كتب شارع المتنبي ببغداد بلا قرّاء
شارع المتنبي تعرّض كغيره من مناطق بغداد والعراق لعدة تفجيرات، كما دُمّرت المكتبة العصرية بشكل كامل، وهي أقدم مكتبة في الشارع تأسست عام1908
في خضم الصراعات السياسية والطائفية والعنف المحتدم، يلجأ مثقفو العراق إلى شارع المتنبي وسط بغداد كل أسبوع، حيث تتواجد مكتبات ودور نشر ومقاه تجمع أدباء وفنانين وباحثين عن المعرفة بعيدا عن معترك الحياة اليومية.
شارع المتنبي أو ما يعرف بشارع الثقافة وسط العاصمة العراقية بغداد، والذي يحتضن عددا كبيرا من محال بيع الكتب واللوازم المكتبية، يعاني من غياب واضح لرواده المثقفين والمتبضعين الذين كانوا يقضون معظم أوقاتهم في هذا الشارع يقلبون الكتب والبحوث فضلا عن الجلوس في المقاهي القديمة الموجودة في هذا الشارع.
وعن أسباب غياب الزبائن ورواد شارع المتنبي عنه، قال أحمد لطيف الذي يبلغ من العمر 12 عاما وهو يقف بجانب عربته لبيع الكتب إنه “عقب الأحداث التي جرت في محافظتي نينوى وصلاح الدين (شمال) تراجع حضور المثقفين والزبائن إلى شارع المتنبي خوفا من الأوضاع الأمنية”.
وأضاف لطيف أن “المحال التجارية تراجع نشاطها التجاري بشكل كبير في هذا الشارع الذي كان يشهد زخما كبيرا عليه من قبل الزبائن والمتبضعين بنسبة 90 بالمئة.
وتابع: “كنت أبيع يوميا ما يقارب الـ15 كتابا للمثقفين وفي أيام العطل الرسمية وخصوصا أيام الجمعة أبيع ما يقارب 25 كتابا، لكن اليوم أبيع كتابا واحدا أو اثنين في بعض الأحيان، لا أبيع شيئا فأذهب إلى البيت دون الحصول على رزق”.
ويعتبر “المتنبي” السوق الثقافي لأهالي بغداد حيث تزدهر فيه تجارة الكتب بمختلف أنواعها ومجالاتها وينشط عادة في يوم الجمعة.
كما توجد فيه مطابع تعود إلى القرن التاسع عشر، كما يحتوي على عدد من المكتبات التي تضم كتبا ومخطوطات نادرة إضافة إلى بعض المباني البغدادية القديمة.
محمود سعيد (39 عاما) مستلق على عربته وسط شارع المتنبي، آملا أن يوقظه أحد ويطلب منه نقل بضاعة ما ليجني بعضا من المال الذي يعيل به أفراد عائلته السبعة.
وقال سعيد إن “الأحداث الأمنية والتوتر الحاصل في عموم البلاد ولد خوفا لدى المواطنين في العاصمة من الخروج إلى الأسواق”.
وأضاف “كنت أعمل على نقل البضائع يوميا من شارع المتنبي إلى أماكن مختلفة وكنت أحصل يوميا على ما يقارب 30 ألف دينار (ما يعادل 25 دولارا أميركيا)، إلا أنني خلال الأسبوعين الأخيرين لم أجن ربع هذا المبلغ يوميا”.
وحمل سعيد الحكومة العراقية مسؤولية ما يجري في البلد من تفجيرات وخروقات أمنية والتي دفعت بالكثير من العراقيين إلى الهجرة إلى خارج العراق وإقليم شمال العراق.
وتعرض شارع المتنبي كغيره من مناطق بغداد والعراق لعدة تفجيرات خلال فترة عدم الاستقرار الأمني بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003، إلا أنه تعرض يوم 5 مارس 2007، إلى هجوم بسيارة مفخخة أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 30 متسوقا وتدمير العديد من المكتبات والمباني، وتم تدمير المكتبة العصرية بشكل كامل، وهي أقدم مكتبة في الشارع تأسست عام 1908. كما تدمر مقهى “الشابندر” الذي يعد من معالم بغداد العريقة.
أما وائل علي (41 عاما) الذي كان واجما قرب عربته الصغيرة والتي يبيع فيها العصائر المثلجة، فقال: “منذ 4 سنوات لم يشهد شارع المتنبي هذا الغياب للزبائن والرواد الذين كانوا يتوافدون بأعداد كبيرة عليه”.
وتابع: “المواطنون بدأوا يتخوفون من القدوم إلى شارع المتنبي خصوصا بعد موجة الاغتيالات والخطف التي شهدتها بغداد مؤخرا”.
ويحتضن شارع المتنبي كل يوم جمعة العديد من النشاطات الثقافية والمعارض التي يزورها عدد كبير من السياح الأجانب فضلا عن المثقفين.
وأصدرت منظمة الأمم المتحدة الأسبوع الماضي تقريرها النصف السنوي عن العراق، والذي أشار إلى أن أكثر من 5 آلاف عراقي قتلوا فيما أصيب أكثر من 11 ألفا آخرين بجروح جراء أعمال العنف التي تشهدها البلاد منذ بداية عام 2014 الحالي وحتى الآن.
ويعم الاضطراب مناطق شمال وغربي العراق بعد سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية الشهير بـ”داعش” ومسلحين متحالفين معهم على أجزاء واسعة من محافظة نينوى (مركزها الموصل 400 كلم شمال بغداد) بالكامل يوم 10 يونيو الماضي، بعد انسحاب قوات الجيش العراقي منها دون مقاومة تاركين كميات كبيرة من الأسلحة.
العرب: عدنان جاسم
التعليقات مغلقة.