المجلس التأسيسي يكشف الوثيقة السياسية المتفق عليها

47

girke-civina-meclisa-damzriner-3-620x364

هاوار- Buyerpress

كشف المجلس التأسيسي للفيدرالية الديمقراطية في شمال سورية عن الوثيقة السياسية النهائية لمضمون قرارات اجتماعهم المنعقد منذ 3 أيام في بلدة رميلان.

وبعد اختتام جلسات الاجتماع الثاني للمجلس التأسيسي للفيدرالية المنعقد في رميلان بيومه الثالث، كشف المجلس عن نتائج اجتماعهم والمبادئ التي اتفقوا عليها خلال بيان قرئ في مؤتمر صحفي من قبل الرئيس المشترك للمجلس التأسيسي للفيدرالية الديمقراطية في شمال سورية

وفيما يلي نص الوثيقة السياسية:

بالرغم من التضحيات الجسيمة التي قدمتها الشعوب والمكونات في سورية ومرور ستة أعوام على الأزمة السورية، إلا أن الوضع لم يتغير نحو الأفضل، بالعكس تماما نرى بأن الأزمة الموجود باتت كمرض السرطان يتوسع ويتعمق بشكل أكثر. وهذا ما يؤكد على أن الأزمة الموجودة في عمومها هي أزمة بنيوية كي يتم تجاوزها هناك حاجة إلى حلول جذرية شاملة. وبما أن الأساليب والأطروحات التي استخدمت حتى الآن لم تأت بالحل، حينها سيكون من الأصح إعادة النظر فيها واللجوء إلى طرق بناءة جديدة.

خلال المرحلة الماضية تمّ الإدراك جيدا أن الحرب الاستنزافية المفروضة على الشعب السوري، لا تخدم أي مكون في سورية بغض النظر عن هويته القومية والدينية والثقافية. لأنها ظهرت نتيجة رفض النظام للتغيير الديمقراطي وإصراره على نظام الحزب الواحد، ومن أجل أن ننهي المأساة السورية نحن بحاجة إلى تغيير جذري عن طريق تأسيس نظام ديمقراطي يضمن حقوق كل الأفراد والمكونات في المجتمع السوري. هذا أكدت لنا هذه السنين بأننا كسوريين لا خيار أمامنا سوى الحل الديمقراطي. وإذا ما أصر النظام الحاكم او أي فصيل أو تيار سياسي على حلول ترميم الدولة القومية أو فرض هويته فإنه لا محال سيخدم تقسيم وتمزيق سورية. لأن الوحدة المعتمدة على دستور ديمقراطي وعلى الحرية والمساواة هي التي يمكن أن تحمي وحدة الأرض السورية وتقوي نسيجها الاجتماعي، في حين الوحدة القسرية التي تعتمد على التعصب القومي، الديني والمذهبي ستودي بسورية إلى الانهيار.

انطلاقا من هذه الحقيقة وإذا ما تم تقييم خاصية المجتمع السوري من حيث التنوع الثقافي، القومي والاجتماعي، فمن البين أن النظام الفيدرالي الديمقراطي الذي يعتمد على منظور الأمة الديمقراطية المبني على التنوع الاثني والديني والثقافي هو أنسب نظام يمكن أن يجمع ويوحد السوريين تحت سقفه.  في حين أن العمل على إعادة إحياء الدولة القومية والإصرار في استمراره أو إعادة انتاجه فإنه لن يؤدي سوى إلى تمزيق وتشتت أكثر لنسيج مجتمعاتنا.

ثمة توافق ضمن كافة الجهات السياسية الديمقراطية بشأن أهمية التحول الديمقراطي في سورية. ما نحتاجه هنا هو جعل هذه الرغبة إرادة حية ومكشوفة. والدستور الديمقراطي هو يقين هذا الواقع وحقيقته، والتعبير الجوهري عنه. وإننا كقوى مشاركة في المجلس التأسيسي للفيدرالية الديمقراطية لشمال سورية. نرى بأن الخروج من الأزمة يمكن أن يتم عن طريق إعادة بناء هيكلية الجمهورية تأسيسا على الدستور الديمقراطي. وقد سعينا للحوار مع كل القوى السياسية السورية، لكي نقوم بحل قضايانا ونرسم معالم مستقبلنا بأنفسنا، إلا أنه تم استبعادنا وإقصاءنا في معظم الاجتماعات التي عقدت حتى الآن. ونريد أن نؤكد بأننا منذ البداية وحتى الآن تحركنا بأجندات وطنية ديمقراطية، إيمانا منا بأننا كسوريين نمتلك القوة والمقدرة التي تمكننا من حل مشاكلنا. إلا أنه وللأسف الشديد لم نرَ إرادة سياسية نخاطبها ونتحاور معها، سواء من قبل النظام أم من قبل المعارضة الداخلية والخارجية. هذا وبالرغم من عدم تقديمها لأي مشروع حل، فإنها لم تقبل بالخيارات المقدمة من قبلنا أيضا، مما زاد من العقم والانسداد. لذلك فلا خيار أمامنا سوى أن ننظم المناطق التي تم تحريرها من القوى الإرهابية وفق نظام ديمقراطي. لنتمكن من حماية مناطقنا من كل أنواع المخاطر. وأيضا نهدف بذلك إلى خلق بديل، بحيث تتحول مناطق شمال سورية إلى نموذج للحل. هذا ومن الضروري القول بأن مشروع الفيدرالية الديمقراطية الذي نريد تطبيقه وبالتكامل مع الفيدراليات الأخرى التي نرى من الضرورة إنشاءها في المستقبل وهي جزء لا يتجزأ من سوريا الفيدرالية الديمقراطية. وبما أن الظروف الموضوعية والذاتية غير مواتية من أجل تأسيس دستور ديمقراطي لكل سوريا في الوقت الراهن. فإننا في المناطق المحررة سنقوم بتنظيم حياتنا وفق هذا العقد، المتفق عليه من قبل كل المكونات التي تعيش ضمن جغرافية شمال سورية. إلى أن يتم الاتفاق على دستور ديمقراطي يضمن حقوق كل السوريين.

من هذا المنطلق نرى بأن المبادئ الأساسية التي يجب أن ترسم الإطار المعني بماهية الدستور الديمقراطي السوري هي بهذا المضمون:

أولا: الأمة الديمقراطية:

الأمة الديمقراطية هي الأمة المتآلفة من الأفراد الذين يتشاطرون حقوقهم وواجبتهم ويمارسون حرياتهم الرئيسية بالتساوي، بقدر ما تتألف من شتى أنواع الثقافات والأديان والإثنيات، والمستندة بالتالي إلى دعامة وحدة الحقوق الفردية والجماعية.

ثانيا: الوطن المشترك:

واضح جدا بأننا كسوريين بحاجة إلى مفهوم جديد بصدد الوطن المشترك. أي أن مفهوم الوطن الذي لا ينتسب إلى أثنية ذات لغة واحدة، ولا إلى دين واحد وحسب، بل يتألف من مواطنين متعددي اللغات والقوميات والأديان، هو الأكثر واقعية. بالتالي، هذا المفهوم يمكن أن يلبي متطلبات التكامل والتآخي أكثر ويحيًهما ويرسخ من وحدة الارض والمجتمع السوري بشكل أكثر. بينما الوطن الذي يزود بمشاعر الانتماء إلى أثنية واحدة فقط، يقصي القسم الأكبر من المواطنين ويجعلهم مجرد ” آخرين”. هو المفهوم الذي يثير التكتل ويؤدي دور التقسيمي والانفصالي بالأصل. جلي تماما أن مفهوم المواطنين المتشكلين على نمط  واحد، ينبع من الفاشية. فالتباين يعبر عن غنى الحياة في الطبيعة والمجتمع على حد سواء. من هنا، فالأصح هو التحلي بالروح الوطنية.

ثالثا: مبدأ الجمهورية الفيدرالية الديمقراطية:

إن تفسير الجمهورية كدولة قومية باعتبارها نظام دولة، إنما هو عامل مؤثر في الإقصاء، نظرا لكونه الشكل الصارم لها، فمن المحال أن تكون دولة ما قومية وبنفس الوقت ديمقراطية. بينما النظام الأمثل بالنسبة للجمهورية هو الدولة الديمقراطية فهي الدولة المنفتحة على النظام الديمقراطي. في حين تقوم الدولة القومية بالقضاء على الخصائص الديمقراطية للمجتمعات مثلما حصل في الفترة الماضية

في الحقيقة إذا ما تم إسقاط التنوع الثقافي على الواقع السياسي في سورية، سنرى بأن مبدأ الحل الديمقراطي ينسجم مع نموذج الجمهورية الفيدرالية الديمقراطية السورية. المهم هنا هو تشييد الجمهورية الفيدرالية الديمقراطية السورية كنظام سقفي جامع لكل الفيدراليات.  هذا وعدم أدلجة شكل النظام والدولة وعدم ربطها بأثنية أو دين معين، يعتبر أمر مهم من أجل حل القضايا المتأزمة في سورية. لذلك سيكون من الأنسب القيام بصياغة تعريف حقوقي للجمهورية الفيدرالية الديمقراطية السورية بوصفها نظاما قانونيا ديمقراطيا بالنسبة لكافة المواطنين. وبذلك يكون قد تم ترسيخ جوهر مبدأ الأمة الديمقراطية ومبدأ العلمانية ضمن التعريف أعلاه. من هذا المنطلق فالتعبير عن الجمهورية الفيدرالية الديمقراطية السورية دون إرفاق مصطلح أثني أو عرقي أو ديني. سيكون شاملا ومتكاملا بشكل أكثر.

رابعا: مبدأ الدستور الديمقراطي:

من أجل تكريس مبادئ الديمقراطية، يجب أن ترتكز إلى دستور يسن بتوافق اجتماعي وتمثيل حقيقي وصحيح لجميع المكونات بحيث نتمكن من بلوغ نظام إداري راسخ لتتمكن جميع المكونات من حماية حقوقها بشكل دائم ويفتح المجال أمام المؤسسات المجتمعية والشرائح الاجتماعية لتنظيم وتطوير ذاتها وأخذ دورها الطبيعي في المجتمع وفي مقدمتها المرأة والشبيبة. هذا ويعد الدستور الديمقراطي أداة لا بد منها، في سبيل الإبقاء على الدولة كعامل يؤمن الحل بوصفها ميدانا من زخم الخبرات والتخصص، لا كمؤسسة مولدة للمشاكل المثقلة من وطأتها باستمرار. الدستور الديمقراطي سيلعب دور الضامن الذي يوحد بين الفيدراليات ضمن الوطن المشترك.

خامسا: مبدأ الدفاع الذاتي:

تأتي قضية الدفاع الذاتي في مقدمة القضايا التي نعيشها كشعوب وكهويات اجتماعية وثقافية في سورية. وتبين تاريخيا أن الحياة المجردة من الدفاع الذاتي تنتهي بمآسي من أجل المجتمعات سواء من الناحية الاجتماعية أو حتى تعرضها لكل أنواع الإبادة. لذلك يعتبر ضمان الدفاع الذاتي من أجل المجتمعات والأفراد في كل منطقة من سورية أمر لا بد منه، هذا بالإضافة إلى أن ترسيخ نظام كاف من الدفاع الذاتي ضرورة حتمية من أجل حياة حرة، متساوية وعادلة.

سادسا: مبدأ قضية حرية المرأة:

تعتبر قضية تحرر المرأة من أهم القضايا التي يعاني منه مجتمعاتنا في سورية. ومن أحد أسباب الأساسية للتخلف الذي يعيشه مجتمعنا هو تهميش وإقصاء دور المرأة في عملية البناء المجتمعي وتحويل المرأة الى عنصر من الدرجة الثالثة أو الرابعة. ومن أجل القضاء على الممارسات اللاديمقراطية والغير العادلة التي تتعرض لها المرأة، هناك حاجة الى مواد دستورية تضمن مساواة المرأة والرجل في جميع مجالات الحياة. لذلك المشاركة الفعالة للمرأة في عملية صياغة الدستور الجديد في سورية، يعتبر من الأمور الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنه.

سابعا: مبدأ الاقتصاد:

يجب أن يتم العمل على ترسيخ سياسية اقتصادية تحقق حماية المجتمع والبيئة في وجه التأثيرات الاحتكارية والتدميرية القصوى الناجمة عن سياسية الاحتكار المسيطرة على الاقتصاد. لذلك هناك حاجة كبيرة لسياسة اقتصادية تغطي احتياجات المجتمع وتحقق التوزيع العادل للثروات التي نملكها كسوريين. بحيث يتم إغلاق الطريق امام النهب الاحتكاري المتسلط على السوق. هذا ويجب أن يتم القضاء على ظاهرة البطالة التي تحولت إلى حالة سرطانية في مجتمعاتنا. بحيث يتم تأمين العمل لكل فرد في سورية بغض النظر عن هويته الجنسية أو الاثنية أو الدينية.

ثامنا: مبدأ اللغة والثقافة:

يعتبر ممارسة كل شعب للغته وثقافته في المجال التعليمي والفني والعلمي والديني من الحقوق الأساسية للإنسان، لذلك يعتبر ضمان التعليم باللغة الأم في الدستور الجديد من أجل (الكرد، السريان، الأرمن والتركمان) أمر لا بد منه. وهذا سيقوي من النسيج الاجتماعي والثقافي للمجتمعات السورية وسيفتح الطريق أمام وحدة طوعية بين جميع المكونات.

انطلاقا مما تم ذكره في الأعلى إننا كالمجلس التأسيسي لفيدرالية شمال سورية، سنعمل بكل ما في وسعنا من أجل تطوير حل ديمقراطي يشمل كل سورية. ونؤكد للرأي العام السوري بأننا مستعدون للتفاوض والحوار مع كل القوى السورية من أجل تحقيق نظام ديمقراطي يضمن السلام والاستقرار لكل السوريين.

المجلس التأسيسي للفيدرالية الديمقراطية لشمال سوريا

29-12-2016

التعليقات مغلقة.