مسودة مشروع كتلة أحزاب المرجعية السياسية الكردية في سوريا من أجل تشكيل إطار سياسي كردي
مقدمة:
من المفترض أن يكون لكل حزب أو جماعة أو مذهب أو حتى لكل فرد, جانب اعتباري وخصوصية يتحرك وفقها, ومطالب يسعى إلى تحقيقها, حيث أن الخصوصيات تشكل مفردات ضمن فضاء أوسع هو المجتمع أو الوطن أو الدين…
في حالات الحروب والكوارث التي تصيب هذا الفضاء الجامع حيث يخسر الجميع, وتعجز الحالة الفردية عن الردع والمجابهة أو التأقلم, ليس أمام الوحدات الأصغر سوى التعامل معها ضمن صيغة جمعية, بغية التقليل من حجم الخسائر وعدد الضحايا, وهذه حالة دارجة عند جميع الأحياء, ناهيك عن عشرات الأمثلة والحِكم التي دوّنها التاريخ و يسردها العقلاء, عن ضرورة التفاهم ووحـدة الصفوف لتجاوز المحن والصعاب … لذا لا بد في حالتنا السورية المأساوية والكردية منها أن يتخلى أبناء ( أصحاب) كل خصوصية عن جزء منها – على الأقل – لمصلحة الكل التي هي مصلحة الوطن وبالتالي مصلحة الجميع .
تعريف الإطار :هو تحالف سياسي بين أحزاب وتنظيمات سياسية, منفتح لضم جميع القوى والتنظيمات الكردية الأخرى التي ترغب في الانضمام إليه والعمل من خلاله خدمة لقضية الشعب الكردي في سوريا, مثل (هيئات ومنظمات المجتمع المدني والحراك الشبابي وممثلين عن فعاليات المجتمع المختلفة لها مكانتها السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو الدينية …) تشترك وتتفق جميعها في الأهداف العامة التي يعمل ويناضل من أجلها الإطار كردياً وسورياً .
مهمته : رسم الاستراتيجيات والسياسات العامة للكرد في سوريا وبلورة وتجسيد الموقف الموحد حيال كافة القضايا المتعلقة بالشعب الكردي في سوريا إضافة الى المسائل والقضايا الوطنية عموماً على قاعدة تغليب المصالح العامة على المصالح الخاصة ,و تفعيل العمل السياسي الكردي ليساهم في حل القضية الكردية ومعالجة الأزمة السورية وتحقيق أهداف الشعب السوري في الخلاص من الظلم والاستبداد وبناء دولة ديمقراطية تعددية برلمانية لامركزية .
في الوضع الكردي:
خلال قرن مضى ووفق جميع الوقائع ومصادر التاريخين الحديث والمعاصر, تعايش السوريون من كل المكونات, وتشاركوا, ودافعو معاً عن الوطن المشترك واستقلاله وسيادته, حيث تميز الكُرد تحديداً بسرعة الانفتاح على الداخل السوري, وتقبلوا مفهوم الوطن المشترك, واستمر ذلك حتى إعلان منطلقات حزب البعث كحركة قومية عنصرية, حيث أجّجت مشاعر المكونات الأخرى, التي لجأت بدورها إلى البحث عن ذواتها وخصوصياتها ( الكرد مثالاً) إضافة إلى عوامل أخرى للنهوض القومي لدى الكرد لسنا هنا بصددها, لكن الروح القومية انتعشت لديهم منذ بداية الخمسينيات و تُوّجت بإعلان أول حزب سياسي كردي في 14حزيران 1957, إلا أن جملة من العوامل الذاتية والموضوعية ساهمت في إخفاق هذا الحزب وانقسامه على نفسه, فانشغلت القيادات الحزبية بالخلافات البينية, على حساب القضية وكل ما أضيف إليها من تعقيدات إثر سياسات شوفينية مُمَنهجة ومراسيم جائرة من قبل النظام القوموي العروبي . تتالت موجات الانشقاق, فتراجع الاهتمام بالمعرفة والسياسة. إلا أن ربيع الشعوب قد حلّ من غير ميعاد, والاندفاع نحو بريق الحرية أعاد للسياسة والأحزاب أهميتها ودورها المفترض. إن الحركة الكردية, ورغم انقسامها , لم تساهم في دفع مؤيديها إلى الصراع المسلح هذا من جهة, ومن جهة ثانية صراع بعض الدول والأطراف الإقليمية على النفوذ في سوريا, ومن جهة ثالثة مساعي النظام السوري نفسه للبقاء فاعلاً بشكل أو بآخر في الوسط الكردي, ومن جهة رابعة وهي الأخطر مجاميع القوى الإرهابية المتربصة بالكُرد على وجه التحديد وما تملكه هذه المجاميع من مفاتيح وشيفرات لاختراق المجتمع الكردي عن طريق الفتاوى واستغلال الدين, وبالتالي قد تزداد مساعي تشتيت الصف الكردي, عبر تقسيم المقسم و باستخدام المال السياسي, والإعلام المغرض, واصطياد من يغريهم الطعم, في محاولات لخلط الأوراق وجرّ الكُرد إلى مواقع لا تخدم قضيتهم.
نحن كتلة أحزاب المرجعية السياسي الكردية في سوريا على ثقة تامة بأن الحالة الكردية الخاصة في سوريا هي جزء من الحالة الوطنية العامة, لم تعد تحتمل تبعات الفرقة والتشتت, ولا بديل عن التآلف وتوحيد الصفوف, والعمل الجماعي ضمن إطار مؤسساتي, يستمد قراره من مصالح ونبض الناس, دون مراهنة على الخارج, سواء في الظرف الحالي الخطير أو في ظروف التفاوض والدبلوماسية مستقبلاً, لذلك نرى من الأهمية بمكان العمل على:
1-اعتبار أية مظلة أو أي إطار, يضم تحت سقفه ما أمكن من القوى والأحزاب والفعاليات, ويعيد للمثقفين والمستقلين والرموز الاجتماعية والشخصيات الوطنية دورهم المسلوب, بتمثيل منصف وإشراك فعلي, تصنع قرارها المستقل دون تفريط بالانتماء السوري ولا بالتواصل والامتداد الكردستاني, هي وسيلة مناسبة لتدارك فوضى الأحزاب, وتُسهل أداء مهمات المرحلة الحالية, وتقلل من حدة التوتر الناشئ عن حالة (خندقين متخاصمين أو أكثر ) في الشارع الكردي السوري.
2- ضرورة تفعيل دور الأحزاب والفعاليات السياسية القائمة, وذلك بإطلاق الحوار البيني المكثف دون تلكؤ بين جميع الأطراف, من أجل تحديد المشتركات وجعلها حداً أدنى للاتفاق, ومنطلقا للعمل الجماعي, بديلاً عن ثقافة الحزب الواحد, والعقلية الشمولية, لما لشعبنا الكردي خصوصاً ولشعوب المنطقة عموماً من تجارب مريرة في هذا الصدد.
3- إعتماد مبدأ التصويت والانتخاب الحرّ في اتخاذ القرارات.
4- الانطلاق من الأرضيةالسورية ومن الالتزام بقضية ومصالح الشعب الكردي وترسيخ استقلالية الحركة الكردية في سوريا .
5- ضرورة إشراك ممثلي ومنظمات المناطق الكردية الثلاث ( الجزيرة, كوباني ,عفرين) ومناطق التواجد الكردي في الداخل في اتخاذ القرارات المصيرية التي تخص الكرد السوريين، و تمكين النخب الثقافية والمهنية وكذلك نشطاء الحركة النسائية والشباب للمشاركة في الشأن العام .
6- اعتبار الإدارة الذاتية القائمة ضرورة مرحلية من الواجب حمايتها وتطويرها وتوسيعها وتوحيد مقاطعاتها الثلاث والاقرار بدور وحدات حماية الشعب(YPG-YPJ ) وتعزيز قدراتها الدفاعية
7-إعادة صياغة الخطاب والمشروع السياسي الكردي, ليتضمن أسس عقد اجتماعي جديد وشكل الحكم في سوريا، وذلك من خلال طرح واقعي متزن, نراه من جهتنا يتجسد في نظام حكم ديمقراطي تعددي برلماني لامركزي، يتيح الفرصة للمكونات ذات الخصوصية بإدارة نفسها ذاتياً ضمن وطن مشترك ذات سيادة وعلم وجيش وطنيين .
8- التأكيد على ضرورات استمرار التواصل والحوارات للعمل المشترك, وتكثيف المساعي لعقد مؤتمر وطني كردي سوري تنبثق عنه هيئة تكون بمثابة مرجعية سياسية .
9-.السعي باتجاه إدراج القضية الكردية في مختلف المحافل الوطنية والدولية بغية التعريف بعدالتها وايجاد حل ديمقراطي لها.
10 – المساهمة في ارساء اسس تعامل ديمقراطي أخوي في الإطار العام للحركة التحررية القومية الكردية وذلك على اساس الاحترام المتبادل ونبذ سياسة المحاور والاحتراب الكردي – الكردي ,وحمايتها من التجاذبات الإقليمية التي قد تتضرر من تغيير النظام القائم والإتيان بنظام ديمقراطي تعددي تنعكس على أوضاعها الداخلية .
11 – احترام خيارات أشقائنا في الأجزاء الأخرى من كردستان, دون التدخل في شؤونهم, آملين تعاملنا من قبلهم بالمثل, مع ضرورة تمتين وشائج العلاقات الأخوية, وتطوير العلاقات الرسمية بين كتلة أحزاب المرجعية السياسية الكردية في سوريا وسائر الاحزاب والقوى الكردستانية .
في الوضع السوري العام:
بعد نصف قرن من الاستبداد والتمييز الذي مارسه نظام حزب البعث وأجهزته الأمنية, وما رافق هذه السنين من كم للأفواه وكبت مستدام, انفجر الغضب السوري وخرجت الناس إلى الشوارع في مظاهرات عفوية تطالب بالحرية والكرامة, لكن عوامل عديدة خارجية منها وذاتية, أبقت حلم السوريين وشعاراتهم المرتجلة أسيرةً في عهدة قيادات محلية ناشئة, منقطعة عن الهيكلية المفترضة للثورة وعن قيادة مركزية – أيضاً – مفترضة, فترسّخت الخصوصيات وعمت المزاجيات, ثم تعارضت فيما بينها, واستُسهِل بالتالي أمر جرِّها من قبل النظام وآخرين إلى التسلح والعسكرة, التي جلبت على البلاد الويلات والكوارث .
يبقى النظام هو المسؤول الأول عما حلّ بالبلاد,فتحول البلد بناسه وعمرانه ومؤسساته إلى ضحية للعنف والعنف المضاد, في معادلة لا زالت هي نفسها منذ أربع سنوات ونيف, ولا زال الحلّ بعيداً عن متناول السوريين رغم مؤتمرات ومشاورات هنا ومبادرات هناك, وقد يستغرق إقناع الأطراف بحل واقعي وتسوية تاريخية زمناً أطول, بسبب إلغاء كل طرف للآخر تماماً، حيث يستمر الأول في تعنته وغطرسته, وتتمسك الثانية باشتراطاتها المسبقة,ليستمر نزيف الدم السوري و نزوح السكان وتستمر هجرة الشباب وتزداد مساحة الخراب والدمار مع إشراقة كل يوم, ولتتسع رقعة الفوضى والعبث, حيث تستعر النزاعات المختلفة, ويبتعد السوريون عن بعضهم, وعن كل ما يجمعهم وعن تاريخ العيش المشترك, لتحشر كل مجموعة نفسها ضمن خصوصيتها الإثنية أو الطائفية أوالفكرية, وهذا بحد ذاته يشكل خطراً كبيراً يحدق بالبلاد ويهدد مستقبل التعايش والاستقرار فيها.
نحن كفصائل وأحزاب سياسية كردية سورية, لم نكن أبداً جزءاً من الصراع المسلح الدائر في سوريا , فالخيار العسكري فاشل تماماً في تحقيق أي قدر من الحرية والكرامة للسوريين. لذلك نرى بأن تحقيق طموحات الشعب السوري في أسقاط الدكتاتورية كما من إرهاب المجاميع الجهادية وثقافتها السلفية والاتيان بالبديل الديمقراطي التعددي يمرّ عبر ما يلي :
1- تكثيف الحوارات بين الفصائل والأطر الوطنية المختلفة, للوصول إلى الحد الأدنى من المشتركات, وليكن في المقدمة منها الإقرار بفشل الخيار العسكري, والقبول بالحل السياسي التفاوضي السلمي قولاً وعملاً ونبذ العنف ومحاربة الفكر الإرهابي والمتطرف بكافة أشكاله ومسمياته.
2- الدعوة إلى عقد مؤتمر وطني يشترك فيه ممثلو المعارضة منجميع المكونات الإثنية والمذهبية والدينية والفكرية وفعاليات مجتمعية, سيما تلك التي تقتنع بأن لا بديل عن الحل السياسي السلمي للمسألة السورية, وتسعى جاهدة بإخلاص للتوصل إلى اعتماد ورقة عمل تاريخية, يخرج بقرارات موضوعية جريئة, كما بتشكيل مرجعية وطنية للسوريين (مجلس مؤقت) من بين صفوف المؤتمرين, مفوضة تفويضاً كاملاً للبحث عن الدعم الدبلوماسي و آليات حلّ سياسي, للتفاوض المباشر مع ممثلي النظامبرعاية وضمانات دولية, وفي حال تحقيق هذه الضمانات وكحسن نية لإنجاح الجهد السياسي الدبلوماسي يمكن تهدئة الأجواء باتخاذ خطوات تمهيدية من بينها:
أ – الإفراج عن المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي وكافة الموقوفين والموقوفات لدى مختلف الفُرقاء.
ب – عودة جميع أطراف المعارضة إلى المناطق الآمنة في الداخل السوري.
ج – وقف إعلام الحرب وكل أشكال الإثارة والتحريض والتصعيد المتبادل وتبني خطاب عقلاني موازي ومكمل للجهد السياسي الدبلوماسي بحيث يجري تسليط الأضواء على حقيقة ما يعانيه السوريون في بلدان التشرد وعذابات النزوح وكذلك فظائع وممارسات شبكات الإرهاب وعنوانها الأبرز داعش.
د – إنهاء وجودالمقاتلين الأجانب وذلك بترك الساحة السورية واعتبارهم دخلاء على الشعب السوري وتاريخه.
3- صياغة مشروع دستور توافقي جديد لسوريا ينسجم مع طموحات ومصالح الشعب السوري بكافة مكوناته وفق مع المعاهدات والمواثيق الدولية والمعايير الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
4- الإقرار الدستوري بالهوية القومية للشعب الكردي في سوريا وإيجاد حل عادل لقضيته وفقاً للمواثيق والعهود الدولية ضمن إطار وحدة البلاد .
5- إلغاء القوانين والمشاريع العنصرية وسياسات التعريب بحق الشعب الكردي في سوريا وتعويض المتضررين جراء تلك القوانين والسياسات الجائرة ومعالجة تداعياتها وإزالة آثارها على قاعدة إعادة الحقوق لأصحابها,والاقراربالغبن بحق الكرد خلال العقود الماضية.
6- إقرار اللغة الكردية لغة رسمية فيالمناطق الكردية في دستور البلاد ,والاهتمام بتطويرها وتنميتها من خلال المدارس والمعاهد والجامعات ومراكز الأبحاث الرسمية .مع الإقرار بحق كافة المكونات القومية الأخرى في ممارسة ثقافتها القومية والتعلم بلغتها .
7- ولغرض تجسيد الديمقراطية وترسيخها في سوريا الجديدة لابد من توفير مستلزماتها الأساسية ألا وهي إطلاق الحريات الديمقرلطية بما فيها حرية الرأي والتعبير والتنظيم والاجتماع ….إلخ
8- التداول السلمي للسلطة عن طريق الانتخابات الحرة وصناديق الاقتراع وإقرار مبدأ التعددية السياسية واحترام المعارضة .
9- العمل على ترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات والتأكيد على استقلالية القضاء وإعطائه كلمة الفصل في النزاعات القانونية والدستورية .
10-التأكيد على أن الديمقراطية في سوريا لن تكتمل إلا بإعطاء المرأة حقوقها الكاملة وإتاحة الفرصة لها لممارسة دورها التاريخي في عملية التنمية والنهوض بالمجتمع في كافة الميادين وان هذا لا يتحقق إلا بالضمان الدستوري لحقوقها بما يكفل المساواة الحقيقية بينها وبين الرجل أمام القانون في الحقوق والواجبات .
قامشلو : تشرين أول 2015
لجنة إعداد المشروع
– انتهى –
التعليقات مغلقة.