2017… اختراق محدود في سورية والملفات الكبرى مؤجلة
الحياة – Buyerpress
تُنهي سورية العام 2017 مع الأجواء الغائمة ذاتها التي اكتنفت بدايته. صحيح أن القوات النظامية و «قوات سورية الديموقراطية» عززت تمدّدها أرضاً على حساب تنظيم «داعش»، بحيث باتت القوات النظامية تسيطر على أكثر من 60 في المئة من مساحة البلاد، مقابل سيطرة «سورية الديموقراطية» على نحو 25 في المئة، بينما تمت محاصرة «داعش» في أقل من 5 في المئة.
لكن إنزال الهزيمة بالتنظيم كان دوماً الجزء السهل من الصراع الإقليمي- الدولي حول سورية. فالقضايا الخلافية الكبرى كلها مؤجلة من عام 2017 إلى 2018، بدءاً من التسوية السياسية وملامح المرحلة الانتقالية ومصير الرئيس بشار الأسد، وانتهاءً بجبهات المعارك المتبقية التي تنتظر الحسم ومواقيتها.
فكل الأطراف المنخرطة في ساحة الحرب السورية أصبح عند مفترق طرق وأمام خيارات معقدة، بخاصة أن التحالفات التي شُكّلت خلال العامين الماضيين: روسيا وإيران وتركيا والنظام السوري من ناحية، وأميركا و «قوات سورية الديموقراطية» وفصائل آخرى في المعارضة المعتدلة وبعض عشائر شرق سورية من ناحية ثانية، كلها تحالفات قلقة وهشة يمكن أن تتغير سريعاً عام 2018 إذا ما تغيّرت شروط الانخراط وظروفه.
أمام مفترق الطرق، سيشهد 2018 خيارات أصعب. فروسيا تريد استثمار المكاسب العسكرية التي حققتها على الأرض مع النظام السوري وحلفائه سياسياً وديبلوماسياً، لكنها تحتاج إلى شركاء غربيين يدعمون مسارَي «آستانة» و «سوتشي». هذا الدعم الغربي غير متوافر حتى الآن، ما يضع موسكو في وضع قلق. فالمكاسب العسكرية وحدها لا تعني الانتصار، ولا تموّل تكلفة الجهد العسكري الروسي، والأهم أنها لا تعطي القيادة الروسية امتياز إعلان الانتصار نهائياً وفي شكل حاسم.
أما أميركا، التي لم تطور استراتيجية واضحة المعالم في سورية منذ بدء الصراع 2011، فإنها لن تطور تلك الاستراتيجية عام 2018. وإذا كان من ملمح أساس للسياسة الأميركية في سورية عام 2017، فهو «تعطيل قطار المكاسب الروسية». ظهر هذا في معارك دير الزور، والرقة خصوصاً. فما تريده واشنطن هو منع إيران وروسيا من الخروج منتصرين عسكرياً أو سياسياً في سورية. وهي لن تدعم تسوية تُعبّر عن موازين قوى تكون موسكو وطهران ودمشق هي الأطراف المنتصرة فيها.
ومن أجل ذلك، ستجد أميركا نفسها إزاء السؤال الصعب: ما البديل؟ لأن بدائل واشنطن على الأرض محدودة. إذ إن «قوات سورية الديموقراطية» ليس باستطاعتها التمدّد أكثر مما تمدّدت بالفعل. كما أن أكراد سورية لا يريدون مواجهة مباشرة مع القوات الحكومية السورية أو روسيا أو إيران.
ومع صعوبة الاعتماد على الأكراد وحدهم في «المرحلة الانتقالية» بين الحسم العسكري والتسوية السياسية، ستحتاج واشنطن إلى قوة ما بديلة على الأرض تستطيع التلويح بها في وجه دمشق وطهران وموسكو عندما تستدعي الحاجة.
وهذا سيكون تحدي عام 2018 بالنسبة إلى واشنطن. وقد فتحت بات معركته بالفعل عندما أعلن البنتاغون نهاية 2017 عزمه الإبقاء على قوات أميركية في سورية حتى بعد هزيمة «داعش»، وربط مغادرة القوات الأميركية الأراضي السورية بمسار الحل السياسي.
وربما ستكون محاولة وقف تمدّد النفوذ الإيراني في سورية هي الهدف الأكثر وضوحاً لأميركا عام 2018. فهذا التمدّد إذا استمر وتعزّز سيجعل الحسابات الأميركية معقدة جداً ليس في سورية وحدها بل في مجمل الشرق الأوسط.
أما إيران فهي تُدرك أن أمامها الكثير من التحديات. فالاستنزاف العسكري والاقتصادي بات ثقيلاً. وربما يكون أكثر ثقلاً عام 2018 بانتظار معارك حاسمة في ريفَي حلب وحماة ودمشق، إضافة إلى معركة إدلب الصعبة وتأمين الحدود العراقية- السورية لفتح طريق طهران- بغداد- دمشق- بيروت.
كما أن أمام طهران توازن صعب سنة 2018، وهو مواصلة تحصيل المكاسب لها وللنظام السوري من دون أن تدفع إسرائيل وأميركا إلى التحرّك ضدها.
أما الأكراد، قوة المعارضة السورية الوحيدة على الأرض التي أثبتت فاعلية. فبعد طرد «داعش»، تجد القوات التي يشكل الأكراد غالبيتها، نفسها في وضع حساس وخطر.
فالاعتماد على الدعم الأميركي العسكري والسياسي وحده لن يكون كافياً للأكراد عام 2018، وهناك حاجة إلى توسيع دائرة الأصدقاء وتحقيق توازن أفضل للحلفاء. لقد شكر الأكراد روسيا نهاية 2017 على دعمها لهم في معارك دير الزور. هذا تحوّل لافت يعكس التوازن الصعب الذي يواجهه الأكراد.
سيكون عام 2018 إذاً، استكمالاً للمشهد العام لسنة 2017، مع تغيير محتمل في بعض قواعد اللعبة. ففي سورية، تحالفان متضادان بأهداف متضاربة، وهذا التنافس بينهما سيتواصل، لكنه قد يأخذ أشكالاً مختلفة وقد يفتح الباب أمام تسوية بنهاية العام المقبل، أو استمراراً للأزمة السياسية والإنسانية الخانقة.
و «الحياة» تستطلع آراء أربعة خبراء في شؤون الشرق الأوسط وسورية حول توقعاتهم لعام 2018، لمعرفة كيف يرون معارك الأشهر المقبلة ومصير جنيف واستراتيجية أميركا وروسيا وحلفائهما.
حسم المعارك المؤجلة
إذا كان 2017 عام تقليص نفوذ «داعش»، فإن 2018 سيكون عام حسم المعارك المؤجلة، من أجل استثمار المكاسب التي حققتها كل الأطراف عبر قتالها «داعش»، بدءاً من روسيا وإيران والحكومة السورية وتركيا، وانتهاءً بأميركا و «قوات سورية الديموقراطية».
وعلى رأس الجبهات الاستراتيجية والمعارك المؤجلة: معركة إدلب، واستكمال السيطرة على كامل محافظتي حلب وحماة، ومعركة آبار النفط والغاز في دير الزور.
فسيطرة دمشق على دير الزور ستعيد عائدات آبار الغاز وحقول النفط إلى خزائن الدولة السورية، لكن إذا ما احتفظت بها المعارضة فإنها ستساعد على تعزيز موقفها التفاوضي.
أيضاً سيشهد الشرق السوري معركة تأمين المراكز الحدودية الرئيسة على طول الحدود العراقية- السورية لتأمين ممر برّي إيراني إلى البحر الأبيض المتوسط. وعلى رغم أن قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، أعلن فتح ممر بغداد- دمشق- بيروت، إلا أن هذا كان «إعلاناً رمزيا»ً وسيظل كذلك بانتظار تطهير المناطق الحدودية من «داعش» الذي ما زال عناصره ناشطين وخطِرين في المنطقة.
ويوضح رئيس «مركز دراسات الشرق الأوسط» في جامعة أوكلاهوما الأميركية جوشوا لانديز، : «أعتقد أنه في 2018، ستبذل الحكومة السورية جهوداً مكثفة من أجل استعادة المناطق الاستراتيجية. فأميركا وحلفاؤها في قوات سورية الديموقراطية يسيطرون على منطقة غرب الفرات، أي 25 في المئة من مساحة سورية، مصدر نحو 50 في المئة من عائدات النفط والغاز السوري. أيضاً الحسكة وجوارها شرق سورية، هما بمثابة سلة الحبوب السورية ومناطقها بيد أميركا و «سورية الديموقراطية». وتعتقد أميركا أنها بسيطرتها على تلك المناطق الاستراتيجية تُمسك الأسد من عنقه. وبهذا يمكن أن تجبره على تنازلات سياسية. وبالتالي، فإن مصير تلك المناطق ومن يسيطر عليها سيكون حاسماً عام 2018».
لكن معركة دير الزور ستتم بحذر بسبب أهميتها وحساسيتها. فلا أميركا والأكراد من ناحية، أو روسيا وإيران والحكومة السورية من ناحية أخرى، راغبين في مواجهة عسكرية مباشرة، أقله بسبب وجود تنظيمات معارضة متطرفة في مناطق أخرى حساسة وعلى رأسها محافظة إدلب. وإذا أمكن روسيا إيجاد نوع من «المواءمة» بين مصالح دمشق والأكراد والقبائل العربية في دير الزور، فإن المعركة «ستكون مؤجلة».
وكما يقول الباحث السوري في «مركز الدراسات المستقبلية» في بيروت، محمد صالح الفتيح، : «إن التحرك العسكري في دير الزور لاستعادة مناطق النفط والغاز، يبدو مؤجلاً لأن القوات السورية التي شاركت في معارك دير الزور انتقلت حالياً إلى إدلب».
ومع احتمالات عدم التحرّك عسكرياً لحسم التنافس على المناطق الغنية في دير الزور، سيكون الرهان على «الوقت». ويوضح الفتيح أن موسكو ودمشق قد تأملان بتغيير ولاءات زعماء القبائل العربية من المعسكر الأميركي- الكردي إلى المعسكر الروسي- السوري، على رغم أنه لا يتوقع هذا السيناريو في ضوء العلاقات المعقدة بين دمشق وقبائل شرق سورية في المناطق الحدودية مع العراق.
وإلى جانب تأمين المناطق الحدودية العراقية- السورية وضبط توازن القوى في دير الزور، يُتوقع أن تشهد محافظة إدلب تحركات عسكرية للقوات النظامية وتركيا.
ويوضح لانديز أن «القوات السورية وحلفاءها سيحاولون استعادة غالبية إدلب، لأن الطريق الرئيس من إدلب إلى دمشق يمرّ عبر مناطق تسيطر عليها المعارضة. اليوم، إذا أردت أن تتجه إلى إدلب عليك المرور بالصحراء. إنه طريق وعر، وهذا غير مناسب للنظام السوري الذي سيحاول تغيير الوضع باستعادة معظم ريف إدلب الغربي لفتح طريق دمشق- إدلب. أيضاً، سيحاول النظام تعزيز وضعه خاصة حول حلب، وسيحاول السيطرة على الطريق الأساس من حمص إلى حماة إلى إدلب من أجل فتح طريق المواصلات بين حلب وبقية سورية. حالياً، حلب ما زالت معزولة عن غالبية سورية ومن الصعب انتقال البضائع والمواطنين منها وإليها بسبب تقطّع طرق المواصلات».
لكن أي عملية عسكرية في إدلب لن تكون سهلة. فتركيا تخشى، في حال محاولة النظام السيطرة على إدلب بعملية عسكرية، أن يفر إليها عشرات آلاف المدنيين، بما في ذلك عناصر المعارضة المسلحة. وهذا خيار جيد لدمشق، لكنه خيار سيئ جداً لأنقرة التي نشرت مئات من عناصرها في إدلب لمراقبة التطوّرات وضبطها في المحافظة.
ويقول الفتيح إن «العملية العسكرية انطلقت في إدلب فعلاً. إذ إن فصائل المعارضة تسيطر عليها وعلى أجزاء من محافظتَي حلب وحماة المجاورتين. دمشق تريد استعادة كامل حلب وحماة، وهذه المناطق ذات كثافة سكانية قليلة، وبالتالي من السهل التقدّم فيها، وهذا ما يفعله الجيش السوري. لكن البلدات المهمة، مثل جسر الشغور وخان شيخون، ما زالت بعيدة ووعرة وجبلية، والمعارك فيها ستكون صعبة لأنها كثيفة السكان».
ويتابع أن «الفصائل في إدلب لديها تماس مع مدينة حلب. أعتقد أن لدينا 6 أشهر من عام 2018 عنوانها استعادة غرب حلب وجنوبها وشمال حماة. وفي صيف 2018 يمكن أن تنطلق معركة استعادة خاصرة إدلب الرخوة وهي عبارة عن سهول خالية من السكان، عبر تطويق مدينة إدلب وخان شيخون ومعرّة النعمان وجسر الشغور. لكن كل هذا سيكون بانتظار الموقف التركي».
أحد ملامح 2018 سيكون أيضاً، كما يرى جوشوا لانديز، محاولة النظام السوري استعادة السيطرة على الحدود السورية- الأردنية وفتح الطريق الرئيس بين عمان ودمشق. فقبل الحرب الأهلية وعبر هذا الطريق، كانت مداخيله أكثر من بليون دولار أميركي سنوياً.
ويتفق مستشار الشرق الأوسط السابق في إدارتي الرئيسين السابقين باراك أوباما وبيل كلينتون وكبير الباحثين في «مركز وودرو ويلسون» في واشنطن، آرون ديفيد ميلر، مع الباحث المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في «معهد واشنطن لشؤون الشرق الأدنى»، سيمون هندرسون، على أن 2018 سيكون عام مساعي إيران لتعزيز نفوذها ومكانتها في سورية بعد الانخراط العسكري الكبير للحرس الثوري في جبهات المعارك سنة 2017. فالعام اختُتم بتصريحات لافتة لأمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، أعلن فيها أن المستشارين العسكريين الإيرانيين سيبقون في سورية حتى القضاء التام على «آخر التنظيمات الإرهابية هناك»، ما يفتح الطريق أمام وجود إيراني طويل المدى.
ويوضح ميلر أن «الأسد يعتمد على إيران أكثر من أي قوة خارجية أخرى. وستواصل إيران تدعيم نفوذها في سورية وستلعب دوراً في ملامح المرحلة المقبلة أكثر من أي قوة إقليمية أخرى. بالنسبة إلى إسرائيل، ما يهمها هو منع إيران وحزب الله من بناء قاعدة قوية على حدودها، وهي ستمنع هذا كما فعلت طوال 2017»، في إشارة إلى تكرار القصف الجوي الأميركي والإسرائيلي على قوافل أسلحة لـ «حزب الله» في سورية. ويرى هندرسون من ناحيته، أن الانخفاض المتوقع في مستوى الانخراط الروسي على الساحة السورية سيقابله ازدياد الانخراط الإيراني.
الخيارات الكردية
هناك تحولات في موازين القوى في سورية عام 2017. فمع وقوف أميركا مع الأكراد، وضعت تركيا ثقلها في المحور الروسي- الإيراني، وهذا أدى إلى تغيير دراماتيكي في موازين القوى في سورية.
ووفق لانديز، «ليس من الواضح تماماً ما الذي سيفعله الأميركيون في ما يتعلق بأكراد سورية. فهُم يقولون إنهم لن يغادروا سورية فوراً بعد هزيمة داعش، وسيساعدون الأكراد في تجربة إدارة ذاتية، وهذا جيّد للأكراد لكنه سيئ لسورية، لأنه يعني أن أميركا ستكون في موقف مضاد لتركيا. وهذا سيدعم تحولات السياسة الخارجية التركية بدرجة 180 نحو المحور الروسي- الإيراني، لأن تركيا تقف ضد أي تحرك يدعم القومية الكردية. وفي اعتقادي أن العلاقات بين واشنطن وأنقرة ستتحوّل من سيئ إلى أسوأ. فمستشار الأمن القومي الأميركي هربرت ماكماستر قال قبل أيام، إن قطر وتركيا حليفتان للمتطرفين في سورية. وبهذا النوع من التصريحات، ستواصل تركيا الابتعاد عن أميركا، وسيكون من الصعب على البلدين إصلاح علاقتهما، فيما سيكون المستفيد الأكراد والأسد وإيران وروسيا. كل هذا يعني عاماً مضطرباً ملغوماً من الصعب أن تتحقق فيه إعادة الإعمار وعودة اللاجئين».
ومع أن واشنطن طوال 2017 فضّلت الحليف الكردي على الحليف التركي في الساحة السورية بسبب حاجتها إلى قوات على الأرض لمواجهة «داعش»، قد لا يكون الأكراد هم تلك الورقة الرابحة عام 2018.
ويقول الفتيح في هذا الصدد إن «التعامل مع قوات سورية الديموقراطية بلغ نقطته القصوى. فليس بإمكان قوات سورية الديموقراطية فعل أكثر مما فعلته. فمن غير الممكن أن تُستخدَم مثلاً لقتال القوات الحكومية السورية أو القوات الروسية، وفي المقابل ليس بإمكان الولايات المتحدة دعم النصرة أو غيرها من التنظيمات ضد روسيا. لذلك، هناك حالياً مرحلة انتقالية تبحث بموجبه أميركا عن فصيل يمكن استخدامه ضد الحكومة السورية. لكن الأكراد أذكياء وسيرفضون هذا. فقد وصلوا جغرافياً إلى أقصى ما يمكن أن يتمدّدوا فيه. والانتشار على الأرض أكثر من ذلك مكلف جداً عسكرياً وسياسياً. كما أن هناك «شعرة معاوية» بين الأكراد وبين النظام السوري. الأكراد ليس من مصلحتهم فتح جبهة ضد القوات النظامية في منطقة جنوب نهر الفرات. ربما تحدث أحياناً اشتباكات محدودة في الحسكة أو القامشلي، لكن هذه المناطق تسير لمصلحة الأكراد الذين يتبعون سياسة القضم. وهذا النهج نجح حتى الآن في توسيع نفوذهم. وليس لدى الأكراد الأن مصلحة في فتح معركة أكبر. فقوة الأكراد ليست في عدد قواتهم على الأرض، لكن في التوازنات التي يحافظون عليها بين روسيا وأميركا. وأيضاً بين دمشق وطهران وأنقرة».
ويوضح أن البديل المحتمل لأميركا على الأرض 2018 عوضاً من «قوات سورية الديموقراطية» قد يكون «جيش سورية الجديد» الذي شكلته أميركا عام 2014. فأميركا ما زالت تدعمه ورفعت عدده. وأخيراً، بدأت واشنطن عمليات تدريب له في شمال شرق سورية بعدما كان وجود هذه القوات مقصوراً على منطقة التنف على الحدود الأردنية.
«جيش سورية الجديد»، إضافة إلى «مجلس دير الزور العسكري» (عدد قواتهما من 3 آلاف إلى 5 آلاف عنصر من قبائل دير الزور والبادية السورية) قد يلعب دوراً سنة 2018. لكن هذا رهان غير معلوم النتائج. إذ ليس هناك قوى محلية على الأرض في سورية، بخلاف الأكراد، أثبتت نجاعة في القتال على الأرض.
عام جنيف أم سوتشي؟
لن يكون 2018 عام اختراق سياسي للأزمة السورية عبر مسار جنيف. هذا التقييم المتشائم تُجمع عليه غالبية المهتمين بالشأن السوري. وإن حدث أي اختراق، فمن المرجح أكثر أن يكون عبر مسارَي آستانة وسوتشي. فالتوجه الروسي- السوري – الإيراني هو إحلال مسار سوتشي محل جنيف. والحكومة السورية أعلنت مطلع كانون الأول (ديسمبر) أن الحل السياسي يبدأ بعد استعادة 100 في المئة من مساحة سورية، ما يعني أنه لن يكون هناك حل سياسي عبر جنيف 2018. ولم يحاول الأسد إخفاء تهميشه لجنيف بإعلانه أن مؤتمر سوتشي المنتظر عقده في شباط (فبراير) المقبل سيناقش سلّتَي الدستور والانتخابات، وهما أهم بندين في محادثات جنيف.
ووفق ما يرى ميلر، «نحن اليوم لسنا أقرب إلى الحل مما كنا عليه العام الماضي. ليس هناك توافق بين النظام والمعارضة حول المرحلة الانتقالية ودور الأسد وإعادة الإعمار».
ويتابع موضحاً أن «أميركا ليست أهم لاعب في سورية، وقدرتُها على التأثير وتوجيه الأحداث محدودة. اللاعبون الأساسيون الآن هم إيران وروسيا والنظام السوري. وإلى حد ما الأتراك. هؤلاء هم من سيقرّر مستقبل سورية وليس واشنطن. عدم رغبة إدارة دونالد ترامب في الانخراط في الأزمة السورية أو الاستثمار عسكرياً أو سياسياً فيها، لن يتغيّر عام 2018. ترامب يرفض فكرة انخراط أميركا في بناء الأمم».
أما لانديز فيرى أن «مسار جنيف يُحتضَر فعلاً، والأسد لن يتحدث إلى المعارضة لأنه يرى أنه هزمها. وبالتالي، لن يشهد مسار جنيف أي اختراق عام 2018. النظام والولايات المتحدة لا يقفان على الصفحة ذاتها في ما يتعلق بالصراع. فكلما أصرّت المعارضة على مغادرة الأسد في المرحلة الانتقالية، تعنّت الأسد في المفاوضات. هو يعتبر نفسه المنتصر، ومن الممكن أن يتفاوض حول القضايا الثانوية، لكنه لن يتفاوض مع المعارضة حول مستقبل النظام. والبديل هو التركيز على سوتشي. وبالتالي، لا أتوقع أن يكون هناك حل سياسي تعرِض بمقتضاه الحكومة السورية دوراً للمعارضة».
احتضار جنيف بدا واضحاً مع مطالبة المبعوث الأممي للأزمة السورية ستيفان دي ميستورا في 19 كانون الأول (ديسمبر) من مجلس الأمن «تقديم أفكار» لصياغة دستور وتنظيم انتخابات في سورية لإحياء المسار السياسي بعدما دخل طريقاً مسدوداً، معرباً بخاصة عن قلقه من ربط دمشق أي تحرّك سياسي باستعادة السيادة على كل الأراضي السورية.
على رغم أن الجانب العسكري من الحرب في طريقه للتراجع، فإن المواجهة السياسية تبقى مشتعلة. وهذا يعني أنه سيكون من الصعب على الشركات والمنظمات الإنسانية والبنك الدولي والأمم المتحدة وصندوق النقد، إنفاق أموال في سورية من أجل إعادة الإعمار، لأن أطراف الصراع لن يكون بينها توافق حول هذا.
ووفق لانديز «ستظل سورية 2018 أرض معركة وساحة مواجهة سياسياً بين قوى إقليمية ودولية، ما يعني أنها ستظل فقيرة وضعيفة وممزقة».
– توقعات على مشارف العام السابع للأزمة
التعليقات مغلقة.