الواقع كما هو بين ربّ عمل يجني أرباحاً وعامل لا حقوق له ولا من يُدافع عنها
خاص – Bûyerpress
حمزة همكي
– يتداول الإعلام هذه الأيام خبر إغلاق صحف عالمية شهيرة وسط تضارب الأنباء عن السبب الحقيقي وراء خطوة إدارة تلك الصحف واتخاذها القرار بإيقاف طباعة النسخة الورقية منها.
ناشر صحيفة “السفير” اللبنانية الشهيرة ورئيس تحريرها طلال سلمان، أعلن منذ أيام أن الجريدة وموقعها الإلكتروني سيتوقفان نهائيًا عن الصدور اعتباراً من 31 من الشهر الجاري، مُلقياً باللائمة على تراجع عائدات الإعلانات والانقسامات الطائفية والمذهبية في لبنان والعالم العربي.
وكتبت “السفير” على موقعها الالكتروني أنها “كانت الصحيفة اللبنانية الوحيدة التي لم تتوقف يوماً واحداً خلال الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، رغم أن توزيعها كان محصوراً بفعل الحصار الإسرائيلي في شوارع العاصمة اللبنانية.
“السفير” انطلقت في 26 مارس 1974، وحملت شعار “صوت الذين لا صوت لهم” ويعكس إغلاقها أزمةً أوسع نطاقاً تعاني منها وسائل إعلام لبنانية منها صحيفتا النهار واللواء. ويعمل في السفير الآن نحو 150 شخصاً بين محررين وكتاب ورؤساء أقسام ومخرجين وإداريين.
من جهتها قالت صحيفة الإندبندنت البريطانية في افتتاحيتها الأخيرة: ستتذكرون هذا “التحول الجريء” نحو الصحافة الرقمية بشكل كامل كنموذج تحتذي به صحف أخرى في العالم”، وأضافت الصحيفة ” أن اليوم توقفت المطابع، وجفّ الحبر، وقريباً لن يصدر الورق حفيفاً”. وتابعت “لكن مع إغلاق فصل، يفتح آخر، وستواصل الإندبندنت الازدهار”.
تأسست الصحيفة البريطانية المعروفة في أكتوبر العام 1986، وهي الأقل توزيعا في إنكلترا، وتأتي خلف صحف عدة مثل “صن” أو “ديلي ميل”، و”تايمز” و”الجارديان” أو “ديلي تلجراف”.
وفي أوجها في العام 1989، بلغت مبيعات الصحيفة التي تمثل اليسار الوسطي واشتهرت بإيلاء أهمية للصورة، أكثر من 420 ألف نسخة في اليوم، في حين لم تعد قادرة على بيع أكثر من 40 ألف نسخة في الوقت الراهن.
صحيفة النهار اللبنانية كتبت أن خبر عودة جريدة “السفير” عن قرار الإقفال ظلّ في إطار المعلومات، إلى أن أكّده سلمان أنّ الجريدة مستمرة، وذلك بسبب “كمية العواطف الهائلة التي أحاطنا بها الرأي العام اللبناني، فرأينا أن نستمر ونتحمّل بعضنا بعضاً ولو كانت مدة الاستمرار شهراً أو شهرين” بحسب النهار.
وأضاف سلمان: “الأمر يتعلّق بموقفنا الأخلاقي. طالما أنني قادر على الاستمرار لشهر مثلاً، فلمَ أتوقّف اليوم؟ الناس معنا”، مؤكداً أنّ “الجريدة كانت في حاجة إلى مَن يساندها ويقول: نحن معكم، خصوصاً في ظلّ غياب الدولة والنقابة والمعنيين في هذا المجال”، لافتاً إلى أنّ المؤتمر الصحافي الذي كان من المقرر أن يعقده الأربعاء “قد أُرجئ”.
ونفى سلمان بحسب النهار أن تكون “السفير” قد تلقّت الأموال المطلوبة لحلّ الأزمة، ويعلّق قائلاً: “حتى الآن، أحدٌ لم يمدّ يده إلى جيبه”. على مَن يراهن إذاً؟ يجيب: “على الحرصاء على الصحافة الحرّة في هذا البلد. على أشخاص، لا فئات ولا أحزاب سياسية، وعلى مغتربين يؤمنون باستمرار الديموقراطية وبقاء الصحافة”.
مهند الحاج علي الصحافي اللبناني وفي مقال نشر في صحيفة المدن الإلكترونية كتب يقول: “صدمة الزملاء في صحيفة “السفير” بخسارتهم تعويضات مالية يستحقونها عن عقود من العمل فيها، لم يُخفّف منها قرار الناشر بتأجيل الإقفال. في السيرورة الطبيعية للصدمة، أنها تخلق وعياً غير مزيّف، يكشف الواقع كما هو بين رب عمل يجني أرباحاً وعامل لا حقوق له ولا من يُدافع عنها. وهذا الشعور بسهولة خسارة الحقوق لصالح رب العمل”.
أيضاً وفي ذات الموضوع نشرت قناة الـ ( بي بي سي عربي) تقريراً تقول فيه أن صحيفة السفير تستعد نهاية هذا الشهر للتوقف عن الصدور، بعد نحو نصف قرن. وأوضح التقرير قائلاً: “أرجع طلال سلمان مؤسس الصحيفة القرار إلى أن سوق الصحافة في لبنان باتت مضروبة بانعدام الحياة السياسية وسيادة الطائفية والمذهبية، و”انقراض الرأي العام” على حد وصفه.
وأضاف: “ويرى المنظرون أن الإغلاق اتسق مع طبيعة صناعة الصحف، فالمعادلة هي أن تبيع الصحيفة أعدادها ويمول القارئ مادته بما يشتريه من هذه الأعداد، وبما يدفعه المعلن مقابل مادة تربط ما هو تحريري بما هو دعائي.
وفي ظل اختلال هذه المعادلة جراء انخفاض توزيع الأعداد، وانخفاض أعداد المعلنين المتجهين بجمهورهم إلى ما هو إلكتروني مجاني، تتجلى الأزمة في صورتها حول العالم”.
وأشارت إلى أنه: “تتمدد أزمة الصحافة الورقية في ظل توقف صحيفة الاندبدنت هنا في بريطانيا عن طبعتها الورقية، بعد ثلاثين عاماً من الصدور”.
التعليقات مغلقة.