وشهدت أعدادهم تقلبات عدة بسبب الأوضاع في المنطقة. فبعدما ناهز عددههم الـ25 ألفا بين الـ 1960 والـ1970، أصبحوا اليوم زهاء 6 آلاف شخص، لا يعيش منهم بصورة دائمة في البلد إلا نحو 200 شخص، أما البقية فيتوزعون في بلاد الاغتراب”، وفق الكاتب اللبناني المتخصص في الشؤون اليهودية ناجي زيدان لـ “المدن”.

وانتشر بعض يهود لبنان في وادي أبو جميل في العاصمة بيروت، وقد شردتهم الحرب الأهلية عام 1975، فنزحوا إلى عاليه وبحمدون وصوفر، وما لبثوا أن غادروا لبنان بعدما اقفلت المدارس والمؤسسات، على أمل العودة إليه، لكنّ الحرب طالت، ما دفعهم إلى الاستقرار في الخارج، كما يقول مواطن يهودي لـ”المدن”.

المواطن الخمسيني، الذي رفض الكشف عن اسمه، يعيش في الأشرفية، وهو، وفق قوله، الوكيل الوحيد لليهود اللبنانيين عمليا وقانونيا. يقول: “لا نحبذ الحديث إلى الاعلام، وتحركاتنا مدروسة، ولا نتعاطى في الشأن السياسي. نسيّر أمورنا بأنفسنا، ونعمل بعيدا عن الإعلام”. يضيف: “تعترضنا بعض المشاكل بسبب هويتنا الدينية، إذ يعتبرنا البعض عن جهل أننا صهاينة وعملاء، لكننا متمسكون بوطنيتنا وهويتنا اللبنانية، ومصرون على البقاء في بلدنا، ولن نغادر”.

يضيف: “الصراع العربي الإسرائيلي أثر كثيرا على الطائفة اليهودية، وفرض على أبنائها واقعاً جديداً ألزمهم بالبقاء بعيدا من الأضواء، علما أنّ إسرائيل لا تعنينا، ونشعر بقوميتنا في بلدنا، بالرغم من أننا مدعومون من بعض السفارات الأجنبية”.

“التواصل مع الأقارب المغتربين مستمر، وهم موزعون بين إيطاليا والولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، وعدد غير قليل منهم يزور لبنان دوريا لتفقد الأهل أو للاطلاع على ممتلكاتهم”. يستدرك: “أبناء الطائفة يحتفظون بأصلهم، وفي حال تزوج أحد شخصا من طائفة أخرى وقام بتغيير طائفته، فهذه ليست القاعدة”.

غنى المير / عن المدن

الكنيس

وعمّا تردد عن افتتاح كنيس ماغن إبراهام وسط بيروت، يوضح المواطن نفسه أنّ “عملية ترميم الكنيس بدأت منذ نحو 4 سنوات، بعد جمع التبرعات من بعض الخيريين وبينهم مسلمون ومسيحيون. لكن الافتتاح لم يحصل بعد لأسباب عدة”.

ويشير إلى أنّ “ليهود لبنان أملاكا لا بأس بها. وهي تُدار مباشرة من أصحابها، أو بموجب وكالات في حال كانت عائدة لمغترب لا يرغب في زيارة البلد. وقد هدمت معالم يهودية عدة في وادي أبو جميل، بينها إحدى أهم مدارس اليهود في لبنان، التلمود تورا، وهناك أملاك تم الاعتداء عليها أيضا في طرابلس وصيدا”، لافتا إلى أن “مقبرة يهود صيدا، التي تبلغ مساحتها نحو 35 ألف كيلومتر، تم ردم قسم منها من دون علم أو موافقة أي من أبناء الطائفة”.

ويذكر أن “الكنيس في دير القمر أقيم محله المركز الثقافي الفرنسي. وهو شهد خلال اجتياح 1982 زواج عنصر من القوات الاسرائيلية وفتاة يهودية لبنانية كانت مقيمة في المنطقة. وفي بحمدون وعاليه أيضا كنيسان، ينتظران الترميم”.

“هم لبنانيون مسجلون في القيود على أنهم من بني اسرائيل، وقد دونت السلطات الفرنسية وقتها انتماءهم للطائفة الاسرائيلية بدلا من اليهودية”، يقول مختار محلة ميناء الحصن المحامي باسم الحوت لـ”المدن”. ويشير إلى أنّ “اليهود الذين قدموا إلى لبنان قبل الحرب، لم يحصلوا جميعاً على الجنسية اللبنانية، فمنهم من بقيت بحوزته بطاقات قيد الدرس وهم من سوريا والعراق، فغادروا إلى بلاد الاغتراب. ومنهم من حصل على الجنسية الايرانية أيام الشاه، أو على جنسية إحدى الدول الأوروبية. ويبلغ عدد اليهود المسجلين على لوائح الشطب 6000 مقترع”.

بين يهود لبنان، مثل بقية الجماعات، الفقير والغني. وأبرز الأغنياء بينهم، إدغارد بيتشوتو، صاحب ثالث أكبر مصرف في سويسرا، وهو زار لبنان مؤخرا للقيام ببعض المشاريع الانمائية والتجارية، وفق المواطن اليهودي نفسه. أمّا الفقراء فتتم مساعدتهم من قبل أبناء الطائفة الميسورين.

يذكر أن يهود لبنان أنشاوا عدداً من الجمعيات الخيرية، لمساعدة الفقراء والأيتام، إضافة إلى بعض المستوصفات، وكان لهم مختار يدعى سعد المن، انتخب العام 1969، وكان لهم مقعد في مجلس النواب.

ومن العائلات اليهودية المسجلة في ميناء الحصن، الاشرفية والمرفأ: ليزبونة، دانا، لاند مان، كوهين، بليلي، أزريال، جبرا، بركوف، بيكوفسكي، كوركس، مغربي، شالوم، زلير، ليفي، كامنسكي، أوسكا، جيسي، بريس، طباش، بريس، ساسون، زيتوني، مراد، صوايا، بيهار، وأرازي. ومعظم أفراد هذه العائلة يملكون جنسية أجنبية إلى جانب تلك اللبنانية.

 

مدافن رأس النبع

أول من دفن في المقبرة اليهودية في رأس النبع، وفق زيدان، هو الحاخام موسى يديد ليفي عام 1829. وفي المقبرة هذه يهود لا يحملون الجنسية اللبنانية ولا العثمانية، وعلى شواهد بعض المدافن، نقرأ أبياتا شعرية باللغة العبرية أو العربية أو الفرنسية، وقد نقشت عليها أيضا نجمة داوود.

عدد كبير من المدافن أصيبت بشظايا او قذائف خلال الحرب، وعدد آخر منها شهد تخريبا متعمدا عبر السنوات. واليوم المقبرة مقفلة، ولا يمكن لأحد أن يدخلها إلا برفقة أو موافقة المواطن الخمسيني نفسه.

التعليقات مغلقة.