لعل آذار الشهر الفريد الذي يتميز عن سابقاته من الأشهر الأخرى, لأنه يحمل بين جوانحه كثيراً من المناسبات , فمنها ما تكون مؤلمة حزينة مرّة ,ومنها ما تحمل بين أفئدتها قليلا من السعادة والفرح والسرور .
لشهر آذار تحديداً في ( 23 / 3 / 2002 ) كان له انتقاء آخر, و معنى آخر, و على مسارات أخرى بعيدة عن السياسة , استبدلت هذه المرة بحصة أدبية .هوت دعامة أخرى من دعائم الأدب الكردي ,ألا وهو الشاعر الكردي ( سيداى تيريـج)، إذا من هو الشاعر الكردي ( تيريج)
إنه : ( ملا نايف حسو ) ولد في عام 1923 في قرية ( نجموك) التابعة لقامشلو. وفي السادسة من عمره رحل إلى قرية ( توكى) بقي فيها قرابة الخمس سنوات, وبعدها غادر ثانية متجهاً إلى قرية (سى متكى نواف) القريبة من مدينة عامودا, وفي هذه القرية تعلم على يد الملا ( إبراهيم كولي) القرآن الكريم، وقرأ من الكتب في الشريعة والدين, والصرف, و النحو في عام 1938 التحق بإحدى المدارس الحكومية في مدينة )عامودا), بقي فيها قرابة خمس سنوات, وفي حينها لُقب ب “تيريج” بناء على رغبة رفاقه في جمعية (خويبون) التي تأسست في عام 1927 و(كوما جوانى كرد ) و (نادي كشافة كردستان الرياضي) فاندمج في صفوفها بصحبة كل من الشاعر جكرخوين والأديب والسياسي الكردي (اوصمان صبري, و رشيد كرد, و يوسف حرسان, و الشاعر قدري جان وآخرين) ومنذ ذلك الوقت بدأ بتدوين القصائد ,بدعم ومساندة من أستاذه ورفيق دربه الشاعر ( جـكرخوين (. بتاريخ 27 / 3 / 2001غادر الوطن متجهاً إلى المانيا تلبية لرغبة من الجالية الكردية هناك وقد شارك بقصائده في إحياء حفلات وأمسيات عديدة منها إحدى الأمسيات المهمة للفنان ( شفان برور ) والفنان ( جوان حاجو) في )ايدسن- بريمن ) أصبحت قصائده الشعرية مواد جميلة لأغاني العديد من الفنانين، حيث غنى العديد منهم قصائد تيريج ، ومنهم الفنان سعيد كاباري، ومحمد شيخو، بهاء شيخو، شفان برور، ورمضان نجم أومري، و آخرون، إضافة إلى العديد من الفرق الموسيقية الكردية ومنها فرقة أوركيش. وفرقة خلات . وافته المنية في مساء يوم السبت 23 / 3 / 2002 ترك جثمانه ليلتين حتى شاع خبر رحيله وفي صباح يوم الاثنين 25 / 3 / 2002 شيّع جثمانه من مدينة الحسكة إلى مثواه الأخير في قرية ( كر كفتار ).
من إصداراته المطبوعة والغير مطبوعة: 1- Xelat – 1989 2- Zozan – 1990 3- Cûdî – 1998 وله كتاب في الفولكلور الكردي (serpêhatiyê kurda) – 1992 وأما مخطوطته الشهيرة المولد النبوي الكردي فهو جاهز للطبع . أما الجزء الثاني من (serpêhatiyê kurda) فلم يكتمل بعد.
ولألقاء الضوء أكثر على الدور الذي لعبه سيداي تيريج في الحفاظ على اللغة الكردية وحمايتها من التشتت والزوال التقت صحيفة “Bȗyerpress” بكل من الشاعر الكردي فرهاد عجمو و الكاتب أكرم حسين.
حيث أشاد الشاعر الكردي فرهاد عجمو بدور سيداي تيريج في مجال اللغة والشعر الكردي قائلاً:
” سيداي تيريج كان نجما ساطعاً في سماء الشعر الكردي بجد واجتهاد استطاع من خلال الحياة الكردية و المجتمع الكردي أن يصنع قصائد من جميع النواحي الوطنية والاجتماعية أو عن الحب والعشق، بفضل أشعاره استطاع أن يحمي اللغة الكردية الأصيلة وإدخالها إلى القواميس الحديثة و سيبقى سيداي تيريج حياً في وجدان كل كردي”. منوهاً: ” والشعب الذي يستعد أن يصرف أمواله على كل شيء في الرخيص والغالي، ولم يفكر في يوم ما إن يشتري كتاب بلغته الأم والنتيجة ستكون زوال لغته الأم إلى الأبد “.
اما من جانبه فقد عبر الكاتب أكرم حسين عن استيائه من وضع اللغة الكردية الحالي: “سيداي تيريج يعد من أحد أبرز الشعراء الكرد الكلاسيكيين في سوريا بعد الشاعر جكرخوين, ولعب دوراً مهماً في مجال الشعر الكردي والحفاظ عليها، ولكن للأسف اللغة الكردية تمر بظروف صعبة في هذه المرحلة؛ لاسيما أنّ الأحزاب الكردية والمثقفون لا تهتم بهذه اللغة كي تصبح لغة عالميّة. الشاعر الكردي إنْ لم يكن متابعاً لأي حزب أو جهة سياسيّة فلا أحد يهتم به، ولذلك نرى أن سيداي تيريج قصائده دخلت في وجدان وقلوب شعبه حيث كان قاموساً للغة الكردية واستطاع حمايتها، ولكن لا أحد أهتم به في وقتها ولو قُدّم له الاهتمام اللازم لقدّم هو الأكثر من أجل اللغة الكرديّة”.
جودي الحاج علي
التعليقات مغلقة.