على قادة Tev- Dem أيضاً الكف عن الضغط على الطرف الآخر، نحن في مرحلة عصيبة، الكاك مسعود والمام جلال لديهم تاريخ نضالي مشرف، وعلى الجميع تقبُّل الآخر.
– المال السياسي هو الذي أوصل الحركة الكردية إلى هذه الحالة، لولا المال السياسي لقامت جميع الأحزاب بحل نفسها وانخرطت في حزب الـ (PYD).
– هناك قوتان في روجآفا(الآبوجية والبارزانية) على جميع مناصري القوتين حلّ أحزابها والانضمام إلى القوى التي يناصرها.
– قال الدكتور نورالدين زازا لقاضي المحكمة: إن البارتي عبارة عن جمعية خيرية وأن قيام دولة كردستان “مشروع خيالي بعيد المدى”.
– عدا الخلافات الفكريّة لانشقاق الحزب الأم في العام 1965كانت هناك خلافات أخرى من بينها أن التيار اليميني كان يريد الحوار مع الأجهزة الأمنية، بينما كان يرى اليساري أن الحوار مع القيادة السياسية في سوريا أفضل.
– أنصار الأبوجية يناضلون ويقاومون وأنصار البارزانية لا يمثلهم أحد والذين يقولون بأنّهم يمثلون البارزانية مع الأحزاب الأخرى بائعو كلام فقط..
أجرى الحوار: قادر عكيد
ينتمي إلى عائلة وطنية عريقة ومعروفة منذ 500 سنة، “ديبو” هو الأب العاشر، شاركت العائلة في ثورة الشيخ سعيد بيران، كما وساهمت في حماية المسيحيين أثناء الفرمان العثماني ضد الأخوة المسيحيين. انتسب إلى صفوف الحركة الكردية في سوريا تحديداً في السابع من أيلول 1957 كعضو فرقة، وفي العام 1958 أصبح عضواُ في اللجنة الفرعية للحزب الأم “البارتي الديمقراطي الكردستاني – سوريا”.
في العام 1965 وبعد انشقاق الحركة الكردية على نفسها إلى تيارين “اليسار واليمين” أصبح عضواً في اللجنة المنطقيّة في التيار اليساري، وفي المؤتمر الثاني الذي انعقد في العام 1969 أصحب عضواُ عاملاً في اللجنة المركزية للحزب اليساري الكردي في سوريا.
أخبرتهم أن يتحدثوا إلى الأسد بالعربية “المقشرة” بأننا الكرد لسنا رجالاتك ولسنا شبيحتك وعملائك، نحن أصدقاؤك، وقضيتنا الكردية في سوريا ترتبط بالقضايا الطائفية والمذهبية والقومية في سوريا، أخبرتهم أن يطلبوا منه السلاح لنحمي مناطقنا الكردية.. للأسف لم يسمعوا كلامي، ذهب طرف آخر، وهذا الطرف يمتلك الآن أكثر من 200000 ألف مقاتل، يحمون الآن الشرف والكرامة الكردية.
في العام1970 حضر مؤتمر الحزب الديمقراطي الكردستاني “عراق” مع بعض رفاقه بدعوة من القائد الكردي ملا مصطفى البارزاني لتوحيد طرفي الحزب، وشُكّلت لجنة للقيادة المرحلية آنذاك من اثني عشر عضواً كان هو أحدهم ” ثلاثة من اليسار و ثلاثة من اليمين وستة من البرجوازيين الكرد” وبعد عودتهم وبدلاً من توحيد الطرفين، أصبحت ثلاثة أطراف ؛ اليساري، التقدمي، البارتي. وفي العام 1971 وتحديداً في الكونفرانس العاشر أصبح عضواُ في المكتب السياسي للحزب اليساري، واستمرت هذه العضوية ستاً وثلاثين عاماً، وبعد وفاة الرفيق عصمت سيدا في العام 1989 انتخبت أميناً عاماً للحزب اليساري الكردي في سوريا وبعد دورتين متتاليتين ” أي ثمان سنوات ” قدّم استقالته واستلم قيادة الحزب عنه السياسيّ محمد موسى. ليس لديه أي تحصيل علمي سوى المرحلة الابتدائية، ولاحقاً درس لدى الأئمّة لمدة 6 سنوات نال بعدها مرتبة الـ (Feqe).
– الأسباب الرئيسية لاعتزالكم العمل السياسي ضمن صفوف الحركة الكردية؟
بقيت ضمن صفوف الحركة الكردية ستة وخمسون عاماً، وفي أثناء النضال السياسي كنت فرحاً جداً بما أقوم به من نضال لأجل حقوق شعبي، نضالنا السياسي كان يبدأ بإصدار بيان وينتهي بالعصيان المدنيّ، في هذه السنوات الأخيرة انتهى النضال السياسي وأصبح النضال المسلح يتصدر المشهد.
في بداية الحراك في سوريا، أرسل بشار الأسد دعوة للقاء بالحركة الكردية، زرت الأستاذ عبدالحميد درويش والدكتور عبدالحكيم بشار وأخبرتهما بأن يقبلوا الدعوة ، أخبرتهم بأن الأسد هو أعلى هرم السلطة في سوريا ويمتلك زمام الأمور، ومجرد اللقاء به هو اعتراف رسمي بوجود الشعب الكردي والحركة السياسية الكردية في سوريا، وأن هذا اللقاء لا يقلّ عن بيان 11 آذار بين حكومة البعث العراقي بقيادة أحمد حسن البكر والقائد مصطفى البارزاني، فرغم كل أعمال صدام حسين لكنها بقت وثيقة رسمية. أخبرتهم أن يتحدثوا إلى الأسد بالعربية “المقشرة” بأننا الكرد لسنا رجالاتك ولسنا شبيحتك وعملائك، نحن أصدقاؤك، وقضيتنا الكردية في سوريا ترتبط بالقضايا الطائفيّة والمذهبيّة والقوميّة في سوريا، أخبرتهم أن يطلبوا منه السلاح لنحمي مناطقنا الكردية.. للأسف لم يسمعوا كلامي، ذهب طرف آخر، وهذا الطرف يمتلك الآن أكثر من 200000 ألف مقاتل، يحمون الآن الشرف والكرامة الكردية.
كانت لديّ قراءتي الخاصة بما ستؤول إليه الأمور في سوريا، حين رفضت الحركة اللقاء مع بشار الأسد ورفضت حمل السلاح، وفقدت جميع القيّم النضالية، قدمت استقالتي من العمل الحزبي بعد نضال ستة وخمسين عاماً. والآن أساند سواعد المقاتلين الذين يحملون السلاح لحماية الشعب الكردي وجميع المكونات الأخرى.
– بم تعلّق على التزايد الانشطاري، والتشظّي العشوائي لأحزاب الحركة الكردية في سوريا، ما هي أهم الأسباب برأيك؟
المال السياسي هو الذي أوصل الحركة الكردية إلى هذه الحالة، لولا المال السياسي لقامت جميع الأحزاب بحل نفسها وانخرطت في حزب الـ (PYD)، الذي يدافع عن وجود الشعب الكردي في سوريا. هناك من يقبض مبالغ خيالية، كيف سيقبل بحلّ حزبه، في إحدى زيارتي لمكتب يكيتي الكردي استقبلوني أجمل استقبال، سألتهم؛ ماذا تفعلون: قالوا لي” نحن بصدد إصدار بيان في هذه اللحظات”. تحدثت اليهم بالاسم وقلت: غيركم يقدم الشهداء على مذبح الحرية وأنتم مازلتم تصدرون البيانات.!؟
في روجآفاي كردستان، لا توجد سوى قوتان أساسيّتان (الآبوجية والبارزانية) أنصار الأبوجية يناضلون ويقاومون وأنصار البارزانية لا يمثلهم أحد والذين يقولون بأنهم يمثلون البارزانية مع الأحزاب الأخرى بائعو كلام فقط..
– ألا ترى بأن انعقاد المؤتمر القومي الكردستاني ضرورة لإزالة كل هذه الخلافات السياسية بين الأحزاب الكردستانية الرئيسيّة؟
في العام 1992ألتقيتُ مع المام جلال الطالباني في دمشق، وهو صديق مقرّب لي وكان يناديني دائماً بـ”قائد المسيرة” أخبرته في ذلك اللقاء بضرورة انعقاد مؤتمر قومي كردستاني وبأننا نحتاج إلى مظلة كردستانية، لدينا أربعة أحزاب رئيسية، وتستطيع تلك الأحزاب لعب هذا الدور، ويعلم جيداَ المام جلال مسيرتي اليساريّة، ولكنني قلت له: بأنّ العالم كله أصبح بيد أمريكا وأوروبا، حاوروهم وتنازلوا لهم عن نفط كردستان في الأجزاء الأربعة لمدة 25 عام، فقط لكي يحرروا هذا الشعب من ظلم الأنظمة المغتصبة لأرض كردستان.!
ضحك المام جلال كثيراً وقال: “يا قائد المسيرة نحن الأحزاب الرئيسية لا نستطيع أن نتفق، لأننا أسرى لتلك الأنظمة الغاصبة، فمثلا أنا لديّ علاقات مع نظام ما، وكذلك الكاك مسعود لديه علاقات مع نظام آخر، وأوجلان لديه علاقات مع نظام آخر، وقاسملو كان لديه علاقات مع نظام آخر”. طبعاً لدي قراءتي للخارطة السياسية وعلاقات الأحزاب وأعرف جيداً من هي تلك الأنظمة!.
التقيت السيد جميل بايك وتحدثت له بخصوص انعقاد المؤتمر القومي الكردستاني، أخبرني بكل صراحة أنهم تحدثوا بشأن هذا الموضوع مع الأخ مسعود البارزاني ووافق على انعقاد المؤتمر القوميّ على أن يترأس هو جلسات المؤتمر والدورة الأخرى أيضاً، وافقناه الرأي وأخبرناه ستبقى رئيساً للمؤتمر كما تشاء ، وسندعمك بخصوص الترشُّح لكننا نود منك القبول بأنْ تشاركك رئاسة المؤتمر السيدة المناضلة ليلى زانا، حينها رفض الأخ مسعود البارزاني مشروع انعقاد المؤتمر القومي الكردستاني.. بتصوّري بأن الأنظمة الغاصبة لكردستان ترفض فكرة المؤتمر القومي الكردستاني وأولهم تركيا.
– لمَ لمْ تكن من مؤسّسي أول حزب كردي في سوريا، رغم أنك انضممت إلى الحزب بعد ثلاثة أشهر فقط من تأسيسه؟
لم يرسل لي الراحل أوصمان صبري الدعوة بخصوص تأسيس الحزب، أرسل في طلب ثلاث شخصيّات من الجزيرة وهم: حميد درويش، حمزة نويران، وشيخ عيسى، ومن كُرداغ أيضاً ثلاث وهم: رشيد حمو وشوكت حنان ومحمد علي خوجة، اجتمع بهم وتم تأسيس الحزب الأم.
في تلك الفترة كنت أنا ومحمد جميل سيدا والملا رمضان مع الكبير جكرخوين ، وكان الحراك السياسي ضعيفاً جداً. أنا معجب جداً بشخصية جكرخوين وتاريخه النضالي والأدبي، وتأثرت به كثيراً في المسائل الطبقية والقومية ، ما زلتُ أحفظ المئات من قصائده.
– أهم الأسباب الرئيسية لانشقاق الحزب الأم في العام 1965 إلى (يمين ويسار)؟
الأسباب الرئيسية كانت فكرية، وتلك الفترة كان هناك تقدم كبير للفكر اليساري، نحن في الطبقات الدُنيا وقفنا إلى جانب أوصمان صبري الذي قاد التيار اليساري، بينما قاد التيار اليميني حميد حاج درويش. وكانت هناك خلافات أخرى من بينها: التيار اليميني كان يريد الحوار مع الأجهزة الأمنية، بينما كان يرى التيار اليساري أن الحوار مع القيادة السياسية في سوريا أفضل.
لديّ أسرار سأفشيها لكم، كان هناك ضابط برتبة ملازم أول يدعى “خليل جهماني” وكان يترأس جهاز الاستخبارات في المنطقة، وكان التيار اليميني قد أقنع أنصاره بضرورة الحوار مع الأجهزة الأمنية، أما تيارنا اليساري فكان يرفض ذلك، تواصل التيار اليميني مع بعض الرفاق في اللجنة المنطقية لحزبنا وهم: هلال ومحمد علي حسو، وتحدثوا معهم بشأن ذلك، فأخبرهم رفاقنا بأنهم لا يستطيعون البتّ في هذا الموضوع بدون قيادة الحزب وهم أوصمان صبري وصلاح بدرالدين، و كان بدرالدين في تلك الفترة مسجوناَ لدى الاستخبارات السورية ومحكوماً عليه بسنة ونصف من قبل محكمة أمن الدولة العليا، لأنه ذهب إلى أوروبا وحضر كونفرانس الحزب هناك كونه كان عضواً في المكتب السياسي للحزب.
أقنع التيار اليميني أصدقائنا بضرورة الذهاب إلى دمشق للتحدث مع أوصمان صبري وصلاح بدرالدين، وتم دفع تكلفة السفر من قامشلو إلى دمشق، ذهب هلال ومحمد علي حسو إلى دمشق والتقيا بأوصمان صبري، وبمجرد فتح هذا الموضوع، طردهم أوصمان صبري من منزله. بعدها زارا صلاح بدرالدين في سجنه، أخبراه بالموضوع، ردّ بدرالدين بأنه مسجون ولا يستطيع التحدث بهذا الموضوع ولو كان حرا لكان هناك مجال للتحدث.
وقبل أن تمضي مدة محكومية بدرالدين تم الإفراج عنه وحدث صراع بينه وبين أوصمان صبري، اتهمه آبو أصمان بأن الاستخبارات أفرجت عنه بصفقة، كون المحكوم من قبل محكمة أمن الدولة العليا لا يُفرج عنه إلا بعد انقضاء مدة محكوميته، وتم عقد كونفراس في منزل عصمت سيدا بمدينة عامودا برئاسة محمد نيو ونوقش الخلاف، بداية اتهم أوصمان صبري بدرالدين بأنه عقد صفقة مع الاستخبارات لإطلاق سراحه، بينما قرأ بدرالدين دفاعه من خلال تقرير مكتوب وأكد فيه بأن آبو أوصمان دكتاتور ويتحكم لوحده بمالية الحزب، وهو بعيد كل البعد عن الفكر اليساري، كما تحدث بدرالدين عن ذهابه إلى باشور كردستان ولقائه مع البارزاني الأب وبأن الأخير أخبره أن أوصمان صبري عميل للاستعمار.!
في تلك الفترة كان التيار اليساري يساند البارزاني كون التيار اليميني كان يساند المام جلال الطالباني، وجاءت تلك الاتهامات ضد أوصمان صبري كونه طرح في الكونفراس السادس للحزب اليساري على الرفاق حرق محصول العرب الغمر من القمح وبأنه سيؤمّن السلاح، وشكّ الرفاق في إمكانية جلب السلاح ومن هي الجهة التي ستدعم أوصمان صبري به؟!. حينها واجه محمد نيو أوصمان صبري بالاتهام الأخير، فردّ آبو أوصمان: نعم، يتحدث عني البارزاني الأب بأنّني عميل، ولكن هذا الكلام خاطئ!!
قال لي محمد نيو بخصوص هذا الموضوع بأنّه كان على أوصمان صبري أن ينفي ما قيل عنه ويطالب بتشكيل لجنة تحرّي بخصوص هذا الموضوع، ولصراحته الزائدة قال نيو: بأنّ أوصمان صبري يجب أنْ لا يعمل بالسياسة لأنه صريح جداً، ويتحدّث بشفافية في جميع الأمور، وهذه كانت النقطة القاتلة في حياة صبري السياسيّة.. كوننا كنّا في تلك الفترة من أنصار البارزاني الخالد.
“تنازلت عن منصبي، ورشحت محمد موسي بديلا عني، وطلبت منهم أن يكون هناك بند في النظام الداخلي يحدد فترة السكرتير بثمانية سنوات فقط. قال لي صالح كدو حينها: لمَ رشّحت محمد موسي ولم تقم بترشيحي؟، فأجبته: بأنّ محمد موسي يمتلك مقومات كثيرة تؤهله ليصبح السكرتير الأول؛ أوّلها أنه مناضل وغير مرتبط بالأمن وثانيها أنه من عائلة فقيرة وكادحة.. للأسف منذ ذلك التاريخ ومحمد موسي لم يترك المنصب”..!
– مرّت قبل أيام الذكرى59 لتأسيس أول حزب كردي، واحتفلت أغلب الأحزاب على أساس أنها الحزب الأم؟ برأيك من يمثل الحزب الكرديّ الأم في سوريا؟
برأيي، لا أحد يمثل الحزب الكردي الأم، فقد الحزب الكردي الأم مصداقيته بين الجماهير، رغم وجود أكثر من أربعين حزب وبعضهم لا يتجاوز الـ10 أعضاء، بكل صراحة أقول بأنهم جميعاً لا يمثلون الحزب الكردي الأم الذي تأسس في العام 1957.
– لو نتحدث عن توزيع المنشورات في العام 1973 من قبل اليساري الكردي واعتقالكم على خلفية توزيعها؟
الحزب اليساري الكردي كان يقود المظاهرات دائماُ، حتى قبل العام 1973 كنّا السباقون في النضال السياسي رغم مطالبة أوصمان صبري دائماً بالكفاح المسلح. وزعنا المنشورات ورفضنا فيها قدوم العرب الغمر، وزعنا 3000 منشور في كل المدن والبلدات في الجزيرة، كانت القيادة قد كلفتني أنا وعصمت سيدا بشأن المنشورات وتوزيعها.
– في صيف العام 1970 تشكلت قيادة مرحلية لتوحيد الحزب الأم بعد عملية الانشقاق، وفشلت عملية التوحيد، برأيك من أفشل ذلك التوحيد؟
حضر الملا مصطفى البارزاني افتتاح مؤتمر صيف عام 1970ونهاية أعماله، تحدّث فيها عن تشكيل القيادة وأوضح أنها تتشكل بطريقتين: “الانتخاب والتعيين. أنا أرى أن نشكل القيادة من خلال التعيين، وهناك شخصان سيبقيان هنا وهما “حميد حاج درويش وصلاح بدرالدين وسيعود الباقي”. وتحدث إلى المؤتمرين عن رأيهم بهذا الطرح، حينها تحدث أحد رفاقنا قائلاً: حضرة البارزاني القائد كيف تساوي بين المخلص لقضيته وبين بائعها ، وكان يقصد بـ”المخلص” صلاح بدرالدين، فطلب منه البارزاني الأب الجلوس، وصمت لأكثر من دقيقة، ثم قال: هل من رأي آخر؟ حينها تحدث عبدالله ملا علي -وهو سياسي معروف وغنيّ عن التعريف- قائلاً: يا حضرة البارزاني، هذا طرح جيّد ونؤيده، ولكن لو أمكن زيادة عدد الباقين في ضيافتك إلى أربعة أشخاص. فرد عليه البارزاني: ومن هم؟ فقال ملا علي: “Ezbenî” هم رشيد حمو ومحمد نيو. حينذاك سأل البارزاني: وهؤلاء الذين ذكرتهم شركاء مَنْ؟ فردّ عليه ملا علي: محمد نيو شريك صلاح بدرالدين ورشيد حمو شريك حميد حاج درويش، فوافق البارزاني على بقاء الاثنين أيضاً.
رجعنا نحن و”القيادة المرحلية” وبقي الأربعة في ضيافة البارزاني، وأثناء الإعداد لتوحيد الطرفين كانت هناك خروقات من طرف التقدمي وهذا مالم يقبله الراحل عصمت سيدا، وفي كونفراس العام 1971 ذهبتُ إلى باشور والتقيت البارزاني وشكوناه وأخبرناه أنّنا بدلاً من أن نوحد طرفي الخلاف أصبحنا ثلاثة أطراف، تحدث إلينا أكثر من ثلاث ساعات وفي نهاية الحديث ناداني بالاسم وقال: كيف ترى خطابي يا كاك يوسف ديبو؟ فأخبرته بأنكم يا سيدي قائد الحركة الكردية وما تقولونه يجب أن يُنفذ فوراً، حينها قال: حسناُ أرسلتكم لتتوحدوا في حزب واحد لا أن تصبحوا ثلاثة أحزاب!
قلت له: عندما ودعناك وذهبنا إلى سوريا عملنا بكل جدّ وكدّ على تحقيق الوحدة، لأن المشروع هو مشروع جنابكم، والسيد دهام ميرو دليل على كلامي، لقد قمنا نحن التيار اليساري بتسليم الختم، والمالية، والمطبوعات، والأرشيف إلى القيادة المرحلية، بينما لم يقم الطرف الآخر بتسليم أي شيء.
بعد شهرين من المهمة، انعقد كونفراس باسم اليمين وتجاهلوا مبادرة التوحيد في جسم واحد، وبعد مغادرة ثلاثة قياديين من القيادة المرحلية بقينا تسعة قياديين في القيادة نحن في اليسار لدينا حوالي 5000 عضو حزبي، هذا ما قلته في حضرة البارزاني. من ثم طلب البارزاني من الراحل عصمت سيدا بالحديث، وتحدث الرفيق عصمت بكل التفاصيل. وأثناء الغداء طلب مني البارزاني الخالد الجلوس إلى جانبه، وكنت حينها مزعوجاً من وضع الحزب، لم آكل كثيراً، سألني البارزاني لمَ لا تأكل؛ أخبرته بأنني اكتفيت والحمد لله، ناولني قطعة من اللحم، لم آكلها، بل قلت له: شكراً لقد شبعت.. والآن بعد أن أصبح عمري ثمانين عاماً لا زلت نادما لأنّني لم أتناول قطعة اللحم تلك من يديّ البارزاني!.
في ذلك الاجتماع وقف أعضاء التيار اليميني ضدنا واتفقوا على تنصيب دهام ميرو لقيادة الحزب، وهو الأمّي الذي لم يكن يفقه السياسة والتنظيم الحزبيّ.
– ما مدى صحّة توقيع الدكتور نورالدين زازا و500 شخص آخرين في السجن وتنازلهم عن المطالبة بأي مطلب سياسيّ كردي بعد خروجهم من السجن، وقوله أن حزبهم عبارة عن جمعية خيرية تطالب بحقوق ثقافية فقط؟
لم يكن زازا بالأصل من المؤسسين، وكان العمر الحزبي للدكتور نورالدين زازا عامين فقط، واللذين يكتبون الآن عن تسلّمه رئاسة الحزب، لا يستمعون إلينا نحن الذين عاصرنا المرحلة. عندما عاد الدكتور زازا إلى سوريا وكونه كان من عائلة كبيرة ويحمل شهادة دكتوراه، تم تنصيبه رئيساً للحزب!.
اعتقل الدكتور نورالدين في العام 1960 مع أربعة وثمانين شخصاً آخرين، وبحسب ما أفاد به محمد علي حسو أن الدكتور نورالدين زازا كان قوياً أثناء اعتقاله من قبل المخابرات وأثناء التعذيب، لكن عندما اتهمه القاضي في المحكمة بسلخ جزء من أراضي الإقليم الشمالي للجمهورية العربية السورية، قال الدكتور نورالدين للقاضي: إن البارتي عبارة عن جمعية خيرية. سأله القاضي عن رأيه بقيام دولة كردستان فردّ الدكتور: “مشروع خيالي بعيد المدى”.
في تلك الجلسة دافع أوصمان صبري عن مشروع الحزب الحقيقي، و حُكم على نورالدين زازا وأوصمان صبري بعام ونصف، بينما حُكم الآخرون بأحكام متفاوتة. وبعد خروجهم من السجن وقفت أكثرية الحزب إلى جانب أوصمان صبري، بينما لم يبقَ مع الدكتور زازا سوى بعض الشخصيّات من العائلات الكبيرة، وهؤلاء لم يستطيعوا الصمود أمام الأكثرية، وبقي الحزب بكامله مع أوصمان صبري.
– حدثنا عن المظاهرة الأولى لليسار الكردي في العام 1971 في الذكرى الأولى للحركة التصحيحية في سوريا والتي بلغت المشاركة فيها70 ألف متظاهر، وماهي أبرز الشعارات؟
في الذكرة الأولى للحركة التصحيحية وقف التيار اليميني بجانب السلطة وشعاراتها، وكانت شعاراتهم “واشنطن مربط خيلنا – عاشت الصداقة السوفياتية العربية” وكان عددهم لا يتجاوز 300 شخص.! بينما في المظاهرة التي قادها معي كل من عصمت سيدا وبهجت ملا محمد، وكنا في المقدمة، كان شعارنا ” لا حزام ولا إحصاء، لا سجون ولا اعتقال” أخبرني الراحل عصمت سيدا بأن العدد تجاوز سبعين ألف شخصاً، فقلت له: هؤلاء هم الشعب يتبعون الشعارات التي تطالب بحقوقهم. لكن تدخلت الشرطة العسكرية حينها وانسحبت الجموع من المظاهرة.
“وأنا أيضاً أطالب بذلك، فليأتوا وينضموا إلى صفوف أخوتهم في وحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية، هناك نقطة أود توضيحها؛ لو أُعطي للكاك مسعود البارزاني والمام جلال الطالباني جميع كنوز الأرض مقابل تغيير اسم البيشمركة، لن يقبلوا بذلك، بسبب التضحيات الكبيرة التي قدمتها قوات البيشمركة في النضال الكردي، كيف يتحدث هؤلاء عن مطالب مثل تغيير اسم الـ (YPG،YPJ) وهي التي ضحت بالغالي والنفيس من أجل حماية الكرامة الكردية في روجآفاي كردستان”.
– قمت بالتنازل عن رئاسة الحزب- بعد دورتين- لماذا أقدمت على ذلك، وما هو مفهومك بشأن تداول السلطة؟
أعلنت عن موقفي هذا في مؤتمر الحزب، تنازلت عن منصبي، ورشحت محمد موسي بديلا عني، وطلبت منهم أن يكون هناك بند في النظام الداخلي يحدد فترة السكرتير بثمانية سنوات فقط. قال لي صالح كدو حينها: لمَ رشّحت محمد موسي ولم تقم بترشيحي، فأجبته بأن محمد موسي يمتلك مقومات كثيرة تؤهله ليصبح السكرتير الأول، أوّلها أنه مناضل وغير مرتبط بالأمن وثانيها أنه من عائلة فقيرة وكادحة.. للأسف منذ ذلك التاريخ ومحمد موسي لم يترك المنصب..!
– برأيك هل سيعترف الائتلاف السوري المعارض بالحقوق القومية للشعب الكردي في سوريا ومشروع الفدرالية الذي تم إعلانه مؤخراً؟
برأيي، أن الائتلاف لا يمثل 3% من الشعب السوري، وهو صناعة سعوديّة، تركيّة، قطريّة. من يمثل المعارضة الحقيقة؟ هم اللذين رفعوا مشروع الفدرالية وتبنوه، عملوا بكل جدّ في الاعلان عن الفدرالية ولديهم مؤسسات، باعتقادي أن الأهم في هذا الطرح والمشروع هو حقوق المرأة، تلك الحقوق التي لم يعترف به ويمنحها أي حزب أو حركة في تاريخ البشرية، مفهوم الرئاسة المشتركة هو مفهوم جديد وعصري ولم يعمل عليه أحد من قبل، وأيضاً تمكين المرأة من حمل السلاح، أجبر العالم أن يتعامل مع هذه القوة العسكرية، النقطة الأهم هي أن القادة السياسيون الذين يعملون في مشروع الفدرالية والتوجه نحو سوريا ديمقراطية فدرالية لا يهتمون بأمور الدنيا من مال وجاه وسلطة، لديهم رؤى نضالية خاصة، سخروا حياتهم للنضال من أجل تحرر الشعب الكردي وتحرر الشعوب الأخرى. عندما يمتلك رجالات الائتلاف ومن لفّ لفّهم هذه الخاصية النضالية والفكرية سيعترف بهم الشعب السوري، وسيكون هناك مجال لبناء سوريا حرّة ديمقراطية فدرالية.
– المجلس الوطني الكردي يطالب بدخول قوات بيشمركة روج، إلى روجآفاي كردستان، كيف يقرأ السياسي يوسف ديبو تلك المطالب؟
وأنا أيضاً أطالب بذلك، فليأتوا وينضموا إلى صفوف أخوتهم في وحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية، هناك نقطة أود توضيحها؛ لو أُعطي للكاك مسعود البارزاني والمام جلال الطالباني جميع كنوز الأرض مقابل تغيير اسم البيشمركة، لن يقبلوا بذلك، بسبب التضحيات الكبيرة التي قدمتها قوات البيشمركة في النضال الكردي، كيف يتحدث هؤلاء عن مطالب مثل تغيير اسم الـ (YPG،YPJ) وهي التي ضحت بالغالي والنفيس من أجل حماية الكرامة الكردية في روجآفاي كردستان.
– هل أنتم راضون عن عمل الإدارة الذاتية الديمقراطية في كانتون الجزيرة؟
نعم أنا راضًّ كل الرضى عن عمل الإدارة الذاتية وقيادتها السياسيّة والعسكريّة، أنا من أشد المناصرين لأفكار أوجلان، أراه من أهم العظماء في تاريخ البشرية، لذلك أدعم الإدارة ومشاريعها. علينا جميعاً أن ندعم هذه التجربة، وعلى قادة “Tev-Dem” أيضاً الكف عن الضغط على الطرف الآخر، نحن في مرحلة عصيبة، الكاك مسعود والمام جلال لديهم تاريخ نضالي مشرف، ولديهم أنصارهم وعلى الجميع تقبُّل الآخر.
– أعلن في الفترة الأخيرة عن ” تجمع اليساريين والديمقراطيين الكرد في سوريا”، برأيك هل سيستطيع لعب دور أساسي في هذه المرحلة؟
باعتقادي لن يستطيع لعب أي دور، من يعمل، ويلعب دوره بامتياز هي حركة المجتمع الديمقراطي، لا التجمع ولا حتى التحالف الكردي يستطيعون لعب أي دور سياسي في هذه المرحلة! أتحدث في هذا الأمر كثيراً، هناك قوتان في روجآفا (الآبوجية والبارزانية) على جميعمناصري القوتين حلّ أحزابها والانضمام إلى القوى التي يناصرها، أكثر من خمسين حزب كردي، يقبضون رواتبهم من هنا وهناك ولا يقدمون أي شيء للقضية الكردية؟
كلمة أخيرة.
أنا متفائل جداً، أعلنها أنا يوسف ديبو، من الآن وحتى العام 2020 سيتحقق حلم الشعب الكردي.
نُشر هذا الحوار في العدد(46) من صحيفة “Buyerpress”
2016/7/1
التعليقات مغلقة.