اكثر من ألف فرنسي في صفوف «داعش» و 15 ٪ من الفرنسيين يحملون رأيا إيجابياً عنهم

23

23z499

 

 

 

 

 

 

 

كشفت أرقام وزارة الداخلية الفرنسية أن عدد «الجهاديين» الفرنسيبين الذين يقاتلون في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام والمعروف اختصارا باسم «داعش» تجاوز الألف مقاتل، ما يعني أن العدد في ارتفاع متواصل رغم الإجراءات الأمنية والقضائية المشددة التي اتخذتها الحكومة الفرنسية لإنهاء الظاهرة بلغت حد التهديد بسحب الجنسية.
وقال برنار كازنوف وزير الداخلية الفرنسي إن المعلومات الاستخباراتية التي جمعتها وزارته أظهرت وجود نحو 900 من «الجهاديين» الفرنسيين الذين يقاتلون في صفوف «داعش» في العراق وسوريا بينما يقتل 100 آخرين في ليبيا، مؤكدا أن الرقم مرشح للإرتفاع أكثر لوجود أعداد أخرى منهم في تركيا أو بلدان مجاورة وحتى في فرنسا، لا تزال تتحين الفرصة للالتحاق بساحة القتال، هؤلاء لم تنجح السلطات الفرنسية بعد في تحديد هويتهم.
وقال «جان بيير فيليو» أستاذ العلوم السياسية في جامعة باريس والمتخصص في شؤون الجماعات المتشددة إن «تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام لا يشكل تهديدا لأمن فرنسا وحدها بل لكل أوروبا والعالم، وهو أخطر بكثير من تنظيم القاعدة باعتبار أن داعش تضم بين صفوفها اليوم آلاف المقاتلين المتطرفين والمتعصبين كلهم يعملون تحت سلطة زعيم واحد ويمتلكون خبرة واسعة في القتال وممارسة العنف الشديد والتماسك التنظيمي ما يؤهلهم لتقديم أداء أسوأ مما يتصور».
وأضاف «مواجهة هذا الخطر تقتضي إرادة مشتركة وقرار دولي تشارك فيه الولايات المتحدة وروسيا وجميع دول المنطقة، نحن الآىن ما زلنا بعيدين عن هذا والتنظيم يتمدد ويتوسع يوما بعد يوم».
وعن قوة تنظيم داعش قال الباحث الفرنسي: «الأمريكيون ارتكبوا في العراق نفس خطأ روسيا في سوريا، أي أنهما اتكلا على الجيش النظامي في هذين البلدين واستهانا بكل ما يسمى «قوات غير تابعة للدولة» والنتيجة ان عدد المنتسبين إلى «داعش» في سوريا والعراق تجاوز الـ30 ألف مقاتل، واستطاعوا طرد مليون جندي عراقي من جزء مهم من العراق».
وذكر الباحث الفرنسي بقضية «الجهادي» الفرنسي من أصل جزائري مهدي نموش الذي نفذ اعتداء على متحف يهودي في بروكسل في بلجيكا قبل أن تعتقله فرنسا في مدينة مارسيليا وتسلمه إلى السلطات البلجيكية لمحاكمته، مؤكدا أنه « قاتل في سوريا في صفوف داعش وهناك تلقى التدريب على حمل واستخدام الأسلحة وتنفيذ اعتداءات، ما يثير الجدل مجددا بشأن خطر هؤلاء على الأمن في فرنسا وأوروبا بعد عودتهم، أيضا حول مسألة مراقبة الفرنسيين الذين يتوجهون إلى سوريا للقتال».
وأضاف :»شخصيا أخشى أن تكون قضية «مهدي نموش» بداية لسلسلة اعتداءات قد تشهدها أوروبا وينفذها جهاديون أوروبيون عائدون من سوريا، لأني على يقين أن تنظيم داعش قادر اليوم على إرسال مقاتلين لتنفيذ اعتداءات في أوروبا وحتى في الولايات المتحدة».
من ناحية أخرى أثار استطلاع للرأي أجراه في فرنسا ودول أوروبية مركز متخصص لفائدة قناة تلفزيونية أجنبية وأظهر حمل 15 في المئة من الفرنسيين رأيا إيجابيا عن «الجهاديين» الذين يقاتلون في صفوف داعش جدلا كبيرا في وسائل الإعلام الفرنسية.
ويظهر الإستطلاع الذي أجري على عينة عشوائية من 1000 شخص في ثلاث دول أوروبية أن 15 في المئة من الفرنسيين لديهم رأي إيجابي عن «مجاهدي» الدولة الإسلامية في العراق والشام، مقابل 7 في المئة في بريطانيا و 2 في المئة في ألمانيا.
وشكلت الفئة العمرية المتراوحة بين 18 و 24 سنة نسبة 27 في المئة من المستطلعة آراءهم، ما يعني برأي الخبراء الذين جرت استشارتهم في إطار الدراسة وجود علاقة مباشرة بين هذه النتيجة وعدد المهاجرين من البلدان العربية والشرق الأوسط إلى البلدان الثلاثة التي جرى فيها الإستفتاء.
غير أن يوري روبينسكي الباحث الفرنسي في المعهد الأوروبي يقلل من أهمية ذلك حين يقول: «يلاحظ بوضوح وجود عدد هام من المهاجرين الذين ينحدرون من البلدان المسلمة في فرنسا، حيث ان عددهم هو الأكبر في البلدان الأوروبية، منذ وقت طويل، قطع العديد من أبناء الجيل الصاعد علاقاتهم مع البلد الذي ينحدر منه أهلهم، لكنهم اختاروا التعبير عن تضامنهم مع الإسلاميين المتطرفين كمظهر احتجاج»
ويضيف: «نتيجة هذا الاستفتاء تشير أيضاً إلى معدل السخط المتنامي بين الفرنسيين، هذا يشكل ببساطة تعبيراً عن رفض النظام الموجود في فرنسا برمته إنها طريقة احتجاج ورفض للنخب ليس إلا».
وحرصت الحكومة الفرنسية على تشديد الإطار التشريعي الذي لا بد منه لتوفير الأساس القانوني لتحرك القوى الأمنية، بهدف مساعدتها على تفكيك الخلايا التي تجند الجهاديين وتمولهم وتسهل خروجهم من فرنسا وقبل ذلك تخضعهم لعملية غسل دماغ، جيث تعتقد الأجهزة الاستخباراتية الفرنسية أن عمليات «التجنيد» تجري داخل السجون وعبر الإنترنت وأيضا داخل المساجد في ربوع التراب الفرنسي، كما تتطلع الحكومة الفرنسية إلى توثيق التعاون الأمني وتبادل المعلومات مع البلدان الأوروبية والعربية ومع دول أخرى مثل تركيا لمنع وصول الجهاديين واعتقالتهم وتسليمهم إليها.
ووضعت الحكومة ترسانة من القوانين ضمن خطة خاصة اتخذت بموجبها عدة اجراءات ترمي من ورائها إلى القضاء على ظاهرة تجنيد مقاتلين في صفوف داعش والتنظيمات المتطرفة من فرنسا، كما عمدت إلى تخصيص رقم هاتف للعائلات للتبليغ عن ابنائهم الراغبين في مغادرة فرنسا من أجل الانضمام للتنظيمات المتطرفة للاتصال بالسلطات طلبا للمساعدة ومنعا لخروج أبنائها.
كما وأعادت العمل بقانون يمنع القاصرين من الخروج من الأراضي الفرنسية دون إذن من أهلهم قبل ان تتراجع عنه لقلة فاعليته، غير أنها تركت الباب مواربا أمام منع الخروج بناء على طلب مباشر من الأهل ما يستدعي آليا وضع أسماء الأشخاص المعنيين على لائحة «شنغن» وبالتالي منع الخروج ليس من الأراضي الفرنسية بل من الدول الموقعة على اتفاقية شنغن.
وتقول المعلومات إن السلطات الفرنسية تفكر في إجراء مماثل يهم هذه المرة البالغين، خاصة وأن بعض الأسر أعلنت مرارا انها فشلت في إقناع أقرباء لها بالعدول عن قرارهم السفر للإنضمام إلى جماعات متشددة بينها تنظيم «داعش» كما تريد الحكومة الفرنسية تشديد الرقابة على المواقع «الجهادية» الإلكترونية بهدف إغلاقها ومتابعة القائمين عليها في خطوة تهدف إلى منعها من مواصلة الدور الخطير الذي تلعبه في «غسل دماغ» القاصرين. وتقول الأرقام إن 68 حالة تحقيق أو ملاحقة يعالجها القضاء في الظرف الراهن يتابع فيها نحو 300 شخص.
غير أن نوابا في البرلمان الفرنسي يشككون في فاعلية الاجراءات الاحترازية بينها سحب الجنسية وجدواها ويشككون قي قدرتها على احتواء ظاهرة تزايد أعداد «الجهاديين» في ظل بقاء الأزمة السورية عالقة، ما يعني بقاء التربة التي تغذي توسع الظاهرة خصبة.

عن القدس العربي

التعليقات مغلقة.